التعبير بالرسم في أفلام أندريه تاركوفوسكي

عزة خليل 09 مايو 2022 السينما التشكيلية..سحر الصورة

الكاتب : عزة خليل


شغف السينمائي بالفنون التشكيلية
التعبير بالرسم في أفلام
أندريه تاركوفوسكي
فيما يلي مختارات مختصرة من دراسة ماجستير في الآداب، للباحثة سرينا أنتونيا ريزر من جامعة ديوك - قسم الدراسات السلافية والأوراسية في ولاية نورث كارولينا بأمريكا، 2014.(1)
وفيها تدرس الباحثة دور لوحات الرسم في أربعة أفلام لأندريه تاركوفسكي Andrei Tarkovsky وهي "سولاريس " (Solaris 1972)، و "المرآة" Mirror 1975))، و"أندريه روبليف " (Andrei Rublev 1966)، و"الضحية" (Sacrifice 1986). وتوضح الرسالة من خلال التحليل الدقيق لتلك الأفلام واللوحات التي تظهر بها، ما يعكسه اختيار واستخدام تاركوفسكي من نظرياته ومعتقداته بوصفه صانعًا للأفلام وبصفته الشخصية. وتبحث في تأثير ذلك على الجماليات والمعاني ليس فقط لتلك الأفلام المحددة، بل أيضًا في عمل تاركوفسكي ككل.
ومن الدراسة يتضح أن اقتباس تاركوفسكي للرسومات، لم يكن من قبيل تزيين أفلامه بأعمال قيمة، وإن كان فيه تبجيلًا للرسم. بل كان صادرًا من قناعات تاركوفسكي بالأهمية الأخلاقية للفن التي توجب أن يكون فنه نابعًا من خبرته الخاصة تحديدًا. وكان الرسم شغفًا امتلك الكثير من خبرته الخاصة. ولقناعته العميقة بالفن، كان إدراكه لما بين الوسائل الفنية المختلفة من تناغم وتجاوب وتبادل وتفاعل وتوتر. فجاء تجسيده لخبرته الخاصة من خلال السينما تعبيرًا عن تلك القناعة. فكانت اللوحات جزءًا أساسيًا من أسلوب التعبير وكشف الموضوعات وتنظيم إيقاع الفيلم وجماليته. ولا يكون إدخال اللوحات في الأفلام عرضًا مجردًا، بل تحليلًا يربط عناصرها بعناصر الفيلم.
وفي المقدمة، تعرف الباحثة المخرج باعتباره صاحب ثاني شهرة عالمية بين مخرجي روسيا السوفيتية، بعد أيزنشتين ومدرعته بوتمكين. ويثير اسمه في الذهن رؤيته الفريدة حول المخرج المؤلف، التي عبر عنها في أفلام شاعرية معروفة بالحوار المتقطع والبعد عن السرد التقليدي. حتى قال أنجرد برجمان عنه أنه أعظم المخرجين على إطلاقهم.
وكان أحد الأبعاد الأخاذة في أفلام تاركوفسكي الروائية السبعة، اهتمامه الكبير بالرسم. إذ تميز المخرج باستغراقه في التقاط تفاصيل اللوحات لوقت طويل، عارضًا تطور تكويناتها بحرص كأنه يفتخر باللوحات أو يقتبس منها. لا تظهر اللوحات في الإطار السينمائي لتاركوفسكي فقط، بل تكون إطارًا للأفلام نفسها. ووفق مصمم الإنتاج ميخائيل رومادين، الذي عمل معه في فيلم "سولاريس" لا يخلو أي فيلم من أفلام تاركوفسكي من لوحة تعبر عن فكرة الفيلم بأكمله.
والعجيب أن خصائص أعمال تاركوفسكي التي جلبت عليه التدقيق والممانعة، والرفض أحيانًا من مؤسسة الفيلم السوفيتية (أي النظام السوفيتي) - وهي التجريد و"النزعة الطبيعية" وعدم الارتباط مع ما اصطلحت عليه الواقعية الاشتراكية - كانت تحديدًا الملامح نفسها التي أتاحت له الانطلاق في عمله بدرجة ما من الحرية. وبسبب حصول أفلامه على جوائز وشهرة وتقدير على المستوى الدولي، أكثر من أي معاصر سوفيتي له، أصبح بمثابة أصل يضاف إلى أصول الاتحاد السوفيتي. وأصبحت رؤية تاركوفسكي الفريدة، والتزامه الثابت بها، عاملًا مساعدًا له، بل أيضًا للنظام الذي أيده حينًا وأعاقه حينا.
وتشكل اللوحات التي تظهر وتتكرر خلال أفلام تاركوفسكي، والأهم، الطرق التي تظهر وتتكرر بها في أفلامه، مثلًا ساطعًا على أسلوب أفلامه المتميز والمحكم باعتراف الجميع. وفيما يلي استكتشاف لاتجاهات تاركوفسكي النظرية وممارساته في صناعة الأفلام، بوصفها انعكاسًا لقناعاته باعتباره فنانًا وإنسانًا.
