يوسف شريف رزق الله: أبو الصحافة السينمائية المصرية

حسام فهمي 30 مارس 2023 جمعية نقاد السنيما المصريين

الكاتب : حسام فهمي
قليلون هم من النقاد السينمائيين المصريين الذين يكفي ذكر اسمهم لتعريفهم للجمهور المصري غير المختص، يوسف شريف رزق الله هو بالتأكيد واحد منهم. صاحب الاسم المركب يوسف شريف، الذي اكتمل وقعه الموسيقى باسمه الثلاثي دائما، تخرج من مدرسة الجزويت، وتفوق في الشعبة الأدبية في الثانوية العامة، ليصبح ترتيبه الخامس على مستوى الجمهورية، لتفشل خطته في الالتحاق بأحد أوائل الدفعات في معهد السينما، ويلتحق بناء على رغبة أسرته بكلية السياسة والاقتصاد، التي تخرج منها ليلتحق بهيئة الاستعلامات.


قليلون هم من النقاد السينمائيين المصريين الذين يكفي ذكر اسمهم لتعريفهم
للجمهور المصري غير المختص، يوسف شريف رزق الله هو بالتأكيد واحد
منهم.

صاحب الاسم المركب يوسف شريف، الذي اكتمل وقعه الموسيقى باسمه الثلاثي
دائما، تخرج من مدرسة الجزويت، وتفوق في الشعبة الأدبية في الثانوية العامة،
ليصبح ترتيبه الخامس على مستوى الجمهورية، لتفشل خطته في الالتحاق بأحد
أوائل الدفعات في معهد السينما، ويلتحق بناء على رغبة أسرته بكلية السياسة
والاقتصاد، التي تخرج منها ليلتحق بهيئة الاستعلامات.

كيف انتقل رزق الله من الاستعلامات للتليفزيون، هذه صدفة أولى، يحكيها هو
شخصيا في عدة لقاءات تليفزيونية ليخبرنا أنه قام بمبادلة مع زميلة له أرادت أن
تنتقل من التليفزيون إلى الاستعلامات، ربما ندين جميعا بالشكر لها لأنه ربما
لولاها لما حدث كل هذا. هذا الإنتقال القدري تبعه عمل رزق بقطاع الأخبار
محرراً ثم سكرتيراً للتحرير، قبل أن تحدث لحظة قدرية أخري بنهاية فترة
الحرب في 73، ثم احتياج التليفزيون المصري لبرنامج سينمائي جديد بدلا من
برنامج السينما والحرب الذي يخبرنا رزق الله أنه كان يعرض وربما بشكل
حصري أفلام حربية.

منتصف السبعينات كانت لحظة البداية مع نادي السينما، الموعد الذي انتظره
المصريين بشغف لسنوات مساء كل سبت على القناة الأولى، مع فيلم ومناقشة
نقدية أسبوعية، التقليد الذي اعتاد عليه رزق الله منذ أن كان طالبا منتظما في
حضور عروض جمعية الفيلم الأسبوعية كل يوم سبت أيضا. مع النجاح الساحق
لنادي السينما الذي قدم فكرته وأعد حلقاته رزق الله، طالبه التليفزيون المصري
بصنع برامج سينمائية أخرى، فصاغ وأعد حلقات برنامج أوسكار الذي واظب
على مشاهدته المصريون لسنوات أسبوعيا كل ليلة خميس، مع أحد الأفلام

المتوجة بأحد الجوائز السينمائية الكبرى، مع نبذة قصيرة عن الفيلم، أعدها بشكل
شبه دائم رزق الله نفسه.

بجانب نادي السينما وأوسكار أصحاب الشهرة الواسعة، قدم رزق للتليفزيون
برامج أخري، أهمها "نجوم وأفلام" الذي اهتم بشكل حصري بتقديم صناع
السينما المصريين والعرب، وهو البرنامج الذي شاركه إعداده الناقد المصري
سامي السلاموني. وأيضا برنامج "ستار" الذي قدم من خلاله رزق الله نقاشات
خاصة مع نجوم سينما أمريكيين من الصف الأول ، يكفي ذكر أنه قام بلقاء مهم
ومطول مع ميريل ستريت بعد ترشحها لثمان جوائز أوسكار خلال الإحدي عشر
عاماً الأولى من مشوارها السينمائي.

