حارة اليهود

برباره يوسف 28 سبتمبر 2022 السيناريو

الكاتب : برباره يوسف


هل كتب على اليهود ان تعاد قصة خروجهم من أرض مصر مرارا كلما حاولوا ان يتخذها وطنا لهم؟ هل تعاد الأحداث نفسها على مر الزمان فيدخلون عائلات ويملكون ومن ثم ماذا ! فجاءه ..لا أثر لهم.. فمن هم اذا هم يهود مصر؟ اين استوطنوا؟ كيف ساهموا في تشكيل الثقافة المصرية ! وما هي قصة خروجهم ! في كواليس التاريخ نرى المشهد واضحا ...
لكل انسان اكثر من هويه, وانا مصري حين يضطهد المصريون, أسود حين يضطهد السود, يهودي حين يضطهد اليهود , فلسطيني حين يضطهد الفلسطينيين.. من كتاب يهودي في القاهرة للمناضل المصري اليهودي " شحاتة هارون "
كمعظم المصريين يدفعنا الواقع المحيط منذ الطفوله في الدراسه والاعلام للتعامل مع اليهود كعدو ازلي, وذلك على خلفيه الصراع العربي الاسرائيلي, لكننا في مرحلة ما عندما نتوغل في البحث وراء الشخصيه المصريه سنكتشف أن هناك مصطلح اسمه "مصري يهودي" تلك الكلمة نكتشفها عبر الفن والسياسة حين نعجب بصوت ليلى مراد والحان أخيها منير مراد, او افلام توجو مزراحي, او حين نتأثر سياسيا بكل من شحاتة هارون ويوسف درويش, اللذان أكدا على هويتهم كمصريين وحاربا الفكر الصهيوني طوال حياتهم, او حين نشاهد قصة المثير للجدل المؤسس للحركة الوطنية للتحرير, "هنري كوريال" الذي ظل يدافع عن تحرير مصر حتى آخر لحظة من حياته
فمن من هم يهود مصر؟
يهود مصر هم طائفه سكنت مصر، وكانت من أكبر الطوائف اليهودية في العالم العربي وأكثرهم نفوذا وانفتاحا ومشاركة في مختلف المجالات في المجتمع المصري الحديث والقديم, في اليهود موجودين عبر التاريخ في مصر, فمن أيام الفراعنة إلى العصر اليوناني والروماني, وزاد تواجدهم بالأكثر في عصر الحكم الإسلامي, لكن كان يختلف عددهم من فتره الى فتره الى اخرى,
ويؤرخ يوسيفوس أن أكثر الأوقات التي زاد فيها تعداد اليهود في مصر هي في أيام حكم البطالمة فى عهد بطليموس الاول, حيث تم أسر 120 الف يهودي وجلبهم الى مصر, بنهاية حكم بطليموس الثاني أطلق سراحهم ولكن بعدها بدأ اليهود يهاجرون الى مصر من تلقاء نفسهم لما وجدوا في أرض مصر ملاذ آمن, في العصر الروماني كان لهم حيين في مدينة الإسكندرية, وفي حكم احمد ابن طولون أعطاهم قرافة البساتين للسكن, وفي أيام الحكم الإسلامي كان لهم حي كبير اسمه حي زويلة وهو نفس الحي الموجود حاليا,
وفي أثناء حكم المماليك كان اليهود يسكنون القاهرة ويعملون فى صيانة المعدات البحرية وكانوا بارعين فيها بشكل جعل المماليك يعتمدون عليهم, وظل الوضع قائما حتى طرد محمد على المماليك وهاجر عدد كبير من اليهود خارج مصر, إلى ان جاء عصر الازدهار العمراني والفني في أيام حكم الخديوي إسماعيل فجاء الى مصر عدد كبير من اليهود وكانوا منتشرين ما بين القاهرة الكبرى ومدينة الإسكندرية والإسماعيلية, وكانوا يشكلون نسيج واحد كبير مع الشعب المصري..
وتشير الوثائق ان أحياء اليهود قديما لم تكن مستقلة باليهود فقط, بل كان يعيش معهم مسلمين ومسيحيين في أجزاء تسمى الأرباع او " الاودس" وهي منطقه واسعه بحمام مشترك كان يسكنه الفئات الفقيرة وبعض متوسطي الدخل وتشير الوثائق ان هناك ربع مشهور داخل الحاره كان يعيش فيه مجموعة من الأشخاص مختلفي الديانات, وهم الشيخ بركات يهودي اسمه حزان وست اسمها ام زينب وكان يسكن معهم ايضا مماليك .. فلم تستقل الحاره بهم طوال الوقت , لكن كان يشتهر بأنهم يفضلون السكن في أحياء خاصة بهم, وهذا لم يمنع اندماجهم الكامل بالمجتمع المصري والالتحام به.. فلماذا يفضل اليهود السكني بمناطق خاصه بهم ؟؟
اليهود مثلهم مثل أي طائفة لهم عاداتهم الخاصة بهم, والتى تكونت بينهم عبر سنوات طويلة جدا بعضها موروث شعبي وبعضها موروثات دينية, ومن بين هذه العادات التي شاعت بينهم, أنهم يشترطوا فى المكان الذي يسكنون فيه ان يكون لهم " شوحيط" اي جزار خاص" لان اليهود لهم طريقة معينة فى الذبح يعرفها اليهودي فقط وهي حينما يشرح البهائم من جلدها يحرص الا يمس الرئة, لان الرئه مصدر الحياة بالنسبة للحيوانات, وما يفعله الباقية في الذبح يسمونه هم " طريف " أي اصبح فاسدا, ولا يصلح للأكل..
كذلك يشترط عدم أكل الحيوانات التي ليس لها أظلاف مثل الجمل و الخنزير والأرنب ولا يأكلون خصيه الحيوانات, وفى الأسماك لا يأكلون التى ليس لها صدف ولا زعانف كأسماك موسي... كذلك لهم اكل مفضل اسمه " كوشير" ويصنع الاكل بالايام والمناسبات فهناك اكل غير مخمر نسبة الى خروجهم مع موسى من أرض مصر...ايضا لهم تقليد فى دفن الموتى ويشترط كذلك ان لا يدفنون سوا مع بعضهم فقط فى طقوس دينية خاصة, وكان وكيل الطائفة والحانوتي الوحيد لليهود في القاهرة وقتها، فؤاد أمين، وهو مسلم كان يحفر القبور الرخام في مقابر اليهود في البساتين ومصر القديمة وبجوار جامع عمرو. تعلم فؤاد أمين كيفية دفن الموتى اليهود من حانوتي يهودي كان يسمى يوسف حامي، ولكنه أكد أن طريقة دفن اليهود تشبه كثيرا طريقة دفن المسلمين.
اليهود الذين ظلوا في الحارة بعد ذلك كانوا يطلقون على فؤاد لقب “العمدة”، فيقول إنه كان “يقوم بدفن 3 أو 4 من اليهود كل أسبوع قبل هجرتهم.. ومع الوقت كان يمر شهر بأكمله دون أن تحدث حالة وفاة واحدة.. يعاون فؤاد في عمله أحد يهود الحارة، ويدعى مايز يعقوب ماكس، من مواليد طنطا، حيث يقول عن مراسم الجنازة، فإنهم كانوا في الماضي يضعون الجثة في نعش يجره الخيول، وكانت باقي عادات دفع الموتي كباقي عادات المصريين,فهنا نحن أمام مجتمع خاص لكنه ليس منعزل, مجتمع مصريين اولا ويهود ثانيا...
أين سكن اليهود وما هي حارتهم؟
في قلب منطقة الموسكي، في حي الجمالية أحد أشهر المناطق التجارية في وسط القاهرة وأكثرها ازدحاما، تقع حارة اليهود, والحارة تشبه المتاهة تضم 360 زقاق ولها 6 مداخل مختلفة أبوابها مزينة بنجمة داوود منذ نشأتها عام 1848 م وهى لم تكن حارة بالمعنى الحرفى بل كانت حياً كاملاً تقع فى وسط القاهرة بين القاهرة الإسلامية والقاهرة الخديوية ويسكنها أعداد من المسلمين والأقباط .. معظمهم حرفيين ومن تحسنت أحواله المادية فقد هجر الحارة .
اليهود لهم حارات فى كل بلاد العالم, فهي تمثِّل مكان تجمع لمعتنقي الديانة اليهودية في اي مدينة أو بلد ما، وظهرت أول حارة لليهود في روما عام 1556. لكن فى مصر لم تكن حارة اليهود مكانا إجباريا ملزما لسكن اليهود في أي زمان من التاريخ الحديث لمصر؛ إلا أنها على الرغم من ذلك حوت عددا من اليهود على مر العصور، ولم تكن حارة اليهود حارة بالمعنى الحرفي، فهي حي كامل فيه شوارع وحارات كثيرة متصلة ببعضها، وتقع في وسط القاهرة بين القاهرة الإسلامية والخديوية.
سكن الحارة أعداد كبيرة من المسلمين والأقباط، وكان سكانها من اليهود مرتبطين بأمرين: أولهما الدخل المحدود، والثاني القرب من مصادر الرزق بالنسبة للحرفيين في الصاغة وغيرها.أما من تحسنت أحوالهم المادية فكانوا يهجرون الحارة إلى عابدين أو باب اللوق أو باب الشعرية. ومن يغتنون أكثر ينتقلون إلى العباسية أو مصر الجديدة.أما التجار من يهود الحارة فقد تركز نشاطهم في الأقمشة والورق والأدوات الكهربائية. وكانت بعض اليهوديات يصنعن الحلوى والمربى ويقطرن الزهر، كما عملن في الحياكة...
تشارك سكان الحاره جميعاً العيش فى الحارة فكانت أبواب الحارة تقفل ليلاً على المصريين جميعاً ممن سكنوها واحتفظ اليهود بطقوسهم الدينية فزينت أبوابهم بنجمة داوود .. وضمت الحارة 13 معبداً يهودياً لم يتبقى منها سوى 3 معابد معبد موسى بن ميمون , أما المعبد الثاني بار يوحاي ويقع في شارع السقالة بينما الثالث في درب نصير وهو معبد أبو حاييم كابوسي .