بيتر بروجل وأندريه روبليف
تتجاوز لوحات الرسم، التي يدخلها تاركوفسكي في أفلامه، وظيفة الإكسسوارات والديكور وتلعب دورًا أهم في بعض أفلامه أكثر من الأفلام الأخرى.
تناولت أفلام "سولاريس" و"المرآة" و"أندريه روبليف" خاصة، بتفصيل وعمق، لوحات الرسام الألماني بيتر بروجل الأب Pieter Brueghel من القرن 16، ورسام الأيقونات الروسي الشهير أندريه روبليف من القرن 14. وسنتناول هنا دور رسومات هذين الرسامين في كل من هذه الأفلام، وأهميتهما الكبيرة في وجهات نظر تاركوفسكي النظرية وممارسته لصناعة الفيلم.
يشير فيلما "سولاريس" و"المرآة" بإفاضة، إلى لوحة بيتر بروجل "صيادون في الثلج 1565" بطريقتين مختلفتين تماما. الفيلمان أكثر ارتباطًا ببعضهما، ليس فقط لمجرد كونهما فيلمين متتاليين للمخرج، وإشارتهما إلى لوحة بروجل. حيث يركز كل من الفيلمين على فكرة التكرار والتأمل والازدواج: يخلق الكوكب الخيالي في "سولاريس" ازوادجية بين الناس والمكان الذي يعيش فيه باحثو المحطة الفضائية؛ وفي "المرآة"، يتكرر الممثلون ذاتهم في تصوير أشخاص من جيلين للأسرة.
التفكيك في "سولاريس"
تمر الكاميرا مرورًا عابرًا على مستنسخ "صيادون في الثلج" المعلق على جدار المعمل الفضائي. وتبدو اللوحة معلقة إلى جانب أعمال أخرى تمثل سلسة بروجل الفصول الأربعة، في سياق لقطات مؤسسة للمشهد. ثم يأتي قطع مفاجئ إلى لقطة مقربة تفصيلية للوحة، مع بداية متتابعة لقطات شاعرية تستغرق حولي دقيقتين، يكون مستوى الكاميرا فيها، التي تبدو مستقلة عن السرد أعلى من مستوى الصورة. نترك مع سلسلة من حركات الكاميرا المدققة أفقيًا ورأسيًا، تكشف تعقيدات للوحة – التعبير على وجه كلب الصيد، وطائرًا جاثمًا على فرع مغطى بالثلج. وبسبب تحرير متتابعة اللقطات، المتسم بظهور وتلاش متقاطع بصورة كثيفة، لا يظهر التفصيل الرائع للوحة بروجل. وعلى الرغم من التركيز المحكم لكل لقطة من المتتابعة، وبسببه، لا يلم المشاهد أبدًا "باللوحة الكبيرة".
وتظهر هاري في متتابعة لقطات اللوحة، وهي تمثل "محاكاة وهمية متجسدة" لزوجة بطل الفيلم كريس كيلفن المتوفاة. وتحدق هاري بثبات (رغم ما يبدو عليها من شرود) باتجاه اللوحة؛ وتكشف المتتابعة التالية على ذلك تصور هاري للوحة. أسقط تاركوفسكي عين الكاميرا مع عين هاري وعين المشاهد أيضًا، فتقلد الكاميرا حركة عين الإنسان، بما يظهر إمكانيات العين الميكانيكية المتحركة. ومع لفت الانتباه إلى وجود الكاميرا ووساطتها، يجسد المخرج قوة وسيلة السينما وقدرتها. وهكذا، يسلط تاركوفسكي الضوء على التجاذب بين الوسيلتين المترابطتين أساسًا، رغم تباينهما الجذري، وهما الرسم والسينما.
وفوق ذلك، يؤكد تاركوفسكي على أهمية الرؤية بوصفها عنصرًا محددًا للخبرة الإنسانية، وليس باعتبارها عملية ميكانيكية. ويعلو وجود هاري قليلًا عن مجرد هلوسة، أو شبح للزوجة المتوفاه. تبدو مواجهتها مع اللوحة نقطة تحول في شخصيتها، ويعبر وجهها عن شعور بأنها نسيت شيئًا ما. ويوضح سناوت، أحد العلماء الثلاثة في محطة الفضاء، أنه خلال التفاعل الإنساني، يصبح "الزوار" أنفسهم أكثر إنسانية (وهاري آخرهم). ولهذا السبب، ترتعب وتلجأ إلى العنف عندما تترك بمفردها مع اللوحة.
هاري ليست مخيفة، تدخن بشكل طبيعي، وتتأمل اللوحة بعناية، كأنها وفرت لها طريقًا مختصرة لاسترجاع إنسانيتها، من خلال تنمية قدرتها على إدراك الفن، وقد تأثرت بعمق لدرجة أنها بدأت تسمع أصواتًا على الأرض. وهنا احتفاء بقدرة الفنون المرئية على التأثير العاطفي والنفسي على المشاهد. وتقطع المتتابعة بسلاسة على مشهد أرض مغطاة بالثلج، وقد سبق للمشاهد معرفة أن هذا المنظر موطن طفولة كريس بطل الفيلم.
