أحمد شوقى.. وارتداء عدة قبعات

محمد طارق 31 مارس 2023 جمعية نقاد السنيما المصريين

الكاتب : محمد طارق
يرتدى العديدَ من القبعات، مثيرٌ للجدل بآرائه الحادَّة، ذو نظرة تحليلية تفكيكية لكلِّ ما يراه، ناقد حقيقى بكل ما تعنيه الكلمة، ليس للسينما فقط، بل لكل ما يشاهده أو يختبره فى حياته.


يرتدى العديدَ من القبعات، مثيرٌ للجدل بآرائه الحادَّة، ذو نظرة تحليلية تفكيكية لكلِّ ما يراه، ناقد حقيقى بكل ما تعنيه الكلمة،
ليس للسينما فقط، بل لكل ما يشاهده أو يختبره فى حياته.
أحمد شوقى ناقد سينمائى ومُبرمج ومشرف سيناريو مصرى ورئيس قسم التطوير فى منصة (فيو). يكتب النقدَ بانتظام منذ
عام 2009، وينشر مقالاتٍ أسبوعيةً فى موقع (فى الفن) وجريدة (القاهرة)، بالإضافة إلى مساهمات فى مطبوعات
ومواقع مختلفة. له سبعة كتب منشورة بعناوين: (محاورات داود عبد السيد)، و(التابو فى سينما جيل الثمانينيات)، و(حلمى
حليم... حكاية من بلدنا)، و(محاورات يسرى نصر الله)، و(خيرى بشارة... فيلم طويل عن الحياة)، و(سينما ما بعد
الحراك) و(حسين فهمى... سيرة السينما المصرية فى نصف قرن).
على الناحية الأخرى، كان شوقى يخلق مسيرته الموازية كمشرفٍ للسيناريو، إذ شارك فى تأسيس شركة (كلوكورك تيمبتيشن)
المتخصصة فى السيناريو، ليشرف من خلال الشركة على نصوص عدد من المسلسلات التلفزيونية الناجحة من بينها: (30
يوم)، و(البيوت أسرار)، و(بنات سوبرمان)، و(كلام على ورق).
على مدار مسيرته، ألحق بقائمة أعماله المهرجانات السينمائية، بدءًا بتوليه منصبَ المبرمج الرئيسى لمهرجان الإسماعيلية
الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة. تطور الأمر بعد ذلك ليعمل فى مهرجان القاهرة عدة سنوات بدأها بمبرمج لدولة ضيف
ومديرًا لندوات الأفلام، مرورًا بمبرمج قسم آفاق السينما العربية - الذى قدم خلاله العديد من الأفلام والأسماء السينمائية
العربية الصاعدة - ومنصب المدير الفنى المساعد، وأخيرًا مديرًا فنيًّا للقاهرة فى دورة من ألمع دورات المهرجان. ورغم
رحيله عن المهرجان، إلا أن أدواره فى المهرجانات السينمائية لم تتوقف؛ فهو يدير مهرجان أسوان لسينما المرأة، ويعمل
مستشارًا لمهرجانات أخرى فى البرمجة والتمويل، وبينها عربى مثل: البحر الأحمر والجونة، وغير عربى مثل: زيورخ
ومالمو.
على مستوى لجان التحكيم، فقد شارك فى لجان تحكيم عديدة بينها مهرجانات: لوكارنو ومالمو ووهران والأقصر وطرابلس
وروتردام للفيلم العربى. أضِفْ إلى ذلك كونَه أول رئيس عربى للجنة تحكيم الاتحاد الدولى للنقاد فى الدورة الـ 75 لمهرجان
كان السينمائى.
لعب شوقى دورًا مهمًّا فى تطوير جمعية نقاد السينما المصريين وجلب الدماء الجديدة إليها، وزيادة عدد لجان التحكيم الدولية
فى المهرجانات المصرية، وعدد وتنوع أعضاء لجان تحكيم الاتحاد الدولى للنقاد (فيبريسى) فى لجانٍ دوليةٍ عديدة، وأخيرًا
توليه منصب نائب رئيس الاتحاد الدولى للنقاد (فيبريسى)، ليكون العربى والإفريقى الأول فى هذا المنصب.
لمعرفتى بشوقى شقَّان؛ الأول معرفة عامة كناقد ومبرمج سينمائى؛ وهى معرفة تتسم بالغرابة إلى حد كبير؛ إذ يبدو من بعيدٍ
محيرًا للغاية؛ البعض يحبه والبعض الآخر يرفضه؛ لكن الاتفاق على جودة عمله واجتهاده لا يظهر بذات التباين.
كان تفاعلى الأول معه من خلال ورشة جمعية النقاد ضمن محاضرتين للسيناريو، وكان من أكثر المدرِّبين اهتمامًا بالنصوص
المطلوبة من المشاركين، يضع ملاحظات دقيقة على كل نص، ويناقشه بدقة مع المشاركين. بالطبع تطوَّرَت علاقتى العملية به
على مدار السنوات. وبعيدًا عن تحيُّزاتى الشخصية ومعرفتى الوثيقة به، إلا أن الاقتراب منه سيعطيك مفتاح قراءة أسباب
تميُّزه.
الجانب الأول هو أنه قارئ ومتفرج ومسافر نهم، يقرأ القديم والجديد من الأدب والشعر والكتب غير الروائية، كما يستطيع إلى
جانب ذلك، متابعة معظم الآراء الحالية حول المواضيع السينمائية، والفرجة على لقاءات، لا يبقى على تحيزات بعينها لفترة
طويلة، يستخلص من كل تلك المشاهدات والقراءات - إضافةً إلى استمراريته فى الكتابة - الجيدَ والسيئ.
أتذكر هنا حديثه ذات مرة كيف أنه يراقب الأخطاء الجسدية فى الحوارات التليفزيونية، كالإيماءات المتكرِّرة للضيف على سبيل
المثال، وكيف يتعلَّم ألَّا يُكرِّر مثل هذه الأخطاء. تفصيلة صغيرة للغاية، لكنها توضح مدى دقة الشخصية. إلى جانب ذلك، فهو
كثير التنقل لدرجةٍ تجعله لا يقضى وقتًا فى مكانٍ محدَّدٍ أكثر من الآخر. تلك السفرات تمنحه اطلاعًا على كل الأساليب

