الكاتب : محسن ويفي
كيف تصنع الأفلام؟ هذا سؤال ملتبس .. يمكننا أن نعطي إجابة واحدة
تصنع الأفلام من قبل أناس باستخدام تكنولوجيا .. لكن السؤال يكون أيضًا كيف ينتظم الفيلم - أي فيلم - أساسياته معا؟ كيف ترتبط الأجزاء المختلفة كي تخلق كلا واحدًا؟ .. تأخذنا كل هذه الأسئلة للتعامل مع السينما باعتبارها وسيطا فنيًا
في الفصول الثلاثة القادمة سنبدأ في الإجابة عن هذه الأسئلة الإجمالية
نحن نفترض أن الفيلم ليس مجموعة عشوائية من العناصر، فلو أنه كذلك، فلن يهتم الناس أو أنهم افتقدوا بدايات أو نهايات الأفلام، أو أن يتم عرض الأفلام بدون ترتيب معين .. لكن الناس يهتمون بالفعل.
عندما نصنف كتابًا بأنه من الصعب فهمه أو أن نصف قطعة موسيقية مشوقة فأنت تعني ضمنًا بأنها تحتوي على نظام ما، وأن هذا النظام الداخلي يحكم علاقات الأجزاء وأنه قد أثار انتباهك .. هذا النظام للعلاقات بين الأجزاء ستدعوه الشكل، في الفصل الثاني سنقوم بشرح الشكل في الفيلم كي ترى ما الذي يجعل هذا المفهوم هاما في فهم السينما كفنّ
أحد الملامح التي ستستحوذ على اهتمامنا عندما نشاهد فيلمًا ما هو حكايته..
أما الفصل الثالث والرابع فسيقومان بشرح أنواعِ مختلفة من الشكل الذي ستجده في الأفلام - سواء سردية أو لا سردية - وسوف نلاحظ أنه ليست كل الأفلام تقوم بسرد حكايات، سواء فعل الفيلم هذا أو لم يفعله، فنستطيع أن نشرح شكل الفيلم، يحلل كيف ترتبط أجزاؤه بعضها ببعض بطرق تثير انتباهنا تماما.
من كتاب فن الفيلم - مدخل (طبعة ثانية) تأليف دافيد بورد ويل وكريستيان ثومبسون - إصدار الفريد أ. كنويف ( (1985
ما جاء في هذا الفصل وغيره من الفصول الواردة بالكتاب لا يعبر بالضرورة عن آراء المترجم، وجاءت ترجمتها إثراء لفهم السينما من ناحية ولإثراء الحوار من ناحية أخرى.
_2 _
أهمية شكل الفيلم
مفهوم الشكل في الفيلم
لو أنك تستمتع بشغف إلى أغنية في مسجل، ثم حدث أن تعطل المسجل فجأة، فسوف تشعر بإحباط،ولو أنك بدأت في قراءة رواية ما، وقد صرت شغوفاً بها، ثم حدث أن تاهت منك، ربما تشعر بنفس الإحباط، والسبب في ذلك هو أن خبرتنا بالأعمال الفنية قد تم تنظيمها وترتيبها، وأن العقل قد تلهف إلى الشكل، لهذا السبب يعد الشكل ذا أهمية مركزية في أي عمل فني، بصرف النظر عن وسيطه الخاص، والدراسة الشاملة لطبيعة الشكل الفن اختصاص جماليّ، وسوف تصير مسألة متسعة للغاية تعد بالنسبة لنا أن تعالجها حصريًا هنا.
انظر إلى القسم الأول من ملاحظات وتعليقات هذا الفصل مما له صلة بقراءات إضافية، لكن بعضا من الأفكار عن الشكل الجماعي هو من الأمور اللازمة في تحليل الأفلام.,
الشكل كنظام
يعد الشكل الفني هو أفضل فكرة فيما يتعلق بالمستقبل المدرك .. الإنسان الذي يشاهد مسرحية ويقرأ رواية يستمع إلى مقطوعة موسيقية أو يري فيلما ,. فالإدراك في كل مناحي الحياة هو نشاط فعّال وعندما تسير في الشارع فأنت تلاحظ كل ما يحيط بك بحثًا عن ملامح واضحة - وجه صديق¡ علاقه مميزة¡ قطرة مطر - فالعقل لا يظل أبدًا في حاله خمول ,. فهو على الدوام يبحث عن نظام وعن دلالة مختبرا العالم الذي قد يفلح في إعادة نموذج معتاد عليه ,. تستجيب الأعمال الفنية لهذه النوعية الديناميكية الموحدة للعقل البشري، فهي تمنح الفرص المنظمة التي خبرها وتنمي من قدرتنا علي إثارة الانتباه وتشاركنا فيما هو آت من أحداث، وتوضح لنا نتائج وتوضح لنا كل واحدة من مجموعة أجزاء ,. تترك كل رواية شيئًا من الخيال كل، أغنية تطلب منا أن نتوقع لحنًا معينًا، وكل فيلم يستميلنا أن نربط مشاهد في شكل أوسع، لكن كيف تنجح هذه العملية؟ كيف يمكن لهذا الشيء - الحي - الساكن، قصيدة في ورقة أو نحت في منتزه، أن يقودنا لمثل هذه الفعالية.
هناك بعض الإجابات التي لا تفي بوضوح بالغرض .. لا يمكن أن تكون داخل العمل الفني نفسه، فالقصيدة هي مجرد كلمات على ورق، الأغنية هي مجرد تنويعات صوتية، والفيلم هو مجرد نماذج من الضوء والظلمة على شاشة، فهذه الاشياء - الحسية - لا تفعل شيئًا، من ناحيه أخري فخبرة العمل الفني لا يمكن أن تكون فردية على نحو كامل، موصد على عقل كل مستقبل، فنحن لا يمكننا أن نتشارك مع جمهور ما في تجربة العمل فحسب، بل إننا نعتمد على العمل الفني أن يشاركنا تجربتنا نحن، وأنت لا تستطيع أن تتفاعل مع قصيدة ما دون أن تقرأها، أو أن ترقص على أغنية من غير أن تستمع إليها، في النهاية ومن ثم، فكلا المداراة (المستقبل) والعمل الفني يعتمد كل منهما علي الآخر، فلذلك تبدو أفضل إجابة على سؤالنا هي أن مفاتيح العمل الفني مجرد صنعة. يستخدم الرسام لونا، خطًا، وتقنيات أخرى كي يدعونا لتخيل الفضاء المصور، كي نمسك بلحظة ما قبل وما بعد تلك اللحظة المصورة، أن نناظر اللون والملمس، أن نتخيل النظر على التكوين - المار - في مسار معين. وكلمات قصيدة ما يجب أن تقودنا إلى تخيل منظر، أو أن نخلق استعارة معينة، أو أن نتوقع إيقاعا محددا. واستحثنا شكل قطعه معينة، حجمها و"مودها" أن نتحرك حولها، بشكل عام إذن، يقدم أي عمل فني مفاتيحَ من شأنها استخلاص فاعليه خاصة من المستقبل، نستطيع الآن أن نسير إلى مدى أبعد فتلك المفاتيح ليست ببساطة عشوائية، بل إنها تنتظم في أنظمة، وفكرة أي نظام هي بوضوح كأي مجموعة من العناصر التي تعتمد وتؤثر كل منها في الآخر، والجسم البشري هو بالتالي نظام ولو أي عضو، القلب توقف عن أداء عمله وستكون كل الأجزاء الأخرى في خطر أيضًا، كما أن بداخل الجسم هناك أنظمة فردية أصغر، مثل النظام العصبي أو النظام البصري، كما أن أقل واتفه عطل في تشغيل سيارة سوف يؤدي إلى تعطل كامل الآلة، وقد لا تحتاج الأجزاء الأخرى إلي إصلاح، إنما يعتمد النظام الكلي لها إلي تشغيل جزء منها مجموعه أخري من العلاقات المجردة تكون أنظمة: مكون القوانين الحاكمة لبلد ما، علي سبيل المثال، أو التوازن البيئي لجفاف بحيرة
كما هو الحال في تلك الأمثلة، لا يمثل الفيلم مجموعة عشوائية من العناصر، فمثل أي عمل فني، يمتلك أي فيلم شكلًا، ونحن نعني بشكل الفيلم في أوسع معانيه، النظام الكلي الذي يدركه المشاهد في الفيلم الشكل هو النظام الكلي للعلاقات التي ندركها من خلال العناصر داخل الفيلم بأكمله. وفي هذا الجزء من الكتاب وفي الجزء الثالث منه (في أسلوب الفيلم) سوف نقوم بشرح أنواع العناصر التي يحتويها الفيلم. طالما أن المشاهد يعني الفيلم بإدراكه لتلك العناصر ويتمثلها، فلابد أن نعتبر كيف أن الشكل والأسلوب يتضمنان فاعليه المشاهد.
لا يزال هذا التوصيف للشكل شديد التجريد، لذا عندما نوضح أمثلتنا من خلال فيلم لابد وأن عددا كبيرا منها الناس قد شاهدت، في فيلم ساحرة أوز the wizard of oz يمكن للمشاهد المدرك أن يلاحظ عناصر عديده خاصته، فهناك بوضوح تام مجموعة من عناصر سردية، التي تشمل حكاية الفيلم .. تحلم لورثي بأن إعصارًا مدمرًا يقذف بها إلي أوز، حيث تواجه شخصيات محددة، ويستمر السرد إلى أن تستيقظ دورثي من حلمها لتجد نفسها في منزلها بكانساس، نستطيع أيضًا إدراك مجموعة من عناصر أسلوبية: الطريقة التي تتحرك بها الكاميرا
نماذج اللون داخل الكادر واستخدام الموسيقى والحيل الأخرى
الآن (ساحرة أوز) هو نظام وليس مجرد خبط عشواء، فيمكن للمشاهد بفاعلية أن يربط العناصر داخل كل مجموعه ببعضها بعض .. نحن نصل ونوازن عناصر سردية: فنرى الإعصار كمسبب لرحلة دورثي إلى أوز ونحن نقابل الشخصيات في أوز كشخصيات مشابهة لمثليتها في حياة دورثي بكانساس.