التركيب في "المرآة"
ويعود تاركوفسكي مرة أخرى إلى لوحة "صيادون في الثلج" في فيلمه التالي "المرآة"، ليوضح المزيد عن العلاقة بين الرسم والذاكرة، والتجاذب بين الرسم والسينما أيضًا.
وبينما تتعامل الكاميرا في "سولاريس"، مع اللوحة بطريقة تفكيكية، فهي في "المرآة"، تعيد خلق التكوين برفق، مقدمة إعادة صياغة بصرية لعمل بروجل. وهنا يستخدم ما يشبه "الصورة المتحركة"، إذ تتحرك صورة اللوحة الأصلية. وتظهر اللوحة في "المرآة"، من ناحية التكوين والتكنيك، بشكل متناقض تقريبًا عما تظهر عليه في "سولاريس". في "سولاريس" ينتج الإحساس بالحركة عن حركات الكاميرا فقط، ولكن الكاميرا في "المرآة" ثابتة على اللوحة. وبينما يعرض المخرج في "سولاريس" مناظر مجزأة فقط لتفاصيل اللوحة، يعرض في "المرآة" رؤية واسعة فقط للمشهد.
إلى جانب دور اللوحة كأداة أسلوبية، فهي تميمة، تتيح للشخصيات، والمشاهدين تبعا لها، إمكانية الوصول إلى الذكريات والمشاعر المحورية في موضوعي الفيلمين. تعمل اللوحة في "سولاريس" بمثابة نافذة على عالم آخر، منفصل عن عالم الشخصيات، سواء من حيث الفضاء الكوني أو الأسلوب السينمائي.
وتكتسب اللوحة محورية بالنسبة لمشاهد المعمل الفضائي، على عكس المكونات الأخرى التي تظل مجرد ديكور، وبالنسبة لموضوع الفيلم ككل أيضًا. ويميز تاركوفسكي اللوحة بسبب أهميتها المزدوجة؛ فهي تذكار من حياة فقدت إلى الأبد، عنصرًا من الأرض وأيضًا داخل بيئة المعمل الفضائي المعقمة. تجسد اللوحة، بتصويرها للتفاعل بين عالم الطبيعة وعالم البشر، اشتياق كريس كيلفن لكوكبه الأصلي، وإلى بلاده في الواقع. وكما يقول تاركوفسكي بنفسه، أن المشاهد يواجه هنا بحدة وعمق الدراما الكاملة لرفض البطل العودة إلى ذلك الكوكب، الذي كان، ويظل موطنه وموطننا الأصلي. وهكذا، تصبح اللوحة أداة أساسية يعبر بها تاركوفسكي عن جمال وقيمة كوكب الأرض، الذي سيؤثر غيابه بوضوح وعمق في المشاهد كما أثر في كريس كيلفن.
وفوق هذا، وينتقل المخرج من متتابعة لقطات اللوحة، إلى فيلم عائلي من طفولة كيلفن، ويؤكد هذا على دور اللوحة كمنفذ إلى النوستلجيا والذكريات. وتستوعب هاري، الظاهرة الفضائية، من خلال تأملها الرابط ما بين اللوحة أمامها والفيلم العائلي الذي عرضه عليها كيلفن في حياتها السابقة بعدًا رئيسيًا للخبرة الإنسانية والذاكرة. وتكتسب تمكنًا جديدًا من السلوك الإنساني، ليس فقط بسبب براعة التفكير المترابط، ولكن للتقارب العاطفي: حيث تذكرها اللوحة بذكريات كيلفن، بما يعني أن الوعي بالخبرات الذهنية والعاطفية للآخرين قد أكسبها طبيعة الإنسان.
القوة العاطفية للذاكرة
ويوضح الاستخدام الغامض للذكريات فكرة فيلم "المرآة" وأفلام تاركوفسكي عمومًا، القوة العاطفية الرابطة بين وقتين، وعدم الدقة الحتمية للذاكرة. وبإعادة تكوين لوحة "صيادون في الثلج" على مدار هذا المشهد، تتقاطع دفقة ذكريات خاطفة للتدريب العسكري المدرسي مع صور لأخبار الحرب العالمية الثانية. ويرسم تاركوفسكي برهافة خصائص العمليات المعرفية والعاطفية التي ينطوي عليها استدعاء وإعادة حكي الأحداث الماضية.