وتفرعت الحارة الى عدة حارات وشوارع ومناطق
فتجد حارة زويلة ودرب البرابرة والنحاسين و السروجية والصقالبة والسقايين والخراطين والروم وغير ذلك من الأسماء التى لا تعنى أن كل السكان من الفئة التى يدل عليها الاسم. وهناك أيضا أسماء لدروب وحارات وأزقة وأسواق تحمل أسماء لا تختلف عن بقية الحارات والأحياء الشعبية، فهناك درب نصير وحارة المصريين ومكسر الخشب وقاعة الفضة ودرب الكنيسة وحارة سوق الفراخ التى ولد فيها الفنان الكوميدى المحبوب إلياس مؤدب,
سكن هذه الحارة الكبيره نوعين من اليهود, يهود ربانيين ويهود قرائين, الربانيين لا يطلقون على أنفسهم سوا أسماء يهودية وخاصة اسماء العهد القديم التوراه و المشناه ولهم طقوسهم المتشددة في الصلاة والمظهر وطريقة الحياة .. أما القرائين فنجد اسمائهم كأسماء الجنسيات التي استوطنوا فيها فنجد يهود فى سلسلة اليهود فى مصر .. اسمهم بهيه وعبدالواحد وفرج ويوسف ودرويش وليلي وغيرهم...
وعادات اليهود كانوا يلبسون القفطان والجلابية ويأكلون الفول والملوخية والقلقاس هكذا وصفَ موريس شمّاس، سُكان الحارة في كتاب شتات اليهود المصريين للكاتب جوئل بينين فلم يختلف يهود الحارة عن باقي أهلها من أولاد البلد وكان ملبسهم ومأكلهم ومشربهم مُشابهًا لبقية المصريين بإستثناء أنهم كانوا محافظين على استمرار الجالية اليهودية نسيجًا منفصلاً في مصر فعلى حائط كُل شقة يهودية كانت تُعلق النتيجة التي تحفظ التقويم والأعياد بالشهور اليهودية وفقًا لطقوس وتقاليد اليهود الشرقيين حيثُ كانت تختلف تقاليدهم الدينية عن اليهود الذي تغربوا مع الأوروبيين فكانوا يحتفلون بليلة التوحيد في أول نيسان في المعبد فتأتي البداية مع قراءة الآيات الدينية ويصلون فيما كانت الغناء يصدح بالمزامير اليهودية على أنغام الموسيقى الشرقية وكان الشعر يُقرأ ويُغنَى بالعربية مترجمًا وفي منتصف الليل يقرأ أكبر الموجودين سدر التوحيد لعبادة الله بالعربية .
وفي عادات الصيام الأسبوعية كانَ يصوم المسلمون يومي الأثنين والخميس تقرُبًا لله واليهود أيضًا في الحارة كانوا يصومون صيام شوبايين وهو صيام يومي الاثنين والخميس لمدة ستة أسابيع وفي السنة الكبيسة تزداد مدة الصيام إلى ثمانية أسابيع ويعلن بدء الصيام ونهايته في المعبد اليهودي القديم في حارة اليهود وتتم قراءة خمسة عشر جزءًا من كتاب ديني مرتين حتى يقتلوا الشيطان وبعد الصلوات يتم ذبح ” عجل ” تشتريه الجماعة اليهودية داخل المعبد ثم تتم قراءة بعض كلمات موسى .