كما أن العناصر الأسلوبية يمكن لها أن تترابط، فمثلا .. نحن نتفهم أننا مستعدون كي نعي لحن الساحرة كلما واجهت دورثي صحبة جديدة، ونعزي الوحدة للفيلم بوضع نظامين مساعدين - السردي والأسلوب - داخل نظام أشمل للفيلم بأكمله. أكثر من هذا، يبحث ذهننا للربط بين هذين النظامين المساعدين كل منهما بالآخر. ففي ساحرة أوز، يمكن ربط النظام السردي بالنظام الأسلوبي له، ألوان الفيلم تشير إلى علامات واضحة، مثل كانساس (في
أبيض وأسود) والطريق الأصفر المحمر
وتثير حركة الكاميرا انتباهنا إلى حركة الحكاية، كما تخدم الموسيقى لوصف شخصيات وأفعال محددة، إنه نموذج شامل من علاقات ما بين أنظمة مساعدة لعناصر عديدة التي تكون الشكل في ساحرة أوز.
شكل عكسي المحتوى
يفترض الكثيرون أن الشكل كمفهوم هو عكس شيء ما يسمى محتوى، وهو ما يعنى ضمنا أن قصيدة أو قطعة موسيقية أو فيلمًا هو مثل دورق وشكل خارجي، الدورق يشتمل على شيء ما يمكن بسهولة أن ينزلق في فنجان أو دلو، مع هذا الافتراض، يصير الشكل أقل أهمية مما يفترض أن يحتويه.
لا تقبل هذا الافتراض، فله أن النظام الكلي الذي ينسبه المشاهد إلي الفيلم ., فلا يبقي هناك داخل أو خارج، فكل جزء يتم توظيفه داخل النظام الكلي الذي يتم استقباله، وهكذا سوف نتعامل مع أشياء عديدة كعناصر شكلية يعتبرها البعض محتوى، ومن وجهة نظرنا هذه، فإن الموضوع المطروح والأفكار المجردة كل ذلك يندرج داخل النظام الكلي للعمل الفني، إنها تؤدي بنا لتحديد توقعات معينة أو لتبيان استنتاجات محددة، ويقوم المستقبل بربط العناصر بعضها ببعض وجعلها تتفاعل بحيوية، وبالتالي يصير الموضوع المطروح والأفكار مختلفة نوعا ما عما كانت خارج العمل
علي سبيل المثال: نفترض موضوعًا تاريخيًا .. مثل الحرب الأهلية الأمريكية، فيجب دراسة الحرب الأهلية الفعلية ., أسبابها ونتائجها الجدالية. لكن في فيلم - مثل مولد أمة لجريفيت - لا تعد الحرب الأهلية محتوًى محايدًا، فإنه يتدرج داخل علاقات مع عناصر أخرى. حكاية عائلتين، أفكار سياسية عن إعادة الإصلاح، والأسلوب الملحمي لمناظر المعارك.
ويشتمل شكل فيلم جريفيت على عناصر موضحة الحرب الأهلية بطريقة تتناسق مع عناصر أخري في الفيلم. ويمكن لفيلم آخر بمحتوى آخر أن يصور نفس الموضوع - الحرب الأهلية - لكن المادة ستلعب دورا مختلفا داخل نظام شكلي مختلف. في فيلم ذهب مع الريح توظف الحرب الأهلية كخلفية لحكاية غرام البطلة، لكن في الطيب، والشرس والقبيح، تساعد ثلاثة رجال مسافرين في رحلة بحثهم عن النهب، وهكذا يتشكل الموضوع المطروح عن طريق السياق الشكلي وتوقعاتنا تجاهه.
توقعات شكلية
نحن الآن في وضع أفضل، لنري كيف أن شكل الفيلم يرشد فاعلية المشاهد، فأغنية مرتبكة أو حكاية ناقصة ستثير إحباطا وذلك بسبب متابعتنا للشكل وستعرف أن نظام العلاقات داخل العمل لم يكتمل بعد فهناك شيء ما يتم الاحتياج إليه لجعل الشكل كليا ومقنعا، فنحن مأسورون بالعلاقات المتداخلة ما بين العناصر ونريد أن نفهم كيف تتطور النماذج ويكمل بعضها الآخر
كيف يؤثر شكل ما على تجربتنا إزاء العمل الفنى لأمر ما؟ .. يخلق الشكل بمعنى بأن (كل شئ هناك)، لماذا يبدو مقنعا عندما يشار مبكرا إلى شخصية ما تعاود الظهور بعد ذلك بساعة أو عندما تعادل حالة ما حالة أخرى داخل الكادر؟ لأن هذه العلاقات بين الأجزاء تشير إلى أن الفيلم له قوانينه أو قواعده، نظامه الخاص.
أكثر من هذا، يشتمل الشكل بدقة على الجمهور. فجاذبيته للشكل عظيمة جدا .. فعادة ندرك الأشياء التي حولنا بطريقة عملية، لكن في الفيلم فالأمور التي تحدث على الشاشة لا تخدم مثل هذه الأغراض العلمية بالنسبة لنا. ونحن نشاهدها على نحو مختلف. ففي الحياة لو أن شخصًا سقط في الشارع، فربما هرعنا لمساعدته على الوقوف، لكن داخل فيلم عندما يسقط باستيركيتون أو شارلي شابلن نضحك. وسوف ترى في الفصل السادس كيف أنه من الأساسي في صنع الأفلام مثل إخراج لقطة أن تخلق طريقة جديدة في المشاهدة. فنحن نشاهد نموذجا لم يعد مجرد أنه هناك في عالم الحياة اليومية، وإنما قد صار جزءا محسوبا بدقة داخل كل مستقل بذاته. يمكن لشكل فيلم أن يجعلنا ندرك الأشياء بشكل متجدد, وتنفضنا عن عادتنا المعتادة موحية لنا بطرق طازجة في السمع، والرؤية، والإحساس، والتفكير.
جرب التجربة التالية (المقترحة من باربارا هيرتشين سمز). افترض أن A هو الحرف الأول في التسلسل فماذا بعد؟
1 – AB
A كان البداية , وعلى هذا الأساس ستكون فرضية شكلية ،فربما ستمتد الحروف علي أساس ترتيب أبجدي . توقعك مؤكد.
ما الذى يلي ab ؟ سيقول أغلب الناسcð لكن الشكل لا يتبع دائما توقعنا الأولي
2- ABA
هنا يفاجئنا الشكل ., ويحيرنا، ولو تخيرنا بتطور شكلي، فعلينا أن نكيف توقعاتنا ونحاول مرة أخرى، ما الذي يلي؟ ABA
3- ABAC
الاحتمالات هنا صارتا بشكل رئيسي اثنتين : ABAB أو ABAC
لاحظ أن توقعاتك قد حدث من الاحتمالات علاوة على اختيارهما (أو إنك توقعت) ABAC فإن توقفك كان مرضيا وتستطيع أن تتكهن بثقة بالحرف القادم، ولو إنك توقعت ABAB فلازلت قادرًا على تكوين فرضية قوية عن الحرف القادم
4- ABACA
بساطة هذه اللعبة توضح القوة المضمرة للشكل، وأنت كمشاهد أو كمستمع لن تستعرض ببساطة العمل الفني أمامك، ستدخل في مشاركة فعالة معه، مستهدفا ومجددا لتوقعاتك تجاه الشكل كلما تطورت الخبرة.
الآن تأمل مليا حكاية داخل فيلم،. يبدأ فيلم ساحرة أوز بدورثي وهي ممسكة بكلبها " توتو " وتعدو عبر الطريق وفي الحال تكون توقعاتنا: ربما ستقابل شخصية أخري، أو أنها ستستقل إلى الجهة التي تريد، حتي هذا الحدث البسيط يدعو المشاهد للمشاركة بفاعليته في الشأن المتواصل بعمل فرضيات عما سيحدث مستقبلًا ومكيفًا توقعاته طبقا لذلك
ستتخلل التوقعات خبرتنا مع الفن. ففي قراءة حكاية غامضة، ستتوقع أن الحل سيقدم عند نقطة محددة، عادة في النهاية، وفي الاستماع إلى قطعة موسيقية، ستبدأ بتكرار لحن ما أو موسيقى، (كثير من القطع الموسيقية، في الواقع، تتبع نموذجًا ABACA الذي قمنا بالإشارة إليه)، في النظر إلى لوحة (تشكيلية)، ستقوم بالبحث عما نتوقعه كي تصير الملامح الأكثر دلالة، ثم نمعن النظر في الأجزاء الأقل بروزا، ومن البداية حتى النهاية، سيتعمد أنهما كانا مع عمل فني بشكل عام على التوقعات.
