حوار مع ألكسندر ايموفيتش عن صناعة السينما المستقلة ملف العدد - السينما المستقلة ف ي روسيا وأمريكا

فلاديمير أبين 01 أغسطس 2015 السينما المستقلة

الكاتب : فلاديمير أبين
الكاتب: فلاديمير أبين - ترجمة: ضحى عاصي


أدلى ألكسندر روديانسكي(1) بحديث على شبكة الإنترنت، تحدث فيه عن الاختلافات بين النهج الأمريكي والروسي لصناعة السينما، كما ناقش النموذج الأساسي لإنتاج الأفلام المستقلة والاتجاهات الجديدة في مهرجان
السينما الروسية في سوتشي قام بإجراء الحديث سيرجي سيتشيف..
- سيرجي سيتشيف: ما هو الفرق الرئيسي بين النموذج الأمريكي والنموذج الروسى في إنتاج الأفلام المستقلة، وعما إذا كان هناك شيء ما يمكن أن تضيفه كل منهما للأخرى؟
ألكسندر روديانسكي: هو أن السينما الأمريكية، سواء المستقلة أو التجارية، تستهدف دائما وأبدا الجمهور، فهم لا تحركهم الرغبة في إرضاء زعيم سياسي أو مسئول أو المنظمات المانحة للدعم حتى يستطيعوا إنتاج الأفلام القادمة أو تخصيص المال، وتطمح فقط في مخاطبة المشاهد، هذا يجعل صناع السينما الأمريكية المستقلة والمخرجين الأمريكان دائما على استعداد لإنتاج أفلامهم الخاصة، وهم الذين يسعون لخفض التكاليف
وتقديم التضحيات حتى يصل الفيلم للمشاهدين.
وحتى السينمائيين ذوي الشهرة والنجاحات عندهم استعداد للتخلي عن أجورهم حتى يستطيعون تقديم السينما التي من وجهة نظرهم تخاطب الناس وتكون قادرة على الوصول إليهم، وبوصول الفيلم إلى المهرجان يتوقع المنتج أن فيلمه قد يلاقي اهتمام الموزعين نابعا من إيمانه بما قدمه وثقته فى أنه سو ف ينال أعجاب الجمهور، وفعليا إنه في حالة إعجاب الجمهور
بالعمل فإن استثماره الذي يكون غالبا قليلا، ولكنه مغامرة سيتم تعويضه.
في أمريكا ما شرحته سابقا ينجح لاختلاف المناخ العام هناك.. السينما هي جزء لا يتجزأ من حياة المواطن الأمريكي، السينما المستقلة هناك لا تنافس على نفس شريحة الجمهور الشباب، والتي يستهويها التيار التقليدي، ولذلك فإن كثيرا من الأفلام الروسية التي عندنا محكوم عليها بالفشل،
بينما مثلها في أمريكا يحالفها النجاح.
- سيرجي سيتشيف: وماذا عن السينما الروسية؟
ألكسندر روديانسكي: تأسست واستقرت السينما في روسيا منذ البداية على منهج التبعية، والذي يجعل السينمائيين منذ اللحظة الأولي يعتمدون على مساعدة الدولة والمنظمات الحكومية، وبرغم أنه يوجد في
1) ألكسنر ايموفيتش رودنيانسكي: مخرج أوكراني من مواليد 1961 منتج ومدير أعلامي مؤسس قناة التليفزيونية 1+1 حائز على جائزه أوكرانيا للفنون 1998
روسيا عدد هائل من السينمائيين الموهوبين والمتخصصيين، لكن الظروف والمناخ والمنظومة التي يتم فيها العمل للأسف مناقضين أصلا لفكرة وجود السينما كصناعة، صناع السينما في روسيا يعيشون في حالة من التوتر العصبى نتيجة للبحث الدائم عن الدعم، ويتنافسون ليس على كسب الجمهور، وإنما على اهتمام واحترام المسئولين، وللأسف هذا لا ينطبق فقط على السينمائيين وإنما على كل فضاءات الاستثمار، ولذلك فإن الأمريكان هم البطل المطلق في صناعة السينما، يقومون بتبني الموهوبين من كل أنحاء العالم، روسيا دولة قوية وعندها تراث غنى وعدد مهول من الموهوبين ولو استطعنا تغيير المنظومة وقواعد اللعبة فأنا متأكد أن كل
