الكاتب : خالد عبد العزيز
في البدء كان الشغف السينمائي، هو الدافع نحو القراءة، وهنا تنطلق شرارة المعرفة، بحثًا عن المزيد طلبًا للارتواء، مقالات من هنا وهناك في
الصحف اليومية المتناثرة، أقرأ أسماء "سمير فريد" أو "كمال رمزي" وأحيانًا "يوسف شريف رزق الله"، وغيرهم، تُرى ما الذي يجمع بينهم غير
حب السينما؟
في البدء كان الشغف السينمائي، هو الدافع نحو القراءة، وهنا تنطلق شرارة المعرفة، بحثًا عن المزيد طلبًا للارتواء، مقالات من هنا وهناك في
الصحف اليومية المتناثرة، أقرأ أسماء "سمير فريد" أو "كمال رمزي" وأحيانًا "يوسف شريف رزق الله"، وغيرهم، تُرى ما الذي يجمع بينهم غير
حب السينما؟
من تلك الأرضية الرحبة جاءت معرفتي بجمعية نقاد السينما المصريين، ألتقط أنباء عن ندوات عدة تُناقش أوضاع السينما المصرية، وغيرها من
عروض الأفلام والمناقشات الدورية، واستمر الحال على تلك العلاقة ذات الطرف الأوحد وقت ليس بالهين.
في تلك المساحة أستعرض قبسًا من الملامح العامة لرؤية شديدة الخصوصية والذاتية حول جمعية نقاد السينما .. يُمكن بلورتها في إطار الشهادة، لكن
يبقى للحكي جاذبيته بعيدًا عن تصنيفه وفق إطار مُحدد ..
عندما بدأت محاولاتي في الكتابة في الشأن السينمائي، وبدأت تتوالى تلك المحاولات في صيغ أكثر احترافية، أخبرني الصديق الناقد والكاتب "أحمد
شوقي" عن الاشتراك في نشاط الجمعية، وللحق رحبت حينها مُندفعًا دون معرفة مُسبقة بالواجبات المرفقة للعضوية، إلا أن الدافع في الانغماس كان
أقوى، ليس عن رغبة في الوصول بقدر ما هي رغبة في التواصل والأداء والبذل، والأهم المعرفة.
للتاريخ رونقه وجاذبيته، والربط بين السينما والتاريخ أصيل، عبر سنوات السبعينيات والثمانينيات كان لجمعية نقاد السينما الريادة بجوار نادي
السينما، ليس في تقديم وجبة سينمائية وثقافية شهية ودسمة، بل في محاولة ولو يسيرة في تغيير مجرى التاريخ، أو بالأحرى وضع اسم الجمعية في
السياق العام، سواء عبر الرفض لبعض السياسيات العامة حينها، أو في الاشتباكات الدائمة مع الرقابة ووزارة الثقافة ووزيرها آنذاك الكاتب "يوسف
السباعي".
نسيج الحكايات المتشابكة حول تاريخ الجمعية، ساهم في خلق حالة من العراقة وهي مُستحقة بلا شك، فهذا الرونق التاريخي كان له يد لا بأس في
قوتها، خاصة مع شخص مثل كاتب هذه السطور، يرى في قراءة التاريخ رافدًا أساسيًا للفهم والإدراك، وبالتالي يُمكن القول أن الهالة التاريخية شكلت
دافعًا أساسيًا للالتحاق في نشاط الجمعية.
من خلال تجربة التأسيس التي جاءت نتاج طبيعي لحركة السينما الجديدة 1968، وثورة الشباب في أرجاء العالم، يُمكن متابعة حركة النقد السينمائي
المصري ومواكبة تطوراته الأكثر حداثة على مدار السنوات المتعاقبة، يكفي قراءة ظروف الفترة ومعرفة أسماء المؤسسين، ليس للإمساك بتلابيب
تاريخ يأبى النسيان، بقدر معرفة واستلهام هذا النموذج لأساتذة كبار وضعوا أُسس راسخة لكيان ممتد.
وبالنظر للوضع الحالي بعد مرور تلك السنوات، وبيان المتبقي من هذا الإرث، يُمكن بملاحظة عابرة إدراك أن الظروف المواكبة والمحيطة تختلف
في سياقاتها عن السابق، وبالتالي معطيات الوضع ذاته أصبحت مغايرة، فإذا كان التفاعل في الماضي هو الأساس، فاليوم التكنولوجيا والتفاعل أصبح
إلكترونيًا، ومن ثم أصبح الكيان أشبه بنسيج متكامل يحمي المهنة ذاتها بعد غزو الوسائل المضادة.