لا يعني هذا أن التوقعات ستكون مرضية في الحال فربما تتأخر صحة التوقعات، في اختيار الحروف الأبجدية، بدلا من تقديم ABA ستقوم بتقديم : AB
تسلل باقي الجملة يؤخر إظهار الحرف التالي، وعليه الانتظار لحين اكتشافه، وما تسميه عادة بتشويق هو ببساطة تأجيل لتحقيق توقع معترف به وكما يوحي الاسم، فإن التشويق يترك شيئا ما مشوقًا - ليس فقط مرحلة التطور المقبلة لنموذج العناصر وإنما ايضا دعوتنا للإنجاز المكتمل
يمكن أيضا للتوقعات أن تكون مضللة، فعندما تتنبأ ب ABC ولكن تحصل على ABA بشكل عام , المفاجأة تتجه لتوقع تنضج خطأه، فلا نستطيع أن نتنبأ بأن عصابة في شيكاغو الثلاثينيات سوف تعثر على مركبة فضائية داخل (جراجه) الخاص ولو أنه يجدها فإن رد فعلنا يتطلب منا أن نعيد ترتيب فرضياتنا عما يمكن أن يحدث في هذه الحكاية، يفترض المثال بأن الكوميديا تعتمد غالبا على توقعات مخيبة
نهج آخر خاص بتوقعاتنا يحتاج إلى توضيح، أحيانا ما يقودنا عمل فني إلى تخمينات محفوفة بالمخاطر عما يأتي قبل هذه النقطة من العمل الفني، فعندما تعدو "دورثي" عبر الشارع عند البداية فيلم ساحرة أوز، تتفكر ليس فقط فيما هي ذاهبة إليه وإنما أين كانت ومن أي شيء تهرب. وبالمثل، عمل تشكيلي أو تصوير فوتوغرافي دعنا نسمي تلك القدرة من جانب المشاهد أن يتصور فرضيات عن الحوادث القبلية فضولًا، وكما سيبين الفصل الرابع فإن الفضول هو عامل هام في الشكل السردي
ولا بد أن يكون واضحًا أن الشكل الفني يجب أن يقودنا لبناء توقعات وبعد ذلك يشبعها - سواء سريعا أو على نحو نهائى - أو أن ينجح الشكل في إرباك توقعاتنا
نحن غالبا ما نتشارك الفن بهدوء وصفاء، لكن أعمالا فنية عديدة تعرض لنا صراعا، وتوترا وصدمة، ويمكن لشكل أن يصيبنا بكدر بسبب عدم توازنه أو بسبب تناقضاته، والكثير من الناس يجد أن الموسيقى التي لا تخضع لترتيب معين في السلم الموسيقي، التصوير المجرد أو السوريالي تماما مثل الكتابة التجريبية هي شديدة الإرباك وبالمثل، هناك أفلام لمخرجين عظام كثيرين تهدئنا أكثر مما تقوم بصدمتنا، وكما سنرى عند شرح فيلم أكتوبر لإيزنشين - الفصل 6) أو السرد الغامض لفيلم الان زينة ( العالم ماضي في مارينبا )
الفصل 10) إن أي فيلم يمكنه أن يعتمد علي التناقضات أو القفزات دايس الغرض أن أقوم بنقض أو مدح مثل هذه الأفلام، وإنما أن نتفهم أنه حتى وهي تقوم بإرباكنا فإن هذه الأفلام ما تزال تثير بتوقعات حقيقية، لو أننا كيف توقعاتنا لعمل فني مربك، فلابد أن نصير أكثر عمقا في تشابكنا معه أكثر مما لو كنا بإزاء عمل فني يرضي توقعاتنا بسهولة، فمثل هذه الأعمال الفنية المشوشة تقدم أنواعًا جديدة من الشكل لسنا معتادين عليها، ولسوف يحجم تشوشنا الأولي بمجرد أن نمسك بخصوصية النظام الشكلي للعمل، أو أن تصير بعض من كل الأعمال المشوشة أقل تماسكا، أكثر من أعمال تقليدية أخرى لكنها تستحق تحليلًا لأنها جزيئات توضح لنا توقعاتنا البسيطة والعادية عن الشكل
أعراف وخبرة:
ما يزال مثالنا ABAC يوضح غرض آخر، فمرشدنا الأول لتخميناتنا كان خبرة سابقة، ويمكن لمعرفتنا بالأبجدية أن تصيغ ABAX بديلا مختلفًا، وهذا يبين أن الشكل الجمالي نشاطا نقيا معزولا عن خبرات أخرى، وتتبع استدلالات كثيرة خاصة بالفنان والجمهور من ذلك
على نحو دقيق لأن الأعمال الفنية هي من صنع الإنسان ولأن الفنان يعيش في تاريخ ومجتمع، فلا يستطيع هو أو هي أن يتجنب ارتباط العمل بطريقة ما بأعمال أخرى وبمظاهر مختلفة للعالم بشكل عام، فالتقليدى أسلوب مهيمن، شكل شعبي ما، مثل هذه العناصر ستكون شائعة لأعمال فنية مختلفة كثيرة، مثل هذه الآثار الشائعة عادة ما يطلق عليها أعراف، فمثلا هناك عرف نوع الفيلم الموسيقي حيث تقوم الشخصيات بالغناء والرقص – العرف الذي (كي نعود إلي مثالنا الأساسي) ينطبق تماما على فيلم ساحرة أوز
إنه عرف لشكل سردي حيث يقوم السرد بحل المشاكل التي تواجهها الشخصيات، علاوة على أن الفيلم يخضع لمثل هذا العرف بأن يدع دورتثى تعود إلى كانساس، تتكون عديد من الأعراف من معدلات نموذجية لما يتم إعداده أو توقعه ضمن تقليد معين ومن خلال إطاعة أو مناهضة هذه المعدلات النموذجية يربط الفنانون أعمالهم بأعمال أخرى
من وجهة نظر المشاهد، فإن إدراك الشكل الفني سوف ينبع من مفتاحين اثنين من داخل العمل الفني والخبرات السابقة
لكن رغم أن قدرتنا على إدراك مفاتيح شكلية هي فطرية، فإن العادات المميزة والتوقعات بإزاء العمل لابد أن تقاد من قبل خبرات أخرى، خبرات تنبثق من الحياه اليومية ومن خلال الأعمال الفنية الأخرى، ستكون قادرا على ممارسة لعبة ABAC لأنك قد تعلمت الأبجدية الإنجليزية، ويمكنك ممارستها في الحياة اليومية (داخل فصل الدراسة، مع والديك) أو من خلال عمل فني (كما يتعلم بعض الأطفال الآن الأبجدية من خلال الرسوم التليفزيونية)، وبالمثل يمكن لنا أن نعي نموذج ( الرحلة) في فيلم ساحرة أوز لأننا قد قطعنا أشواطا ولأننا قد شاهدنا أفلام أخرى مرتبه حسب نفس النموذج ( مثل العربة STAGECOACH أو شمالا عن طريق شمال غرب NORTH BY NORTHWEST ) , كما أن النموذج متوفر في أعمال فنيه أخري مثل أوديا ODYSSEY أو إليس في بلاد العجايب WANDER LAND
وقدرتنا على تحديد مفاتيح، أن نشاهدها كمكون نماذج، ولخلق توقعات كل ذلك محكوم بخبراتنا في الحياة الحقيقية وبمعرفتنا بالأعراف الشكلية
في إدراك شكل الفيلم، من ثم، فلا بد للمشاهد أن يكون مستعدًا لفهم مفاتيح شكلية من خلال معرفة الحياة وأعمال فنية أخرى، لكن ماذا لو أن كلا المبدأين قد دخلا في صراع؟ لا يبدأ الناس في الحياة العادية ببساطة في الغناء والرقص، كما يفعلون في ساحرة أوز، وغالبا ما تضع الأعراف خطًا فاصلا بين الحياة والفن وهي تطالب بوضوح أن في مثل هذه الأعمال الفنية فإن قوانين واقع الحياة اليومية لا تعمل بقواعد هذه اللعبة، فإن هناك شيئًا ما غير واقعي يمكن أن يحدث، فإن كل فن ذي أسلوب، من الأوبرا، والباليه، والبانتومايم إلى الكوميديا والأنواع الأخرى، يعتمد على إدارة المشاهد في تعليق قوانين الخبرات العادية وأن يقبل بالأعراف الخاصة. إنه ببساطة خارج عن المسألة الأساسية، التأكيد على أن مثل هذه الأعراف هي غير واقعية أو أن السؤال عن لماذا تغني ترايستان لاوز والد أو لماذا لم يبتسم باستير كيتون، فغالبا لا تعد خبرة الحياة اليومية هي الخبرة الأكثر تلازما بإدراك الشكل وإنما خبرة للوجهات السابقة مع الأعمال الفنية هي التي تغني التعرف على مثل هذه الأعراف
تقدم الأنواع GENTES أو أنماط الأعمال الفنية محفزا لمجموعة من الأمثلة، فلو أننا توقعنا الكشف عن الحل النهائي لحكاية غامضة، فإنما هذا لا يعود إلى خبرة الحياة - فكثير من الألغاز تظل دون حل - ولكن الآن (القاعدة الأولى) لنوع الغموض هي إمكانية الكشف عن اللغز في النهاية، وبالمثل، فإن فيلم ساحرة أوز هو فيلم موسيقي، وطبقا لهذا النوع فإنه يستغل عرف إمكانية غناء ورقص الشخصيات، ومثل وسائط الفن الأخرى، يطالبنا الفيلم أن نكيف توقعاتنا مع الأعراف التي يستخدمها نوع محدد
في النهاية، لابد أن نعي المدى الذي يمكن للأعمال الفنية أن تبلغه في خلق أعراف جديدة، فيمكن لعمل فني مبدع للغاية أن يبدو في البداية حدثًا فريدًا لأنه يرفض الامتثال للقواعد التي تتنبأ بها، فالفن التكعيبي CUBIST، والموسيقي ذو الاثني عشرة نغمة والرواية الجديدة الفرنسية في الخمسينات، كل ذلك بدا في البداية صعب التأويل وذلك بسبب رفضهم لوراثة أعراف محددة، ولكن بنظرة فنية لابد أن تظهر أن الأعمال الفنية غير العادية تمتلك قواعدها الخاصة، نظام شكلي غير أرثوذوكسي، والذي يمكن تعلمه ونستجيب له، في نهاية التحليل، فإن الأنظمة الجديدة المقدمة من قبل هذه الأعمال غير العادية يمكن لها أن تصير نماذجَ أو أعرافًا جديدة وبالتالي تخلق توقعات جديدة مختلفة.
شكل وإحساس
تلعب عواطف بالتأكيد دورا كبيرا في خبراتنا بالشكل، ولكي تفهم هذا الدور، دعنا نميز بين عواطف مقدمة للعمل الفني وبين استجابة عاطفية يشعر بها المشاهد، لو أنه مثلا قد لوى عضلات وجهه في ألم، فإن عاطفة من الألم تقدم في الفيلم، ولوعلى الجانب الآخر، المتفرج الذي يشاهد تعبيرًا مؤلمًا قد ضحك (كما هو الحال عند مشاهد الكوميديا)، فإن عاطفة التسلية يحس بها المشاهد، وكلا التحصين من المشاعر لهما تضمينات شكلية.
تتفاعل العواطف المقدمة داخل الفيلم كجزء من نظام الفيلم الكلي، فمثلا التواء عضلات الوجه من الألم لابد من تأكيده بواسطة تمسيخ جسم الكوميديان. والتعبير الماكر لشخصية ما لابد أن يعيدنا للانكشاف الأخير لهذا الجاني الشرير لها، أو منظر مبهج لابد أن يقف في تناقض مع آخر حزين، كما أن حدثا تراجيديا لا بد أن يتم تفعيله من قبل توليف مضحك أو موسيقي، كل العواطف المقدمة داخل الفيلم لابد أن تشاهد في ارتباط منظم إلي غيرها عبر شكل هذا الفيلم.