المتعلقة بالمهرجانات السينمائية أو مشهد النقد أو حتى سُبُل الحياة. ببساطة، يعرف كلُّ محبٍّ للسفرِ الكثيرِ، أن السفرَ مرهق،
لكنه بشكل ما أو بآخر يكسر كل النمطيات، ويوسع من أفق انفتاحك على العالم.
النقطة الأخرى فى أستاذيته هى ببساطة أنه كشاف للمواهب، يفسح الطريق لغيره للصعود، وهى جودة إنسانية غير متوفرة
بشكل كبير فى المجال السينمائى، وربما العديد من المجالات الأخرى. عندما يرى شوقى موهبةً ما فى شخصٍ، فإنه يسارع
لتقديمه للمجال والعمل على تطوير وزيادة التعريف بتلك الموهبة.
لا يمكن تحديد شوقى فى موضع سينمائى واحد، لكن إن أردت وصفًا تلخيصيًّا له، فهو مثقف سينمائى حقيقى، يلعب دورًا
عضويًّا فى أى مكان يوجد به، ينشطه ويطوره حسب تحليله، وينقله إلى الأمام. يتطور ويتبدل كثيرًا على مدار الوقت، ويفكر
فى موضعه المهنى كل فترة، ويأخذ القرارات المناسبة، ولا أشكُّ للحظةٍ فى أنْ يُصبحَ مع تقدُّم التاريخ اسمًا راسخًا فى كتابة
النقد والمهرجانات السينمائية وتطوير المشهد السينمائى العربى بشكل عام.
يُعَدُّ شوقى هو الاسمَ ذا الصبغةِ الأستاذيةِ فى زمننا الحالى؛ تلك الصبغة التى تعنى أسماء بحجم سمير فريد أو إبراهيم العريس
وعلى أبو شادى. تستطيع أن ترى ذلك، حتى وإن لم يُتمَّ الأربعين من عمره.

التعليقات :

قد تعجبك هذه المواضيع أيضاً

أحدث المقالات