جمعية النقاد: نافذة مفتوحة على سينمات العالم

أحمد عزت 31 مارس 2023 جمعية نقاد السنيما المصريين

الكاتب : أحمد عزت
سادت في مصر في الفترة التي تلت هزيمة 1967 حالة من الحراك والزخم السينمائي، كانت جزءا من المناخ الثقافي العام لهذه الفترة. تأسس خلال هذه الفترة نادى سينما القاهرة وتشكلت جماعة السينما الجديدة الحالمة بسينما جديدة ومختلفة عن السينما السائدة. كانت هناك رغبة حقيقية في تطوير السينما، بناء ثقافة سينمائية جديدة وتطوير الذوق العام في محاولة لتغيير نظرة الجمهور في تعامله مع السينما. هذا الزخم وصل ذروته بتأسيس جمعية نقاد السينما المصريين في 14 يونيو عام 1972.


سادت في مصر في الفترة التي تلت هزيمة 1967 حالة من الحراك والزخم السينمائي، كانت جزءا
من المناخ الثقافي العام لهذه الفترة. تأسس خلال هذه الفترة نادى سينما القاهرة وتشكلت جماعة السينما
الجديدة الحالمة بسينما جديدة ومختلفة عن السينما السائدة. كانت هناك رغبة حقيقية في تطوير السينما،
بناء ثقافة سينمائية جديدة وتطوير الذوق العام في محاولة لتغيير نظرة الجمهور في تعامله مع السينما.
هذا الزخم وصل ذروته بتأسيس جمعية نقاد السينما المصريين في 14 يونيو عام 1972.
كان الهدف الأساسي للجمعية منذ بيانها التأسيسي هو توحيد جهود النقاد من أجل بلورة اتجاهات
منهجية في النقد السينمائي وصولا الى خلق وعي سينمائي لدى المتفرج عن طريق إصدار مطبوعات
دورية وغير دورية وتنظيم عروض سينمائية واقامة مؤتمرات وندوات.
في زمن ما قبل ثورة الانترنت واتاحتها ببساطة ومجانية لعدد هائل من الأفلام من كل مكان في العالم
، كانت عروض نوادي السينما والجمعيات والمراكز الثقافية السينمائية هي الوسيلة الوحيدة المتاحة
تقريبا للتعريف بسينمات مختلفة ومخرجين مختلفين عما يعرض تجاريا في دور العرض. كان هذا دورا
أدته الجمعية منذ تأسيسها بوعي ودأب شديدين.
العودة إلى الأرشيف
حين عدت لأرشيف جمعية النقاد للاطلاع على محاضر جلساتها كان واضحا تماما حرص نقاد الجمعية
بداية من المؤسسين ومن لحقهم على تقديم هذه العروض السينمائية سواء من كلاسيكيات السينما
العالمية أو أحدث موجات السينما وانتاجاتها، سواء كان ذلك بعروض أفلام مفردة ذات أهمية خاصة أو
تخصيص أسبوعا من أجل تقديم أهم الإنتاجات السينمائية لسينما بلد بعينها مثل أسبوع أفلام السينما
البرازيلية- الألمانية- الجزائرية السويسرية وغيرها.
في محضر اجتماع بتاريخ 16-3- 1986 وبحضور الأساتذة هاشم النحاس، سمير فريد، سيد سعيد،
كمال رمزي، محسن ويفي وعلى ابو شادى تم الاتفاق على إرسال خطاب للمركز الثقافي الفرنسي
بإفادة الجمعية بقائمة الافلام المختلفة الممكن عرضها في الجمعية. كذلك في نفس المحضر وضمن
البرنامج الشهري تقرر عرض بعض الأفلام الصامتة الألمانية من العصر الذهبي لهذه السينما وبالذات
فيلم نوسفراتو.
في محضر آخر بتاريخ 25 ديسمبر 1977 نجد الآتي: الموافقة على إقامة بانوراما للسينما العراقية
التسجيلية والروائية بالتعاون مع المركز الثقافي العراقي والموافقة على المشروع المقدم من الزميل
يسري نصر الله لاقامة نادى سينما يتبع الجمعية في المدرسة الألمانية على أن يسمى نادى الفيلم ويفتح
له حساب مستقل تحت إشراف الزميل على أبوشادي ممثلا لمجلس الادارة.
في محضر آخر بتاريخ 19 أكتوبر 1975 بحضور أحمد كامل مرسي رئيسا، فتحى فرج سكرتيرا و
يوسف شريف رزق الله وسمير فريد كأعضاء، جاء جدول الأعمال الفترة القادمة للجمعية كالآتي:

الموافقة على إقامة أسبوع الفيلم البلجيكي. اقامة 10 أيام أو أسبوع للفيلم الفرنسي على شكل بانوراما
وعرض عدد من أهم إنتاجات السينما الفرنسية مثل:
بريسون: محاكمات جان دارك
رينيه كلير: الحرية لنا
رينوار: قواعد اللعبة
جاك تاتي: إجازة مسيو لولو
تكليف فتحى فرج ويوسف شريف رزق الله بالذهاب للملحق الثقافي البلجيكى يوم الثلاثاء 21 نوفمبر
لإنهاء موضوع أسبوع الفيلم البلجيكى وكذلك تكليف يوسف شريف رزق الله بتقديم تصور للموضوع
ككل وقد استقر الأمر في النهاية على تأجيل الموضوع ككل لحين التأكد من وجود الافلام.
في محضر بتاريخ 20 سبتمبر 1987 نجد أيضا الموافقة على عرض مجموعة من الأفلام لكبار
مخرجي السينما اليابانية مثل كوراساوا، أوزو وميزوجوتشي وغيرهم. في محضر في يناير 1986
نجد مقترحا بعروض الأفلام المسجلة على شرائط الفيديو في حالة الافلام التى يصعب الحصول عليها
كنسخة خام وهو ما نفذته الجمعية لاحقا. في جلسة 10 أبريل 2011 و بعد ثورة تونس نجد مقترح
"ليالي السينما التونسية" يتم خلالها عرض حوالي 10 أفلام من أحدث إنتاجاتها وكذلك مقترح
باستضافة عدد من السينمائيين التونسيين وعمل كتاب عن السينما التونسية وحلقات نقاش عنها.
أسابيع الأفلام
كانت أسابيع الأفلام في البداية جزء من النشاط الثقافي لوزارة الثقافة حيث يتم تنظيمها طبقا لاتفاقيات
مشتركة لدعم العلاقات الثقافية مع دول العالم وكجزء من هذا النشاط عرض مثلا أسبوع الفيلم السوفيتي
الايطالى، البولندى وغيره. لا حقا استطاعت الجمعية تنظيم أسابيع أفلام لسينمات رأى نقادها ضرورة
تقديمها للجمهور.
واحد من أهم المميزات الفارقة بين أسابيع الأفلام التى قدمت تحت رعاية الجمعية والتي قدمت بعيدا
عنها، ما يكتبه النقاد حسام حافظ في كتابه كتابات نادي السينما عن أسبوع الفيلم التشيكي بالقاهرة فيكتب
مثلا "لم يكن في حفل الافتتاح أى أوراق تحمل أى معلومات عن الأفلام المعروضة خلال الأسبوع أو
عن المخرجين التشيكيين الكبار منهم أو الشباب".
بينما في أسبوع الفيلم البرازيلي الذي أشرفت الجمعية على إقامته في الفترة الممتدة من 7 الى 13
أبريل عام 1975 بالتعاون مع المعهد القومى للفيلم البرازيلي، حرصت الى صدور نشرة خاصة
بالاسبوع وكتاب عن السينما البرازيلية يقدم للمشاهد والقارئ مدخلا للسينما البرازيلية ويتضمن مقالات
عن الأصول الفنية والفكرية للسينما البرازيلية الجديدة المعروفة بالسينما نوفو وجمالياتها المساة جماليات
الجوع كما احتوى الكتاب أيضا ترجمة لمقتطفات منظر الموجة جلوبر روشا من ترجمة الكاتب
والمخرج السينمائي رأفت الميهي. كان هذا الأسبوع - والذي كان أول أسبوع أفلامه تنظمه الجمعية-
سبقا في عرض أفلام من انتاج السينما الجديدة في أمريكا اللاتينية لجمهور وصناع السينما المصريين.

وهو ما تكرر أيضا أيضا في بانوراما السينما الجزائرية المقامة في الفترة من 1 الى 7 نوفمبر عام
1976 وكانت أول أسبوع للسينما العربية يقام في مصر وعرض خلاله 11 فيلما روائيا طويلا و11
فيلما روائيا قصيرا. بالإضافة لصدور كتاب السينما الجزائرية كان أول كتاب باللغة العربية عنها.