كما أن الاستجابة العاطفية للمتفرج مرتبطة بالشكل أيضًا. وقد رأينا توًا كيف تتفاعل مفاتيح في العمل الفني مع خبراتنا السابقة، خاصة خبراتنا بالأعراف الفنية، غالبا ما يستدعي شكل العمل الفني ردود الأفعال الجاهزة، عواطف مجهزة بالفعل: خوف من ظلمة أو الأماكن المرتفعة، أو ردود أفعال أصلية تجاه صور محددة (جنسية، عنصرية، طبقة اجتماعية)، لكن الشكل يستطيع أن يخلق استجابات جديدة ببساطة كلما أخد يضرب على نفس الأوتار القديمة، وطالما أن الأعراف الشكلية غالبا ما تؤدي بنا إلى إبطال حسنا بالنموذج المعياري لخبراتنا في الحياة الفعلية، فإن الشكل يمكنه أن يؤدي بنا إلى إيقاف استجابات الحياة اليومية لنا، فالناس الذين تشمئز منهم في الحياة يمكن أن يصيروا ذوي جاذبية كشخصيات داخل فيلم . كما أننا قد نشاهد فيلمًا عن موضوع قد يثير غيظنا ابتداءً ولكننا قد سحرنا به في فيلم، ولذلك سبب وحيد لكل هذه الخبرات إنما يكمن في الطريقة النظامية التي أصبحنا بها مندمجين في الشكل. ففي فيلم ساحرة أوز، على سبيل المثال، فإننا نجد أن أرض أوز أكثر جاذبية من كانساس، لكن لأن شكل الفيلم يقودنا إلى التعاطف مع دورثي في رغبتها للذهاب إلى موطنها، فإننا نحس برضى عظيم عندما تعود أخيرا إلي كانساس
إنها أولًا وأخيرًا المسألة الديناميكية للشكل هي التي تثير عواطفنا، تتوقع مثلايبرز عاطفة، فلكي تبني توقعًا عن (ماذا يحدث لاحقا) فلابد أن تستثمر بعضًا من عاطفة داخل الموقف، مؤجلا تحقيق توقع ما - تشويق - لابد أن ينتج قلقا أو تعاطفًا، (هل سيعثر المخبر على المجرم؟ هل سيجد الولد البنت؟ هل سيعود الانسجام؟) توقعات وفضول كاذب عن المادة المقدمة لابد أن ينتج ارتباكًا أو إثارة خادعة. (إذن ليس هو المخبر؟ هذه ليست قصة حب؟ هل سيحل اللحن المنسجم الثاني محل الأول؟) فالتوقعات المشجعة لابد أن تنتج إحساسا بالرضى أو بالراحة، (الغموض قد انكشف، ولابد للولد أن يجد البنت، وعاد الانسجام مرة أخرى) لاحظ أن كل تلك الممكنات قد تحدث، فليس هناك وصفة عامة تتمكن بها رواية أو فيلم أن يختلقها كي تنتج استجابة عاطفية (صحيحة)، إنه أمر يعود إلى حالة سياق لنظام خاص الشكل الكلي لأي عمل فني. كل ما نستطيع قوله بالتأكيد أن كل عاطفة يحس بها المشاهد ستبرر من كلية العلاقات الشكلية التي يدركها هو أو هي في العمل، وهذا سبب وحيد عن لماذا لابد وأن نحاول إدراك علاقات شكلية كثيرة بقدر المستطاع داخل فيلم ما، لأن سبب هذا الأدراك سيتوقف على مدى استجابتنا لهذا الفيلم.
في سياق هذا الفهم، فإن العلاقات بين الأحاسيس الممثلة داخل فيلم وتلك التي يشهر بها المتفرج يمكن أن تصير معقدة، فالكثير يؤمنون بأنه ليس هناك حادث مؤسف أكثر من موت طفل، في معظم الأفلام يمكن لهذا الحدث أن يقدم للجميع شتات الحزن الذي نحسه أيضا في الحياة، لكن قوة الشكل الفني تستطيع أن تحول من الفجوة العاطفية حتى هذا الحدث في فيلم جانرينوار jeanrrnoir ( جريمة السيد لانج ) the crime of m.lange فأن الناشر الساخر، باتلا batala يغتصب ويهجر عاملة الغسيل، إستيل Estelle الصغيرة، بعد ما يختفي باتلا تصبح إستيلا مندمجة داخل صحن مجتمع الدار، ومن ثم تعود إلى خطيبها السابق، لكن إستيلا تصير حاملا من قبل باتلا وتحمل داخلها طفلة. المنظر الذي فيه فالنتين، رب عمل استيلا يعلن أن الطفل قد ولد ميتًا هو أكثر المناظر إثارة للمشاعر المعقدة في السينما، فالعواطف الأولى المقدمة هي أسف رصين: فالشخصيات تصاب بالغم، فجأة يشير ابن عم باتلا وتحمل داخلها طفلة. المنظر الذي فيه فالنتين.،
(إنه لأمر سيئ، لقد كان قريبا لي)، يؤخذ ذلك في سياق الفيلم على أنه نكتة، وتقرب الشخصيات الأخرى إلى الابتسام والضحك، التحول في العاطفة المقدمة في فيلم يمسك بتلابيبنا دون حذر، فطالما أن هذه الشخصيات رحيمة، فيجب أن نكيف استجابتنا تجاه الموت وتستجيب كما فعلت بإحساس بالراحة، أن تظل إستيلا حية هو أمر هام لأبعد حد من موت طفل باتلا، قدم التطور الشكلي للفيلم رد فعل ملائم وهو عكس ما يحدث في الحياة العادية، هذا مثل جريء ومتطرف، لكنه يوضح على نحو مثير كيف يمكن لعواطفنا على الشاشة واستجابتنا لها أن تعتمد على السياق الذي يبدعه الشكل.
شكل ومعني
يعد المعني، مثل العاطفة، أمرًا هامًا لخبراتنا بالعمل الفني، كمدرك فعال، يقوم المتفرج باستمرار باختبار العمل من زاوية الأهمية، وأنواع المعاني التي يمكن للمتفرج أن يعزوها إلى العمل تتنوع بأهمية كبيرة دعنا نلقي نظرة على أربعه تأكيدات على معنى فيلم ساحرة أوز
• • أثناء فتره الكساد الكبير يحمل إعصار مدوٍّ فتاه مزرعة عائلتها بكانساس إلى أرض أوز الخرافية، وبعد سلسلة من المغامرات المثيرة ستعود إلى موطنها الأصلي هذا أمر ملموس للغاية، قريب من أن يكون ملخصًا لخط الحبكة العام. وتكمن الأهمية في قدرة المتفرج على أن يحدد ما هي العناصر المحددة: فتره تاريخ أمريكي تسمى الكساد، ومكان يعرف بكانساس وملامح من مناخ بالغرب الأوسط، وأي مشاهد غير مستوعب لمثل هذه المعلومات سيفقد بعضًا من معني يؤدي إليه الفيلم، ونستطيع أن نطلق على هذه المعاني الملموسة مرجعية، طالما أن الفيلم يقدم أمورًا وأماكنِ هي مستخدمة بالفعل بدلالة معينة. موضوع الفيلم في ساحرة أوز حياة مزراعة في الغرب الأوسط الأمريكي أثناء الثلاثينات – هو غالبا ما يؤسس من خلال معنى مرجعي. وكما يمكن للمرء أن يتنبأ، يوظف المعنى المرجعي عبر الشكل الكلي للفيلم، بطريقه تجعلنا نبرهن على أن موضوع الحرب الأهلية قد وظف من خلال الفيلم مولد أمه the birth of a nation . افترض أنه بدلا من أن تقيم دورثي في كانساس المستوية الهزيلة والرعوية، فإن الفيلم يجعل منه طفولة دورثي في بيفرلي هيلز. عندما ترحل إلى أوز منتقلة إلى هناك، وربما عن طريق طوفان المنحدر للتل)، فإن التناقص بين الثراء الوفير لأوز وبين موطنها لم يكن ليشكل فارقا حادا، هنا تلعب المعاني المرجعية لكانساس دورا محددا في التناقض الكلي للموجودات التي يبدعها شكل الفيلم.
تحلم فتاه بالهجرة من بلدتها قرار من تتابعها دوما أن ترحل بعيدًا حتى تدرك بمقدار ما تعنيه بلدتها لها ما يزال هذا بالتأكيد متجسدًا للغاية في المعنى الذي يعزو إلى الفيلم، فلو سألك أحدهم عن معنى الفيلم فيما يبدو محاولة لبيان الغرض منه فلا بد أنك تستجيب بشيء ما مشابه لذلك، وربما ستشير أيضا إل جملة دورثي الودودة، ليس هناك مكان؟ أفضل من الوطن كمخلص كما تعلمته، دعنا نطلق على هذا التأكيد الظاهر المعني الواضح، ومثلما هو الحال في المعاني المرجعية، فإن المعاني الواضحة توظف داخل الشكل الكلي للفيلم، وفيما يمكن تحديده بالسياق، فعلى سبيل المثال لو أننا جئنا لأحد (ليس هناك مكان أفضل من الوطن) كجملة تعكس المعنى الكلي للفيلم، لكن أولًا، لماذا نشعر بها كجملة ذات مغزى على نحو قوي؟ فهي في المحادثة العادية تبدو كلاشيه، أما في السياق، مع ذلك، تقدم غمغمتها في لقطة قريبة، في نهاية الفيلم (في لحظه مميزة شكليًا) وتعود بنا كل عذابات وأماني دورثي، مستدعية تطور السرد تجاه تحقيق هدفها، إنه شكل الفيلم الذي يعطي لقول حميمي ثقلا غير حميمى.
هذا يعني أننا لابد أن نشرح كيف لمعانٍ واضحة للفيلم ما أن تتفاعل مع عناصر أخرى لنظام كلي، لو أن (ليس هناك مكان أفضل من الوطن) تلخص على نحو شامل وواضح معني ساحرة أوز، فلن يحتاج أحد أبدًا أن يشاهد الفيلم، فالملخص يستوفي الغرض، فمثلما المشاعر، تعد المعاني كيانات شكلية فهي تؤدي دورًا عبر عناصر أخرى لبناء النظام الكلي، أن نستطيع أن نعزل لحظة ذات دلالة خاصة ونعلنها معنى الفيلم بأكمله، حتى جملة دورثي (ليس هناك مكان أفضل من الوطن) رغم قوتها كملخص لعنصر وحيد ذي معنى في ساحرة أوز، فلا بد ان توضح في سياق البناء الكلي لفانتازيا أوز، لو أن (ليس هناك مكان أفضل من الوطن) هي المقصد الكلي للفيلم فلماذا يتواجد فيه كل ما هو مبهج للغاية؟ المعاني الواضحة للفيلم يجب أن توضح داخل كلية الفيلم وتوجد في علاقة ديناميكية شكلية كل منها للأخرى.
