الكاتب : لمياء فتحي
يختلف مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة بطبيعته عن غيره من المهرجانات المصرية، سواء التي تقام في القاهرة أو المحافظات الأخرى. فالاهتمام بالسينما التسجيلية والقصيرة لم يكن سائدًا بين الجمهور العام لسنوات طويلة حيث اقتصر على بعض المحاوﻻت الفردية للنقاد والعاملين في الوسط السينمائي ولم يخرج عن دائرة المثقفين والمترددين على المراكز الثقافية والسينمائية. جاءت فكرة المهرجان بعد أن تولى الناقد والباحث والمخرج التسجيلي المخضرم هاشم النحاس رئاسة المركز القومي للسينما في نهاية الثمانينات من القرن الماضي ليكون قبلة لمخرجي الأفلام التسجيلية والقصيرة، ونشر ثقافة السينما المغايرة التي لا تعتمد على النجوم وشباك التذاكر والإيرادات. يقول هاشم النحاس في كلمته المنشورة على موقع المهرجان: "... وجدتها فرصة لتحقيق حلم السينمائيين التسجيليين في مصر، بأن يكون لهم مهرجان تتنافس فيه أفلامهم عامًا بعد عام … وتكون فرصة لمناقشة أوضاع السينما التسجيلية، والنظر في سبل تطويرها … وكان أول ما خطر على ذهني أن يكون المهرجان خارج القاهرة لسببين، أولهما: كسر احتكار القاهرة للنشاط الثقافي وغرس بعض جذوره خارجها، والثاني: أن يكون هذا المهرجان بمثابة معسكر ثقافي يجمع معظم العاملين والمهتمين بالسينما التسجيلية والقصيرة."
لماذا مسابقة أفلام الطلبة؟
ظهرت مسابقة أفلام الطلبة كقسم مستقل في بعض المهرجانات المصرية في الأعوام الماضية بهدف تقديم الدعم لشباب السينمائيين والهواة من طلبة المعهد العالي للسينما وطلبة كليات الإعلام وخريجي الورش السينمائية بالمؤسسات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني مثل مدرسة سينما الجزويت. ورغم اعتماد مهرجان الإسماعيلية منذ تأسيسه على أفلام طلبة معهد السينما لتمثيل الأفلام المصرية بالمسابقة الرسمية للمهرجان، إلا أن هذه المشاركة بدأت في التدهور على مر دورات المهرجان حتى كادت أن تنعدم في السنوات الأخيرة لتدهور مستوى جودة الأفلام، الأمر الذي تأثر بتدهور الصناعة السينمائية بشكل عام. ورغم أهمية تلك الخطوة نظريًا في تشجيع صناع السينما الصاعدين، إلا أنها لم تحظ باهتمام كبير سواء من الجهات الداعمة، والتي غالبًا ما تقدم دعمًا محدودًا للغاية يتمثل في شهادة تقدير تقدمها لصانع العمل، أو على صعيد التغطية الإعلامية التي تهتم عادةً بأفلام النجوم وفساتين الفنانات على حساب تلك النوعية من الأفلام.
هل تنجح مسابقة أفلام الطلبة فعليًا في مساعدة الأجيال الجديدة من صناع السينما؟
تصعب الإجابة على هذا السؤال بالنفي أو الإيجاب نظرًا لتعدد العوامل التي لا بد من أخذها بعين الاعتبار. من أهم تلك العوامل الميزانية الضعيفة التي تقوم عليها أغلب المهرجانات السينمائية في مصر، إن لم يكن كلها باستثناء مهرجان الجونة الذي يعتمد على تمويل خاص، مما يشكل عائقًا حقيقيًا في دعم المسابقات الرسمية والفرعية بمختلف أهدافها، وهو ما يؤدي بدوره إلى نقص حماس المخرجين الشباب وعزوف بعضهم عن المشاركة أو انصرافهم عن صناعة السينما. من جهة أخرى، تعتبر مسابقات الطلبة فرصة فعلية لعرض الأفلام خارج قاعات الدراسة وإتاحتها لعدد أكبر من الجمهور والمهتمين بالصناعة، والخروج إلى دائرة أوسع من دائرة المعارف والأصدقاء، مما يساعد المخرجين على تكوين علاقات جديدة والتشبيك مع صانعي الأفلام والمنتجين والخبراء.
