15 فيلمًا

إكينجوكسوي 01 أكتوبر 2015 السينما البديلة صناع الجمال

الكاتب : إكينجوكسوي
لا بد من مشاهدتها من أفلام الواقعية الإيطالية الجديدة


“كل شخص يستطيع أن يؤدي دورًا واحدًا أداءً مثاليًا: شخصيته هو” –فيتوريو دي سيكا في إيطاليا، لطالما جمعت علاقةٌ غريبة بين الفاشية والسينما. بعد ملايين من الضحايا، وسنوات الحرب والعنف؛ لم تخلّف الفاشية وراءها إ شيئين إيجابيين فقط: مهرجان فينسيا السينمائي، ومدينة السينما Cinecitta ((. تركت الفاشية، كنتيجة للحرب العالمية الثانية، آلاف المشردين في إيطاليا؛ وبالطبع كان صنّاع الأفلام بلا استوديوهات. أما )مدينة السينما( الاستوديو الإيطالي العظيم، التي أسسها بينيتوموسوليني Benito Mussolini في عام 1937 ، فقد تعرّضت لأضرار كبيرة في أثناء المعارك والقصف.
دفع هذا المخرجين إلى التوجّه إلى الشوارع، لاستكشاف حركة الحياة.
برغم أن مصطلح الواقعية الجديدة قد سكّه رسّامون بريطانيون، فقد اشتهر المفهوم على أيدي المخرجين وكتاب السيناريو الإيطاليين، ممن رسموا وجهًا جديدًا تمامًا لصناعة السينما ليس فقط للسينما الإيطالية وحدها بل أيضًا في تاريخ السينما بكامله. إن الواقعية الإيطالية الجديدة، أو النيوريالزمو Neorealismo باللغة الإيطالية، صارت حقيقة ملموسة على أيد جيل شاب لامع من الفنانين ممن لم يكن بوسعهم إدراك أحلامهم تحت حكم موسوليني Mussolini وفي زمن الحرب.
من المذاهب الإنسانية إلى الشيوعية، ومن الليبرالية إلى الاشتراكية، راح هذا الجيل الجديد ينقّب باحثًا عن طرق جديدة ليحكي حكاية إيطاليا ما بعد الحرب )بل وأوروبا حتى(، لكي يصوغ قصة من خلال ميزانية منخفضة، ولكي يقبضوا على روح العصر بين أيديهم.
تألّف جيل الواقعيين الجدد من كتّاب ومخرجين ومنتجين بمن فيهم روبرتو روسيلليني Roberto Rosselini ، ولوتشينوفيسكونتي Luchino Visconti ، وفيتوريو دي سيكا Vittorio De Sica ، ومايكل آنجلو أنطونيوني MichelangeloA ntonioni ، وبيير باولو بازوليني Pier Paolo Pasolini ، وجوسيبي دي سانتيس Giuseppe de Santis ، وفيدريكوفيلليني Federico Fellini The ، وسيزار زافاتيني CesareZavattini ، وسوسو شيشي داميكو ،SusoCecchid’Amico ... إلخ
على غرار الموجة الجديدة في فرنسا والتي تأثرت بدرجةٍ كبيرة بالواقعية الجديدة، تجمعتْ حركة الواقعية الجديدة حول حلقة من نقّاد مجلة باسم سينما. حتى في ظل سيطرة النظام الفاشي، بدأ النقاد ذوو الميول اليسارية في هجاء الأفلام الشهيرة لتلك الحقبة والتي عرفت أيضًا باسم أفلام التليفونات البيضاء – فالهواتف البيضاء كانت تستخدم كإشارة على أبناء طبقة البرجوازية – وهي الأفلام الوحيدة التي كان مسموحًا بها آنذاك في إيطاليا.
بعد أن وضعت الحرب أوزارها، نهض هؤلاء المنظرون والنقاد والكتاب وشمّروا عن سواعدهم لكي يخلقوا مقاربةً جديدة لسينما تعرضُ ما يجري في الشوراع، وتكشف المخفي والمسكوت عنه. استخدموا ممثلين غير محترفين، ورأوا أن أفضل أداء تمثيلي ممكن يُعطى حين يقوم المرء بأداء شخصيته الحقيقية. استخدموا الأطلال والمدن المهدمة كاستوديوهات لهم. أرادوا إظهار أوروبا طُحممة الأخلاق من خلال صورة المباني والشوارع التي نال منها الدمار.
ما كان مخفيًا في الحياة الحقيقية لحقبة نظام موسوليني أميط عنه اللثام في أفلام الواقعية الجديدة. أنشطة الحياة اليومية، الألم، العناء، الكفاح، الفقر، وبهجة الحياة، والطبقات الأدنى، كلها انعكست على الشاشة الفضية وحاول مشاهدو الأفلام أن يلتقطوا لحظاتٍ من الحياة التي كانوا يعيشونها.