في محاولة لفهم اللحظات ذات المعنى لفيلم ما كأجزاء من كلّ أشمل، فإنه من المفيد أن نصنع تلك اللحظات ذات المعنى بانفراد في مواجهة بعضها البعض، وهكذا فيمكن لجملة دورثي الأخيرة أن تتجاوز مع منظر الشخصيات التي ترتدي ثوب التألق بعد وصولهم لمدينه إيمرلاند، فنحن نحاول أن نشاهد الفيلم ليس باعتبارها شخصية أو شخصيات أخرى، وإنما بالأحرى عن العلاقة فيما بينهما – المخاطر وبهجة عالم فنتازي في مواجهه راحة وثبات عالم الوطن، وهكذا سيكون النظام الكلي للفيلم أكبر من أي معنى واضح نجده بداخله
وبدلا من السؤال عما هو مقصد هذا الفيلم؟ يمكننا أن نسأل (كيف يمكن لكل معاني الفيلم أن تتعانق)
• فتاه مراهقة توشك أن تبلغ الرشد تحن للعودة إلى عالم الطفولة البريء، لكنها في النهاية تقبل بمتطلبات النضج.
هذه العبارة بطبيعتها أكثر تجريدًا من العبارتين الأوليين، فهي تفترض شيئًا ما أبعد بكثير مما هو موجود بوضوح في الفيلم: إن (ساحرة أوز) هو بمعنى ما عن مرحلة العبور من الطفولة إلى البلوغ، ومن وجهه النظر هذه فإن الفيلم يقترح أو يشير إلى ذلك في مرحلة البلوغ، أن الناس لابد وأنهم يتمنوا العودة إلى عالم غير المعقد علي نحو واضح لمرحلة الطفولة، فإحباط دورثي من خالتها وسعيها للهروب إلى مكان ما (عبر القزح) كل ذلك يستخدم لإظهار مفهوم عام لمرحلة البلوغ، دعنا هنا نقترح كلمة المتضمن على هذا المعني، عندما يقوم مستقبلو العمل الفني بإنتاج معاني متضمنة، فإنهم عادة ما يقومون بعملية تفسير له.
والتفسيرات، بكل وضوح، تتنوع، فقد يري أحد المشاهدين أن (ساحرة أوز) لهو في الحقيقة عن مرحلة البلوغ، وقد يقترح آخر أنه بالفعل الشجاعة والمثابرة، أو أنه هجاء في عالم المراهقة، وواحد من سحر الأعمال الفنية هو أنها تطالبنا بتفسيرها، غالبا بطرق مختلفة في ذات الوقت. مرة أخرى، يحث العمل الفني المشاهد على أداء فاعليات معينة هنا، بالإلحاح بالأسئلة عن المعاني المتضمنة، لكن ومرة أخرى فإن أهمية الشكل الكلي للعمل الفني أنه يحصر حثنا في التفسير، يقبل بعض المشاهدين علي فيلم ما متوقع أن يتعلم دروسا عظيمة عن الحياة، وبالتالي فهم يعجبون بفيلم ما لأنه يحمل رسائل حميمة وعميقة، وهذا الميل للكلام عن أمر هام كالمعنى يرتكب خطأ تقسيم الفيلم إلى جزء خاص بالمحتوى (المعنى) والشكل (وعاء المحتوى) ، ويمكن التنوعية المجردة للمعاني المتضمنة أن تقود إلى المفاهيم واسعة للغاية (غالبا ما تسمي تيمات): فهذا الفيلم هو عن الشجاعة، وهذا الفيلم هو عن الحب، يبدو أن لهذه الأوصاف بعض القيمة، لكنها قيمة عامة جدا فهي تنطبق على المئات من الأفلام. فلو أننا قد لخصنا (ساحرة أوز) على أنه ببساطة عن متاعب فترة البلوغ فإن ذلك لن يكون عادلا بالنسبة للسمات المحددة للفيلم كخبرة، فالبحث عن معان متضمنة لا يجب أن يذهب بعيدا لما وراء الملامح المميزة والملموسة لأي فيلم.
هذا لا يعني أننا لا يجب أن نقوم بتفسير الأفلام، إننا يجب أن نمعن النظر في جعل تفسيراتنا دقيقة عن طريق فهم كيف لتيمات معاني كل فيلم أن تتخلق من داخل الشكل الكلي للفيلم، ففي أي فيلم، فإن كلا من المعاني الصريحة والمتضمنة إنما تعتمد أساسا علي العلاقات بين عناصر السرد والشكل الأسلوبي، في فيلم ساحرة أوز لا يعد (الطريق الأصفر الطوبي) معنيًا في ذاته، لكن لو قمنا بشرح الوظيفة التي يحققها في العلاقة بالسرد، الموسيقى، الألوان، ... إلخ، فإنه يمكننا أن نعي أن الطريق الأصفر الطوبي إنما يوظف حقيقة بمعنى ذي دلالة. فإن رغبة دورثي العارمة الذهاب لبلدتها، فإنه يجعل الطريق يمثل تلك الرغبة، فإننا نريد لدورثي أن تتوقف في الوصول لنهاية الطريق، تماما كما نتمنى العودة إلي كانساس ولذا فإن الطريق يشارك في تيمة الرغبة للعودة إلى الوطن. .
لكن تفسير المعني لا يجب يكون نهاية في ذاتها وإنه يساعد في فهم الشكل الكلي للفيلم، ولا يستنفد إمكانيات الوصول إلى تحقيق غرض ما، وقد يمكننا قول أمور كثيرة عن الطريق الأصفر الطوبي بخلاف أن معناه يتعلق بالمادة التيمية للفيلم، فيمكننا تحليل كيف أن الطريق قد صار منصة للرقصات والأغاني عبر الطريق ويمكننا أن نرى كيف يصير هاما على مستوى السرد لأن تردد دومًا في مفترق طرق قد أدى إلى تأجيل دورثي طويلا في مقابلة خيال الظل ويمكن أن نجد تفسيرا للخطة اللونية للفيلم، في تناقض مع الطريق الأصفر، الشباشب الحمراء، مدينة ميرلاند الخضراء، من خلال وجهة النظر هذه، فيجب فهم التفسير كنوع من التحليل الشكلي، ولواحد من البحث عن تحليل ومعاني متضمنة لفيلم ما، لكن تلك المعاني يجب اختبارها آنيا بإعادة غمرها داخل النسيج الملموس للفيلم بأجمعه.
• في مجتمع يثمن القيمة الإنسانية بالنقود، فإن الوطن والعائلة يجب أن يقيما كملجأ أخير للقيم الإنسانية، يعد هذا الاعتقاد قويًا للغاية في فترات أزمات اقتصادية مثل تلك التي سادت الولايات المتحدة أثناء فترة الثلاثينيات.
فمثلما هو الحال في الفقرة الثالثة، تبدو هذه الفقرة الرابعة مجردة وووعامة.
إنها تلائم الفيلم ذي نزعة تفكير تفترض سمات متميزة للمجتمع الأمريكي أثناء الثلاثينيات وهذا الترحم يمكن أن يتحقق جيدا في أفلام عديدة أخرى.
وأيضا روايات كثيرة، مسرحيات، قصائد، تصاوير تشكيلية، إعلانات، برامج راديو، أحاديث سياسية، وحشد من منتجات ثقافية لهذه الفترة التاريخية، لكن هناك ما يجب ملاحظته فيما وراء كتابة هذه العبارة.
إنها تتعامل مع معنى صريح في ساحرة أوز، (ليس هناك مكان أفضل من الوطن) كإظهار لمجموعة أوسع من القيم مميزة للمجتمع ككل، ونحن نستطيع التعامل مع معانٍ ضمنية بنفس الطريقة، فلو أننا قد قلنا إن الفيلم يشير إلى شيء ما عن فترة مراهقة كالخطة خاصة في الحياة تعتبر هي أيضا شغلا متكررا للمجتمع الأمريكي، بكلمات أخرى، فإنه من الممكن لفهم معانٍ صريحة أو مضمرة لفيلم ما كحامل علامات لمجموعة خاصة من القيم الاجتماعية، ونحن نطلق على هذه النوعية من المعاني معانيِ عرضية، كما أن مجموعة القيم التي تمت إظهارها باعتبارها أيدلوجيا اجتماعية وإمكانية ملاحظة معانٍ عرضية تذكرنا بأن كل معنى، سواء مرجعي، صريح، أو مضمر، إنما هو ظاهرة اجتماعية . فالمعاني في أي فيلم أيديولوجية بشكل نهائي، بمعنى، إنها تنبثق من عقائد محددة ثقافيا للعالم، فالعقائد الدينية والآراء السياسية، مفاهيم العنصرية أو الجنسية أو الطبقات الاجتماعية، حتي حوذتنا اللاواعية، والأفكار الراسخة عن الحياة، كل ذلك يكون إطار مرجعيا أيديولوجيا، رغم أننا نحيا كما لو أن معتقداتنا هي فقط الحقيقة الصادقة عن العالم، فإننا نحتاج لمقارنة أيديولوجيا فحسب التفسيرات مع تلك التي تخص مجموعة أخرى أو ثقافة أو فتره تاريخية أخرى كي نرى كيف أمكن تاريخيا واجتماعيا صياغة تلك الآراء، في عصور أو أماكن أخرى فإنها كإنسان أو وطن أو فترة مراهقة لا تنطوي على المعاني التي تحملها أمريكا القرن العشرين.