إذا كانت اللوحات تتخلل دائمًا عالم أفلام تاركوفسكي كما في "سولاريس" و"المرآة"، إلا إنها تلعب دورًا استثنائيًا في فيلم أندريه روبليف. تصور حياة وزمن بطل الفيلم رسام الأيقونات الذي يعد أرقى فناني القرن 14الروس. يعالج الفيلم عديد من الأفكار الأساسية لدى تاركوفسكي، من خلال خبرات فنان بصري وحرفي. لم يظهر الفيلم الفنان أثناء الرسم. ومع ذلك، يقدم الرسم سياقا ظاهرا وضمنيا للفيلم، كما تظهر اللوحات - أعمال روبليف وقطعة لبروجل - في الفيلم.
بينما لم تظهر أعمال الفنان المنتهية بالكامل خلال الفيلم، إلا إن الدقائق الثمانية الأخيرة للفيلم كرست للقطات قريبة، إلى شديدة القرب، تمسح طوليًا اللوحات بتفصيل دقيق. على عكس الظهور والتلاشي المتقاطع في "سولاريس"، يعم التدريج الشديد تحرير متتابعة اللقطات. وفي الوقت نفسه يلقي المخرج الضوء على تعقيدات وحرفية الأيقونات والجداريات، ويحجبه.
الأبيض والأسود والألوان في أندريه روبليف
ومن الناحية الجمالية، تنفصل متتابعة لقطات النهاية بوضوح عن باقي الفيلم. صور الفيلم كله وطوله 205 دقائق، بالأبيض والأسود ماعدا الدقائق الثمانية الأخيرة. ويفاجأ المشاهد بالتحول المفاجئ في النهاية إلى الألوان الغنية للوحات روبليف، بما يثير فيه رهبة بصرية. وهكذا يضاعف استخدام الألوان في هذه المتتابعة الأخيرة التأثير الدرامي لهذه اللحظة، حينما تبعث أعمال الفنان ويركز على الجمال والمهارة المتفردين فيها، بعد مشاهدة الفنان لأكثر من ثلاث ساعات وهو يفعل كل شيء، إلا الرسم. والأهم، يلفت هذا الانتقال بين الأبيض والأسود والصور الملونة، الانتباه إلى رؤية تاركوفسكي حول التميز بين السينما وأشكال الفن الأخرى، مثل الرسم. ويلجأ تاركوفسكي إلى استخدام الأبيض والأسود لمضاعفة الشعور بالواقعية والابتعاد عن التزييف والإبهار البصري الذي يربطه بالألوان في الأفلام. ويلفت الانتباه بتضمين خاتمة ملونة إلى عدم واقعية الرسم واصطناعه، وخاصة الأعمال التي تدعي الطبيعية، الشيء الذي يسحبه على كافة الوسائل الفنية بما فيها السينما.
ويمكن قراءة فيلم "روبليف" باعتباره دراما بيوجرافية تاريخية تقليدية تقريبًا، ربما فيما عدا الطول الاستثنائي فقط. ورغم تميزه البصري، إلا إنه يفتقر إلى الشاعرية والسريالية الصريحة لأفلام تاركوفسكي السابقة. على سبيل المثال لم نر أي شخص محلقًا في الهواء. ورغم هذا، فمتتالية اللقطات الختامية في الفيلم، مثل المتتالية على "صيادون في الثلج" في الفيلم السابق "سولاريس" تتلاعب بالعدسة الموضوعية كما هو مفترض للكاميرا، من أجل تقديم رؤية مستحيلة لازمانية لأعمال روبليف.
لا يرجع تاركوفسكي إلى رسومات روبليف فقط، رغم وضعها المتميز في الفيلم. لكنه يستدعي بروجل أيضًا كما فعل في فيلميه الآخرين، واضعًا في نهاية الفصل الثالث من الفيلم "ثيوفانيس اليوناني: الصيف الشتاء الربيع الصيف، 1405-1406". يتتبع معظم هذا الفصل أندريه روبليف ومتدربه فوما، وهما في طريقهما إلى موسكو، حيث وجهت دعوة لروبليف لمساعدة ثيوفانيس اليوناني، أستاذ رسم الأيقونات الأول، من أجل تزيين جدران كاتدرائية البشارة. وبينما يسير فوما وروبليف في الغابة يلتقيان بثيوفانيس، ويشتبك روبليف معه في مناقشة فلسفية حول خطايا الإنسانية ومأزقها، وخاصة الشعب الروسي.
وفي بداية هذا الحوار، الذي يستمر لدقائق عدة، يقف ثيوفانيس وأندريه جوار جدول في الغابة. ويبدو أنهما في الربيع: رغم الثياب الثقيلة للرجل، يتدفق الجدول، وتبدو الأرض المحيطة كما لو كانت مجمدة ثم ذابت. وتقطع الحركة، دون سبب واضح، على جدول آخر في زمن آخر. والآن تغطي الثلوج أشجار الضاحية بكثافة، ولا أثر لثيوفانيس ولا أندريه، فيما عدا استمرار مناقشتهما في صوت يأتي من الخارج.