شىء سوف يتغير.
- سيرجي سيتشيف: في صناعة السينما الحديثة، ظهرت مفاهيم جديدة، مثل (Pitching،crowd funding )crowd sourcing، ما هي من وجهة نظرك الطرق الممكنة لاقتحام السوق الواعدة؟
ألكسندر روديانسكى: هذا مفهوم لو أمكنا إدراك أن دور العرض ذات الجمهور الكبير، والتي بإمكانها تعويض المنتج عما أنفقه ليس متاحة لكل أنواع العروض مثل الدراما والأنواع الأخرى، والتى غالبا ما نطلق عليها بشكل غير دقيق “سينما المؤلف”، وفي هذه يصبح الأهم هو النسبة بين ما حققه الفيلم من دخل وما تم إنفاقه على الإنتاج وهنا إذا وجدنا أن الدخل ضعيف يجب أن يكون الإنتاج غير مكلف، وحتى في أفلام قاعات العرض إذا
كانت إيرادات الفيلم من - 500 700 ألف دولار أو روبل وأحيانا تصل إلى المليون، هنا يجب خفض ميزانية الإنتاج إلى المستوى المناسب، وقد لاحظت أنه في الفترة الأخيرة محاولات كثير من المنتجين تخفيض ميزانيات
أفلامهم أحيانا إلى العُشر، وهذه تعتبر خطوة موضوعية وعاقلة.
في العام الماضي، على سبيل المثال، في مهرجان سوتشي للفيلم الروسي Kinotavr“ ” تم عرض العديد من هذه الأفلام.
مثلا فيلم أنجلينا نيكونوفا وأولجا ديخوفتشينا على كاميرا رقمية قاما بتصوير فيلمهما بميزانية قدرها عشرون ألف دولار، وقد حصد الفيلم جائزة ثم كسب جوائز إخرج في كثير من المهرجانات الدولية، والذي جعل الفيلم من وجهة النظر الاستثمارية أكثر من مجز، وهذا يعتبر مثالا لعمل فيلم شيق وبتكلفة بسيطة والتركيز على إعجاب جزء من
الجمهور ثم تتسع الشريحة وبالتالي يزيد الإيراد، وبالتتابع ممكن زيادة ميزانية الأفلام القادمة.
من وجهة نظري هذه هي الطريقة الوحيدة الممكنة والمتاحة للعمل في ظل غياب التنسيق والتعاون في سوق صناعة السينما، حيث إن هؤلاء المنوط بهم خلق هذه المنظومة سواء من المسئولين الحكوميين أو النقابات
غير مشغولين بهذا الأمر سيريجي سيتشيف: سؤال عن مهرجان سوتشي للفيلم الروس ي
2(”Kinotavr“ (.. هناك شعور أن هناك اتجاها للأفلام ذات الطابع الاجتماعى، والتى لم تكن موجودة من قبل في السينما، هل تعتقد أن السينمائيين حدث لهم تغيير نفسي؟
ألكسندر روديانسكي: أعتقد أن هناك عدة عوامل.. أولا: تغير الوعي الاجتماعي لهؤلاء الذين نعتبرهم الطبقة المبدعة، النصف عام الأخير من التغيرات الاجتماعية والسياسية في البلاد أعطتنا مادة جيدة وغنية تدعو
للتأمل، وهذه الخلفية الجديدة أثرت وضغطت على الجميع، وبالتأكيد
على صناع السينما أيضا.
ثانيا: وهذا له علاقة ببرنامج مهرجان سوتشي، والذي على مدار سنوات كنا نأخذ في اعتبارنا مناقشة السينما المعاصرة، ومتابعة ماذا يحدث وكيف يتم ربطه بالمتغيرات الآنية.
ثالثا: أعتقد أن هناك تغييرا جذريا حدث لهذا الجيل، الآن في السينما معظمهم من الشباب والذين ليس لهم أى ماض سوفيتي، وهذا بالطبع عامل شديد التأثير، فمثلا في مهرجان سويتشي يوجد مخرج واحد ينتمي
للحقبة السوفيتية وهو الرائع “ألكسندر بروشكين”، وحتى هو عنده أسلوبه الاجتماعي الجديد المبني على كتابات فريدرش جورنشتين، بالإضافة إلى أن كثيرا من المخرجين الذين ينتجون أعمالا للمهرجانات يتجهون لهذا
النوع من الأعمال الاجتماعية، والذي يخاطب ذائقة هذا الجمهور النوعى.
