الكاتب : عمر إمبابي
عندما تظلم القاعة، وينفرج الستار عن شاشة باللون الأسود، وتتسرب في أرجاء القاعة موسيقى خافتة بلون الشفق، ويظهر قرص الشمس الأحمر من خلف الأفق يتلاشى حاضر المشاهد وعالمه الواقعي، وتحل حالة الاندماج بينه وما سوف تعرضه الشاشة الفضية، من حياة مكتملة الأركان تفوق النصوصي يخلفها الشعر الروائية، وتتخطي الحالة الشعورية الشعر والمسرح، أو الموسيقى والفنون التشكيلية، إنه فن السينما ذروة الفنون مجتمعة
طوال عرض الفيلم سيجد المشاهد نفسه متورطا بكليته في أحداث وشخصيات، وعوالم لا حدود لها، إلا بقدر ما للإنسان والطبيعة البشرية والمادية من حدود، لا على مدى الزمن التاريخي، أو امتداد العالم الجغرافي والكوني فحسب، ولكن إلى حيث تتصارع العلاقات الاجتماعية والسياسية، وتنتهك القيم الاتسانية ونتفرض البنى الحضارية والثقافية، لتصل ذراها ُالإنسانية، وتنقرض الب وسط طبول الصراعات والحروب الإنسانية. سوف تتري على الشاشة الفضية أساطير فرسان المائدة المستديرة، وفاشية موسيلني، وحروب طروادة وانهيار قرطاجنة، الثورة الفرنسية، والرايات الحمراء للطبقة العاملة، معسكرات تعذيب الدكتاتوريات العسكرية في أمريكا اللاتينية، وعصابات المافيا الأمريكية، الساموراي، وحروب المغول، و مغامرات الغرب الأمريكي، والحضارة المصرية القديمة. وعالم الشرق الساحر، ومعزوفات الألوان اللا متناهية مصحوبة بالتشكيلات الراقصة لحضارات الصين واليابان الهند، قد تكون الشاشة هذه المرة للقارة السوداء، أو حضارة الأزتيك، أو قصة حب ناعمة لأودرى هيبورن، أو خشنة لصوفيا لورين، أو قصة عشق محرم، أو حادثة قتل متعمدة لجين فوندا فى خطة محكمة تستأثر خلالها بعشيقها، وتأسره في علية معدة سلفا، وقد تكون قصة تروى انتهاك امرأة، أو اغتصاب سلطة أو شعوب بأكملها، أو تنسج ميلاد أمة، أو تعويذة صقر تحوم حول أحمد
زكى في فيلم "الهروب»، لواحد من أعظم المخرجين المصريين عاطف الطيب. فما هو الفن، وما هي السينما إذا لم يكن مجال عملها هو الإنسان، ذلك السر المنبسط المغلق، التاريخ والحاضر الممتد إلى المستقبل المجهول، ذلك الذى أوجزته عبقرية المخرج ستانلى ) في واحد من ارقى المشاهد Stanley Kubrickكوبريك ( 2001 الفنية الي تضاهى علم الأنثروبولوجي، في مطلع فيلمه : أوديسة الفضاء، ونحن نشهد جامع الطعام، أثناء صراعه حول عيون الماء، يمسك بهراوة انتزعها من بقايا عظام أحد الحيوانات الضخمة والمنقرضة، وبعد أن قتل بها أخيه الإنسان، يلوح بها في صخب ونشوة، معبرا عن انتصاره، ثم يلقى بها إلى الفضاء، لتتقلب صاعدة إلى كون السحيق، وينتهى المشهد البدائي، وقد تحولت الهراوة وأداة للجريمة، إلى سفن فضاء تسبح بين المجرات، وفى كل مرة يتوقف بها في رحلته الكونية نتوقف عند مسلة غامضة ترمز إلي المجهول، لا تتوقف عن الكبر، ويتحلق حولها البشر وكأنه يقول أنه كلما تنامت معرفة الإنسان، كلما ازداد جهله، صانع الأدوات، ومجتمعه، والصراع من أجل الحياة ضد الطبيعة والكون والبشر، وصناعة المعرفة في مواجهة المجهول.
السينما.. السينما.. السينما.. ألبرتو مورفيا وفيللنى وصوفيا لافرانسيس كوب 1900لورين وامرأتان، برتولوتشى و ومارلون براندو ونهاية العالم الآن، السينما ذلك الوهم الجامح، الجامع للعديد من الفنون؛ التأليف، السيناريو، الإخراج، التمثيل، التصوير، الإضاءة، الملابس، الديكور، والمونتاج، الإنتاج، إلخ