نظرة عامة على أفلام الطلبة في السنوات الأخيرة
شاهدت خلال عملي في برمجة مسابقة أفلام الطلبة بمهرجان الإسماعيلية في الأعوام الماضية العديد من الأفلام القصيرة لمخرجين هواة أو مشاريع تخرج طلبة المعاهد والكليات المختلفة. رغم اختلاف الأفلام في الأساليب والتنفيذ والأدوات المستخدمة إلا أن معظمها يدور في إطار ميلودرامي نادرًا ما تحيد عنه، حيث تسيطر تيمات مثل الفقر والمرض والمشاكل الاجتماعية، خاصةً العنوسة والبطالة والمشاكل الزوجية. تميل الأفلام التسجيلية عادةً إلى الريبورتاج أو الفيلم التليفزيوني/التعليمي حيث يتم استضافة بعض الأشخاص للتحدث عن موضوع الفيلم أو المشاكل التي يواجهونها في حياتهم اليومية أو مصاعب العمل أو البحث عن عمل، إلخ، يصاحبها غالبًا شريط صوتي عبارة عن موسيقى لا تنتمي لنوع الفيلم، وتصل أحيانًا إلى حد الإزعاج، فيتنقص الفيلم إلى العامل الفني الأساسي الذي يقوم عليه الفيلم التسجيلي، فلا موضوع محدد ولا بناء درامي ولا صورة سينمائية تعبر عن تلك الأفكار التي يتم طرحها، فيتحول الفيلم إلى مادة إخبارية/إعلانية. يتمحور العامل الأساسي في خروج تلك الأفلام بهذا الشكل هو تنفيذها كمادة دراسية داخل مقرر ما، خاصةً في كليات وأقسام الإعلام، حيث يريد المخرج إنهاء المادة الفيلمية بأسرع وقت ممكن والحصول على درجته. وقد طُرحت هذه المشكلة في ندوة بعنوان "السينما البديلة" أقيمت خلال الدورة العشرين من مهرجان الإسماعيلية السينمائي للأفلام التسجيلية والقصيرة مع المخرج والمونتير إسلام كمال، نوقش خلالها بعض عيوب أفلام الطلبة القصيرة وأكدّ العديد من المخرجين الشباب أن سبب هذه المشاكل هو قصر مدة إكمال الفيلم لتقديمه لمدرس المادة قبل انتهاء العام الدراسي، بجانب ضعف الإمكانيات المتاحة. لذلك يصبح هدف الفيلم الأساسي إرضاء الدكتور الجامعي على حساب جودة الفيلم.
أما الأفلام الروائية فهي أكثر انحرافًا عن العوامل الفنية/الدرامية الأساسية، ابتداءًا من القصة أو الحبكة المباشرة لكي يحتوي الفيلم على رسالة ما! مرورًا بالممثلين غير المدربين وعدم إتقانهم للدور المطلوب بل وعدم قدرتهم في بعض الأحيان على نطق الألفاظ بطريقة صحيحة، فيغيب الحوار السينمائي الطبيعي ويسيطر نوع من الارتجال بين الممثلين يضفي غرابة على الفيلم، بالإضافة إلى الاعتماد على ايقاع الإعلانات السريع، فيصبح الفيلم مادة مسجلة لا تنتمي إلى أي نوع سينمائي. بالطبع يلعب الدعم المحدود أو المنعدم والموارد القليلة المتاحة لصناع السينما الشباب والدارسين دورًا كبيرًا في ظل غياب الأدوات الرئيسية التي يجب توافرها لعمل فيلم سينمائي متقن الصنع، وهو ما يقف عائقًا أمام المخرجين.