كانت الواقعية الإيطالية الجديدة جذوة نار قصيرة الأمد ولكنّها خلاقة. بعد أن تم تجاوز الدمار الاجتماعي الذي حلّ بالبلد بسبب الفاشية، تحوّلت السينما الإيطالية من الموضوعات الاجتماعية للواقعية الجديدة إلى موضوعات ذات طبيعية وجودية وتركّز على الإنسان كفرد. أخذ هذا التحوّل يمضي قدمًا نحو الصدارة وفي الحين ذاته يواجه مقاومة من أعضاء مختلفين في حركة الواقعية الجديدة.
كبرَ أغلب المخرجين المهمين لتلك الحقبة ونضجوا بداخل الحركة ومن خلالها؛ غير أنهم أبحروا مبتعدين عنها لاستكشاف دروبهم الخاصة وليصبحوا أهم المخرجين في تاريخ السينما. مخرجون مثل فيلليني Fellini وأنطونيوني Antonioni قد صارا رائدين لاتجاهٍ فريد وشخصي بدرجةٍ أعلى؛ ومع ذلك فقد واصل كلٌ من فيسكونتي Visconti وبازوليني Pasolini بحثهما للكشف عن المنظومات الاجتماعية من وجهة نظر تتسم بالأصالة والخصوصية.
. أهالي وادي بو People of the Po Valley )1947 – 1943( يُعدُ هذا العمل القصير المبكّر للمخرج الإيطالي العظيم مايكل آنجلو أنطونيوني Michelangelo Antonioni عم وثائقيًا في حقيقة الأمر؛ يرسم صورة لحياة عائلة من صيادي السمك تعيش في وادي بو.
ونظرًا لمشابهته لتيار سينما الواقع cinema vérité ولاختياره موضوعه لأناس بسطاء يؤدون أعمالهم اليومية وهو ما لم يكن مألوفًا أن يوليه روّاد السينما العاديون أية أهمية – وفي هذا الوقت المبكر – يعد مثا على الواقعية الجديدة. تم تصوير هذا الفيلم في 1943 ، غير أنه لم يظهر للجمهور إلا بعد انتهاء الحرب، في عام 1947 .
تروي هذه الحكاية بأسلوب الواقعية الجديدة قصة صبي وجدته العجوز في غيط كرنب، وبعد أن تموت العجوز يصير الولد رج ،ًال ويوهب يمامة سحرية من أجل تحقيق أمنيات الفقراء الذين يعيش معهم. يصبح توتو، الشخصية الرئيسية، نموذجًا أشبه بالمسيح لأحياء الفقراء الرثة في ميلانو. وبرغم من أن الملائكة سلبت توتو قدراته الخارقة، فإن اليمامة ترفض أن تتركه وقد رأت قدر ما على الأرض من جورٍ وكيف يسعى توتو مخلصًا لتحقيق العدل.
نال معجزة في ميلانو تقديرًا عالميًا وفاز بالجائزة الكبرى لمهرجان كان السينمائي في عام 1951 . وفيه يسعى المخرج والكاتب دي سيكا De Sica بالتعاون مع المؤلف المشارك زافاتيني Zavattini للتوليف ما بين حكايات الأطفال وحقائق الواقع في إيطاليا مطلع الخمسينيات.
حقق الفيلم نجاحًا هائ حتى أنه عُرض في كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة ونال عدة جوائز من بينها جائزة البافتا .BAFTAs
13 . سترومبولي.. ) Stromboli )1950 هذه الدراما هي التعاون الأول بين المخرج روبرتو روسيلليني Roberto Rosselini وبين الممثلة التي ستكون زوجته فيما بعد إنجريد برجمان Ingrid Bergman . وفي الفيلم، يحاول روسيلليني أن يروي قصة رجل وامرأة يواجهان المجتمع في أجواء جزيرة سترومبولي البركانية حيث يعيش الناس على صيد السمك.
الشخصية التي تؤديها إنجريد برجمان هي مهاجرة ليتوانية تجد نفسها أسيرة في معسكر اعتقال؛ وتختار السبيل الوحيد للخلاص: وهو الزواج من رجلٍ تجهله تمامًا.
في فيلمه هذا، يختار روسيلليني أن يُظهر حياة سكان الجزيرة بالرغم من أن الأداء الهوليودي الكلاسيكي لبرجمان يحاول أن يختلس الانتباه.
بينما يتابع مأساة امرأة وحيدة ونزاعاتها مع أهل الجزيرة؛ يجعلنا روسيلليني نتأمل كيف يكون العيش مهددًا في جزيرة ذات بركان وكيف يؤثر العيش من صيد السمك على مجموعة الناس وعلاقاتهم بالغرباء. يستعين روسيلليني بسكّان الجزيرة الحقيقيين كطاقم تمثيل في الفيلم ويجعله أقرب ما يكون إلى دراما وثائقية، ويرسم صورة حياة الصيد وإخلاء الجزيرة بعد أن يثور بركانها حقيقةً.