وكان اليهود يحتفلون بثلاث موالد كبري, مولد حاييم يقول رينييه إنهم كانوا يحتفلون به بالصلاة أولا، بعدها يدق كبيرهم عصاه على خشب هيكل وضعت فوقه أقدم توراة كتبها الأمشاطي بخط يده، ويصعد إلى الهيكل عشرة مصلين، ليقوموا بالصلاة، ويقف كل من في المعبد من الرجال، أما السيدات فلهن الحق في القيام أو الجلوس وقت الصلاة. وحاييم، قيل إن أصله كذلك من المغرب، وقدم إلى مصر في أواخر العصر الأيوبي. وكان مولده يحتفل به نحو 500 يهودي كانوا يعيشون في المحلة، وتحديداً في مناطق أبو القاسم والشافعية ونقرة صبحة.
أما مولد عزرا، فيذكر المؤرخ عرفة عبده علي في كتابه “يهود مصر” إنه يعود لـ”عزرا الكاتب” أحد أجلاء أحبار اليهود، والمعبد الموجود باسمه في منطقة الفسطاط بمصر القديمة يسمى أحيانا بمعبد الفلسطينيين، أو معبد الشوام، ويعرفه الباحثون واليهود المحدثين بـ”معبد الجنيزا” نسبة إلى مجموعة وثائق “الجنيزا” الشهيرة التي وجدت به عام 1890.وهناك مولد اخر وهو مولد " أبو حصيرة" وهذا المولد كان الأكثر صيتا فى مصر كان مولد أبو حصيرة يُقام منذ عام 1907، في أواخر أيام السنة الميلادية من كل عام، في معبد يهودي في قرية “دميتوه” بالبحيرة، وكان يحج إليه مئات اليهود، خصوصاً من المغرب وفرنسا وإسرائيل.

وأخذ اليهود فى الاندماج والانتشار فى مصر منذ ايام محمد على فتقول الوثائق ان تعداد اليهود وصل الى 65 الف وزاد الى 80 الف .. بعد النهضة التى حدثت فى عهد اسماعيل عندما بدأ بتحديث مصر وبناء القاهرة الكبرى, .. فذاع صيت مصر وكانت غنيمة لكل مستثمر اجنبي فنزح وقتها على مصر كل أجنبي وجاء معهم تعداد كبير من اليهود الاسبان و الروس والأتراك العثمانيين وسكن من اوربا ويونان وايطاليين, وامثال شيكوريل أحد مؤسسي بنك مصر يعقوب قطاوي باشا .. وموسيري وكاسترو صاحب بنكك موسيري وشوبر ونحماس وتوبي وعبود وقد امتلكوا العديد من الشركات الضخمة وخاصة فى شارع محرم فؤاد الشارع الارستقراطي فى اسكندريه,
اكبر العائلات اليهودية التي سكنت مصر!
اليهود من الشعوب التى تقدس مفهوم العائلات, ومن النادر ان تجد اليهود أفراد, والطريف ان العائله كلها تأخذ نفس النهج تقريبا, فجد عائلات سياسية أو عائلات نجحت فى الاقتصاد او الفن وغيرها,
والعائلات اليهودية في مصر كانت كثيرة وكان أثرياء اليهود, يبحثون عن المال فوق الأرض وتحتها ،
لكن أشهرها أسماء متداولة استطاعت ان تخترق النسيج المصري, وتتفاعل معه وتؤسس اسماء لا يمكن نسيانها مثل عائلة قطاوي ومصيري وشيكوريل ومنشة وسوارس ورولو وعدس وسموحة ونادر، والأخيرة تزوج من إحدى بناتها بطرس غالي، أمين عام الأمم المتحدة السابق، وكانت عائلة قطاوي وكبيرهم يعقوب بك قطاوي، تتولى أعمال المخابز والجمارك، وتوفر للحكومة ما يلزمها من رواتب للعاملين.
أسست عائلة قطاوي معامل لتكرير السكر، وساهموا في إنشاء عدة بنوك وإدارة احتكروا صناعة الملح والصودا، تليها عائلة موصيري وكبيرهم نسيم موصيري، الذي هاجر لمصر عام 1749، واستوطنها وكانت العائلة من أكبر عائلات اليهود وأكثرها ثراءً، وساهمت في بناء وإدارة عدة دور للسينما والفنادق مثل مينا هاوس وسان ستيفانو بالإسكندرية، كما أسسوا صحيفة عرفت باسم "إسرائيل"، كانت تصدر بالعبرية والعربية والفرنسية.

وكانت عائلة نادلر تشتهر بإنشاء مصانع الحلويات، فضلاً عن عائلة منشة، وكانت مختصة بجمع الضرائب من الفلاحين، وكان أبناء العائلة من أكبر العاملين في البنوك، وأطلقت الدولة اسم منشه على شارعين بمحرم بك بالإسكندرية والمعادي في القاهرة. ويضاف إليهم عائلة سوارس، التى لعبت دورا بارزا فى تأسيس البنوك وامتلاك أكثر من مليون فدان من الاراضي الزراعية, أما عائلة عدس فهي من أهم العائلات التي عملت في الاقتصاد، حيث أقاموا سلسلة محال تجارية بالشراكة مع رجال أعمال يهود آخرين، وكان لمحلاتهم باع كبير في مصر منها ريفولي وبنزايون وعمر أفندي وهانو, كذلك عائلة رولو وسموحة,

وكما نرى ان القطاع العقارى كان من أول القطاعات التي تعرضت للاحتكار على يد اليهود من خلال “البنك العقارى المصرى، وبنك الرهن المصرى، والبنك الأهلى، وبنك مصر، وبنك سوارس” – وهى كلها بنوك يهودية وهى التى نجحت فى السيطرة على الأراضى الزراعية وفاءً لديون كبار الملاك.
وقد أثر ذلك على الشعب المصري فقد بلغت الديون على المزارعين المصريين للبنوك اليهودية عام 1928 حوالى 33 مليونا و 461 ألف جنيه ، وهو الأمر الذى أدى إلى اتساع ظاهرة إنشاء الشركات العقارية والتى وصل عددها عام 1938 إلى 26 شركة.
بخلاف ذلك سيطر اليهود سيطرة شبه كاملة على قطاع التمويل والتأمين فتمسكوا وساهموا فى كافة البنوك الموجودة بما فيها بنك مصر، كما أنشأوا شركات تمويلية خاصة مثل شركة إخوان سوارس، والشركة المصرية للتوظيف والائتمان، بالإضافة إلى شركة التأمين الأهلية، المصرية للمشروعات المدنية، كذلك فقد احتكرت العائلات اليهودية – خاصة موصيرى وقطاوى – عمليات تصدير القطن وأنشأت عشرات الشركات فى هذا الصدد.
كما سيطر اليهود على صناعات الطباعة، والجلود، والألبان، والحلوى، والطحن، والكهرباء، ولم تخل قائمة مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية من مشاركة يهودية مثل “جاك ليفى”، أو موريس ليفى فى غرفة صناعة الحلوى، وجورج ليفى فى الطباعة، وسى كليمان فى غرفة السينما، وجاك مزراحى فى غرفة الطحن.
واهتمت الرأسمالية اليهودية بالمشاركة فى إدارة الشركات القائمة على التعدين وكانت من أقدم الشركات حينذاك شركة التعدين المصرية، وكذلك شرطة التعدين الأنجلو مصرية.
وفى هذا الإطار المؤسف أهينت العمالة المصرية من المسلمين والأقباط وتعرضوا لمشاكل جمة ويكفى أن نشير إلى ما ورد فى إحدى شكاوى عمال شركة كوم أمبو والمسجلة ضمن شكاوى الثلاثينات باتحاد الصناعات “إن الشركة تقوم بإذلال الشعب المصرى وتسخيره لأغراضها، ومعظم الموظفين من اليهود والأجانب، وفى الوقت الذى تصل فيه أجره أقل واحد منهم بين 100 و150 جنيه فى الشهر، فإن أجر العامل المصرى لا يتجاوز عشرة قروش فى اليوم

