جمهور «القاهرة السينمائى» ينتصر للقصة قبل المناظر

أماني صالح 17 مايو 2022 مهرجان القاهرة السينمائي.. نظرة عن قرب

الكاتب : أماني صالح
فى استبيان مجلة الفيلم: جمهور «القاهرة السينمائى» ينتصر للقصة قبل المناظر ”قصة ولا مناظر؟“.. سؤال وجهه عادل إمام لمحمد هنيدى بعد أن لاحظ طوابير الجمهور أمام أفلام المهرجان ولما كانت الإجابة بعدد من المناظر، تحمس «المنسي« لشراء تذكرة الفيلم رغم ارتفاع سعرها حسب اعتراض صديقه ليقنعه بجملة ”دى حاجة بتحصل من السنة للسنة“.


لخص هذا المشهد ضمن أحداث فيلم المنسى للكاتب وحيد حامد والمخرج شريف عرفة عام ١٩٩٣ ظاهرة النجاح الجماهيرى لأفلام مهرجان القاهرة و سببها ما قيل عن انفتاح الرقابة مع الأفلام ــ وقتذاكــ مقارنة بالأفلام المعروضة طوال العام ولكن بعد ٢٦ سنة لم يعد الجمهور يجرى وراء الأفلام بحثًا عن «المناظر« فالإنترنت تقدم لهؤلاء الباحثين المناظر مجانية «ديلفرى» حتى باب البيت سواء على شاشات الكمبيوتر أو قنوات ”الدِش!“ جمهور مهرجان القاهرة له توقعات وتحركه متطلبات ..يسعى نحو سينما غير تقليدية.. جمهور مطّلع على مهرجانات عالمية خارج مصر يعقد المقارنات ويقدم مقترحات.
لذلك يظل الجمهور من أهم محدّدات نجاح المهرجانات فإليه تتوجه الأفلام ليطلع على الجديد والجيد من سينمات العالم: يشاهد، يبكى ويضحك، يعجبه هذا الفيلم و ربما ينفر من آخر لكن وجوده فى حد ذاته هدف هام وإرضاء ذائقته مهمة صنّاع المهرجان.
لذلك عندما تتناول ” مجلة الفيلم “ مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الحادية والأربعين، كان محور الجمهور على رأس اهتماماتنا.. وجهنا ١٥ سؤالًا فى استبيان لعينة من جمهور المهرجان الحريصين على متابعة فعالياته ونضع أمام القاريء انطباعاتهم حول المهرجان سلبًا وإيجابًا والأهم شغفًا بالسينما ورغبة فى نجاح الحدث السينمائى المصرى الأعرق والأكبر.

أن تحب السينما
شارك فى الاستبيان ٤٣ فردًا، ٧٠٪ من الذكور و ٣٠٪ من الإناث، تتراوح أعمارهم بين ٢١ وحتى ٥٠ سنة وجاءت النسبة الكبرى من الشباب من (٢١ ــ٣٠ سنة) ٤٥،٩٪ و ٣٥،١٪ من (٣١ــ٤٠ سنة) أى ٨٠٪ من جمهور المهرجان وفقًا للعينة من الشباب بينما ٢٠٪ فوق سن الأربعين.
أغلب هؤلاء المهتمين بالمهرجان يدرسون الفن أو يعملون فى مهن ترتبط به منهم صناع أفلام وكاتب سيناريو ومهندس صوت ومخرجون وممثلون وتواجد كذلك ضمن العينة عشّاق المسرح وبالتأكيد ظهر الصحفيون ونقاد السينما وبلغت نسبة معسكر الفن بأنواعه 8،٦٤٪ من العينة والباقى توزعوا بين معلمين ومحاسبين ودارسى سياسة وهندسة وطبخ.
ولما سألناهم عن سبب اهتمامهم بالمهرجان تساوى سببان إما المهنة والدراسة أو حب السينما عمومًا بعيدًا عن التخصص فيها.
وبالتالى كان من المتوقع أن يكون أغلب أفراد العينة (٨٥٪ ) مهتمين بمهرجانات أخرى بجانب مهرجان القاهرة وبينما اكتفى ١٥٪ منهم بمتابعة المهرجان المصرى الدولى.
وجاءت قائمة المهرجانات على أجندة الجمهور متنوعة وتوحى بثراء ثقافتهم.
احتلّ قمة القائمة مهرجان كان باعتباره الأهم فى رأى الجمهور) ١٧ صوتًا( يليه مهرجان فينيسيا ١٣ صوتًا، وبرلين ١٢ صوتًا، ثم تورنتو ٦ أصوات،
وظهرت مهرجانات أخرى عالمية لكنها لم تحظ باهتمام كبير صوت واحد لكل منها، مثل روتردام بهولندا وتربييكا فى أمريكا وكلاهما للأفلام المستقلة وكارلوفى فارى فى التشيك ونيويورك ولوكارنو فى سويسرا ومالمو للسينما العربية بالسويد
ومن المهرجانات التى تقام بمصر: كان الجونة الأكثر شعبية
١١ صوتا، ثم الاسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة ٥ أصوات، ومهرجانات الأفلام القصيرة عمومًا مثل زاوية ومصر دوت بكرة ثم بانوراما الفيلم الأوروبى ٤ أصوات، وتساوى مهرجان الإسكندرية الدولى لحوض البحر المتوسط ومهرجان الأقصر للسينما الأفريقية ومهرجان أسوان الدولى لأفلام المرأة، ٣ أصوات، وأخيرًا المهرجان القومى للسينما المصرية صوتان.
وكان للمهرجانات العربية وجود مهم تصدرها أيام قرطاج السينمائية ٥ أصوات، ومراكش السينمائى الدولى، ٤ أصوات.
ودبى السينمائى الدولي صوتان، ومهرجان تطوان لسينما البحر المتوسط بالمغرب، صوت واحد، وآخر العنقود مهرجان العين السينمائى الذى انطلق فى أبريل الماضى، صوت واحد.

أن تتابع.. أن تهتم

الاهتمام بمهرجان سينمائى معين قد يتجاوز مشاهدة الأفلام المشاركة إلى مستويات أعمق مثل متابعة التغطية الإعلامية للمهرجان )سواء تليفزيونية أو صحفية أو إلكترونية( لذلك سألنا الجمهور عن أشكال المتابعة المفضلة لديهم للمهرجانات عموما ولمهرجان القاهرة ــ بشكل خاص ــمع إمكانية تعدّد وتنوع هذه الأشكال بطبيعة الحال.
٦٥٪ من العينة اعتبروا أن حضور الفعاليات سواء أفلام أو ندوات هو شكل المتابعة الأمثل ونفس النسبة اعتمدت على متابعة التغطية الصحفية من أخبار ورسائل ومقالات نقدية
ولعل هذه الطريقة التى يعتمدها أغلب الجمهور خصوصًا فى المهرجانات العالمية والمقامة خارج مصر عندما يقرأون رسالة المهرجان فى الصحف أو مراجعات النقاد للأفلام الهامة المشاركة وبالتأكيد تطور شكل المتابعة الآن بانتشار السوشيال ميديا حيث يتابع الجمهور حسابات النقاد أو عشاق السينما وربما يشاهدون تغطيات”لايف“ للفعاليات فور وقوعها.
واحتل التليفزيون نسبة أقل من المتابعة ٣٥٪ سواء اللقاءات أو الرسائل التليفزيونية وفارق النسبة ــفيما نعتقدــ يعبر عن تفوق كاسح للسوشيال ميديا ومنحها للجمهور اختيارات متنوعة لمتابعة المهرجانات السينمائية، فحتى البرامج التليفزيونية يمكن مشاهدتها على اليوتيوب أو حسابات البرامج الشهيرة مثل سكوب لريا أبى راشد.
وبالطبع تغيّر الأمر وازداد سهولةً الآن بعكس متابعى المهرجانات عبر شاشة التليفزيون الذين كانوا لا يملكون سوى مصادر محدودة مثل رسائل سلمى الشماع وبرنامجها ” زووم “وقناة نايل لايف ورسائل إنجى على و تغطية بوسى شلبى فى عيون ART
ونزعم إذا كان معظم متابعى مهرجان القاهرة السينمائى من الشباب تحت الأربعين فالفضل الكبير يعود للراحل يوسف شريف رزق الله وبرامج الثقافة السينمائية المختلفة التى أعدها وقدمها فى التليفزيون المصرى وتربى عليها مواليد السبعينيات والثمانينيات و التسعينيات ورزق الله نفسه يرتبط بعلاقة خاصة مع مهرجان القاهرة استمرت لمدة ٣٢ عامًا منذ اختياره سكرتيرًا فنيًا للمهرجان عام ١٩٨٧ ثم مديرًا فنيًا عام ٢٠٠٠ وحتى رحيله فى يوليو الماضى وتحمل الدورة الحادية والأربعين تكريمًا خاصًا له بتسميتها باسمه.


أن تقارن
الوجه الآخر للمتابعة هو المقارنة فمن المنطقى أن جمهورًا يتابع مهرجانات مختلفة يحمل تفضيلات بينها ويستطيع أن يضع يده على ما يميز مهرجان القاهرة بين هذه الكوكبة من المهرجانات إيجابًا وسلبًا.
مميزات المهرجان كما أوضحوا:
ــ الانتقائية والتنوع فى اختيار الأفلام مع إتاحة الفرصة لأصحاب العمل الأول لتشجيع الفنانين فى بدايتهم.
برامجه متجددة وتحمل كل عام فعاليات متميزة من ندوات وورش تجعله ملتقى لمحبى السينما.
ــ العروض الحصرية لأفلام متميزة يتم ترشيحها لأهم الجوائز.
ــ مهرجان كبير حجمًا وجمهورًا.
ــ يحمل أصالة صنعت شخصية المهرجان.

أما العيوب:
ــ الارتباك فى مواعيد العروض والندوات هزيلة مقارنة بمهرجانات أخرى.
ــ الرقابة التى تحجم الأعمال الفنية.
ــ ينقصه أفلام مصرية جيدة تظهر السينما المصرية بشكل أفضل مع تواجد أكبر لصنّاع الأفلام.
ــ يحتاج تنشيط للجانب التسويقى.

واختلف جمهورنا حول وجود المهرجان فى العاصمة كميزة كبيرة وأساسية فالمهرجان يحمل اسم القاهرة، البعض انتقد التركيز على جمهور العاصمة فقط وعدم الدعاية الكافية للأفلام، بينما أشاد البعض بتواجد العروض والورش والندوات فى وسط البلد مما يحقق مبدأ الإتاحة وسهولة الوصول.
وبالطبع احتفى كثيرون بتاريخ المهرجان فى إطار الإجابة على سؤال مَواطن التميز والاختلاف فوصفوه بالمهرجان الأول فى مصر والمنطقة العربية، يعبّر عن عراقة السينما ومكانة مصر بينما اعتبر آخرون أنه لا يليق باسم مصر أو أن تقدم المهرجانات العربية اللافت فى السنوات الأخيرة أثر على موقعه، لا سيما مع ظهور مهرجانات جديدة بالخليج تحظى بميزانيات ضخمة وتستقطب النجوم العالميين والأفلام المهمة.
وننوه أن سؤال المقارنة لم يكن بغرض المفاضلة بين القاهرة ومهرجانات أخرى أو محاولة مبكرة داخل الاستبيان لتقييم انطباعات الجمهور حول المهرجان ولكنه كان بشكل أكبر فرصة لوضع الجمهور أمام لعبة التوقعات سواء توقعاتهم للمهرجان وتطوره عبر دوراته أو موقعه وسط منافسيه سواء كانت منافسة حقيقية مع مهرجانات فى المنطقة أو اعتبارية مع مهرجانات عالمية أخرى وكلها مقارنات ــكما أوضحناــ تستهدف الأفضل للقاهرة ومهرجانها الدولى.

أن تختار

حضور أفلام المهرجان فى دور العرض ليس قرارًا عشوائيًا ــ فيما نعتقد ــ إذ يملك الجمهور أسبابه لاختيار فيلمٍ معينٍ للمشاهدة سبب أو عدة أسباب تجعل فى النهاية من الفيلم موضع الاهتمام ومحل الاختيار:
١ ــالسبب الأول ــ فى رأى جمهور العينة ــوبنسبة ٦٠٪ انتماء الفيلم لدولة أو نوعية سينما يحرص على متابعتها ونذكر فى هذا الصدد احتفاء المهرجان فى دوراته بالسينما الصينية والإيرانية و الفرنسية وغيرها من السينمات المهمة أما النوعيات فهى عديدة من الرومانسية والأكشن والدرامية والإنسانية والتجريبية وغيرها من الأنواع التى تجذب الجمهور.
٢ ــالنقد المشجع هو السبب الثانى بنسبة ٥٠٪ فجمهور اليوم واعٍ لدرجة البحث عن معلومات حول الفيلم وتقييمه ومراجعات نقدية عنه قبل دفع ثمن تذكرة السينما.
٣ ــأفلام العرض الأول بمصر ثالث الأسباب الجاذبة للجمهور بنسبة ٤٧،٥٪ و إذا تأملنا هذه النتيجة بالتأكيد الجمهور محصور فى نوعية سائدة من الأفلام الأجنبية التى تنزل دور العرض وأغلبها تجارية وأمريكية لأسباب توزيعية وبالتالى ينتظر الجمهور المصرى من مهرجانه الأكبر أن يتيح له المشاهدة الأولى لأفلام متنوعة وعندما يكون العرض العالمى أو الدولى الأول لهذه الأفلام فى مهرجان القاهرة فهذا يؤكد أهمية المهرجان لصناع السينما وليس فقط الجمهور ويبدو أن إدارة المهرجان تدرك هذا الأمر واستجابت له بزيادة عدد أفلام العروض الأولى ووعدت مثلًا فى هذه الدورة بتقديم ٢٠ فيلم طويل و٧ أفلام قصيرة تعرض للمرة الأولى عالميًا أو دوليًا أو على حد قول رئيس المهرجان محمد حفظى فى بيان صحفى: (المهرجان حريص على مواصلة التقدم فى هذا الملف عامًا بعد الآخر وتفعيل دوره فى اكتشاف أفلام جديدة جيدة يقدمها لعشاق السينما فى مصر لأول مرة،الأمر الذى يصير أسهل كلما ارتفعت سمعة المهرجان الدولية كمنصة سينمائية ذات تأثير) الجدير بالذكر والتحية أن بعض هذه العروض الأولى لأفلام شاركت كمشاريع فى ملتقى القاهرة لصناعة السينما وبالتالى شجع المهرجان صنّاع السينما مرتين:مرة بالدعم وأخرى بالعرض ليشاهد الجمهور بعينه ويحكم على النتيجة.
٤ــ يتقاسم المركز الرابع ٣ أسباب منطقية تحكم اختيارات الجمهور وهى الوجوه المحبوبة والمألوفة ونعنى بها أن يقوم بالإخراج أو البطولة نجوم يعرفهم الجمهور وأيضًا جرأة الفيلم فى الموضوع أو المحتوى والتى قد يلخصها التعبير الشهير) قصة ولا مناظر (أو الإعجاب بقصة الفيلم أو العنوان.
*وجود أسماء معروفة ضمن صناع الفيلم سبب مهم يحرك الجمهور للتوجه لدور السينما وإذا كانت نجومية الشباك قد تحكم إيرادات الأفلام فى دور السينما ففى حالة المهرجان قد يشجع شعور المشاهد بالألفة مع أحد أفراد طاقم التمثيل وجدير بالتنويه والاحترام أن جمهورنا صاحب ثقافة سينمائية لا ينجذب فقط للممثل النجم وأنما أيضا للمخرج المميز الذى فرض اسمه على الساحة.
ولذلك نعود لنقول أن مقولة ” قصة ولا مناظر“ كتعبير عن سبب تفضيل الجمهور لفيلم ما بسبب جرأته ربما قاصرًا أو ظالمًا لنوعية من الجمهور المثقف الذى لا يبحث عن أفلام” للكبار فقط “من منطلق الإثارة وأنما أيضا الخروج عن المألوف فالمسألة ــ كما نعتقد ــ ليست فقط بحثًا عن المناظر المثيرة) المتاحة فى أفلام أخرى (بل أيضا الموضوعات الشائكة التى لا نراها كثيرًا على شاشاتنا.
ويثبت الجمهور أن الأمر ليس ) قصة ولا مناظر( بدليل تساوى نسبة الاهتمام بالقصة والجرأة أو )المناظر ــ إن جاز التعبير( فيختار الفيلم بناءً على قصته من خلال الملخص المكتوب أو يكفيه أحيانا العنوان على طريقة:
(الكتاب بيبان من عنوانه).

ونواصل السؤال عن اختيارات الجمهور للمسابقة المفضلة فى المهرجان وركزنا دائرة الاختيار بين ٤ مسابقات أو أقسام رئيسية فى المهرجان باعتبارها ــحسب اعتقادنا ــ
الأهم: حصلت المسابقة الرسمية أو المسابقة الدولية للأفلام الروائية والتسجيلية الطويلة على النصيب الأكبر من اهتمام الجمهور بنسبة ٧٥٪
وسبب التفضيل واضح فهى أقوى منافسات المهرجان وعادة ما تحظى المسابقة الرسمية بأعلى اهتمام فى المهرجانات الكبرى
يليها بالتساوى بنسبة ٥، ٥٢٪ عروض النقاد التى تحمل عنوان مسابقة أسبوع النقاد الدولى للأفلام الروائية والتسجيلية الطويلة و سينما الغد للأفلام القصيرة والديجيتال وربما يرجع هذا الاهتمام الوافر لارتفاع نسبة صناع السينما الشباب والنقاد والصحفيين ضمن جمهور العينة فكل منهم توجه للمسابقة التى تخصه وتستهدفه.
وبفارق ليس كبيرًا تأتى المسابقة العربية أو آفاق السينما العربية للأفلام الروائية والتسجيلية الطويلة بنسبة ٤٠٪ من تفضيلات الجمهور ويرجع ذلك للتقدم الذى شهدته السينما العربية فى الفترة الأخيرة وتألقها فى المهرجانات الدولية وإذا كانت مصر تحتفظ بالريادة فمن المهم أن تتعرف أين وصل حديثًا من سبقتهم قديمًا!
وجدير بالذكر أن المهرجان يضم أقسامًا أخرى خارج السؤال مثل العروض الخاصة خارج المسابقة وكلاسيكيات السينما العالمية، وأفلام التكريمات، وأضواء على سينما الدولة ضيف الشرف، وأيام القاهرة لصناعة السينما، وملتقى القاهرة السينمائى، وورش عمل، ودروس فى السينما، ومنتديات.


أن يكون المهرجان مصريًا
يحمل مهرجان القاهرة مسئولية الاسم مرتين: مرة بأن يجلب الأفلام العالمية ويقدم من الفعاليات ما يليق بمصر التى شهدت ثانى عرض سينمائى فى العالم فى الإسكندرية ثم القاهرة فى يناير ١٨٩٦ ــ وبعد أيام من العرض الأول بفرنسا ــ وكذلك أن يعرض الأفلام التى تمثل أقدم صناعة سينمائية فى المنطقة أو هوليوود الشرق ــكما يطلق عليها ــ وهنا يقع المهرجان فى مأزق:كيف يختار الأفلام المصرية المشاركة؟
الإنتاج السينمائى أقل من أى وقت سابق وحتى الأفلام المميزة قد يفضل صنّاعها العرض فى المهرجانات العالمية الأخرى التى تشترط العرض الأول وبالتالى يعانى المهرجان الأمرين فى الاختيار: مرّت دورات كان العثور على الفيلم المصرى معجزة، كما مرت دورات كان الفيلم المصرى ينافس ويفوز بالهرم الذهبى أكبر جوائز المهرجان! لذلك تركنا للجمهور تقييم المشاركة المصرية فى مهرجان القاهرة بالإجابة على سؤال هل هى كافية أم محبطة؟
كان الرأى الغالب أنها محبطة والبعض فضل أوصافًا أخرى مثل )غير كافيةــ ضعيفة ــ قليلة( وأكدت هذه الآراء أن اللوم ليس على إدارة المهرجان لأنها تختار من المتاح وإنتاج السينما المصرية المتميز محدود، فالمشكلةــ على حد تعبيرهم ــ مشكلة صناعة وليست إدارة مهرجان. وعددوا الظروف المعوّقة من نقص التمويل وتدخلات الرقابة لدرجة وجود مخرجين كبار فى بيوتهم رغم امتلاكهم مشاريعَ سينمائيةً جاهزةً للتنفيذ وهو ما أعلنه داود عبدالسيد عندما استضافه صالون الجيزويت مؤخرًا )ولعل المثال الواضح عندما قدم الراحل أسامة فوزى مشروعه «أسود وردى «لملتقى القاهرة السينمائى ٢٠١٨ بحثًا عن دعم ليظهر للنور(
ولعل التعليق الأكثر إحباطًا )لم تعد لدينا سينما ونصنع مهرجانًا لنحتفى بسينمات العالم؟؟(
فى حين رأى باقى العينة أن المشاركة تتناسب مع حجم الإنتاج وأنه فى الدورات الأخيرة تحسنت بشكل كبير. وطالب فريق بمشاركة غير نمطية لا تعتمد على الأسماء المعروفة) وهو المتحقق بالفعل فى الدورات السابقة(

أن تعبأ بالوقت

وجه آخر لتساؤلات المهرجان حول توقيته فى أواخر نوفمبر واقترابه من موعد فعاليات سينمائية أخرى مثل بانوراما الفيلم الأوربى فى أوائل نوفمبر وقبلها مهرجان الإسكندرية فى أوائل أكتوبر ليصبح التوقيت مزدحمًا بالأحداث الفنية قبل نهاية العام فكان السؤال المطروح على صاحب الشأن ــالجمهورــ هل تؤثر إقامة فعاليات سينمائية فى توقيت مقارب على جماهيرية المهرجان؟
فريق نعم تواجد بقوة) ١٤ صوتًا( وكان فى رأيهم أن بانوراما الفيلم الأوروبى المنافس الأهم لفعاليات المهرجان فهى تسبقه بأيام محدودة وتتركز العروض أيضًا فى وسط البلد )الزاوية والزمالك( وشرح الطلاب أسباب عدم رضائهم عن توقيت المهرجان أن البانوراما ” بتخلص الفلوس“ خصوصًا وأن كارنيه البانوراما لا يستخدم إلا للعروض الصباحية حتى حفلة ٤ ولكن تذاكر حفلات ٧ و١٠ بالشباك تساوى بين أصحاب الكارنيه من طلاب وصحفيين وباقى الجمهور.
أما النقاد أو المهتمون بالسينما ضمن فريق )نعم( كان رأيهم أن شهر نوفمبر يستهلكهم سينمائيًا خصوصًا لو طُلب منهم كتابة مراجعات نقدية لأفلام البانوراما ثم المهرجان.
اتفقوا أن المسألة اقتصادية فى الأساس كما أنها مشكلة تنظيمية تؤدى لتكدس فعاليات مهمة فى شهر واحد
) ونعانى من شحّ العروض بقية العام (
فريق) لا( كان الأكبر) ٢١ صوتًا ( واستبعد تمامًا تأثير توقيت المهرجان على الجمهور بسبب شهرة المهرجان وأن لكل مهرجان ما يميزه وبالتالى يجتذب جمهوره الخاص أو أن التأثير على الإيرادات ــ إن وجدــ لا يعنى التأثير على جودة المهرجان وهى التى تجذب الجمهور بعيدًا عن أى توقيت ونوه أحد النقاد أن) البانوراما تركز على السينما الأوروبية وتختار معظم أفلامها من مهرجان الجونة السينمائى أما مهرجان الإسكندرية فهو يسبق المهرجان بما يزيد على شهر وبالتالى لا يؤثر على جماهيريته، إنما المنافس القادم هو مهرجان الجونة من حيث نوعية الضيوف وأهمية الأفلام والفعاليات. (
وبين نعم ولا كانت ”ربما ) “٤ أصوات( غير حاسمة للأمر ويبقى الحال على ما هو عليه.


أن تقيّم

يأخذنا الاستبيان إلى مرحلة التقييم عندما يسأل الجمهور عن المشاكل التى قد تقابلهم فى المهرجان قبل وضع معايير لتقييم نجاح المهرجان وصولًا للنتيجة النهائية..
المشاكل لخصها الجمهور فى:
تنظيمية مثل تغيير مواعيد الندوات أو إلغاء العروض قبل فترة قصيرة من بدايتها،عدم جودة بعض أجهزة الصوت وقاعات العرض،أخطاء فى الترجمة خصوصًا للأفلام غير الناطقة بالإنجليزية، مايخص التذاكر سواء ارتفاع الأسعار أو عدم إعطاء أولوية الحجز لطلاب معهد السينما.

وهذه المشاكل تقودنا للمعايير التى يتبناها الجمهور عند تقييم نجاح دورة معينة للمهرجان
١) ــ٨٥،٤٪ ( أكدوا أن أهم معيار عدد الأفلام الجيدة المشاركة.
٢) ــ٦٨،٣ ٪( قالوا إن الإقبال الجماهيرى يضيف لرصيد المهرجان.
٣) ــ٣٩٪( اعتبروا أن التغطية الإعلامية المكثفة والإيجابية شهادة نجاح للمهرجان.
٤) ــ ١٧،١٪( اهتموا باستضافة النجوم المشاهير.
وأضاف لنا الجمهور معاييرَ أخرى ــبجانب الاختيارات السابقة ــلا تقل أهمية مثل الأنشطة الموازية للمهرجان من ورش عمل وصناديق دعم السينما وكذلك التنظيم الجيد واللائق والبنية التحتية من شاشات عرض وأجهزة صوت.
ولأن النشرة الصحفية لها دور هام فى التعريف بالأفلام وتغطية فعاليات المهرجان المتنوعة سألنا عيّنة الجمهور عن تقييمهم لها.
٥٠٪ قالوا إنها مقبولة و٤٣،٣٪ أكدوا أنها جيدة فى مقابل ٦،٧٪ وصفوها بالسيئة ونعتقد أن نسبة الراضين عن مستوى النشرة مرتفعة مما يشير لجهد مبذول والمهم أن تتواجد النشرة بقوة فى دور العرض ليقرأها الجمهور العادى كما أن إتاحتها أون لاين على موقع المهرجان ــكما يحدث حاليًاــ يسمح بالاطلاع عليها فى أى وقت.

أن تصف وتقترح:

نصل لكلمة النهاية فى رأى الجمهور أو قبيل النهاية: كيف يصفون المهرجان؟
قال ٥٢،٥٪ أنه يتطور و٣٢،٥٪ أنه متوسط و١٠٪ ناجح و٥٪ ضعيف.
ونعتقد أنها نتيجة مرضية فى المجمل تركز على الإيجابيات أكثر من السلبيات و تثنى على جهود التطور وتحذر من القبول بمستوى” متوسط“ وبالتأكيد ترفض أن يكون التقدير” ضعيف “

وكالعادة نترك فى كل استبيان مساحة للجمهور ليقدم أفكاره وتجاوب الجمهور بمقترحات لتطوير المهرجان نضعها أمام مسئوليه مثل:
ــالاهتمام الإعلامى بتغطية الأفلام واستضافة طيف واسع من النقاد بدلًا من التركيز على «الريد كاربت« أو السجادة الحمراء وحفلات الافتتاح والختام.
ــ تخفيض أسعار التذاكر لتشجيع الجمهور البسيط المحب للسينما.
ــ تقديم عروض خارج القاهرة.
ــ توزيع الأفلام على عدد أكبر من دور العرض خصوصا شرق القاهرة.
ــ صيانة دور العرض المشاركة وتجهيزها قبل المهرجان
ــ الاهتمام بتطوير العاملين وتنظيم المهرجان.
ــ تشجيع صناديق تمويل الأفلام مع أولوية للأفلام المصرية )موجود بالفعل وللدورة السادسة ملتقى القاهرة السينمائى الذى يُعرّفه موقع المهرجان: منصة تتيح لصناع الأفلام العرب توسيع شبكة علاقاتهم فى المجال وتلقى الدعم الذى يحتاجونه لتخرج أفلامهم للنور ويشترك هذا العام ١٦ مشروعا من ٨ دول عربية(.
ــالمزيد من الورش والفعاليات السينمائية) ربما يقصد الجمهور التوسع فى النسخة الثانية من أيام القاهرة لصناعة السينما وهى الفعالية الموجهة لصناع الأفلام فى العالم العربى وتوفر ــ والكلام لموقع المهرجان ـ مساحة للاجتماعات والمناقشات والندوات وورش العمل وآفاق الشراكة بين السينمائيين العرب والمجتمع السينمائى الدولى.
ــ الاهتمام باستضافة المزيد من النجوم العالميين من مجالات سينمائية أخرى غير التمثيل.

التعليقات :

قد تعجبك هذه المواضيع أيضاً

أحدث المقالات