. الأرز المر Bitter Rice )1949( لعب رائع بمعاني المفردات في اللغة الإيطالية، في عنوان فيلم عظيم لأحد مخرجي الواقعية الجديدة الذي لم ينل التقدير الذي يستحقه... وهو جوسيبي دي سانتيتس .Giuseppe de Santis عنوان فيلمه الأرز المر ، وبالإيطالية RisoAmaro ، يقوم على تورية، حيث تعني كلمة riso ك من الأرز والضحك أيضًا... ]فيجوز أن يكون عنوان الفيلم أيضًا الضحك المر[. ففي خلفية الفيلم، يحكي عن زارعي الأرز في الجزء الجنوبي من إيطاليا، ويتتبع حكاية لصين يحاولان الفرار من الشرطة، أحدهما هو محيط الفيلم هو إيطاليا ما بعد الحرب، وتتبع كاميرا دي سانتيس في براعة ووضوح الحياة الريفية بعد تحويلها لمجتمعات صناعية حديثًا في الجنوب الإيطالي. في هذا الفيلم بديع التصوير، يصوّر دي سانتيس لصّين، رج وامرأة، وحياتهما “المهنية”المهلهلة والخيارات التي عليهما أن يقوما بها عند لقائهما بسيدة فقيرة من زارعي الأرز، مثل غالبيتهم. إن فيلم دي سانتيس أقرب إلى مرثية لنساء إيطاليا في زمن ما بعد الحرب.