لوحة موكب الجلجثة لبروجل والتحديث المبدع للقديم
وهكذا تبدأ متتابعة لقطات تستغرق أربع أو خمس دقائق، تصور إعادة تمثيل إقليمية لجبل الجلجثة، تذكر بوضوح برسم بروجل "موكب إلى الجلجثة. فيداتي". وكانت الاختلافات بين الأصل وتمثيل تاركوفسكي للتكوين، أن المسيح في رسم بروجل – يوجد في مركز اللوحة تحديدا - ضائعًا تقريبًا في الحشد الصاخب المحيط به، بينما المسيح في تصوير تاركوفسي يظهر في مشهد طبيعي روسي مغطى بالثلوج. يؤكد مسيح تاركوفسكي على الإنسانية المعذبة في المشهد، يمكن ملاحظة ظهوره بالكاد، يسير بتثاقل على رأس طابور من حوالي اثني عشر فلاحًا (يحمل أحدهم صليبه) بينما يواصل قليل من الفلاحين أشغالهم اليومية. ومع ذلك، نذكر رسم بروجل مع المشهد بوضوح من حيث التكوين والقصد.
بصرف النظر عن التناثر النسبي في مشهد تاركوفسكي مقارنة بالكثافة في موكب إلى الجلجثة فمن الناحية الجمالية، هناك محاكاة شديدة في متتابعة لقطات "الجلجثة الروسية" في "أندريه روبليف" لجو وتكوين رسومات بروجل. تعبر اللقطات الاستهلالية في المتتابعة عن عمق درامي مع التركيز في المدى البعيد على استعراض أعضاء الموكب، بمن فيه الشخصية المركزية التي تمثل المسيح، بينما تحتل امرأتان المقدمة. وفي ظهور تفاصيل المرأتين - الشال الرمادي يغطي رأس إحداهما وتعبير الألم على وجهيهما – يتردد صدى واضح لوجود تلك المرأتين (مريم العذراء ومريم المجدلية) في مقدمة لوحة موكب الجلجثة.
وبينما يتقدم الموكب تتكشف لنا ارتباطات أكثر بين الفيلم واللوحة. ويوحد وجود عربات خشبية وأحصنة وطيور وماشية بين مشهد "الجلجثة الروسية" و لوحة بروجل، بما يميز الفيلم ليس جماليًا فقط، ولكن كمرجع تاريخي أيضًا. وبالطبع، هناك حوالي 150 عامًا بين حياة أندريه روبليف وانتهاء بروجل من "مشهد الجلجثة". ورغم هذا، يصور كلا العملين واقع حياة العصور الوسطى؛ ويلفت الانتباه أن الشخصيات المتعددة ترتدي في لوحة بروجل ملابس، باستثناء المسيح. وهنا يتضح الصدى الأكثر أهمية بين العملين، كلاهما يصور حدثا في الماضي البعيد - صلب يسوع المسيح وحياة أندريه روبليف ولوحة بروجيل - مع استخدام ملامح عامية حديثة، ومن ثم يكشف عن "الشخصيات المقدسة دخل خبرة عامية" ليصنع تحديثًا مبدعًا لشيء قديم جدًا.
استخدامات ومعاني متباينة لاقتباس اللوحات الفنية
بالطبع كل إيماءات تاركوفسكي إلى الرسم لها خصوصيتها. فعلى سبيل المثال، كان اقتباسه من موكب الجلجثة أكثر خفية وعدم مباشرة، مقارنة بالإشارة المباشرة المدهشة للصيادين في الثلج. ولا تشبه متتابعة "صيادون في الثلج" في "سولاريس" خاتمة روبليف كثيرًا. ورغم التباين من الناحية التقنية والجمالية في هذه الطرق لتصوير الأفلام لرسوم بيتر بروجيل الأب، إلا إنها تشترك في أوجه تشابه هامة توضح الأهمية الخاصة للفنان بالنسبة للمخرج.
وفي كتاب "النحت في الزمن" لتاركوفسكي، يثني على الرسام الإيطالي فيتوري كارباسيو الذي عاش في أواخر القرن 15 وأوائل القرن 16، لأن كل شخصية من تكوين لوحاته المزدحم، يمكن النظر إليها باعتبارها مركزًا يلتف حوله باقي التكوين، الذي يصبح مجرد سياق أو خلفية أو قاعدة تمثال بالنسبة لتلك الشخصية العارضة.
وبتأمل التناغم بين جماليات كل من كارباسينو وبروجل، نفهم أن ما أعجب بها تاركوفسكي في كارباسيو - وهو استخدامه للفضاء و التكوين - يوجد إلى حد كبير في أعمال بروجل أيضًا. وفي الحقيقة، يمكن ملاحظة البوليفونية التكوينية في موكب الجلجثة، وفي "صيادون في الثلج" أيضًا مع خلق انطباعات متنافرة في الوقت نفسه بين الجماعة والعزلة، في موضوعات التكوينات، تلعب فكرة انفصال الأفراد داخل الزحام دورًا أساسيًا في أفلام تاركوفسكي على نحو خاص في "أندريه روبليف" و"سولاريس" و"المرآة"، التي تشترك ليس فقط في اقتباس أعمال بروجل، ولكن أيضًا في الشعور العام بالفراغ والعزلة.
