الكاتب : محمد طارق
فى منتصف شارع شريف التاريخى، وبالتحديد فى العمارة رقم 36، تقع جمعية نقاد السينما المصريين؛ تلك الجمعية التى
تتشارك مقرًّا مع العديد من الجمعيات السينمائية الأخرى.
فى منتصف شارع شريف التاريخى، وبالتحديد فى العمارة رقم 36، تقع جمعية نقاد السينما المصريين؛ تلك الجمعية التى
تتشارك مقرًّا مع العديد من الجمعيات السينمائية الأخرى.
تعتمد الجمعية على اشتراكات أعضائها فقط دون أى تمويل خارجى، ما يجعل إمكانياتها المادية ضعيفة للغاية. رغمًا عن ذلك،
فإن أنشطتها المتنوعة واجتماع أجيال نقدية متنوعة فى مكان واحد بشكل دورى يمثل فرصة لا تتكرر للنقاش حول أوضاع
النقاد والسينما المصرية والعالمية.
بدأت علاقتى بالجمعية عام 2017 من خلالِ ورشةٍ أقامتها الجمعية لشباب النقاد آنذاك. فى تلك الورشة، قابلت العديد ممن
أصبحوا بعد ذلك زملاء وأساتذة لى فى مسيرتى المهنية.
اعتمدت الورشة على تقديم عدد من المحاضرات فى العديد من المواضيع السينمائية. ورغم أنها لم تكن الورشة الأولى لى، إلا
أنها لعبت دورًا مهمًّا فى خلق تفكير منهجى منظم حول النقد، إضافةً إلى التعرُّض لخبرات متعددة لنقاد يمتلك كل منهم أسلوبه
الخاص.
إلى جانب ذلك، أقامت الجمعية لوقتٍ طويلٍ تقليدًا سينمائيًّا تمثل فى عرض فيلم ومناقشته مع أحد النقاد؛ ذلك التقليد الذى
استمر لسنوات، وشكل جمهوره الخاص إلى أن توقف مع جائحة كوفيد-19.
لوقت طويل، كانت تلك النوادى السينمائية هى المنفذ لمشاهدة سينما جديدة غير تقليدية. ورغم أنى من جيل تحصل على
الأفلام بطرق مختلفة إلى حد كبير، إلا أن تقدير مثل هذا النوع من النشاطات فى زمنه هو واجب على كل محب لنشر الثقافة
السينمائية.
على ذلك الجانب، فقد أتاحت الجمعية أيضًا للعديد من النقاد تنظيم عروض وبرامج سينمائية ومناقشتها مع الجمهور والنقاد؛
الأمر الذى يعد بمثابة تدريب عملى على اختيار وبرمجة الأفلام وإدارة ندواتها، إضافةً إلى أن برامج الجمعية كانت أكثر
حرية من أى مهرجان؛ إذ كانت تعرض الأفلام دون أى نوع من القيود الرقابية أو التنظيمية الخاصة بسنة العرض أو طول
الفيلم. على الجانب الآخر، تمنح الجمعية كل عام جائزة لأفضل فيلم مصرى وأفضل فيلم أجنبى، وهى جوائز غير مادية،
لكنها بالطبع جوائز ذات قيمة فنية عالية تساهم فى منح الأفلام الأقل جماهيرية صوتًا ضمن خضم المنافسة التجارية.
أخيرًا، ساهمت الجمعية خارج أسوار مقرها فى تنشيط عمل النقاد فى المهرجانات السينمائية الدولية، سواء من خلال مشاركة
أعضائها فى لجان تحكيم مهرجانات دولية، وهو أمر زاد بشكل ملحوظ فى السنوات الأخيرة تحتَ إدارةٍ أكثر تعاونًا مع الإدارة
العامة للاتحاد الدولى للصحافة السينمائية (فيبريسى)، أو من خلال زيادة مشاركة لجان تحكيم دولية فى المهرجانات
المصرية.
ختامًا، قد تبدو جمعية النقاد من بعيد جمعيةً ذات إمكانيات مادية ضعيفة لا تمتلك ميزانية ضخمة أو مكتبًا فارهًا، لكنها بالتأكيد
مركزُ قوةٍ خفىٌّ يزيد من مشاركة النقاد الشباب فى المشهد، ويعمل على رفع الثقافة السينمائية، والاعتراف بالسينما المصرية
ونقادها داخل وخارج مصر.