. ماسح الأحذية Shoeshine )1946(

برغم أن دي سيكا De Sica كان اشتراكيًا راسخًا، فلم يختر قط أن يستعرض الصراع الطبقي، أو عمّال المصانع ومزارعي الحقول.
بد من ذلك وجّه كاميرته نحو أحياء المعدمين المكدسة وأولئك الذين يحيون خارج الطبقات كليةً، ممن لا شيء لديهم ليكسبوه أو يخسروه. في هذا الفيلم أيضًا يُرينا دي سيكا صبيين من ماسحي الأحذية كل حلمهما أن يمتلكا حصانًا. وبما أنهما جزء من المجتمع الإيطالي في فترة ما بعد الحرب، حيث الهيمنة للاحتيال والخداع والسرقة، فإن هذين الصبيين من الجيل الضائع، وفي حالة من البطالة والفقر، يقعان في مشكلات عديدة بعد تورطهما في أعمال غير قانونية من أجل حلمهما باقتناء حصان.
ينبئنا الإخراج الهادئ لدي سيكا عن سقوط الطفولة في إيطاليا، مجسدة في الحكاية المريرة لولدين من ماسحي الأحذية.
الطفلان اللذان يمتلكان أحلامًا أكبر من الحياة، ويسقطان في الشبكة الإجرامية المهيمنة على روما الحافلة بالفوضى عام 1945 . إلى جانب شبكات الجريمة ومَن يُرغمون على الانضمام إليها، يظهر لنا دي سيكا أيضًا نظام السجون وظروف الاحتجاز في إيطاليا. يضعُ دي سيكا مسافةً بين المُشاهد والصبيين؛ ورغم ذلك يبقى عدم التعاطف معهما ضربًا من المستحيل. في النهاية، يكون مفهوم أن دي سيكا ينذرنا بالمصير المشئوم الذي ينتظر الصبيين، وربما مستقبل أوروبا كلها.

10. بيزان
Paisan )1946(
روبرتو روسيلليني، Roberto Rosselini ، هو الشخصية البارزة في حركة الواقعية الجديدة، وأشهر أعماله هي ثلاثية ما بعد الحرب، وتُعرف أيضًا بثلاثية الواقعية الجديدة. بيزان هو الحلقة الثانية لهذه الثلاثية، ويتكوّن في الحقيقة من ست قصص قصيرة مختلفة تدور في الحملة الإيطالية من جنود الحلفاء خلال الحرب. تحكي قصة الإيطاليين العاديين تحت الحرب، وكذلك الثوّار الإيطاليون، والجنود الألمان والبريطانيون والأمريكيون. يتمثل الصدام الثقافي في الفيلم بين العالم الأنجلو ساكسوني وأوروبا في صورة الحواجز اللغوية رغم أنها حكاية خيالية، فإن بيزان يعرضُ حقيقة وواقع نهاية الحرب، بعد انتهائها بعامٍ واحد فقط، حينما كانت ذكرى الحرب ما زالت تتلكأ عبر شوارع إيطاليا. لذلك، فإن كاميرا روسيلليني تعمل كأنها عين أحد السكّان على نحوٍ ما، وقد وجهها نحو واقع الحرب في إيطاليا، إنها تفتش عمّا وراء المرئي للعين بالمشاهدة المباشرة. إنها “توليفة” صادمة وربما أحد أصدق الأعمال الدرامية عن الحرب على الإطلاق.