الوحدة والعزلة وسط الزحام في أعمال تاركوفسكي
وحيث تعطي الجلجثة الروسية لأندريه روبليف هذا المفهوم، فهذا يرجع إلى حد كبير لاختلافها عن اللوحة التي تشير إليها. وتظهر اللقطة الأولى تحديدًا في متتابعة اللقطات شخصية المسيح راكعًا ليشرب من الجدول، وصليبه ظاهر على الأرض خلفه. وتنحرف الكاميرا، بينما يمر الموكب، تاركة شخصية المسيح وراءها. وطوال الموكب، تظل هذه الشخصية منفصلة عن أتباعها، الذين يمضون خلفه وفقًا للفكرة المعهودة، ويكاد لا يكون هناك تفاعل بين كل منهم والآخر غافلين أو ربما لا مبالين بزملائهم المشاركين. وفقط بعد الصلب، تلقي "المرآة" التي تصور مارية المجدلية بنفسها مروعة على أقدام شخصية المسيح، الذي يبتعد عنها، غير مستجيب.
وبشكل مشابه، كان كريس كيلفين في "سولاريس"، وألكسي بطل الرواية، النكرة عمليًا، في "المرآة"، كل منهما يواجهه ويتفاعل، عن كثب في بعض الأحيان، مع الآخرين، ولكنهما مع ذلك يمثلان حالة مفرطة من العزلة، كيلفن بسبب أوضاعه الطبيعية، وألكسي بسبب جنوحه الذهني والعاطفي. ويعيش كيلفن في معمل الفضاء "سولاريس" مع عالمين آخرين، دكتور سنوت وسارتوريوس، مع هاري بالطبع. وكان رفيقاه باردين ومنطويين، ونادرًا ما يعبر أي منهما الممرات بين الحجرات. وفي الواقع، كان معهما قبل وصول كيلفن عالم ثالث ولكنه انتحر، مؤكدًا أنه وحده الذي عرف خبرة ظاهرة الهلوسة المتعلقة بوجود "زائرين" مثل هاري. تفصل المسافات المهولة العملاء عن منازلهم وأحبابهم وتاريخهم (ليس فقط تاريخهم الشخصي ولكن التاريخ البشري أيضًا). ويشعر سكان المعمل الفضائي بحاجة ميؤوس منها للتواصل البشري، كما دل على ذلك انتحار ثالثهم. ورغم هذا، يظلون مرغمين على تجرع الإحباط، غير قادرين على الوصول للمخرج الذي يلوح لهم في الأحلام، في فرصة للتعرف على جذورهم - تلك الجذور التي ستظل للأبد تربط بين الإنسان والأرض التي ولد عليها. ولكن حتى هذه الروابط أصبحت غير واقعية بالنسبة لهم.
ورغم الأوضاع الاجتماعية والسياسية لحياة أندريه روبليف وزمنه، إلا إنه يتردد فيه شعور العزلة السائد في "سولاريس" و"المرآة" أيضًا. وفي الحقيقة، يتردد اسم فيلم "المرآة" تحديدًا في "سولاريس" حينما يصرح العالم سنوت تحت تأثير الشراب، أن احتياج الإنسان لا يتمثل في الكونية، ولكن في وجود مرآة لنفسه: ما يحتاجه الإنسان هو الإنسان. وتعكس هذه الجملة الأسلوب المتوتر الذي تتعامل به شخصيات فيلم "المرآة" مع بضعها بعض. وبصرف النظر عن ميزة الصلة الوثيقة اجتماعيًا ومكانيًا (على الأقل نظريًا) – حيث يتتبع الفيلم ثلاثة أجيال من أسرة البطل - ولكن كانت الشخصيات الرئيسية في "المرآة" وحيدة تمامًا مثل الفيلمين السابقين لتاركوفسكي.
وهكذا، يقترب تاركوفسكي من فكرة مركزية للفهم، وليس فقط توظيف عرض اللوحات في أندريه روبليف و"سولاريس" و"المرآة"، ولكنها وجهات نظر تاركوفسكي في صناعة السينما والفن والحياة بشكل أعم. هذا المفهوم لأفكار تاركوفسكي حول العزلة والحياة والسينما يقدم نقطة التماس تؤدي إلى مناقشة أكثر عمقا حول اتجاهاته النظرية وممارسته، كما تتجلى في اللوحات التي تظهر في أفلامه. خلال تلك الأفلام، تنبع توترات متناقضة من استخدام تاركوفسكي للوحات التوتر بين ما نراه وما لا نراه، بين الجزء والكل، بين وسيلة السينما الديناميكية والزمنية والحديثة ووسيلة الرسم الثابتة غير الزمنية والقديمة. ورغم تعامل تاركوفسكي مع تلك الأزواج المتناقضة خلال أفلامه، إلا إنه يركز بوجه خاص على وسيلة الرسم، صانعًا مواجهات مباشرة بين الاثنين - القديم في مواجهة الجديد، العتيق في مواجهة الحديث.