عملية اختيار أفلام مسابقة الطلبة بمهرجان الإسماعيلية السينمائي
كان الهدف من اختيار مجموعة أفلام الطلبة المشاركة بالدورتين الـ21 والـ22 على التوالي هو جودة العمل الفني والجرأة في تناول الموضوعات المطروحة. لم يكن هدف المسابقة عرض بانورامي لمشاريع تخرج بعض طلبة معاهد ومؤسسات السينما، بل عرض الأفلام الجيدة منها لجمهور واسع من ضيوف المهرجان وأهالي مدينة الإسماعيلية الذين يحرصون على متابعة برامج المهرجان كل عام، على عكس بعض المهرجانات التي تعتمد على الضيوف فحسب. هذا ما جعل برنامج أفلام الطلبة الأقرب للجمهور؛ فالأفلام مصرية لا تحمل المتلقي عناء الترجمة، وغالبًا ما تناقش موضوعات تمس مشاكل الشباب مما يجعلها فرصة لمناقشة تلك القضايا مع صناع الفيلم ومشاركة الآراء المختلفة. لذلك حرصنا على تنوع الأفلام من حيث الموضوعات والنوع، وكان للأفلام التجريبية نصيبًا كبيرًا من حيث عدد الأفلام المعروضة أو الحاصلة على جوائز. ومن الجدير بالذكر أن نسبة أفلام المخرجات الشابات كانت الأكثر عددًا والأكثر جرأة سواء من ناحية تناول الموضوع أو التجريب في الشكل المرئي، فلم تكن مصادفة أن تستحوذ المخرجات على جوائز المسابقة. فقد حصل فيلمان مناصفة على جائزة الفيلم التسجيلي بمسابقة أفلام الطلبة بالدورة الـ21 من مهرجان الإسماعيلية السينمائي للأفلام التسجيلية والقصيرة عام 2019، وهما "سابع سما" لكرستين حنا و"ذاكرة النسيان" لدنيا سلام، وهي المرة الأولى التي يتم فيها اختيار فيلمين لنفس الجائزة في مثل هذه المسابقات، مما يعتبر دفعة قوية في مسار صناعة الأفلام القصيرة والمستقلة ذات الميزانية المحدودة، والخروج بها إلى النور بدلاً من الاكتفاء بالعروض الخاصة بين جدران الفصل الدراسي.
نماذج من مسابقة أفلام الطلبة بمهرجان الإسماعيلية
ظهرت أنواع جديدة من الأفلام التي كسرت الأنماط الكلاسيكية للأفلام المصرية القصيرة، فبجانب أفلام الأنيميشن وستوب موشن (stop motion) بالنسبة للأفلام الروائية، اتجهت بعض الأفلام التسجيلية إلى التجريب والخروج عن النمط التقليدي للفيلم التعليمي الذي اعتادت عليه السينما التسجيلية في مصر، على صعيدي الموضوع والصورة المرئية. فانتقلت الأفلام من العام إلى الخاص، أي من المواضيع والقضايا العامة إلى الذاتية والمشاعر الشخصية لمخرج العمل. من أهم الأفلام التي كسرت تلك النمطية فيلم "سابع سما" لكرستين حنا، وهي خريجة مدرسة السينما التسجيلية بأسيوط التابعة للجزويت، حيث حملت المخرجة كاميرتها داخل جدران منزلها لتقوم بتصوير أفراد عائلتها وحوارها اليومي معهم والتعرض للمشاكل التي تواجهها والتطرق لقضية صراع الأجيال دون كليشيهات. ورغم ظهور هذا النوع من السينما الذاتية في اﻵونة الأخيرة، كالفيلم التسجيلي "هدية من الماضي" للمخرجة كوثر يونس والذي صورته أيضًا في منزلها ورصدت فيه حوارها اليومي مع والدها بكاميرا مهزوزة أو بإخفاء الكاميرا في بعض الأحيان لتصوير واقعية الموقف والحوار، إلا أن "سابع سما" يختلف في مضمونه والحالة النفسية المسيطرة على الفيلم. فكرستين بنت صعيدية تدخل عالم السينما لأول مرة من خلال ورشة أفلام تسجيلية، كما تلتحق شقيقتها بمعهد السينما، فينشأ الصراع بين محاولة إقناع العائلة البسيطة التي تعمل بالنجارة بهذا الوضع الجديد. لم يكن استقبال الجمهور من الشباب للفيلم والتفاعل معه من قبيل الصدفة، ليس لكونها قضية محورية فحسب يتعرض لها معظم دارسي السينما، ولكن أيضًا لصدق الحوار الذي عملت كرستين على تسجيله مع أسرتها خلال روتين حياتهم اليومي ودون تحضير أو تلقين للأفراد. فاستطاعت بصورة مهزوزة وكادرات غير مكتملة من توصيل كم كبير من الانفعالات والأحاسيس المختلفة لفئة عريضة من المتلقين، وخلقت حوارًا في قاعة السينما وخارجها بعد انتهاء الفيلم عبّر فيه المخرجات والمخرجين عن صعوبة إقناع الأهل بالعمل في المجال السينمائي، خاصة الفتيات، لسوء سمعة الوسط الفني عبر الأجيال.