9. فيتيلوني .. ) I Vitelloni (1953

على وجه العموم، لا يُعد فيلليني Fellini جزءًا من حركة الواقعية الجديدة، ربما ليس كمخرج، ولكنه عمل ككاتب سيناريو في ثلاثة أفلام فقط من هذه القائمة، بما في ذلك فيلمه هذا. لقد نشأ فيلليني وتغذى كمخرج في كواليس الواقعية الجديدة، وهناك صار مخرجًا، وصانع أفلام. ويعتبر فيلمه الطريق La Strada علامة انسلاخه عن الحركة/النوع الفني؛ ومع ذلك فإنه في فيلم فيتيلوني يقترب كثيرًا من أسلوب الواقعية الجديدة، ليس تمامًا ولكن بمعنى ما على الأقل.
يحكي الفيلم قصة خمسة شباب إيطاليين، تركت الحرب وصمتها على طفولتهم. ويدور في إيطاليا حيث استقرت من جديد الطبقة الوسطى وبدأ الناس ينشغلون بالهموم العادية للحياة، ويتتبع العلاقات والمغامرات العادية لرجال من أبناء طبقة محددة؛ ومع ذلك فإن فيلم فيلليني يقف في مواجهة أفلام التليفونات البيضاء، لأن هؤلاء الرجال ينتمون إلى الطبقة الوسطى التي استعادت رسوخها بعد الحرب، لكنه يسرد حقائق غفل عنها معظم الناس حول الماضي، لنقل منذ 25 عامًا حينذاك. بشكل أساسي، يمد فيلليني الواقعية الجديدة بحيث تنسجم مع التغير الاجتماعي في أرضه الخاصة، وعلى هذا فإن هذا الفيلم يربط بين تدريبه في حركة الواقعية الجديدة وبين ما سنتعرّف عليه فيما بعد بوصفه أسلوبه المتفرد.
هو اقتباس مبكر لفيسكونتي Visconti لرواية جريمة تُعد تحفة أصلية، بعنوان “ساعي البريد دائمًا ما يدق الجرس مرتين”، لجيمس إم.
كين، واعتبر هذا الفيلم عند كثيرٍ من نقاد ومؤرخي السينما أول فيلم ينتمي لتيار الواقعية الجديدة. على الرغم من الخلاف حول هذه النقطة، فإن أول فيلم ينتمي للواقعية الجديدة وصُنع في ظل الفاشية، هو مثل ما تلاه من أفلام، يمكنه أن يكون تعريفًا لهذا التيار وهذا النوع ) مثل فيلم تايجارنيت Tay Garnett المأخوذ عن الرواية وبعنوانها نفسه عام 1946 (.
يروي فيلم هَوَس حبكة جريمة قتل لزوج على يد العشيق والزوجة التي يتبين أنها أنثى مُهلكة، ورغم ذلك فإنه يضم مجموعة من اللحظات التي أضافها فيسكونتي، كانت كافية لتصنيف فيلم باعتباره ينتمي إلى الواقعية الجديدة. إن رؤيته الواقعية لأحداث الفيلم تحتوي جميع الشخصيات في تدفقها الطبيعي وتضم ك منها لتقدمهم إلى الجمهور كأشخاصٍ حقيقيين.

7. الصرخة
The Cry )1957(
اشتهر المخرج الإيطالي العظيم والرائي الكبير، مايكل آنجلو أنطونيوني، بأفلامه عن الحياة المعاصرة في المدن، والوحدة، وأزمة الهوية، والعلاقات. ومع ذلك، فقد كان أنطونيوني، شأن جميع فناني جيله، شيوعيًا راسخًا في شبابه؛ وهذا الفيلم بالذات فتح الباب أمام طرده من الحزب.
يحكي الصرخ ة قصة رجل وحيد من الطبقة العاملة تتحطم حياته حينما تقرر حبيبته أن تهجره. في صراعه مع هذه الحقيقة، يهيم ألدو من هنا إلى هناك، لا لشيءٍ إ ليواجه الألم المتناثر في كل موضع.
بائعة هوى، حبيبة سابقة، عجائز محبطون، أثرياء قساة القلوب، والحياة التي تنتظر ابنته الصغيرة، كل ذلك يصيبه بالإحباط ويقوده إلى الاضطراب والارتباك.
حينما يعود إلى بلدته التي نشأ فيها، يراها وهي على وشك أن تهدم تمامًا من أجل بناء مصنع للطائرات. إن حياته، شأنها شأن الحياة الريفية الإيطالية، تتجه نحو نهايتها. ومع نهاية الفيلم المثيرة للجدل، يعد هذا العمل مثا مهمًا على الاتجاه المتأخر في الواقعية الجديدة وإشارة إلى التغير الذي سيطرأ على أعمال أنطونيوني فيما بعد.