لذا فإن الافلام، مثل الأعمال الفنية الأخرى، يمكن أن تصير موضوعا لأحداث المشاهدين عن معانٍ عرضية. مرة أخرى، فإن مثل هذه النوعية من المعاني المجردة والعامة يمكن أن تقودنا بعيدا عن الشكل الملموس للفيلم. بالضبط مثلما حال تحليل معانٍ مضمرة، فإن المشاهد عليه بذل قصارى جهده كي يستخرج معاني عرضية في مفاهيم الفيلم المحددة، يشرع أي فيلم معاني أيديولوجية من خلال نظام شكلي فريد، وسوف نرى هذا الجزء 17 كيف يمكن للنظام السردي والأسلوب لأفلام من قبيل (قابلني في سان لويس meet me in slouis وجريمة السيد لانج the crime of m. lang وكل شيء على ما يرام tout va biem نقول يمكن لهذه الأفلام أن تحلل من أجل تضمينات أيديولوجية
باختصار ., فإن لدى الأفلام معنًى فقط لأننا نعزي معاني إليها، ولهذا فإننا لا نعتبر المعنى كمنتج بسيط يمكن استخراجه من الفيلم، فعقولنا لابد أن تسبر غور أي عمل فني سعيا وراء الدلالة على مستويات عديدة، بحثا عن معانٍ مرجعية، معانٍ محددة وأكثر عمومية، فقدنا أكثر وأكثر الإمساك بالنظام الشكلي المميز للفيلم، وكمحللين، يجب أن نقيم توازنا بين اهتمامنا بهذا النظام الملموس وبين دافعنا في أن نغزو آلية دلالة أوسع
تقييم
في الحديث عن أي عمل فني، غالبا يقوم الناس بتقييمه، بمعنى، أنهم يطلقون مزاحما عن حسناته أو سيئاته، ويقوم معلقون في مجالات واسعة الانتشار يختصون وحدهم تقريبا بإخطارنا عما إذا كان فيلم ما يستحق المشاهدة وكما يقوم أصدقاؤنا بحثا عن الذهاب لفيلمهم المفضل، لكن غالبا ما نكتشف أيضا أن الفيلم المقيم من قبل شخص آخر يظهر لنا أنه دون المستوى، هذا فإن علينا أن نحتسب على حقيقة أن معظم الناس يقيمون الأفلام على أساس من أذواقهم الخاصة المميزة غالبا
كيف، من ثم، كيف يمكن لنا أن نقيم الأفلام بدون أي درجة من الذاتية؟ يمكننا البدء بإدراك أن هناك اختلافا بين ذوق شخصي وحكم تقييمي، فأن أقول (أنا أحب هذا الفيلم) أو (أنا أكرهه) فهذا ليس معادلا لقول (إنه فيلم جيد) أو (إنه مثير للأسف)، هناك قليل جدا من الناس في العالم الذين يبتدر سرورهم فقط باتجاه الأعمال العظيمة. ومعظم الناس يمكنهم التمتع بفيلم يعلمون إنه ليس جيدًا بشكل خاص، - وهذا يبدو معقولا - فيما عدا أنهم يحاولون إقناع الناس الآخرين أن هذه ÇáÃفلام اللطيفة هي في مصاف الأفلام الروائع دون شك، وعند هذا الحد سيتوقف آخرون عن الإصغاء على أحكامهم نهائيا.
ولهذا.. فعلينا أن ننحي جانبا المرجعية الشخصية كأساس وحيد للحكم على نوعية فيلم ما، وبدلا من ذلك، فالناقد الذي يرغب في صياغة تقييم موضوعي نسبيا سوف يستخدم معيارا محددا، معيار هو نموذج يمكن استخدامه في تقييم أعمال كثيرة في هذا السياق، فالنا قد يتحصل على أساس المقارنة بين أفلام ذات نوعية متصلة.
هناك معاير عديدة، بعض الناس يقيمون الأفلام على معيار حقيقي)، بما يعني إذا كان الفيلم يثبت رؤيتهم عن الواقع، فالمغرمون بالتاريخ العسكري يقيّمون فيلما ما تماما بناء على ما إذا كانت مناظر المعارك قد استخدمت أسلحه تاريخية دقيقة، أما السرد، التوليف، الأداء التمثيلي، الصوت والأسلوب البصري، كل هذا يحتل لديهم احتمالا محدودا .. أناس آخرون ينتقدون أفلاما لأنهم لا يجدون الحدث مقنعا وأنهم يستنكرون منظرا بالقول ( ومن يقتنع في الحقيقة أن x سيقابل y فقط في اللحظة المناسبة لذلك؟) لكننا رأينا بالفعل أن الأعمال الفنية ستبتعد قوانين الواقع ويشتغلون بأعرافهم وقوانينهم الداخلية.
يمكن للمشاهدين أن يستخدموا أيضا معايير أخلاقية، وبمحدودية غالبا، فإن أوجه الفيلم المختلفة يمكن تقييمها خارج سياقها الخاص داخل النظام الشكلي للفيلم.
بعض المشاهدين يشعرون بأن أي فيلم يحفل بالعري أو انتهاك الحرمات بأن سيء، بينما مشاهدون آخرون يجدون أن مجرد وجود هذه المظاهر هو جدارة استحقاق الأفلام. بشكل عام، لابد أن يوظف مشاهدون ونقاد المعايير الأخلاقية لتقييم دلالة فيلم ما بالكلية، وهنا يصبح النظام الشكلي الكلي للفيلم وثيق الصلة بذلك، فأي فيلم يتم تقيمه أخلاقيا وذلك بسبب نظرته الكلية للحياة، لتصميمه في إظهار وجهات نظر معارضة، أو لمداه العاطفي.
بينما المعيار (الواقعي) والأخلاقي هو الأكثر ملاءمة لأغراض خاصة، فإن هذا الكتاب يقترح معيارا يؤكد على الأفلام كعوالم فنية، وسوف يسمح لنا مثل هذا المعيار أن نأخذ كل شكل فيلم في الاعتبار كلما كان ذلك ممكنا، فنستطيع أن نرى إذا كان الفيلم قد نجح، ضمن شروطه الخاصة، في خلق مجموعة من العلاقات الشكلية، واحد من هذه المعايير هو التركيب، فيمكننا مناقشة أن هذه الأفلام المركبة (ليست الأفلام المركبة على نحو تبسيطي) تعتبر جيدة إلى حد أنها تشرك إدراكنا على مستويات عدة، تخلق تعددا من العلاقات ما بين عناصر شكلية منفصلة كثيرة، وتميل إلى خلق نماذج شكلية مشوقة، ومعيار شكل ثانٍ هو الأصالة، والأصالة في حد ذاتها تعد عديمة الفهم، بطبيعة الحال فالمؤكد أن هناك شيئا ما يختلف لا يعني أنه جيد، ولكن لو أن فنانا ما تعاطى عرفا معتادا وقام باستخدامه بطريقه تجعله طازجا مرة أخرى أو نلحق مجموعة جديدة من الممكنات الشكلية، فمن ثم (ستكون كل الأمور الأخرى متعادلة) فإن العمل الناتج يعتبر جيدا من وجهه نظر جمالية
يؤسس التماسك معيارًا آخر كما تفعل كثافته تأثيرًا، لاحظ أن كل هذه المعايير حالات كمية، ففيلم يمكن أن يكون أكثر تركيبًا من أي فيلم آخر، لكن الفيلم ربما يكون أكثر تركيبا من فيلم آخر، لكن الفيلم الثاني ربما يكون أكثر تركيبا من فيلم ثالث، أكثر من ذلك، لكن هناك غالبًا أخذ وعطاء ما بين المعايير، فقيم ما يمكن أن يكون مركبا جدا لكنه يفتقد التماسك أو الكثافة وتسعون دقيقة لشاشة فيلم سوداء يمكن أن تعالج فيلما أصيلا، لكنه ليس فيلمًا مركبا للغاية وكما أن فيلما (ممزقا) يمكن أن يخلق كثافة كبيرة في مناظر معينة لكنه إجمالًا غير أصيل، وغير منظم وتبسيطي. في تحقيق المعيار، يجب على المحلل أن يزن غالبا أمرا في مواجهة آخر.
يمكن للتقييم أن يخدم نهايات مفيدة كثيرة، فيمكن أن يثير الانتباه إلى أعمال فنية مهملة أو يعيد النظر في ميولنا تجاه كلاسيكيات متفق عليها، لكن كما أن اكتشاف المعاني لا يعد نهاية المطاف للتحليل الشكلي، فإننا لا يجب أن نري أنفسنا كبداية رئيسية في تأسيس ما هي الأفلام العظيمة، نادرا ما تقوم العبارات العامة مثل (هذا الفيلم من الروائع) بتنوير أذهاننا كثيرا. عادة ما يثيره تقييم ما اهتمامنا للغاية طالما أنه يشير إلى جوانب للفيلم ويظهر لنا علاقات وسمات تائهة منا حتى الآن، مثل التفسير فإن التقييم مفيد للغاية عندما يدفعنا للرجوع للفيلم ذاته كنظام شكلي، فيساعدنا على استيعاب ذلك النظام بطريقة أفضل. عند قراءة هذا الكتاب، ستجد أننا قد قمنا بتحجيم التقييم بشكل عام. نحن نعتقد أن أفضل الأفلام والمشاهد التي قمنا بتحليلها هي بطريقة أو أخرى جيدة على أساس المعيار الشكلي السابق ذكره، لكن غرض هذا الكتاب ليس دفعك تجاه قبول قائمة بروائح السينما بل بالأحرى، نحن نؤمن أننا لو قمنا بإظهار كيف يمكن فهم الأفلام بالتفصيل، كأنظمة فنية، فسيكون لديك أساس معلوم لأية تقييمات تبغي أن تقوم بها.
ملخص
لو أن هناك أمرا واحدا حكم معالجتنا للشكل الجمالي، فلابد أن نقول إننا بإزاء عمليه تجسيم، فالشكل هو نظام محدد لعلاقات نموذجية نستقبلها في أي عمل فني، هذا المفهوم يدعنا نرى كيف أنه حتى عناصر لم يطلق عليها عادة محتوى مادة موضوع أو أفكار مجردة (تتم المعالجة داخل وظائف خاصة وفريدة داخل أي عمل فني) وتعتبر خبرتنا بأي عمل فني هي أيضا أمرًا ملموسًا، فالتقاط مفاتيح في العمل، فنحن نخلق توقعات عدة وهي التي تم استشارتها، وقيادتها، وخداعها، غشنا أو مرضية، أو تحيرنا، نحن نعاني من الفضول، التشويق والمفاجأة نحن نقارن الأوجه المميزة للعمل الفني بالأعراف العامة التي عرفناها من الحياة ومن الفن
عواطف ومعانٍ تصير محددة ومؤهله من خلال السياق الملموس للعمل الفني
وحتى عندما نطبق معايير عامة في تقيم أعمال فنية، فعلينا ان نستخدم تلك المعايير التي تساعدنا في التفرقة أكثر، تغوص أكثر بعمق داخل الأوجه الخاصة للعمل الفنى..