فيلم "التضحية"
استخدم تاركوفسكي موضوع "التضحية" بعمق في فيلمه الأخير، الذي عرض قبل وفاته مباشرة، حيث اتخذه عنوانًا له. يمثل الفيلم قمة نظرية وممارسة تاركوفسكي في صناعة الأفلام مبلورًا فكرة "التضحية" في الفن والحياة، بينما يولف أيضًا الأفكار الأساسية الأخرى لعمله بشكل أكثر إقناعًا وحسمًا، ربما أكثر من أفلامه السابقة.
ومثل "المرآة"، يتحول "التضحية" مرة أخرى إلى مشاهد الحياة العائلية، ليبحث في موضوعات ومشاكل أوسع في الوجود الإنساني. تتجمع العائلة والأصدقاء في منزل ألكسندر بطل الفيلم للاحتفال بعيد ميلاده. وتقطع الاحتفال الأخبار حول الصراعات العالمية المتفاقمة. ولمواجهة التهديد المفاجئ ولكن الوشيك، يقرر ألكسندر أنه لابد له من تقديم تضحية حقيقية لتجنب الكارثة العالمية، أولًا بأن ينام مع سيدة يفترض أنها ساحرة، ثم يحرق منزله في النهاية.
ويقول تاركوفسكي إن ما حفزه على صناعة الفيلم اهتمامه بموضوع الوئام الذي يتولد فقط عن التضحية والاعتماد المتبادل في الحب، الذي يرى أنه "العطاء الكامل". وكان اهتمامه قبل أي شيء بالشخصية القادرة على التضحية بنفسها وطريقتها في الحياة - بصرف النظر عما إذا كانت التضحية من أجل قيم روحية أو لصالح شخص آخر، أو لخلاصه الشخصي، أو كل تلك الأشياء معًا.
وحيث كان الحوار في الفيلم محدودًا، تأتي معظم أشكال التعبير في الفيلم من خلال مناجاة ألكسندر مع نفسه أثناء الصلاة مثلًا، أو تأثير الإضاءة، أو تكرار عناصر بصرية. تتضمن تلك العناصر بعض العلامات التي امتاز بها تاركوفسكي مثل المرايا والأشجار والصور الطبيعية الأخرى والأعمال الفنية التي تظهر على جدران المنزل وفي الكتب. ومن تلك الأشياء، يحمل مستنسخ لوحة ليوناردو دافنشي "عشق المجوس" (1481) المعلق على الجدار، تأثيرًا خاصًا ليس فقط على إيقاع الفيلم، مثلما ظهرت رسوم بروجل وروبليف في أفلام "سولاريس" و"المرآة" و"أندريه روبليف"، ولكن أيضًا على حبكة الفيلم تحديدًا.
ويشكل ظهور اللوحة أكثر اقتباسات تاركوفسكي للأعمال الفنية امتدادًا واستثنائية في كل حياته المهنية. يستخلص فيلم "التضحية" وظائف اللوحات المصورة سينمائيًا بوصفها تقديرًا ومرآة وعلامة مميزة. منذ بداية الفيلم، لعبت اللوحة دورًا مركزيًا؛ يفتتح الفيلم على لقطة ثابتة تفصيلة مقربة على اللوحة. وتميل ببطء لتستعرض العمل، بعد جذع الشجرة الطويل الذي يستند إليه التكوين، فاصلًا المقدمة عن الخلفية. ويتماثل مع متتابعة لوحة "صيادون في الثلج" بفيلم "سولاريس" والمتتابعة على أعمال الفنان في فيلم "أندريه روبليف". وتتحرك الكاميرا على اللوحة بدقة، قبل أن يظهر العمل ككل، في لقطات قريبة جدًا. ورغم ذلك، تقدم اللقطة الأولى على لوحة عشق المجوس، مقدمة أكثر تحفظًا للوحة مقارنة بالفيلمين الآخرين، لأن الكاميرا تبقى ثابتة على وجه واحد من المجوس، الراكع بجانب المسيح الوليد، مقدمًا هدية له، لمعظم اللقطة دون قطع (أكثر من أربع دقائق بدون تقاطع الظهور والتلاشي، والإضاءة وتعتيمها، كما حدث مع "سولاريس" و"روبليف".
ويمكن اعتبار اللوحة بمثابة ديباجة للفيلم، معادلة وعكسية في غرضها مع خاتمة فيلم أندريه روبليف. ويقول تاركوفسكي، إن خاتمة فيلم أندريه روبليف، الغرض منها إعطاء فرصة للمشاهد ليفكر فيما وصل إلى عقله من الفيلم، من خلال وقوفه قبل مغادرة السينما، وفصل نفسه عن المشاهد بالأبيض والأسود وحياة روبليف. وبشكل مشابه (وعكسي أيضًا) تتيح متتابعة لقطات المقدمة في "التضحية" للجمهور فرصة التفكر في الفيلم المقبلين على مشاهدته، من حيث ارتباط اسم الفيلم مع اللوحة.