6. روما الساعة 11 .. ) 1952 ( Rome 11:00
يُعد الفيلم الثاني لدي سانتيس De Santis
في هذه القائمة، عن حق، ابن عم بعيد للفيلم الأمريكي “إنهم يقتلون الجياد، أليس كذلك؟”.
الفيلم الذي تم تصويره في الخمسينيات مقتبس عن قصة حقيقية، يروي أحداثا مأساوية جرت قبل وأثناء وبعد حادثة على سلّم. مئات السيدات من مختلف الطبقات والأحياء السكنية وأنماط المعيشة والخبرات، يتجمعن في أحد المكاتب للتقدّم لشغل وظيفة سكرتيرة. تتجاذب النساء أطراف الحديث المعتاد حول هذا وذاك حتى ينهضن جميعهن للشجار بسبب مشكلة الطابور، ثم يتبدل كل شيء بعد أن تتحطم السلالم التي كن ينتظرن عليها وتنهار أرضًا.
فيلم روما الساعة 11 ، مثل فيلمه الآخر في هذه القائمة، وهو من إخراج جوسيبي دي سانتيس، يركّز أساسًا على النساء. تصوّر القصة الأوقات العصيبة إذ تحاول إيطاليا النهوض على قدميها اقتصاديًا وكيف يتفاعل الناس مع بعضهم البعض في وجه الفقر. يأخذ الفيلم طابعًا شرسًا أكثر فأكثر حين تبدأ النساء في الشجار وفيما بعد، حينما ترى أن الحادثة ليست أسوأ ما يمكن أن يحدث: إنه استقصاء حول الإنسان ككائن اجتماعي.
5. ألمانيا سنة الصفر
Germany Year Zero )1948(
هذا هو الجزء الأخير مما يسمى ثلاثية روسيلليني والفيلم الوحيد في هذه القائمة الذي لم تجرِ أحداثه في إيطاليا. يحكي فيلم ألمانيا سنة الصفر قصة صبي ألماني، هو إدموند، له أب طريح الفراش، وشقيق نازي سابق، وشقيقة غامضة ومنطوية، ومعلم نازي له ميول جنسية نحو الأطفال. إن إدموند وأسرته محطمون تمامًا، لكنه يحاول أن يجعل الأمور أفضل بالنسبة له ولأسرته؛ ومع ذلك، وعلى غرار الصبيين ماسحي الأحذية في فيلم دي سيكا، فإن النهاية المريرة بانتظاره، وانتظار المستقبل.
ينطوي فيلم ألمانيا سنة الصفر على قصة ضمنية، إذ تكمن بداخله القوى الحيوية للشعب الألماني في أثناء النظام النازي. باعتبار روسيلليني إيطالي عانى من الحكم النازي، فقد حاول أن يتأمل الشعب الألماني، وحياته غير المبالية والمفككة. ومع ذلك فلم يكن من العسير عليه أن يفعل هذا، بما أنهم حينما كانوا يصوّرون الفيلم لم يكن الناس من حولهم يكترثون للتصوير، فقد كانوا يتلمسون حاجاتهم الملحة إلى المأوى والطعام والماء النظيف.
يرسم فيلم أومبرتو دي. صورة بروفيسور اللغويات، الرائع كارلو باتيستي Carlo Battisti ، الذي تهدده صاحبة العقار بالطرد من منزله. أومبرتو، يعيش مع كلبه الذكي والمحب فلايك، ويحاول أن يستجمع شتات نفسه ويجمع المال اللازم للبقاء في منزله.
تدور القصة في روما، وقد صوّرت ببساطة على نحو مؤثر – دونما أي استدرار للعواطف، وقد استعان دي سيكا من جديد بممثلين وممثلات من الهواة، سواء كبار السن أو الشباب، ليظهر معنى بالحياة. يحاول أومبرتو دي. أن يجد سب لجمع المال لكنه يعلم أن ذلك سيكون بلا طائل، فإذا ما استطاع أن يجده الآن فلن تكون هناك أي فرصة لذلك في الشهر التالي. ومع ذلك فإنه يبقى قابضًا على حياته ومنصتًا إلى مشكلات خادمته. إنه يعانق الحياة بشكل جميل للغاية، ويعاني أيضًا بشكلٍ جميل للغاية بحيث إنه حتى في ظرف كهذا تبدو الحياة كأنها أفضل ما اختبرناه على الإطلاق.
غير أن هذا ليس من الأفلام التي تنقل شعورًا طيبًا للمشاهدين، فالفيلم يفتتح بمشهد هجوم الشرطة على مجموعة من العجائز المتقاعدين الذين يتظاهرون من أجل حقوقهم. مقدما يعرض دي سيكا أن ما يوشك أومبرتو دي على أن يخوضه ليس مغامرة حول مدى روعة وجمال الحياة. بل يخبرنا إن الحياة جميلة و”جديرة بالقتال في سبيلها”، هذه الحكاية المثيرة للعاطفة والموجعة للقلوب عن موظف حكومي متقاعد، هو أومبرتو دي، تعد إحدى التحف الأصلية من تحف الواقعية الجديدة.