برز نوع آخر من الأفلام التسجيلية القصيرة لم يكن شائعًا محليًا وهو اعتماد الفيلم على لقطات أرشيفية خاصة (footages) يحكي من خلالها المخرج تجربة ذاتية يصاحبها تعليقه الصوتي، مما يعطي الفيلم خصوصيته ويتماهى معه الجمهور. من أبرز الأمثلة التي استخدمت هذا التكنيك فيلم "ذاكرة النسيان" للمخرجة دنيا سلام، وهو مشروع تخرجها من قسم الميديا بالجامعة الألمانية بالقاهرة، حيث تناولت فيه المخرجة رحلة جدها الراحل مع الزهايمر من خلال صورها معه بلقطات مقربة، بداية من طفولتها وحتى شيخوخته ونسيانه لكل أفراد العائلة. فعملت على إبراز بشاعة هذا المرض وتأثيره على المقربين من المريض دون الدخول في تفاصيل طبية أو تعليمية، فقد اعتمدت على تأثير الصورة المرئية باختلاف أحجام الكادرات المقربة والمتوسطة المصاحبة لتعليقها الشخصي القريب من فن الحكي في إيصال مضمون الفيلم للمتلقي بعيدًا عن الوسائل التقليدية. لذلك نال الفيلم جائزة أفضل فيلم تسجيلي بمسابقة الطلبة عن استحقاق.
تأثير كورونا على مسابقة أفلام الطلبة
أما بالنسبة للدورة الـ22 من مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة فكان التحضير لبرنامج مسابقة الطلبة صعبًا للغاية مثل بقية مسابقات المهرجان نظرًا لتأجيل الدورة قبل الموعد المحدد للمهرجان بفترة قصيرة جدًا بسبب جائحة كورونا التي قضت على جميع الفعاليات الثقافية في مصر منذ بداية عام 2020 واضطر المهرجان لتأجيل فعالياته لأكثر من مرة حتى تم انعقاده في يونيو 2021، بعد عام ونصف تقريبًا من التأجيل. تأثرت المسابقة بالطبع، حيث أصبحنا أمام تحديًا كبيرًا، لا نعرف متى ينعقد المهرجان، ليس لدينا معلومات مؤكدة للإجابة على تساؤلات المشاركين، وكذلك الأفلام التي أصبح تاريخ إنتاجها قديم زمنيًا أو عرضت على منصات أخرى مما اضطرنا للاستغناء عنها رغم جودتها، بالإضافة إلى صعوبة تنفيذ المخرجين لأفلام جديدة في تلك الفترة الصعبة التي مر ولا يزال يمر بها العالم في ظل الإغلاقات والتباعد الاجتماعي والخوف من العدوى.