باقي هذا الكتاب مخصص لدراسة تلك الممكنات للشكل الجمالي في السينما
مبادئ الشكل الفيلمي
لأن شكل الفيلم هو نظام - بمعنى مجموعة موحدة من عناصر متعانقة، ومعتمدة بعضها على الآخر - فلابد أن تكون هناك بعض المبادئ التى تساعد فى خلق العلاقات ما بين الأجزاء، فى أنظمة غير تلك التي تخص الفنون، فإن المبادئ يمكن أن تكون مجموعات من القواعد، فمبادئ العلوم الطبيعية يجب أن تأخذ تصميم مطار ما تأخذ شكل مقولات منطقية رياضية، فمثلًا، يجب أن يأخذ تصميم مطار ما فى الحسبان مبادئ الديناميكا الهوائية، و يحتاج مصمموه إلى تحديد شكل الطائرة فى علاقته أو علاقتها بمعرفتها بتلك المبادئ.
أما فى الفنون، مع ذلك، فليس هناك مبادئ مجددة للشكل يجب على كل الفنانين اتباعها فالأعمال الفنية هى منتجات ثقافة، وهنا فكثير من مبادئ الشكل الفنى إنما هى أمور تخص الأعراف. مثلا، فالأفلام التى تنتج مجموعة واحدة مميزة لمبادئ شكلية تعرف بشكل واسع كـ"أفلام الغرب" westerns. فالفنان يطيع (أولا يطيع) نماذج معيارية، هياكل عرفية، وليس قوانين.
لكن من داخل تلك الأعراف الاجتماعية يميل كل عمل فني إلى تأسيس مبادئه الخاصة المحددة، فيمكن لأشكال الأفلام المختلفة أن تتنوع بطريقة تفوق الحصر، ومع ذلك يمكننا أن نميز خمسة مبادئ عامة التى يدركها (يستقبلها) الجهور فى أى نظام للشكل الفيلمى: وظيفة وتشابه وتكرار، اختلاف وتنوع، تطور، وحدة/ تشتت
وظيفة:
لو أن الشكل فى السينما هو التفاعل الكلى ما بين أنظمة متعددة العناصر، فلابد أن نزعم أن كل عنصر فى هذه الكلية له وظيفة واحدة أو أكثر، بمعنى أن كل عنصر لابد أن يُرى لتحقيق دور أو أكثر داخل النظام الكلى، وعن كل عنصر داخل فيلم ما يمكننا أن نسأل: ما هى وظائفه؟ استدعاء لمثالنا "ساحرة أوز"، فكل عنصر داخل الفيلم ينجز دورا أو أكثر، فمثلاً السيدة جولش Gulch المرأة التى تريد أخذ توتو toto من دورثى يعاد ظهورها فى قسم أوز كعرافة.
فى الجزء الافتتاحي للفيلم تتسبب السيدة جولش فى فرار دورثى من موطنها؛ في أوز تسعى العرافة لمنع دورثي من الرجوع لموطنها بالاحتفاظ بها بعيدا عن مدينة إميرالد وبمحاولة أن تستولي على الشباشب الياقوتية الحمراء.
حتى فى حالة عنصر صغير الحجم بوضوح كالكلب توتوtoto فإنه يؤدي وظائف كثيرة، يتسبب الراعي حول توتو فى فرار دورثى من موطنها وأن تعود مرة أخرى متأخرة جدا كي تجد ملاذا من الانحصار، وفيما بعد عند مطاردة توتو لقط ما يجعل دورثي تقفز من المنطاد المتصاعد وتفقد فرصة العودة إلى كانساس، حتى لون توتو الرمادي يبرز في تضاد مع لمعان أوز، خالفا اتصال بالأسود والأبيض للجزء الخاص بكانساس في بداية الفيلم. الوظائف إذن، دائما متعددة، فكلا النظامين السردي والأسلوبي لديهما وظائف
هناك طريقة واحدة للإمساك بوظيفة عنصر ما هو أن نسأل عن العناصر الأخرى التي من الضروري وجودها¡ وبالتالي فإن السرد يتطلب أن دورثي تضر من موطنها، لذا فلابد من توتو لتحقيق هذه الوظيفة. أو لنأخذ مثالا آخر، لابد من تميز دورثي عن الساحرة الشريرة، لذا فالملابس، السن، الصوت¡ ووظائف أخرى مميزة كي تفرق الاثنين. أخيرا، فالتحول من الأسود والأبيض إلى وظائف الفيلم اللوتية للإشارة إلى الوصول أي أرض الخيال اللامعة لاوز.
لاحظ أن مفهوم الوظيفة لا يتوقف على نية صانع الفيلم¡ فغالبا ما تتعثر نقاشات الأفلام فيما إذا كان صانع الفيلم يعرف أو تعرف ما تصنعه ضمن فيلمه هذا أو ذاك العنصر. والسؤال حول الوظيفة، لا نسأل عن تاريخ الإنتاج. فمن وجهة نظر النية الإنتاجية فلابد أن دورثي تعني (عبر قوس قزح) لأن التغني بأغنية كان ضمن عقد جودي جار لاند مع مترو جولدين ماير. لكن من وجهه نظر الوظيفة يمكننا القول إن عناء دورثي لتلك الأغنية إنما يحقق وظائف سردية وأسلوبية محددة.
فهي تأسيس لرغبتها في ترك موطنها، وهي مرجعيتها أي قوس قزح منتشرا بمشاهد أوز الملونة، ... إلخ¡ في السؤال عن وظيفة شكلية، بالتالي، لا نسأل كيف وصل هذا العنصر إلى هناك؟ بل نسأل، ماذا يفعل هذا العنصر هناك؟ طريقة وحيدة لملاحظه عناصر أي عنصر وهي أن تبحث عن دافع وجود العنصر لأن الأفلام هي مكونات إنسانية) فلابد أن تتوقع أن وجود أي عنصر داخل أي فيلم إنما جاء لتحقيق ملاءمة منطقية في أن يصير هناك. وهذه الملاءمة هي الدافع لهذا العنصر¡ فعلى سبيل المثال، عندما تظهر السيدة جولش كعرافة في أوز، فنحن نبررها كتجسيد لاهوتي جديد استمرارا لحقيقة المناظر المبكرة ككنساس المؤسسة لها كتهديد لدورثي. عندما يقفز توتو من المنطاد كي يطارد قطة، فنحن نبرر دافع هذا الحدث كاستمرار لأفكار كيف أن من المحتمل للكلاب أن تفعل عندما يقترب منها القطط.
أحيانا يستخدم الناس كلمة دافع للبحث فقط عن أسباب أفعال الشخصيات، مثلما يفعل قاتل ما عند يحركه دافع الكراهية. هنا، رغم ذلك، ستستخدم دافعًا كي نطبق على أي عنصر داخل الفيلم يجد له المتفرج مبررا اعتمادا على بعض الحجج. فالملابس مثلا، تحتاج الي مبرر¡ فو رأينا رجلا يرتدي ملابس شحاذ وسط مجموعة من الوسط الراقي، فلابد أن نسأل لماذا يرتدي مثل هذه الملابس. فيمكن أن يكون ضحية لمزاولي السخرية الذين خدعوه بإقناعه بأنها حفلة تنكرية¡ ويمكن أن يكون مليونيرا غريب الأطوار على وشك إحداث صدمة لأصدقائه. حدث هذا المتطرف الفيلم رجل جودفري my man godfrey ودافعية وجود متسول في هذا التجمع هي مطاردة زبال ويعزي أبلي مجموعة من شباب هذا التجمع أن يعيده، ضمن أمور أخري، متسولا¡ حدث ، المطاردة تحفز وجود شخص مرتديا ملابس غير ملائمة¡ فالدافع هو أمر شديد الشيوع في أفلام يميل فيها المتفرجون إلى أخده في الاعتبار. حضور شمعة في حجرة يحفز حقيقة أننا نتمكن من رؤية الشخصيات لابد أن نكون مدركين من أن مصدر الضوء ليس نابعا من الشمعة فحسب، لكن الشمعة هي المصدر الضوئي ليس أن حركة شخصية ما عبر حجرة لابد أن تحفز حركة الكاميرا لمتابعة الحدث وتحافظ علي وجود الشخصية داخل الكادر. عندما ندرس قواعد شكل الأفلام اللاسردية (في الجزء الثاني) والشكل السردي (الجزء الرابع) سنلقي مزيدا من الضوء على كيفية عمل الدافع كي يعطي للعناصر وظائف محددة.
تشابه وتكرار: في مثالنا عن نموذج abac رأينا كيف أمكننا التنبؤ بالخطوات القادمة في التسلل. سبب ذلك أن كان هناك نموذجا للعناصر المتكررة في الموسيقى والوزن في الشعر منتظما، فإنهما ab في نموذجها يؤسس ويرضي التوقعات الشكلية. فالتشابه والتكرار، وبالتالي، يشكلان مبدأً هامًا في شكل الفيلم.
يعد التكرار أساسيا لاستيعابنا أي فيلم. فعلي سبيل المثال فيجب أن يكون باستطاعتنا استدعاء وتحديد هوية الشخصيات والمواجهات في كل وقت تظهر فيها¡ بشكل أكثر دقة، في خلال أي فيلم نستطيع أن نلاحظ تكرارات كل شيء من سطور وحوار وأنغام موسيقى إلى أوضاع كاميرا، سلوك شخصي، وأحداث الحكاية. ومن المفيد أن يكون لدينا مصطلحٌ كي يساعد في وصف التكرارات الشكلية، ومصطلح motif ما هو الأكثر شيوعا¡ وسنطلق على أي عنصر متكرر دال في أي فيلم لقطة موسيقية (العنصر الرئيسي المتكرر - م -)¡ وهي يمكن أن تصير فكرة، لونًا ، مكانًا ، شخصًا ، صوتًا، أو حتى أثرًا ما لشخص¡ ويمكننا أن نسمي نموذج إضاءة أو مكان للكاميرا موثقة لو أنى قد تكرر خلال مجري فيلم ما¡ وقد استفاد الشكل في "ساحرة أوز" من كل هذه الأنواع من الموثقات، كما رأينا سابقا¡ حتي في فيلم بسيط نسبيا، يمكننا مشاهدة الحضور المنتشر للتشابه والتكرار كقواعد شكلية….
