حسين بيومي.. الفارس النبيل

رامي المتولي 31 مارس 2023 جمعية نقاد السنيما المصريين

الكاتب : رامي المتولي
بعد عامين من تأسيس جمعية نقاد السينما المصريين، أنضم الناقد والمترجم الراحل حسين بيومي إلى مؤسسى الجمعية وأعضائها مشاركًا بشكل فاعل في نشاطاتها محافظًا على أهدافها التي تتوافق مع أهدافه ورؤيته لمهنة النقد السينمائى وما يجب أن يكون عليه الناقد، وكذلك الحال في نشر الثقافة السينمائية التي ستؤدي بالتأكيد إلى زيادة الوعي بفن السينما وتذوقه وهو ما سيقود في النهاية إلى تطور السينما، حيث كانت له رؤية خاصة عن السينما المصرية، هذه الرؤية شديدة الانتقائية فيما يتعلق بمن يراهم فنانين حقيقيين يسهمون فى رفعة الفن السينمائى


بعد عامين من تأسيس جمعية نقاد السينما المصريين، أنضم الناقد والمترجم الراحل حسين بيومي إلى
مؤسسى الجمعية وأعضائها مشاركًا بشكل فاعل في نشاطاتها محافظًا على أهدافها التي تتوافق مع أهدافه
ورؤيته لمهنة النقد السينمائى وما يجب أن يكون عليه الناقد، وكذلك الحال في نشر الثقافة السينمائية التي
ستؤدي بالتأكيد إلى زيادة الوعي بفن السينما وتذوقه وهو ما سيقود في النهاية إلى تطور السينما، حيث
كانت له رؤية خاصة عن السينما المصرية، هذه الرؤية شديدة الانتقائية فيما يتعلق بمن يراهم فنانين
حقيقيين يسهمون فى رفعة الفن السينمائى ويمكن معرفة هذه الرؤية من خلال ما ذكره صديقه الكاتب طلعت
رضوان فى مقال رثائه والمنشور على موقع الحوار المتمدن بتاريخ 6 فبراير 2013 تحت عنوان "حسين
بيومى: مثقف من طراز فريد ونادر" أنه: "كان يبوح لى بشيء من الأسى باعتقاده أنّ السينما المصرية
شديدة التخلف (باستثناء بعض الأفلام النادرة والمخرجين الجادين أمثال شادى عبد السلام) أما أغلب الأفلام
المصرية (منذ نشأتها) فهى لا تستحق المشاهدة"، هذا الرأي الذى قد يبدو للوهلة الأولى حادًا وغير منصف
لتاريخ السينما المصرية لكنه في الحقيقة يكشف عن غيرة وحب وثقة في وجود إمكانيات ومقومات لوجود
سينما جادة، لأنه لو لم يكن الأمر كذلك لما كان خاض هذه الرحلة الطويلة من العطاء ناقدًا ومترجمًا ومثقفًا،
وفى الوقت نفسه يكشف هذا الرأي عن نبل شديد فهو الرجل الذى لم يغير من مبادئه ولا رؤيته وظل
مخلصًا لها في كل كتاباته حتى لو تسبب الأمر في خسارته.
ولكى نقترب اكثر من نبل حسين بيومي وشخصيته وملامحها سنجد شهادة الناقد الكبير الراحل سمير فريد
عنه في مقال رثائه المنشور على موقع المصري اليوم بتاريخ 12 مارس 2013 تحت عنوان "ويبقى الاسم
والذكرى العطرة" حيث كتب بصيغة الجمع عنه وعن بيومي: "جمعنا حب السينما وحب الأدب والوقوف
على يسار أي نظام للحكم، ورغم اختلاف الموقف السياسى، فموقفى اليسار الليبرالى، وموقفه اليسار
الشيوعى، أو بالأحرى الماركسى الذى ظل على إيمانه العميق به حتى اللحظات الأخيرة من حياته"، والتي
تكشف عن الاختلاف الدائم في الرأي بين الصديقين ولكن في الحقيقة أن هذا الاختلاف كان علامة من
علامات الصحة في العلاقة وانعكاس مباشر عن شكل علاقاته بالوسط النقدي مع رؤيته السياسية الواضحة،
حيث شكلت ازمته الصحية الأخيرة إلى التفاف جميع معاصريه حوله بمشاعر حب ودعم وهو الأمر الذى
يؤكد على نبله واهتمامه بالعلاقات الإنسانية والأهم هو ثباته على رأيه أيا كانت العواقب.
الملفت هو أن مواقف وأراء حسين بيومي لم تصنع لوجهه بملامحه الوديعة وابتسامته البسيطة شهرة،
ويمكن القول أن أغلفة وعناوين كتبه وترجماته أشهر من صورته، فهي من الأهمية التي تجعلها أساسية في
مكتبة كل ناقد في المنطقة معنيًا بأعمالها، فكتابه الأشهر "الرقابة على السينما القيود والحدود" يعد وثيقة في
تأثير الرقابة السلبي على الأعمال الفنية، ويعبر عن رؤيته الواضحة في سير العملية الفنية، الجميع يعرف
حسين بيومي مترجم "أفلام ومناهج" لبيل كولينز، لكن قليل من يعرف ملامح وجهه، في معظم كتابات جيل
النقاد من السبعينيات والثمانينيات وحتى الألفية الجديدة لن يخلو حديثهم او كتابتهم من ذكر أسم حسين
بيومي، لكن يظل هذا الوجه بملامحه الطفولية خفيًا لا يوازي شهرة الاسم، وبالتأكيد السبب فى ذلك هو
حسين بيومي نفسه الذى لم يكن يسعى لتصدر المشهد بل سعى دائما أن يتصدر أثره وأراءه وليست
صورته، لتكمل بذلك صورة النبل والفروسية وباقى الصفات التى يمكن أن نضفيها على شخصية تحمل هذه
الصفات.