اهتمام خاص بالسينما الثالثة
حين فاز المخرج الجزائري الأخضر حامينا بالجائزة الكبرى في كان عام 1975 عن فيلمه وقائع
سنوات الجمر، كان تصريحه: أن هذا أكبر دليل على اعتراف العالم بوجود سينما العالم الثالث. كان
هناك اهتمام خاص من قبل نقاد الجمعية المسيسين بطبيعتهم بما يسمى بالسينما الثالثة وهي سينما تحمل
هما ووعيا سياسيا واضحا. السينما الثالثة هي حركة أفلام من أمريكا اللاتينية بدأت في أعقاب المد
الثوري في أواخر الستينيات من القرن العشرين، و طرحت نفسها كنموذج ثالث ثوري مقابل السينما
"الاستهلاكية الأمريكية" و"الذاتية الأوروبية". كان وراء فكرة السينما الثالثة اثنان من السينمائيين
الأرجنتينيين هما فرناندو سولاناس وأوكتاڤيو گتينو. وهما اللذان نشرا ما اعتبر "مانيفستو" أو "بيان
السينما الثالثة" في 1969 تحت عنوان "نحو سينما ثالثة" Para Cinema Terzo. وقد صدروه
بعبارة فرانز فانون "يجب أن نناقش، يجب أن نبتكر". وقدم البيان حيثيات رفض الحركة للسينما
الاستهلاكية الأمريكية وسينما الذات الأوروبية التي تقوم على التعبير الذاتي، وطرحا في المقابل سينما
جديدة تقوم على تصوير تجارب الوعي الجمعي المشترك، وتعرية الحقائق والتحريض على رفض
الواقع والسعي إلى تغييره. إنها سينما موجهة إلى كافة طوائف الشعب وطبقاته، منهم وإليهم، لها رسالة
وهدف اجتماعي تسعى لتحقيقه.
السينما الثالثة كما رأتها عطيات الأبنودي في كتابها المعنون بنفس الاسم هى سينما «لا يحددها نوع
الفيلم - روائيا أو تسجيلياً- ولا الاتجاه السياسى وإنما بكيف ترى العالم، وهى سينما شعبية تعبّر عن
إرادة التحرر، وتقف ضد الخرافة، والتمييز العنصرى وهى البديل المباشر للسينما الأولى والثانية على
خلفية أيديولوجية وباختصار يعمل فنانوها على تقديم فن سينمائي ثورى يقوم بدوره فى المجتمع. كان
هناك تشابه واضح بين الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في مصر وبلدان أمريكا اللاتينية
جعلت من سينماها نوعا ما أكثر قربا من مزاج النقاد المصريين آنذاك وتطلعاتهم السينمائية.
لذلك لم يكن من الغريب اقامة أسبوعين للفيلم الأرجنتيني في القاهرة الأول في أكتوبر 1985 والثاني
بعدها بأقل من سنتين. حيث عرض أفلام هامة مثل La historia oficial التاريخ الرسمي أو الحكاية
الرسمية، وهو فيلم أرجنتيني من إنتاج سنة 1985 من إخراج لويس بوينسو. والذي فاز بعدة جوائز
من أهمها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية سنة 1986 و أثناء الحرب لبيبي كامين كما
عرضت أيضا أفلام كانت قد منعت من العرض سابقا مثل السيد سومبرا الثاني للمخرج مانويل انتين
وقوة الظلام لماريو ساباتو.
ملاحظات على الأرشيف
كانت اهتمامات الجمعية عبر برامج عروضها تسعى دوما نحو تقديم أكثر الاتجاهات والحركات الفنية
تأثيرا لجمهورها سواء الاتجاهات الكلاسيكية او الموجات السينمائية الأحدث في العالم.
نجد ذلك في الحرص على تقديم عروض السينما الألمانية الصامتة التى تمثل النتاج الأبرز للمدرسة
التعبيرية. تعد التعبيرية الألمانية واحدة من أكثر المدارس السينمائية تأثيرا في تاريخ السينما والتى لم
ينتهي تأثيرها حتى بانتهاء الحركة التى ظهرت أوائل عشرينات القرن الماضي. كان نتاج الحركة تحف

سينمائية مثل نوسفيراتو، ميتروبوليس وكابينة الدكتور كاليجاري كما تركت تأثيرها الممتد على أنواع
فيلمية كالرعب والنوار. أو في عرض أعمال الكلاسيكيين في السينما اليابانية والفرنسية. وبذات
الحرص نجد المسارعة في عرض ما يلمع من جديد السينما العالمية.
بعد فوز وقائع سنوات الجمر لمحمد الأخضر حمينة بالسعفة الذهبية في كان 1975 نظمت الجمعية
بانوراما الفيلم الجزائري في العام التالي وعرض الفيلم في افتتاح البانوراما. بعد فوز الفيلم السويسري
(رحلة الأمل) للمخرج كزافييه كولر بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي لعام 1990، وهو الفيلم المبني
على وقائع حقيقية يتكرر حدوثها في أوروبا ، وهي قصة الفقراء الذين يهاجرون من دول الجنوب إلى
الدول الأوروبية شمالا بحثا عن فرص عمل وحياة أفضل . أقامت الجمعية أسبوعا للفيلم السويسري عام
1993 وعرض الفيلم في افتتاحها أيضا. بعد الفوز التاريخي لفيلم فيلم المخرج " بونج جون هو"
المعنون (طفيلي- Parasite) إذ حصل خلال حفل جوائز الأوسكار في 2020 على أربع جوائز
أوسكار أهمها بلا شك هي جائزة أفضل فيلم والتي تمنح لأول مرة في تاريخ الجائزة منذ تأسيسها عام
1929 لفيلم غير ناطق بالانجليزية، أقامت جمعية النقاد شهرا مخصصا للسينما الكورية حيث يعرض
أسبوعيا فيلم من أهم انتاجاتها.

التعليقات :

قد تعجبك هذه المواضيع أيضاً

أحدث المقالات