يتقيد شكل الفيلم من التشابهات العامة وأيضا من التجاوزات الدقيقة¡ كي نفهم ساحرة أوز، فلابد أن ترى التشابهات بين الثلاثة عمال مزرعة كانساس والأشكال الثلاثة التي تقابلهم دورثي عبر الطريق الأصفر المحمر ويجب ملاحظة قارئ المستقبل المتجول لكانساس يحمل شبها مدهشا بالعجوز شارلتان charlatan لمتظاهر بكونه ساحر أوز¡ المزاوجة ليست دقيقة تماما، لكن التشابه قوي للغاية¡ هذا مثال للموازاة parallel ism ، المسألة حيث يقود الفيلم المشاهد كي يوازن بين عنصرين أو أكثر¡ بتركيز الانتباه أكثر على بعض التشابه يمكن لموثقات أن تؤكد في خلق الموازاة. سيلاحظ المشاهد، وحتي يأتي له المنظر بأغنية (نحن خارجون لمشاهدة الساحرة) وإدراكنا للموازاة يزور جزء من سرورنا في مشاهدة فيلم، برغبة أن تشارك صدى القوافي (الأوزان) في قوة الشعر.
اختلاف وتغيير
شكل فيلم¡ ما الذي هو بالكاد تتضمن فقط تكرارات AAAA هو مضجر إلى حد كبير ما ولابد أن يصير هناك بعض تغيرات وتغير، حتي ولو صغير. وهكذا فإن الاختلاف يعد قاعدة أساسية أخرى لشكل الفيلم. نحن نعرف بالفعل الحاجة تجاه التنوع، والتناقض والتغير في الأفلام فيجب أن تصير الشخصيات مميزة، والبيئات المحيطة ترسم بدقة، الأزمنة والفاعليات يجب أن يؤسس لهما¡ حت داخل الصورة، يجب التميز في الاختلافات في النغمة، النسيج، الاتجاه وسرعه الحركة، ... إلخ¡ فالشكل يحتاج خلفية ثابتة للتشابه والتكرار ولكنه يتطلب أيضا تأسيسًا للاختلافات
هذا يعني أنه برغم موثقات (مناظر، موجودات، أحداث، موضوعات وحيل أسلوبية) يجب أن تكرر، فإن الموثقات نادرا ما يتم تكرارها على نحو دقيق
والتغير سيظهر في مثالنا الرئيس، "ساحرة أوز" فإن شخصيات المزارعين الثلاثة بكانساس لا يشبهون بالضبط توأمهم في أوز (الموازاة) إذا كان لابد من حدوثها، تطلب درجة من اختلاف مثلها مثل المشابهة) إرباك توتو المتكررة في موقف لا يوظف دائما بنفس الطريقة أيضًا وفي كانساس يقوم بإزعاج السيدة جولش مما يغري دورثي بأخد توتو بعيدًا ولكن في أوز فإن إرباك توتو تمنع دورثي من القرار. ورغم أن تصمم دورثي على العودة لموطنها هو موثقة ثابتة ومتجددة، فإنه يعبر عن ذاته في طرق متغيرة بسبب العقبات التي تواجهها.
الاختلافات ما بين العناصر يجب غالبا أن تكون حادة داخل تعارضات صريحة فيما بينها.
نحن معتادون أكثر على التعارضات الشكلية كصراعات بين شخصيات. إنه من الحقيقة أن صراع شخصية هو ظاهرة شكلية هامة، ولكننا نستطيع تحديده داخل قاعدة الاختلاف الشكلية الأكبر. وبالتالي فليس لشخصيات فقط وإنما الموجودات أيضا، والأحداث والعناصر الأخرى يجب أن تكون متعارضة. في "ساحرة أوز" فإن رغبات دورثي متعارضة، في نقاط عديدة، عن طريق الرغبات المخالفة للخالة أم em السيدة جولش والعرافة الشريرة والساحرة، حتي إن النظام الشكلي للفيلم ينتج من ديناميكيات كثيرة من شخصيات في حاله صراع لكن هناك تعارضات لونية أيضًا: الأبيض والأسود لكناساس ضد لونية أوز ، دورثي في الأحمر¡ أبيض وأزرق عكس العرافة في الأسود، ... إلخ . موجودات متعارضة أيضا¡ ليس فقط أوز عكس كناساس ولكن الأماكن العديدة أيضا داخل أوز وخاصة مدينة إميرالد عكس قلعة العرافة
نوعية صوت، نغمات موسيقية¡ ومجموعة من العناصر الأخرى تعالج عكس بعضها الآخر، مظهرين أن أي موثقية يجب أن تصير متعارضة áãæËÞíÉ أخرى
لا تعد كل الاختلافات تعارضات بسيطة، بطبيعة الحال. أصدقاء دورثي الثلاثة في أوز، خيال المادة، tin رجل الغابة والأسد، هي كلها مميزة ليس فقط بملامح إضافية¡ وإنما بوسائل من مقارنة بمصطلح ثلاثي لما يفتقدون (عقول، قلب، شجاعة)¡ تعتمد أفلام أخرى على اختلافنا أقل حدة، مقترحة مجالا للتدرجات ما بين شخصيات، وذلك كما قواعد اللعبة rules of the game فيلم جان رينوا jean Renoir على الطرف المتناقض. فإن فيلمًا ما تجريديًا يخلق حد أدنى ما بين أجزائه، وذلك مثلما في التغيرات الطفيفة جدا التي تصاحب كل عودة لنفس الطول (الكمي) من فيلم جي.جي مورفي صورة جيل print generation
التكرار والتغير هما وجهان لنفس العملة .. فمشاهدة أحدهما هي مشاهدة للوجه الآخر. في تحليل الأفلام يجب أن ننظر إلى التشابهات والاختلافات باستمرار نضع خطأ ما بين الاثنين، ويمكن أن نشير موثقات وتناقض التغيرات التي يتحملون بها، وأن ندرك الموازيات كتكرار وماتزال تغيرات حادة.
تطور:
طريقة وحيدة كي نظل متيقظين¡ تكثيف يعمل على التشابه والاختلاف في شكل الفيلم هي أن نمعن النظر لقواعد التطور من جزء إلى جزء للفيلم. فالتطور سيشمل بعضًا من نمذجة عناصر المتشابه والمختل . فسيعتمد نموذجا ABAC ليس فقط على تكرار (الموثيقة المتجددة ل A واختلاف (الإدراج المتغير C ,B وإنما أيضًا على مبدأ التقدم الذي يمكننا تحديده كقاعدة ( تغير A بحروف مفيدة في الترتيب الأبجدي)¡ برغم البساطة، هذه هي قاعدة التطور، الكاملة التسلل الكلي للشكل.
فكر في تطور شكلي كانتقال متقدم من X خلال Y إلى Z فعلى سبيل المثال، تظهر حكاية ساحرة أوز التطور بطرق كثيرة¡ إنها ، أولا، رجل: من كانساس عبر أوز إلي كانساس. ولكثير من الأفلام حبكة رحلة. ساحرة أوز ليس مجرد رحلة، دائمًا أيضًا بحث يبدأ من ابتعاد أولي عن الموطن، متبعا سلسلة من الجهود لإيجاد طريق العودة له (لإقناع الساحرة المساعدة)، وينتهي بالموضوع (كانساس، الوطن) وقد تم الرجوع إليه¡ خلال الفيلم هناك أيضًا نموذج غموض، والذي يتخذ نفس – X - خلال Y إلى ئ: فنحن نبدأ بتساؤل: (من هي ساحرة أوز؟) النموذج مارا عبر محاولات الإجابة عليه، ويتم استنتاج الإجابة على التساؤل (الساحر هو فراود FRAUD ( يشتمل حتي هذا الفيلم البسيط بوضوح علي نماذج تطورية عديدة.
كي نحلل نموذج تطور لفيلم ما، فإنه تعكره طيبة عادة اللجوء إلي تقسيم. أي تقسيم هو ببساطة رسم تخطيطي مكتوب للفيلم الذي يقسمه إلى أجزاء رئيسية وأخرى ثانوية وذلك بأجزاء يتم تحديدها بأرقام أو حروف حصرية¡ لو أن سرد الفيلم يشتمل على عشرة مناظر، فيمكننا تحديد كل منظر برقم ما وذلك من رقم واحد صاعدين إلى عشرة¡ وربما يصير مفيدًا أن تقوم بتقسيم بعض الأجزاء بطريقة أخرى مناظرة. A ثم B
وربما يصير مفيدا أن تقوّم فيلمًا ما ليس فقط ملاحظة التشابهات واختلافات ما بين الأجزاء فالتقسيم¡ يجعل من السهل تحديد التقدم الكل، ويمكن أيضا لرسم بياني أن يساهم في هذا الشأن. في الجزء3 وفي الجزء 4 سنبين كيف يمكن تقسيم أنواع مختلفة للأفلام
طريقه أخر لقياس Çلكيف لفيلم ما أن يتطور شكليًا هي أن تقارن بين البداية والنهاية. بالنظر إلى المتشابهات والاختلافات ما بين البداية والنهاية، يمكننا الفهم ببدء النموذج الكلي للفيلم. يمكنا اختبار تلك الحيلة على "ساحرة أوز". تظهر مقارنة ما بين البداية والنهاية على مستوى السرد أن الرحلة التي تستهلها دورث ابتداء تنتهي بالعودة إلى الوطن، فالرحلة بحث عن مكان مثالي (عبر قوس قزح) وتحولت إلى بحث عن طريق للعودة إلى كانساس. يكرر المنظر الأخير ويطور عناصر السرد للبداية¡ من ناحية الأسلوب، البداية والنهاية هما الأجزاء الوحيدة التي تستخدم لقطات فيلم بالأبيض والأسود. وهذا ما يدعم التناقض الذي يخلقه السرد بين أرض الأحلام لاوز ومناظر الطبيعة لفقراء كانساس¡ وقارئ الطالع البروفيسور.