ومثلما تم في المقدمة، تظهر اللوحة خلال الفيلم في لقطة تفصيلية تركز بشكل خاص على تكوين الربع الأيمن السفلي منها، حيث يلتف المجوس حول المسيح، على ذراعي أمه، مقدمين له الهدايا. ووصول أوتو، صديق الكسندر، إلى منزله في عيد ميلاده، رغم أنه لا يمثل نفس أهمية المجوس إلا إنه أحضر معه على دراجته خريطة ثقيلة لأوروبا في القرن هدية لألكسندر 16. وعندما يعبر ألكسندر عن امتنانه، يحتج أوتو مصرًا على أن كل هدية تحمل تضحية.
وفي خاتمة المقدمة، يقطع الفيلم على لقطة واسعة لرجل واقف على بعد من الكاميرا، يصنع دعامة لشجرة. القطع من الشجرة المرسومة إلى الشجرة المصورة سينمائيًا، يذكر بالقطع الذي تلي متتابعة لوحة صيادون في الثلج بفيلم "سولاريس"، على العالم الأرضي كما تمثل في ذكريات طفولة كيلفن.
وفيما بعد، يتكرر ظهور اللوحة مرات عديدة خلال الفيلم، بما يفوق أي تكرار لعمل فني في أي من أعمال تاركوفسكي. وفي أكثر لحظات الفيلم محورية، يكون للوحة حضور قوي مع البطل - عندما يسمع ألكسندر لأول مرة أخبار الحرب الوشيكة، وعندما يصلي متعهدًا بالتخلي عن جميع ممتلكاته التي احتفظت بها أسرته؛ وعندما يقنعه أوتو بالذهاب إلى ماريا، وعندما يستيقظ في اليوم الثاني ليجد أن السلام والنظام تم استعادتهما. والأهم، كان ظهور اللوحة لآخر مرة في الفيلم عند نقطة اتخاذ ألكسندر لقرار حرق منزله، وفاء لوعده للرب: بينما يجهز ألكسندر نفسه للتضحية تلتقط مرآة باب خزانة الثياب التي يقف أمامها مفتوحة، طرف انعكاس صورة اللوحة.
خبرة الفنان الإنسانية قلب أعماله الفنية
وبالنظر في الأساليب التي استخدمت بها أفلام تاركوفسكي الأعمال الفنية أو انتهت بها، وفي التجاوب الجمالي بين اللوحات التي تظهر في أفلامه أيضًا، يظل السؤال: لماذا يتجه تاركوفسكي باستمرار إلى أعمال فنانين في الفترة بين القرن 14 والقرن 16؟
بالطبع، الإجابة المباشرة هي عشق تاركوفسكي لهؤلاء الفنانين. وعندما سئل حول مشهد الجلجثة الروسية في إحدى المقابلات، وافق بالفعل على أنه كان يلمح إلى بروجل، واعترف أنه اختار عمله موكب الجلجثة، لأن بروجل قريبًا من الروسيين ويعني شيئًا كبيرًا بالنسبة لنا. هناك شيء روسي تحديدًا في النحو الذي تظهر به السهول مرصوفة في تناغم، وفي النحو الذي تحتوي به لوحاته أفعالا متوازية، لعدد هائل من الشخصيات يتجه كل منها بعزم إلى شأن يخصه.
وفي نفس المقابلة يعبر تاركوفسكي عن قناعته بأن الإنسان يبقى على نفسه من خلال فكرة ويسعى بشغف للإجابة على سؤال، ويمضي لأبعد ما يمكنه لفهم الواقع. ويفهم هذا الواقع وفقًا لخبرته. وتذكر هذه التصريحات بقناعات تاركوفسكي بالضرورة الأخلاقية للفن والفنانين، لإثراء وتنوير البشرية.
ورغم أن اختيار تاركوفسكي الاقتباس من رسامين ولوحات فنية في أفلامه لم يكن في حد ذاته شيئًا فريدًا، ولا كانت خياراته نفسها لهؤلاء الفنانين متفردة، ولكن المتفرد هو الأساليب المتعددة والنهايات التي يوظف بها تلك الاقتباسات. ويمكن تفسيره في رؤيته للفن وما يحرر إلهام الفنانين من حيث الأساس في مختلف السبل التي يمضي فيها الفنان لتجسيد خبرته.


(1) الدراسة الأصلية
The Artist’s Passion According to Andrei: Paintings in the Films of Andrei Tarkovsky
By Serena Antonia Reiser
http://citeseerx.ist.psu.edu/viewdoc/download?doi=10.1.1.869.8131&rep=rep1&type=pdf

 
 
 

التعليقات :

قد تعجبك هذه المواضيع أيضاً

أحدث المقالات