ولكن على الجانب الآخر كان دور اليهود فى الثقافة المصرية محوري جدا, لا يمكن ان نقول ان هناك مسرح مصري بالمعنى المفهوم للكلمة سوا بكتابات العبقري اليهودي يعقوب صنوع وهو يعتبر رائد الصحافه المصريه الساخرة ورائد المسرح المصري, فقد أصدر الصحف النقدية والساخره وكان مبدع وذكي, فاطلق عليه اسماعيل لقب موليير مصر, فقد أنشأ مسرح مصر 1870 وقدم حوالي 26 مسرحيه تدافع عن الحقوق والحريات, وأصدر صحفية بأسم ابو نضاره, وقد استاء منها الخديوي اسماعيل و غلقها ... وهو صاحب أشهر مقولة وطنيه "مصر للمصريين" وقد اتخذها من بعده النديم ومصطفى كامل شعارا للوطنية و للدفاع عن الوطن .
وفى الموسيقي ابدع داود حسني, وهو ملحن وموسيقار 1870 لعائلة مصرية من طائفة اليهود القرائين واسمه الحقيقي دافيد حاييم ليفي, ومن أشهر ألحانه الشعبية, اسمر ملك روحي, والبحر بيضحك ليه وانا نازله ادلع املا القلل وعائله مزراحي من أوائل العائلات الفنية التى تبنت الفن على انه صناعه ,, وكان له مقولة شهيرة تقول" لا تستطيع ان ترى السينما مجانا" وفتح اكثر من عشرة دور للسينما ...
وطبعا لا ننسي عائله مراد او مردخاي, التى خرجت منها الجميله ليلي مراد واختها سميحه, واخوهم الملحن البارع منير مراد, وليلى مراد وهي من مواليد 1918 في الإسكندرية لأسرة يهودية، وكان اسمها "ليليان" و والدها هو المغني والملحن إبراهيم زكي موردخاي الذي قام بأداء أوبريت "العشرة الطيبة" الذي لحنه الموسيقار سيد درويش، وأمها جميلة سالومون يهودية, وقد طالت الاشاعات ليلي مراد عام 1959 فظهرت اشاعه فى الصحف السورية بضرورة مقاطعة عائلة ليلى مراد لان هناك اخبار تقول ان ليلى مراد تبرعت بمبلغ 50 الف لصالح المجهود الحربي في اسرائيل, وبالتأكيد هذه الاشاعه أثرت على ليلى مراد التى خرجت الى الصحف ونفت وقتها ليلي كل هذه الإشاعات المغرضة واكدت انها مصريه وطنيه ولا تؤيد الدولة الصهيونية وقيامها بهذا الشكل... وكتبت خطاب الى السيد محمد نجيب رئيس الجمهورية تنفي فيه كل هذه الاتهامات وتحققت المخابرات المصريه من ذلك وتم تبرئتها ..
نجد ايضا راقية إبراهيم اسمها الحقيقي راشيل إبراهام ليفي, لأسرة مصرية يهودية، وكان أول أعمالها السينمائية "ليلى بنت الصحراء" و كيتي، وهي الراقصة اليهودية كيتي فوتساتي، التي شاركت إسماعيل ياسين بطولة عدد من أفلامه مثل "عفريتة إسماعيل يس
وتوجو مزراحي من اهم الاسماء التي لعبت دورا بارزا فى السينما ويمكن ان نقول انه من أهم الشخصيات اليهودية في تاريخ السينما المصرية وأكثرها أهمية في تأثيرها، قدم نفسه للفن باسم مستعار هو "أحمد المشرقي"، وأسس شركة للإنتاج السينمائي، وقدم أفلامه "الهاوية" و"الكوكايين وشارك مع المخرج أحمد بدرخان في إنشاء أول نقابة للسينمائيين في مصر، ثم أعلن عن هويته اليهودية الحقيقية من خلال تقديمه لسلسلة أفلام بطلها شخص يهودي مصري بدأت عام 1932 بفيلم حمل عنوان "5001"، وفيلم "شالوم اليهودي"، ثم "شالوم الرياضي" عام 1933، ثم "شالوم الترجمان" ....

ومثل ماهو واضح ان اليهود لم يكونوا منعزلين عن الحياة الاجتماعية والفنية, لم يكونوا ايضا منعزلين عن ركوب الموجة الاقتصادية فى الاستثمارات وإنشاء البنوك والشركات وسلاسل المحلات التجارية, فبدأت المشروعات الكبرى لليهود فى التأسيس, والتعامل المباشر مع الخديوي, فكان اليهود أصحاب نفوذ وفكر ومال, وكانت في مقدمة الاستثمار عائلة سوارس، وارتبط اسمها بتأسيس أهم البنوك المصرية، فأنشأ أبناؤها البنك الأهلي، والبنك العقاري، وتحكموا في أكثر من مليون فدان من الأراضي الزراعية، كما ساهموا في إنشاء خطوط السكة الحديدية وأنشأوا شركة لنقل الركاب, وكان اليهود لديهم طريقه خبيثه جدا فى التعامل بالقروض مع بنوكهم, وقد اقترض منهم الخديوي إسماعيل اكثر من مرة, فكانت تعطيه القرض وتستقطع منه ربحها مقدماً, اي انه مثلا اذا اقترض اسماعيل 13 مليون, يحصل منها فقد على 9 مليون, وتستقطع ربحها مقدما ويدفع الباقي على دفعات ..
كما اشتهر اليهود فى تجارة الأقمشة والملابس والأثاث حتى إن شارع الحمزاوى والذى كان مركزا لتجارة الجملة كان به عدد كبير من التجار اليهود كذلك جاءت شركات مثل شركة شملا وهى محال شهيرة أسسها كليمان شملا كفرع لمحال شملا باريس وقد تحولت الى شركة مساهمة عام 1946 برأسمال 400.000 جنيه مصرى .
وترجع حكاية ظهور فكرة المضاربات والبورصة إلى اليهود، حيث تعود نشأة البورصة إلى صاحب حانة يهودي يدعى (فادى بورصو) وحانته تقع على رصيف ميناء مدينة (بروج) البلجيكية وكان بحارة السفن الراسية يتبادلون السلع والعملات فيما بينهم في حانة بورصو وكان بورصو يقوم بالكثير من أعمال الوساطة والتثمين بين البحارة، وقد شجع هذا العمل المربح كثيرا من أقاربه اليهود على تطبيقه في كثير من الموانئ الأخرى وأطلقوا على هذه الحانات (حانة بورصو) بهذه الشهرة أصبح كل مكان يمارس هذه الأعمال من مقايضة وتثمين وسمسرة (بورصو أو بورصا أو بورصة) وهى سوق المال الآن. والطريف ان مثل هذه الأنشطة أيضا كانت تمارس في الحانات (المقاهي) في مصر فما زالت المقاهى الكبرى القديمة والشهيرة تكتب على واجهاتها كلمة البورصة بدلا من مقهى حتى الآن.