يضاف لذلك برنامج تيلي سينما الذي كان يقدم من خلاله رزق الله ترشيحات
أسبوعية للمشاهدة ضمن جدول عروض السينمات المصرية الغزيرة في ذلك
التوقيت.

من منتصف السبعينات وحتى نهاية التسعينات، يمكننا القول أن تقريبا كل
المحتوى السينمائي للتليفزيون المصري قد خرج من بنات أفكار يوسف شريف
رزق الله.
لحظة هامة في هذا المشوار الفريد من نوعه، هو بداية تغطية يوسف شريف
رزق الله لمهرجانات السينما العالمية، والتي بدأها أيضا في منتصف السبعينات
من مهرجان برلين، ثم تبعه مهرجان كان، الذي ساعده في الوصول لفعاليته
صديقه الناقد المصري الكبير سمير فريد، والذي كان يحضر فعاليات المهرجان
ويغطيها بشكل أخر ربما منذ نهاية الستينيات.

حضور رزق الله كان مختلفًا عن زملائه النقاد لأن كان مهتم دائما أن يصبح
عين للمشاهد المصري في هذا العالم المفتوح، لم يقدم رزق الله خلال رحلاته نقد
مكتوب وفقط، لكنه أيضا قدم لقاءات تليفزيونية تاريخية نذكر منها لقاءه مع أمير
كوستاريتسا قبيل فوزه بالسعفة الذهبية في مهرجان كان، ولقاءه الشهير مه
مايسترو السينما الإيطالية فردريكو فيلليني.

من يوسف شريف رزق يمكنك أن تتعلم النسخة السنيفيللية الأفضل، كيف يتحول
حبك وشغفك بالسينما لعمل، ثم لطاقة تؤثر في أجيال وأجيال من البشر.

كتب رزق الله وأدار نقاشات وحوارات تليفزيونية وإذاعية بالعربية والإنجليزية
والفرنسية، وربما كان لإجادته الفرنسية بشكل خاص دور كبير في نقله للتراث
السينمائي الناطق بالفرنسية للجمهور المصري، اللغة التي كتب بها أول مقالاته
النقدية في أحد الجرائد الناطقة بالفرنسية والتي كانت تصدر من القاهرة في بداية
السبعينات، الأمر الذي كان مؤثرا بالطبع في تكريمه في النهاية بوسام الفارس،
أحد أرقي الأوسمة التي تمنحها الجمهورية الفرنسية.

مع كل هذا الإرث الصحفي والنقدي، قدم رزق الله أيضا ولمدة جاوزت الثلاثين
عاماً خبرته وذائقته السينمائية من خلال عمله كمدير فني لمهرجان القاهرة
السينمائي الدولي، العمل الذي استحق عليه تكريما خاصا من المهرجان قبل
وفاته، تكريما استقبله رزق الله بلطف شديد شاكراً كل من عمل رفقته في
المهرجان دون أن يذكر نفسه وتاريخه بكلمة تقريبا.

المثير للتأمل في هذه الحكاية السينمائية المصرية الجميلة، أنه ربما لو لم يكن
رزق الله وبشكل قدري في قطاع الأخبار في السبعينيات، لما كنا عشنا كل هذا،
هل ننتظر أن ينقل لنا القدر يوسف شريف رزق الله جديد داخل التلفزيونات
المصرية والعربية، أم ستذهب التليفزيونات يوما ما لتطلب من ناقد أو صحفي
سينمائي أن يكمل هذه المسيرة. ربما إذا عدنا لمشاهدة برامج سينمائية نقدية على
التليفزيونات المصرية، ربما حينها وفقط ستتحقق وصية يوسف شريف رزق
الله.

التعليقات :

قد تعجبك هذه المواضيع أيضاً

أحدث المقالات