3. روما، مدينة مفتوحة
Rome, Open City )1945(

حين تلتقي إحدى أجمل مدن العالم، روما، بوجه من أجمل الوجوه على الشاشة والذي صار الآن من أيقونات السينما العالمية، وهي الممثلة آنا مانياني Anna Magnani ..في الحلقة الأولى من ثلاثية روسيلليني المحددة لهذا النوع من السينما، فيلمه روما مدينة مفتوحة، يستعرض روما تحت الاحتلال النازي، ويروي قصة مجموعة شجاعة من أهالي روما المتعاونين مع المقاومة. ومع ذلك، فهو أبعد ما يكون عن نوعية أفلام الدعاية السياسية المبسطة.

في فيلم روسيللين، تبدو المدينة، روما، وقد أخذت دورًا مهمًا. فقبل جميع شخصيات الفيلم روما نفسها تقاوم. بكل قداستها، تبدو روما مصوّرة مثل الشخصية العظيمة التي جسدها ألدورفابريزي، ) )Aldo Fabrizi دون بيترو. لن يضع أحد نهاية للعنف والتعذيب والظلم إ الناس، واحدًا بعد واحد، لا بدّ من إيقاف هذا. تقف روما صامدة، إنها موصومة ومعذبة ومهانة، لكنها تقف صامدة.
إن روسيلليني أحد أعظم المخرجين ممن استطاعوا ذات مرة على الأقل أن يقبضوا على الحقيقة في السينما. إن قصته قوية التأثير، والتي كتبها بالتعاون مع فيلليني، الممتزجة بأسلوب روسيلليني الذي يكاد يكون وثائقيًا، قد خلقت بعض أكثر الصور إثارة للعواطف في تاريخ السينما.
هذا الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية لا غنى عن مشاهدته ليس كجزء من الواقعية الجديدة ولكن كجزء من تاريخ السينما في العالم عمومًا.
2. سارق الدراّجة
Bicycle Thieves )1948(

منذ فيلم الصبي لتشارلي شابلن Chaplin إلى النجاح المدوي للفيلم الهوليودي البطل The Champ ، ربما يكون فيلم سارق الدراجة أقوى دراما تدور حول صبي ورجل بالغ في تاريخ السينما. يكسب أنطونيو رزقه ويعول أسرته اعتمادًا على درّاجته، إنه رب أسرة من الطبقات البسيطة. حتى تُسرق دراجته ذات يوم في عمله بعد أن يتلهى عنها لبرهة قصيرة. بعد ذلك يهيم على وجهه في شوارع روما مع ابنه برونو.
الأب والابن، رفيقان معًا، على غرار الكلب والعجوز في فيلم دي سيكا أيضًا “أومبرتو دي.”، يحيط بهم من كل جانب أشخاص يفتقدون للنزاهة والأمانة. شرطة مثل عدمها، ومصير متكرر، والناس من سكان الحي يحمون اللصوص ويصنعون مجرمين من الناس العاديين. ينتهى مسعى الأب وابنه نهاية متشائمة، يفقدون إيمانهم في العثور على الدراجة؛ ولكن هل فقدوا إيمانهم بالحياة وبالإنسانية؟ هل فقدناه نحن؟
1. الأرض ترتعش
The Earth Trembles )1948(