 إنضمام حسين بيومي لجمعية نقاد السينما المصريين جاء متأخرًا عن تأسيسها، عضويته التي تحمل رقم
36 بدأت منذ يناير 1975 ولم يكد يمضى شهران على عضويته إلا وكان فاعلاً في واحدة من أبرز
فعاليات الجمعية خلال العام وهو "أسبوع الفيلم البرازيلي" مشاركًا بالكتابة في نشرة الجمعية التي تصدر
ضمن الفعالية ومشاركًا في تفاصيلها، ولم تتوقف إسهاماته عند المشاركة في النشاط الأسبوعي للجمعية،
لكنه شغل منذ عام 1990 وحتى عام 2001 منصب سكرتير الجمعية، وهو المنصب الذى يقع على عاتقه
الكثير من المهام ويعد عضوًا أساسيا في مجلس الإدارة مشاركًا في صناعة كل قرارته مالية كانت أو
إدارية، خلال هذه الفترة أصدرت الجمعية العديد من الدوريات المطبوعة ونظمت مئات العروض، نجاحها
يعد حسين بيومي شريكًا فيه.
لم يكن حسين بيومي طالبًا للشهرة قدر ما كان طالبًا لفن مصري خالص يعبر عن كادحيه، لم يكن أيضًا
يبحث عن حلول سهلة للإشكاليات النقدية، بل كان يرفض التفاعل مع الأفلام الهابطة ويدين من يكتبون
عنها، لا يفضل الكوميديا التجارية السهلة ويتصدي للسرقات النقدية بكل أشكالها، يحرص على مستوي من
ينضمون لجمعية نقاد السينما العريقة التي بذل فيها جهدًا كبيرًا على مدار أكثر من 30 عام يزين فيهم ملفات
ودفاتر الجمعية أسم حسين بيومى.

التعليقات :

قد تعجبك هذه المواضيع أيضاً

أحدث المقالات