أما شركة شيكوريل فقد اسستها عائلة شيكوريل الايطالية الأصل عام 1887 ورئيس مجلس إدارتها مورينو شيكوريل عميد العائلة وكان رأسمال الشركة 500.000 جنيه وعمل بها 485 موظفا أجنبيا و142 موظفا مصريا .وفى عام 1909 افتتح محلا جديدا فى ميدان الأوبرا والذي حوله أبناؤه سولومون ويوسف وسالفاتور إلى واحد من أكبر المحال التجارية فى مصر وفى عام 1936 انضمت اليهم عائلة يهودية أخرى فأصبحوا يملكون معا مجموعة محلا اوريكو .

وكان يوسف بك شيكوريل من مؤسسي بنك مصر عام 1920 كما كان أخوه سالفاتور بك شيكوريل عضوا فى مجلس ادارة العديد من الشركات وعضوا في مجلس إدارة الغرفة التجارية المصرية ثم رئيسا لها وكان ضمن البعثة الاقتصادية المصرية التى سافرت الى السودان بهدف تعميق العلاقات التجارية بين البلدين وفتح مجالات جديدة أمام رؤوس الأموال المصرية فى السودان.
ولعائله شيكوريل قصه مرعبه مازلت صداها يدوي فى الشارع المصري
عندما قرر سولومون شيكوريل الزواج, فاشترى فيلا فاخرة فى حي الزمالك الراقي ليسكن بها, وظل الوضع هادئ كما هو عليه حتى استيقظ الشعب المصري على صوت بائع الجرائد يصرخ مناديا اقرأ الحادثة اقرا الحادثة... مقتل التاجر سولومون شيكوريل صاحب محلات شيكوريل الشهيرة, تحت عنوان مقتل المرحوم شيكوريل ومعه صور خريستو السائق الشخصي له وادواردو السائق الشخصي لزوجته, حيث قام السائقين بمساعدة صديق لهما من الفيلا ليلا بمحاولة سرقة سولومون وعند حاول مقاومتهم, تم طعنه أحد عشر طعنة ومات مقتولا أمام زوجته, وتم الحكم عليهم بالإعدام..
بعد وقت قصير توفي ابن سلمون الطفل في نفس الفيلا اثر سقوطه من أعلى شجرة المانجو داخل الفيلا, وبعدها انتحرت زوجه شيكوريل فى نفس الفيلا ايضا.. وعندما جاءت قرارات التأميم من الدولة انتزعت فيلا شيكوريل من الورثة, فظلت مغلقة لمدة ثلاثين عاما دون ان يجرؤ احد على الاقتراب منها بعد وفاة عائلة شيكوريل بها ..إلى ان اشتراها احمد شفيق ابو عوف والد الفنان عزت ابو عوف ومها أبو عوف, عام 1957, ورغم تحذير الجميع من هذه الفيلا والبلاغات التى كانت يشتكي من وجود أصوات غريبة صارخة والتي يسمعها كل سكان شارع سريلانكا بالزمالك, وقد تجاهلت عائله ابو عوف هذه المخاوف, إلى ان سكنوها وعرفوا بوجود أشباح داخل الفيلا, فكان تصدر اصوات ترعبهم واشباح تمشي بخطوات سريعه ولكن احدى اكثر الاوقات هدوءا حين يبدأ شيكوريل العزف على البيانو, تدريجيا لم تعد العائله يثيرها الرعب من شيكوريل وبدأ فى التأقلم مع الوضع, وتؤكد الفنانة مها ابو عوف ان شيكوريل كان يظهر أمامهم بأستمرار, ولكن والدهم كان دائما يسخر منهم ويقول لا اصدق احد منكم دعوه يظهر لي وأنا سأفعل وأفعل .. حتى جاء اليوم المشؤوم وسافر كل أفراد الأسرة وتركوا احمد شفيق داخل الفيلا يعمل على لحن جديد وبعد ان أتم اللحن اكتشف أنه نسي ان يضغط على زر التسجيل فى جهاز الريكورد, وجد ان جهاز التشغيل به عطل وانه قد نسي اللحن وضاع اللحن, وفى لحظات حزنه بدأ يسمع اللحن وان اوتار العود تتحرك, فظن أنها مجرد تهيؤات وبعد ان أتم عزفه ذهب الى غرفته وحاول ان ينام قليلا وصدم بانه رأي شخصا واقف على باب غرفته, وعندما رآه ظل شبح شيكوريل يقترب اليه ويقترب فصرخ احمد وخرج خارج الفلا بملابسه الداخليه وانطلق الى الاسكندريه الى ابناءه وزوجته واخبرهم انه رأي شيكوريل, وبعد ما تأكد بوجوده , احضروا شيخا وقسيسا وحاخامات محاولة منهم يطرده من المنزل, ولكن الشيخ اخبرهم انه ليس من الصواب طرده لان روحه مرتبطه فى الفيلا وربما ينقلب عليهم اذا حاولوا ذلك, فظلت الأسرة مقيمة بها ومتعايش مع الوضع حتي 2007 قرروا بيع الفيلا, ولكن حدثت العديد من المشكلات فظلت مغلقة الى هذا اليوم ...
والاستكمال عن أكبر عائلات اليهود الذين ساهم تواجدهم فى مصر تأتي عائله رولو ساهمت أيضاً في إنشاء بعض البنوك مثل البنك الأهلي، أما عائلة عدس فهي من أهم العائلات التي عملت في الاقتصاد، حيث أقاموا سلسلة محال تجارية بالشراكة مع رجال أعمال يهود آخرين، وكان لمحلاتهم باع كبير في مصر منها ريفولي وبنزايون وعمر أفندي وهانو،
ويأتي بعدهم عائلة سموحة، وكانت من أكبر العائلات في الإسكندرية، و احتكروا مضارب الأرز، وتكرير السكر والغزل والنسيج، وسميت منطقة سموحة بالإسكندرية باسم العائلة الملكية أفرادها لتلك الرقعة الكبيرة من الأراضي....

والأفكار والمعاملات اليهودية لازال يسير على خطاها المصريين حتي هذه اللحظه
فترجع ايضا فكرة الشيكات المصرفية والكمبيالات لليهود، فالشيك اخترعوه كبديل موازٍ للمسكوكات، و اشتقوا كلمة (شيك) من المعنى الكنعاني العربي (سك) وينطق عبريا شك أو شيك.
ودخل اليهود فكرة ممارسة ألعاب المغامرات المختلفة، وكثير من الاشارات والمسميات في مفردات هذه الألعاب هى يهودية في الأصل. وقد توسع اليهود في مجال المضاربات و ابتدعوا فكرة أوراق (اليانصيب) والمراهنات والتى واجهت معارضات شديدة من كنائس أوروبا وعلى رأسها الفاتيكان الذي كان يرى: (أن الحظ في الدنيا أو الصدفة انتظارا لجزاء الرب هى من اختصاص الكنيسة فقط)، إلا أن اليانصيب اليهودى انتصر كالمعتاد في النهاية بفضل كل نبيل ودوق وأمير في مدن أوروبا والمنتفعين والمحتاجين للمال اليهودى المهيمن عليهم. وظل اليهود يبتعدون فترة يبتعدون عن أعمال التأمين بسبب احتمال مخاطره إلا أنه بعد تطور أعمال السلامة والحماية المدنية والمهنية في العالم سلك اليهود هذا المجال حاليا.

ومن العادات التي مازالت فعالة في تاريخ البنوك فى مصر, انه معروف ان يوم السبت (شبات قدوش) يوم مقدس عند اليهود يحرم العمل فيه، فقد كانوا يغلقون متاجرهم وأعمالهم المالية والمصرفية فيه وصارت البنوك ليومنا هذا تغلق يوم السبت في كل أنحاء العالم دون أن يخطر ببال أحد وحتى العاملين في البنوك لماذا السبت إجازة لهم في كل العالم؟.
أما حكاية الكمبيالات وإيصالات الأمانة وما عرف بالشيكات الخطابية (قبل نشأة البنوك) فقد ابتدعوا هذه الفكرة نتيجة لخوف اليهود من تعرضهم للسرقة أثناء الانتقال من مكان إلى أخر داخل الدول، فكان اليهودى يودع نقودا عند صراف يهودى ويأخذ منه شيكا في صورة خطاب مشفر موجه لمصرف يهودى في المكان المسافر فيه المودع، وكان الخطاب يحتوى على بعض الآيات من الأسفار التوراتية يفهم الصراف الصراف فقط منها المبلغ وصحة اسم حامل الخطاب.
ويمكن القول ان اليهود فى مصر استطاعوا تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة بلغت أقصاها في الفترة من 1940 وحتى 1946 فى الوقت الذى كان الاقتصاد العالمى يعانى فيه ركودا نتيجة ظروف الحرب العالمية الثانية .
واستطاع يهود مصر ان يصبحوا أغنى طائفة يهودية في الشرق الاوسط ولم يتأثروا بإلغاء الامتيازات الأجنبية عام 1937 او انخفاض معدلات الهجرة الى مصر او حتى صدور قانون الشركات رقم 138 والذى صدر فى يوليو تموز 1947 لتنظيم الشركات المساهمة .

فهل اقتصر دور اليهود ونشاطهم على ذلك فقط ؟ لا لم يقتصر على ذلك وإنما ساهموا وشاركوا في كل نواحي الحياة فنجد في الرياضة أيضا قد أسسوا اشهر نادى فى مصر فى بداية العشرينات ويدعي نادي مكابي أسهم عدد من العائلات اليهودية الرأسمالية مثل شيكوريل، وعاداه، وقطاي في تأسيس نادي مكابي القاهرة، وتولى رئاسته سلفاتور شيكوريل في الفترة من 1930 حتى 1934، ثم خلفه إيزاك إميل الصهيوني الشهير وأحد أبطال في لعبة الملاكمة.
وسلفاتور شيكوريل كان بطل مصر في لعبة سيف المبارزة، ووصل إلى نهائي دورة الألعاب الأولمبية عام 1928. برز فريق كرة السلة بنادي مكابي وحصل على بطولة مصر في هذه اللعبة مركز أول على العالم, وقد رفع علم مصر فى هذه البطولة وأيضا أسسوا العديد من الأندية والجمعيات مثل جمعية الشبان القرائين, والاتحاد القرائين, ونادي الشبيبة الاسرائيلي, والشبيبة اليهودي, وكانت هذه الاندية والجمعيات تضم فرق لكرة القدم والسلة والتنس, ورفع الأثقال والمصارعة, وكانت الأندية تشرف على تنفيذ الرحلات داخل كل ربوع مصر ومن أشهر الرحلات كانت فى الاهرامات...

ولم يكن هناك ادني مشكله او اندهاش ان يشترك مسيحي او مسلم داخل هذه الأندية مثلما سكنوا في حارتهم بدون أي تحفظات, ومن أشهر الذين سكنوا حارة اليهود كان الرئيس جمال عبد الناصر, فقد عاش بضع سنوات من صباه فى إحدى شقق منزل يمتلكه يهودي في حارة خميس العدس وهي الحارة التي تشكل أحد مداخل حارة اليهود فى الجمالية.
وقد كان صاحب البيت الذى قضى فيه جمال عبد الناصر سنوات دراسته فى المرحلة الثانوية، مواطنا بسيطا يدعى المعلم يعقوب فرج شمويل يعمل فى إصلاح بوابير الجاز ويقع المحل الذي يزاول فيه مهنته فى الدور الأرضى بالمنزل نفسه.
كان جمال يعيش مع أسرة عمه خليل سنوات دراسته, وكان يتنقل بين عدة مدارس بسبب تنقل مقر عمل والده فى البريد المصرى. وحسب ما علمناه من سكان الحارة أن منزل الخواجة شمويل الذي سكن فيه عم جمال كان يعيش فيه أيضا يهود ومسلمون ومسيحيون تماما كما هو الشأن ذاته فى باقى العمارات السكنية وهو طابع مصرى صميم، فلا غرو أن تجد مسلمين يستأجرون شقة فى عمارة يملكها مسيحى وعلى بابها وفى مدخلها رموز خاصة بالديانة المسيحية والعكس صحيح تماما ويشهد به الواقع الحالي..
وهناك العديد من رموز المجتمع المصرى كانوا يهودا وصلوا إلى أعلى المناصب فمنهم من تولى الوزارة واشترك فى لجنة وضع دستور 1924، بل إن حاره اليهود نفسها تمتعت بحرية دينية كبيرة فقد كان بها 13 معبدا بقى الآن منها 3 معابد أشهرهم معبد "موسى بن ميمون" فيلسوف يهودي لديه كتاب مشهور اسمه " دلالات الحائرين" هذا الكتاب يباع في مكتبات الشعرية الى هذه اللحظه, ابن ميمون كان رئيس الطائفة الدينية في مصر أيام الناصر صلاح الدين وكان طبيب يدخل ويعالج أبناء الملوك فذاع صيته وشهرته, فبنوا له هذا المعبد كان اليهود والعامة يتبركون به ويعتقدون أنه مصدر لجلب الرزق فمن تكون عاقر تذهب إليه ومن تريد الزواج تذهب إليه وكذلك المرضى فكان مزار الاف من كل البلاد, وكانت تسعيرة الدخول ب 15 قرش فى منتصف ثلاثينيات القرن الفائت, وإذا أردت المبيت في التسعيرة تصبح 30 قرش..
وبعد فتره وجيزه من تواجدهم بدأ اليهود بناء المعابد الخاصة بهم في مصر مع نهايات القرن الـ19، وازدادت الوتيرة خلال القرن الـ20. ومن أشهرها، "معبد عدلي" أو"شعار هاشمايم" (ومعناها "بوابة الجنة") والذي عُرف أيضا بـ"معبد الإسماعيلية".
يقع المعبد بشارع عدلي بوسط العاصمة القاهرة، ويعد من أفخم المعابد اليهودية في القاهرة، وإن كان من أحدثها بناء أيضا، فقد بني عام 1905 برعاية عدة عائلات يهودية أرستقراطية على رأسها عائلة موصيري. ولا تزال بداخل المعبد لوحة تضم المشاركين والمتبرعين في بنائه, معبد بن عزرا ويقع في منطقة الفسطاط بحي مصر القديمة. ويعد هذا المعبد واحدا من أكبر وأهم المعابد, لاحتواء مكتبته على نفائس الكتب والدوريات اليهودية التي تؤرخ لوجود طائفة اليهود في مصر ويلي هذان المعبدان في الأهمية، معبد موسى بن ميمون, الذي ولد في شهر مارس عام 1135 م في قرطبة بالأندلس وأقام فى مصر وتوفى بها فى 13 من شهر ديسمبر عام 1204م حيثُ دُفنَ بمدفن خاص بجوار المعبد حتى نُقلت رفاته إلى طبرية بفلسطين, وكان موسى بن ميمون عالما بارعا فى العلوم الدينية اليهودية وعلوم الطب والرياضة والفلسفة ويُذكر أنه عملَ كطبيب للأمير نور الدين على أكبر أبناء صلاح الدين الأيوبى وألّف كتبا فى الطب والهندسة وعلوم اللاهوت أثناء إقامته فى مصر
وفي الإسكندرية، العاصمة الثانية لمصر، توجد عدة معابد يهودية، أشهرها معبد الياهو حنابي بشارع النبي دانيال، وهو من أقدم وأشهر معابد اليهود في المدينة الساحلية. وتعرض هذا المعبد للقصف من الحملة الفرنسية، وأعيد بناؤه مرة ثانية سنة 1850 بتوجيه ومساهمة من أسرة محمد علي.
يليه معبد دي منَسَّى، الذي شيده يعقوب دي منَسَّى الذي ترأس الطائفة اليهودية في القاهرة عام 1869 والذي انتقل في العام 1871 للإسكندرية. يذكر أنه يوجد شارع في المحافظة باسم يعقوب منَسَّى.
وتزخر الإسكندرية بمعابد يهودية أخرى، هي معبد الياهو حزان في شارع فاطمة اليوسف في حي سبورتنج والذي بني عام 1928، وكانت تقام به حفلات الزفاف الكوبري, ولهذا المعبد رمزية كبيرة عند اليهود وعموم المصريين بمساحته الواسعة وقدمه وأهميته الأثرية والتاريخية حيث يضم مقاعد خشبية تتسع لـ700 شخص، بالإضافة إلى غرفة خاصة لتخزين التوراة القديمة، إذ توجد 63 نسخة داخل هذا المعبد الذي يعود إنشاءه إلى عام 1354 وكان قد تعرض خلال حملة نابليون على مصر، للتدمير بسبب الحرائق وأعيد بناؤه مرة أخرى في عام 1850, ومن الأخبار السعيدة بالنسبة ليهود الاسكندرية هو اعادة افتتاح هذا المعبد العام الماضي بعد عمليات ترميم دامت لسنوات وذلك حرصاً من الحكومة المصرية على تراث البلد متعدد الثقافات,
استغرقت عمليات الترميم في المعبد حوالي 26 شهراً وهي ترميمات قامت بها الحكومة المصرية دفعت تكاليفها بالكامل لإعادة الترميم والوصول الى الشكل الأصلي الذي كان عليه الكنيس مثل اعادة النوافذ الزجاجية الخضراء والبنفسجية اللون والأعمدة والأقواس وهي عملية كلّفت وزارة الآثار المصرية أكثر من ستة ملايين دولار أمريكي.
ومعبد جرين الذي شيدته عائلة جرين في حي محرم بك عام 1901، ومعبد يعقوب ساسون الذي شيد في عام 1910 في جليم، بالإضافة لمعبد كاسترو الذي أقامه موسى كاسترو عام 1920 في محرم بك، ومعبد نزاح إسرائيل الاشكنازي الذي بني عام 1920، وأخيراً معبد شعار تفيله الذي أسسوه في حي كامب شيراز....
...
معني ذلك انه لم تكن هناك أدنى مشكلة ولو صغيرة فى تواجد اليهود وفي توغلها بين الشعب كمواطنين مصريين من الدرجة المتساوية لكل مواطن ... اذا فماذا حدث حتى ينقلب عليهم المصريين, وحتي يخرجون دفعات متتالية دون رجعه ؟
مثلما لعب اليهود دور بارز فى الحياه الاجتماعيه والاقتصاديه لعبوا أيضا دورا كبيرا فى الجانب السياسية, وقد كانت مصر تتعامل معهم كمواطنين لهم حق التعبير وحق الحرية في بلادهم, فحتي مصر 1935 لم يكن لديها ادنى مشكلة مع اليهود, ولا حتى مع المستوطنات اليهودية في فلسطين, ولم يكن لمصر أي رأي معادي او اي دخل فيما يخص هذه القضية, وفي السطور القادمة الاسباب التي ادت الى الشحن والعداء ضد يهود مصر..
فى البداية عام 1905 حين صدر وعد بلفور بتأسيس دولة إسرائيل في فلسطين خرج الآلاف اليهود فى مصر بمظاهرات عارمة تحيه وفرحه مؤيدين قرار بلفور, ولم يكن وقتها عند المصريين أدني اعتراض, لا من البوليس ولا من عامة الشعب وفى هذه الاثناء تأسست الجامعة العبرية وعندما تم افتتاحها, بعتت مصر وفد من كبار رجال الدولة لتهنئتهم بقيادة لطفي السيد,
بعدها تم تأسيس أول تنظيم للاتحاد الصهيوني في مصر, عام 1917 بقيادة ليون كاسترو, وليون كان سكرتير سعد زغلول وعضو في الاتحاد المفوض الذهاب لباريس ضمن حزب الوفد وصديق مقرب من سعد زغلول.. وكان من كبار أعمدة المجتمع اليهودي, رجل كان محل تقدير واحترام الجميع وقد أصدر مجلة اسمها ليبرتيه وكان عائدها المالي مخصص لدعم حزب الوفد, ومهمتها ان تنقل صوره ايجابيه الى الاجانب المتحدثين الفرنسية فى مصر
لكن بعدها لعب ليون كاسترو دور سلبي فى الاتحاد الصهيوني الذي أسسه وكان مقر الحركة في شارع عماد الدين, فكان كبار دعاة الصهيونية يزورون مصر بصفه منتظمه, محاولة منهم لإقناع اليهود المصريين ان ينضموا الى الحركة, وكانت حكومة مصر على علم أيضا بهذا, وعندما زار "حاييم وايزمان" رئيس المنظمة الصهيونية خرج بانطباع كتبه بعد ذلك فى مذكراته يقول ان يهود مصر مثلهم مثل الاقباط والمسلمين ولا فائده منهم للشعب اليهودي... فقد كان عامة اليهود مواطنين منتمين الى مصر من الدرجة الأولى
وكتب أيضا حاييم ان اثنين فقط هم من لديهم الفهم من بين كل يهود مصر وهو "موسيري وليون كاسترو" هؤلاء هم أكبر اثنين كانوا يمتلكون رأس الماس .. ومع بداية الكلام وانتشار ان اليهود يسعون إلى إنشاء دولة اسرائيل خافت بقية الطبقة الغنية منهم لأن تكون دولة اسرائيل هو نهاية الطبقه اليهوديه الرأسماليه فى مصر فكروا انه بالتأكيد سيكون هناك صراع سياسي بين مصر والدولة الحديثة, لذلك نجد القطاوي باشا احدي معارض انشاء دولة اسرائيل بالفكر الصهيوني هذا, وكذلك عائله شيكوريل كانت لهم انتمائات مصريه خالصه, وخاصة ان كان معروف كرياضى سابق وكابتن منتخب مصر فى المبارزة و شارك في دورة امستردام الأوليمبية سنه 1928 ..
وفي عام 1935 بدأت إسرائيل فى التسلح ضد دولة فلسطين وبدأو يفتعلون المشاكل ويغتصبون الأراضي بسنادات قانونية وغير قانونية ويغرون الفلسطينيين على البيع مرة وعلى إجبارهم بالخروج منها مره وبدأت المشكلات بينهم تتفاقم, فحدثت الثورة الفلسطينية في فلسطين احتجاجا على أفعال اليهود.. وانتقل إلى مصر فقام المصريون بمساندة الفلسطنيين فى مظاهرات مماثلة في ربوع المعمورة وكانت تلك أول مرة يخرج المصريين فى جو عدائي للصهاينة عامة وعلى مستوى اقل ضد يهود مصر ..

من سنة 1935 الى 1937ابتدأ يتنامى الشعور العدائي للمستوطنات الإسرائيلية وفي أواخر الأربعينات بدأ الفكر الشبابي اليهودي في مصر, يشجع ما يحدث فى اسرائيل وبدأت تأسيس حركات شبابية أخرى من قبل يهود مصر, فبدأ يجمعون التبرعات لصالح اسرائيل ويحثون اليهود البسطاء على مساندة إخوانهم اليهود وابتدأ البوليس يتابعهم,
سنة 1947 حدث التقسيم الفلسطيني الأول.. وحدثت فى مصر مظاهرات عنيفة جدا من حزبين, اولهم الحزب المتطرف فى افكاره وهم الاخوان المسلمين بقيادة حسن البنا, وكانوا الأكثر عدوانية وعنف ضد اليهود والحزب الثاني هو حزب مصر الفتاة بقيادة مؤسسه احمد حسين..
وبدأ عداء الإخوان المسلمين فى الاشتعال ضد اليهود فى يوم 3/ نوفمبر سنة 1945 .. خرج البنا بمظهره ضخمه وخطب الالف من الشباب من الجماعه من امام ميدان عابدين, لتتوجه الالاف من الشباب في مجموعات الى حارة اليهود لها جوها ويكسرون ويقومون بحرق وتكسير المحلات والمعابد.. " وذلك ما ذكره "جويل بينين" فى كتاب شتات اليهود المصريين" ولكن الحادث المأساوي والأكثر عنفا هو تفجيرات حارة اليهود سنة 1947 وحرق المحلات الكبرى المملوكة لليهود ..
وبدأت كلمة يهودي تصبح اتهام مباشر انك تساند اسرائيل
وخرج بيان من الداخلية لم يتم تنفيذه ينص على طرد كل اليهود الموجودين فى شارع البستان لان كان فيه مقر جامعه الدول العربيه ومنعا لحدوث مشكلات شغب صدر بيان بطردهم .. ولكن تدخلت الدول الأجنبية ولم ينفذ القرار ,وتفاقمت المشكلات ضدهم ففي عام 1948 بدأت السلطات المصريه فى اعتقال الكثير من اليهود الشيوعيين والصهاينة وحجزهم فى المعتقلات
من 1949 الى 1953 كان كل كبار رجال الأعمال اليهود قد صفوا مشاريعهم بالكامل وخرجوا خارج مصر. ولكن لم يذهب أحد منهم الى اسرائيل فقد ذهب معظمهم إلى فرنسا واسبانيا وسافر شيكوريل مثلا إلى أفريقيا وكون بيزنس ضخم جدا..ومن الجدير بالذكر أنه لم يكن هناك تعليمات بخروجهم ولكن هم أنفسهم شعروا ان هناك حرب ضدهم
وجاء الرئيس محمد نجيب وكان له دور حكيم ورشيد فى التعامل مع اليهود المتبقين وذهب بنفسه الى حارة اليهود ومعه أحد المشايخ الذين صدرت لهم فتوى ضد اليهود وأجبره على الاعتذار وله عدة مواقف أخرى تساند يهود مصر ففي موقف آخر قد احترق أحد مصانع العيش اليهودي والدقيق الذي يصنعون منه العيش المقدس الخاص بالصيام, فقام محمد نجيب باستيراد نوعيات الدقيق خصيصا لهم ..
ومن بعده جاء عبد الناصر بعد محاولة اغتياله, وقد عمل الناصر على توطيد العلاقة بينه وبين اميركا, فشعر اليهودي أنه تم اهانته من المجتمع الدولي افتعلت الكثير من المشكلات داخل مصر, جندت مجموعة من الشباب لحرق العديد من الأماكن في القاهرة, ولكن لم يكن حالة وفاة واحدة .. وتم القبض عليهم واتهم فيها فينحاس لافان وهذا ادى الى قلق شديد بين الشعب والسلطة الحاكمة ويهود مصر واتهام أي يهودي بأنه ربما يكون جاسوس وبعدها قامت عمليه ايضا سميت فى الاوراق الاسرائيلية ب سوزانا ..
وحكم على اثنين منهم بالاعدام فى مصر وقد حرص عبد الناصر وقتها على التفريق بين اليهود والصهاينة.. ولكن بعد هذه العملية نسجت العديد من القصص بأن الحكومة المصرية توافق لليهود وتلصق بهم اي اتهامات والغرب يتهم عبدالناصر بشكل غير مباشر بأن له ميول نائية ايضا.. ومن ثم جاءت الحرب العدوان الثلاثي على مصر وبدأ المصريين بطرد كل يهودي من مصر وفي غضون شهور خرجت الطبقة الوسطى والطبقة الفقيرة كلها من مصر الى اسرائيل.. واشترط البوليس المصري على كل يهودي خارج من أرض مصر ان يتنازل عن جنسيته المصرية وإقامته وعن حق العودة مرة اخري الي الاراضي,

 
 
 

التعليقات :

قد تعجبك هذه المواضيع أيضاً

أحدث المقالات