يُعد فيلم الأرض ترتعش فيلمًا ملحميًا من أفلام الواقعية الجديدة وأحد التحف النادرة للمخرج لوتشينوفيسكونتي LuchinoV isconti أو ربما تحفته الأولى. على غرار فيلم أهالي وادي بو لأنطونيونيتحكي هذه القصة حكاية قرية صغيرة في صقلية حيث يعيش أهلها من صيد الأسماك. رغم أن فيلم فيسكونتي لي س وثائقيًا، ومع ذلك فقد ذهب إلى أبعد من الوثائقية. إن فيسكونتي يعطي كل شخص دوره الحقيقي في الحياة ليقوم به أمام الشاشة أو دور شخصية أخرى متخيلة في نفس مكانها. في هذا الفيلم، يتوصل أكبر الصبية في أسرة صيادين، نتوني، إلى فكرة تتيح لهم التخلّص من باعة الجملة. ومع ذلك فلا شيء يمضي على ما يرام، الطبيعة والحياة تخبئ مفاجآتها الوشيكة؛ في النهاية، يضطرون مرة أخرى إلى العمل لحساب شخصٍ ما، لحساب هؤلاء الذين يمسكون المال بين أيديهم.
دراما الفيلم الذي يناهز الثلاث ساعات تتبع في مرونة هذه القصة بينما تصوّر بإخلاص حياة قرية الصيادين. في عملية مونتاج الفيلم لم يتخلص فيسكونتي من أي شيء تم تصويره، بما أن كل جانب من صراع الحياة اليومية، وكل عنصر في حياة الصيادين كان له أهميته الخاصة.
على كل حال، التفاصيل هي ما تجعل من الحياة حياةً وليس فيلمًا. وبرغم ذلك، فإن هذا يجلب إحساس الدراما الوثائقية، مع الاختيار الواعي من جانب فيسكونتي بالحفاظ على مسافة ما بين الشخصيات وبين المشاهد )الحقيقة أنهم ليسوا شخصيات، فهم أشخاص حقيقيون على كل حال(. وهو اختيار أخلاقي أيضًا، لقد أراد منا أن نكوّن على الأقل فهمًا لما تكون عليه حياة الصياد أو لشعور مَن يعيشون في قريةٍ كهذه، ويضطرون لفعل شيءٍ ما، لأن يكونوا عبيدًا على نحوٍ ما، وعلى الرغم من ذلك كان يدرك أنه من الممكن أن نفهم هذا الشعور ربما ولكن لا يمكن بالمرة أن نشعر به شعورًا تامًا شام .ًال قدّم الحزب الشيوعي الإيطالي والذي كان فيسكونتي عضوًا مخلصًا فيه المال اللازم له ليصنع فيلمًا عن الصيادين من أجل حملتهم الانتخابية. غير أن ما صنعه فيسكونتي تجاوز المقصود منه تمامًا، فبد من ذلك صنع فيلمًا صادمًا يكشف حقيقة الحياة، لا يضع المشاهد في موضع شخصياته )ما يجعل القيام بهذا يبدو سطحيًا للغاية( ولكن جنبًا إلى جنب، كتفا بكتف.

كاتب المقال: إيكين ان جوكسوي) )Ekin Can Göksoy
هو كاتب/وعالم اشتراكي حاصل على درجة الماجستير في الدراسات الثقافية من جامعة اسطانبولبيلجي، تركيا. يعمل في حقل الثقافات الفرعية، وعلم اجتماع الانترنت Knew Too Much of Alfred للمخرج ألفريد هيتشكوك AlfredH itchcock الذي صادف أن يكون هو مخرجه المفضل لكل العصور.

التعليقات :

قد تعجبك هذه المواضيع أيضاً

أحدث المقالات