رغم التحديات التي تواجهها صناعة السينما منذ ظهور فيروس كورونا، استطاع عدد من المخرجين الشباب إنجاز أفلامهم بأقل الخسائر الممكنة، ورغم انجراف البعض إلى الاستخدام الكليشيهي للفيروس، مثل صناعة الأفلام القصيرة "الهادفة" التي تبرز خطورة المرض أو تحث الأفراد على عدم مغادرة المنزل، كانت هناك بعض المحاوﻻت الناجحة التي ابتعدت عن "الترند" وربطت كورونا بشيء من الذاتية لتعبر عن مخاوف جيل بأكمله يتملكه الرعب من المستقبل. من أبرز تلك الأفلام الفيلم التسجيلي متوسط الطول (36 دقيقة) "يمكن تظبط" للمخرجة أماني عادل، خريجة مدرسة سينما الجزويت بالإسكندرية، التي يضطرها فيروس كورونا بالرجوع إلى مصر أثناء مشاركتها بإقامة فنية في الأردن. إن كان الحلم هو السفر للخارج، فإن الكابوس هو الاضطرار للرجوع بعد السفر. تشارك أماني صديقاتها عبر الإنترنت اللواتي تعرضن لنفس الظروف بسبب الفيروس في شكل جريء يشبه مقالات الفيديو (Video Essays)، وهو ربما الشكل الأنسب لتصوير فيلم في زمن الكورونا. كما تتطرق الفيلم لموضوع آخر وهو صعوبة العمل بالمجال الثقافي في مصر، فبعد أن أغلق العديد من الأماكن الثقافية في السنوات العشر الأخيرة، والتضييق على منظمات وجمعيات المجتمع المدني، لم يكن من السهل العمل بذلك المجال، بالإضافة إلى الضغوط الأسرية على الأبناء بالابتعاد عن المجال الثقافي والتنموي بحجة أنه "مالوش مستقبل".
كما تعود المخرجة كرستين حنا لمسابقة أفلام الطلبة بفيلم تسجيلي قصير من إنتاج جمعية النهضة العلمية والثقافية بالجزويت بعنوان "كشك بشاي" بالاشتراك مع شقيقتها المخرجة ماريان حنا، الطالبة بالمعهد العالي للسينما، ولكن هذه المرة بفيلم اثنوجرافي يصور طريقة عمل الكشك في قرية صعيدية تدعى بني عدي بمحافظة أسيوط، فتظهر تجمع أفراد العائلة من النساء والرجال لتحضير طعام الكشك الذي يستمر لأسابيع في مشاهد طقسية حميمية تحيلنا إلى الجداريات المصرية القديمة، وهو مشهد ربما لا يدركه الكثيرون من أبناء القاهرة والمحافظات الشمالية. استخدمت المخرجتان حركة الكاميرا الحرة التي ترصد الأجواء العائلية في مختلف حالاتها المزاجية وشريط صوتي يعتمد على الحوار الأسري بين المخرجتان وأسرتهما أو بين أفراد العائلة، مما يتيح الفرصة للفيلم ليكون شاهدًا على العادات الصعيدية القديمة التي اعتاد عليها أهالي القرية، بل ويحيل المشاهد كذلك إلى قضية أخرى تناولتها كرستين في فيلمها السابق، وهي كيف ترى العائلة عمل الأختين في مجال السينما؟ فتظهر تعليقات العائلة الساخرة أحيانًا عن حملهما للكاميرا على مدار تصوير الفيلم، كما يظهر الجد عشم في أحيان أخرى يتحدث عن طريقة عمل الكشك ويأخذ موضوع الفيلم على محمل الجد، رغم كبر سنه وصعوبة حركته، مما يتيح الفرصة للتطرق إلى تلك القضية الشائكة دون الدخول في تفاصيل.
كان من المهم تشجيع هذه الأفلام وعرضها للجمهور لاستمرارها واستمرار مخرجيها في التجريب، وأيضًا لحث المخرجين من الأجيال الجديدة على الخوض في إنجاز عملهم دون الخوف من الفشل أو الإخفاق، حيث يعتبر التجريب في السينما من أهم عوامل الارتقاء بها ورفع مستواها الفني والتقني، كما أنه يولد شحنة من الانفعالات الصادقة التي تفتقد إليها السينما المصرية الحالية، إلا في حاﻻت نادرة. ورغم قلة الأفلام الجادة أو المميزة في السنوات الأخيرة، والتي غالبًا ما تكون نتاج ورشة صناعة أفلام، إلا أن دعمها يعتبر عاملًا أساسيًا من عوامل دعم الصناعة السينمائية في مصر بشكل عام، والسينما التسجيلية والقصيرة على وجه الخصوص.
*مبرمجة مسابقة أفلام الطلبة بمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة