الكاتب : الأب وليم سيدهم اليسوعي
بعد خمس سنوات من انطلاق مجلة الفيلم التي انبثقت من صُلب جمعية النهضة ومن خلال نادي سينما "الجزويت" بالذات ــ لابد من وقفة نشكر فيها كل الأشخاص الذين تجرأوا وقت أن كانت الجرأة ينحدر سقفها، أن يؤسسوا لخلق بؤرة ثقافية تعني بالسينما والصورة. الشكر واجب لأصحاب المبادرة الأولى الأستاذ حسن شعراوي والكاتب الكبير فتحي إمبابي أولًا والشكر واجب لأصحاب المسيرة الشجاعة والخلّاقة الذين وصلوا بأعداد المجلة إلى العدد العشرين في عيد ميلادها الخامس، والشكر واجب لمن سيحملون المشاعل لتظل مجلة "الفيلم" شعاعًا في سماء السينما والصورة في مصر.
وللتذكرة نقول: إن فكرة مجلة للسينما تعرض وتناقش وتقترح في مجال ثقافة الصورة ومفاهيم ومحطات ومنعطفات العمل السينمائي بدأت مع بداية نادي السينما في عام 1988 قبل تأسيس جمعية النهضة بعشر سنوات. ولحسن الحظ أن هذا النادي الذي ظل يعمل منذ عام 1988 حتى عام 2019 على مدى 31 عامًا في قاعة سينما في مدرسة العائلة المقدسة مستخدمًا أفلام 35م حيث عُرض فيها معظم أفلام الثمانينيات والتسعينيات، وكانت الندوة بعد الفيلم واجبًا مقدسًا. واستعنتُ طول هذه المدة بكثير من الفنانين والشباب الذين كانوا مبتدئين أو وضعوا أقدامهم في طريق الاحتراف، نذكر منهم الأستاذ يوسف أسعد والفنان أيمن مكرم، أمير رمسيس، والدكتور الصديق وليد الخشاب وأحمد سعيد عبد المنصف خريج مدرسة الجزويت الذي أصبح طيارًا مرموقًا، والأستاذ محمد أبوالفتوح، كما توالى ضيوف النادي أذكر منهم: توفيق صالح - عاطف الطيب - علي بدرخان (الراعي والنساء) - نور الشريف - نورا أمين - مي التلمساني ويوسف شاهين. الذي عرضت أغلب أفلامه لدينا نظرًا لما تحمله من جرأة ومن حرفية. وقتها كان المسرح ذو الـ 550 مقعدًا يكتظ بأكثر من ألف متفرج لندوة يوسف شاهين.
إن الاحتفاء الذي وجدته المجلة من جمهور قرائها في مصر والبلاد العربية زاد من عزيمتنا على التجويد والتطوير لهذه النبتة الثقافية الغالية فلا غرابةَ في أن تجد إدارة المجلة قد طعمتها بخبرات شابة سواء في مجال الإدارة أو في مجال المشاركين والمشاركات في الكتابة في المجلة، فإلى جانب الأكاديميين والأكاديميات نجد صنّاع الأفلام من الشباب والشابات والفنانين الذين نطلق عليهم الميدانيين والمشتبكين مباشرة مع واقع صناعة السينما أو تطويرها وتسويقها.
استمر نادي السينما يستقبل كل الفئات من طلبة ومدرسين وعمال مدرسة وعمال الحي وطلبة المدارس ومن الخبرات الأثيرة في هذا المجال هي السنوات التي كان فيها الأستاذ المناضل جورج إسحق مديرًا لمدرسة المارونية، فكنت أرسل له 100 دعوة لطلبة المدرسة، واللافت للأمر أن مدير المدرسة نفسه الأستاذ جورج إسحق كان يأتي بصحبة هؤلاء التلاميذ ليحضروا الفيلم والمناقشة؛ مما كان يُثري المناقشات وكان وجود مدير المدرسة المُربي الفاضل جورج إسحق محفزًا لطلبة المدرسة المارونية على المشاركة بحماسة في هذا النقاش.
أيضًا كان عمال فرن فانوس يحصلون على دعوات لحضور الأفلام وكذلك مدرسو ومدرسات مدرسة العائلة المقدسة والعمال. وكنا نتعرف على كل هذه الفئات لإننا كنا نضع علامة على الدعوات التي نوزعها لكل فئة.
ومن المدهش حقًا أن أغلب الشباب والشابات الذين كانوا يتابعون نادي السينما انخرطوا في تعلم واكتساب المهارات السينمائية، بعضهم في مدرسة سينما الجزويت بالقاهرة والآخرون التحقوا بكيانات أخرى. مما يثبت أن انتشار الثقافة السينمائية من خلال نوادي السينما لها تأثير فعّال على تحميس المشاهدين على دراسة وحب السينما.
وإذا رجعت إلى مجلة الفيلم وسنواتها الخمس فإني لاحظت أن رئيس التحرير التنفيذي حسن شعراوي ورئيس التحرير سامح سامي كانوا يضيفون إلى كُتاب كل عدد أسماء جديدة لها بصماتها في النقد السينمائي وفي المجالات الأخرى في السينما، مما يعزز توجّه المجلة نحو الشباب والشابات أول من تتوجه إليهم هذه المجلة.
وهنا أحيي إدارة المجلة ممثلةً في شخص الاستاذ سامح سامي والأستاذ حسن شعراوي كما أحيي كل من شارك من الأساتذة سيدات كنّ أم رجالًا متمنيًا المحافظة على قوة دفع المجلة وأطالب باستمرارية دعوة طلاب مدرسة السينما عندنا وطلاب المدارس الأخرى للمشاركة في هذا العمل الثقافي الجليل.
لا يفوتني أن أذكر البروتوكولات التي عملناها مع معهد السينما في جامعة القديس يوسف بلبنان ومعهد العالم العربي في باريس وأدعو لتكملة المحاولة مع معهد السينما في القاهرة لجعل مجلة الفيلم مجلة مُحكمة.
بالإضافة غلى ذلك فإن مجلتنا توزع في الإسكندرية وفي الصعيد ونرجو أن تركز إدارة المجلة لتوزيعها في أسيوط والمنيا وسوهاج وقنا وأسوان وفي الوجه البحري، حتى تساهم في نشر ثقافة الصورة في هذه المناطق المحرومة والعطشى إلى مثل هذا النوع من الكتابات.
تحيةً إلى قراء وقارئات مجلة الفيلم وألف تحية لكتّابها وإداراتها وتمنياتي بالنجاح المستمر والمحافظة على قوة دفع المجلة إلى الأمام وتحية لهيئة كاريتاس فرنسا لمجهوداتها الدؤوبة معنا وإلى كل الهيئات الداعمة لمثل هذا العمل الشاقّ والشيّق.
.. وكل عام وأنتم جميعًا بخير، وعقبال العيد الماسي.