عموما وباختصار إنه جيل مختلف يعيش ويفكر بشكل مختلف عما كان في الماضي، وهذه السياقات التي تظهر على الشاشة هي أقرب لحياة
الناس الحديثة وليست لحياة الأجيال الآخرى والتي تحاول دائما أن تربط المسألة بحياتهم وخبراتهم السابقة في العصر السوفيتي..
السينما المستقلة الروسية في نهاية القرن العشرين بغض النظر عن أن صناعة السينما ظلت خاضعة للدولة في عصر الاتحاد السوفيتي حتي قيام البيرسترويكا، ولكن من الممكن القول إنه في نهايات حكم بريجنيف في أواخر السبعينيات ظهرت بوادر ما يمكن أن نطلق عليه السينما المستقلة.
وسوف نستعرض معا أهم السينمائيين الذين ساهموا في نشأة وتطور السينما المستقلة ألكسندر سوكورف أحد الأوائل الذين أثبتوا أنه حتى في أعماق النظام السوفيتي من الممكن عمل شيء بشرط أن تريد بشدة وأن يكون حولك من عندهم نفس الرغبة وينتهجون المنهج نفسه.. ويعتبر فيلمه الروائي الطويل «صوت وحيد للإنسان » عام 1978 والذي كان من نتاج مشروعات التخرج للطلبة من الأعمال التي فتحت أفاقا جديدة في صناعة السينما.
وعندما نتحدث عن رواد السينما المستقلة في روسيا يجب أن نذكر سيرجيه سيليانوف، والذي بالتعاون مع المخرج الشاب نيكولاي ماكارفيتش 1988 سيناريو ميخائيل كونفولتشكوف اتجهوا إلى السينما الفلسفية في فيلمه “يوم الملاك » سيليانوف، ومن خلال الاستديو الخاص به يقوم بتنفيذ مشاريع الأفلام الطموحة المختلفة
غير التجارية، مثل أفلام الكسيه بلابنوف، أولجا كافالوفا وغيرها.
ايجور اليمبيوف طور كتابة الأفلام الوثائقية مؤسسا لأسلوبه الخاص، مستخدما تقنية الأبيض والأسود في فيلمه “بانتير” عام 1990 ، والآن هو يعمل فيلمه الوثائقي “الروس في رحلة البحث عن الحب والموت .»
في بداية التسعينيات ظهرت في موسكو وسان بطرسبرج مجموعات من شباب السينمائيين، كل بطريقته أسهموا في تطور قواعد السينما المستقلة التي أرساها ديزجي فتروف، ومنهم ليفا كوليشوف،
فيكسوفبرات الينيكوف، بوريس يوخانين، ديبيل كوندراتيف، وكذلك يفجيني يوفيت، والذي وضع أساس اتجاه كامل وجديد السينما الانرجراوند، كما ظهرت أيضا مجموعة من السينمائيين المستقلين أمثال الجروزيني ألكس تسابديز »البقعة » الكازاخي رشيد نوجمانوف”يا خاخا ياجلا » اللتواني يوريس بودنيكس”هل من السهل
أن تكون شابا » الروسي أوليج تبتسوف “السيد المنفذ”، والذين أضاءوا أفكارهم بأفلام مبتكرة جريئة وأسهموا بحد كبير في تطوير طرق الدعاية وإحداث تأثير إيجابى في تطور السينما المستقلة. ظهر مصطلح “السينما الموازية” والذي جمع الممثلين.. الكتاب والمخرجين والنقاد الشباب مثل سيرجيه دوبرتفرسكي، توفي 1997 ،
والذي كان كل منهم يسير في طريقه ولكن بشكل متواز، وفي نهايات التسعينيات ظهر علي السطح سينمائيون أمثال يفجينيا ايفانوفا «نيكوتين الروح »، ديمتري فارلوف، أندريا كوكلين، يورى فيتنج في الوقت الحاضر المهتمين بالسينما المستقلة يمرون بأكبر أزمة في تاريخ السينما المستقلة، وذلك نتيجة للظروف الاقتصادية السيئة في روسيا، وأيضا بسبب المنافسة مع الأفلام الأمريكية والأوروبية التجارية.
ولكن في الشقق المهجورة والجراجات ما زال الشباب الطموح يحاول أن ينتج ويحقق بأقل الإمكانيات طموحاته.

التعليقات :

قد تعجبك هذه المواضيع أيضاً

أحدث المقالات