الكاتب : أروي تاج الدين
معيارنا الوحيد للمنافسة هو جودة الأفلام ونسعى لدولية المهرجان مستقبلا (مقترح أمنية عادل)
●
● الإسكندرية للفيلم القصير أول وأهم مهرجان في المنطقة العربية
● حوار: أروى تاج الدين
تعد مهرجانات السينما هي الفرصة الأكبر والأهم لصُناع الفيلم القصير لطرح أعمالهم على الجمهور والنقاد معاً، خاصةً مع عدم اهتمام دور العرض أو أي منصات أخرى - سوى البيوت الفنية المعدودة - بطرح هذا النوع، نظراً لقلة جمهوره وعدم وجود عائد مادي من وراء تكبد عناء عرضه.
مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير هو أحد المهرجانات المصرية التي تخصصت في هذا النوع بجانب مهرجان مصر دوت بكرة ومهرجان القاهرة للفيلم القصير (رؤى)، أسسه ثلاثة من المخرجين الشُبان دعماً لأنفسهم ولرفقائهم الشباب الذين يعدون الفيلم القصير هو مدخلهم لعالم الصناعة الكبير وشهادة تقدمهم له ومساحتهم الأكثر حرية للتعبير عن أنفسهم وأفكارهم. طمحوا في أن تصل أفلامهم للناس، واستطاعوا بجهودهم الذاتية في البداية ودون أدنى خبرة في إدارة مشروع ثقافي كمهرجان سينما، أن يخلقوا مساحة مفتوحة لزملائهم لعرض أفلامهم القصيرة، ومساحة موازية للمشاهدين للتعرف على الفيلم القصير وصناعه عن قرب والدخول في حوار معهم.
على مدار سبع سنوات، هي عمر دورات المهرجان، تمكن مؤسسيه من صنع مكانة واسم له تخطت حدود الإسكندرية ومصر إلى معظم الدول العربية تقريباً، جعلته يستقبل سنوياً ما يقرب من 700 فيلم من جميع أنحاء المنطقة، ويتوسع في مسابقاته وفعالياته، وازدادت قاعدته الجماهيرية لدرجة تفيض عن قدرة استيعاب قاعات عرضه الصغيرة والمحدودة.
في سياق اهتمام مجلة الفيلم وتسليطها الضوء، في هذا العدد، على القضايا والموضوعات المتعلقة بالفيلم القصير، كان لنا هذا الحوار مع موني محمود، المدير الفني للمهرجان وأحد مؤسسيه، يتحدث فيه عن رؤيته لما حققه المهرجان حتى الآن من إنجازات وما يطمح إليه من نمو وتطوير.
1- كيف ترون موقع المهرجان في خارطة المهرجانات المصرية حتى الآن؟
نحن في مكان لا يوجد مهرجان آخر ينافسنا فيه في مصر أو في الوطن العربي، فنحن مهرجان متخصص في الأفلام القصيرة، على عكس المهرجانات الأخرى التي تخصص مسابقة واحدة للفيلم القصير، وبالتالي فهو أول وأهم مهرجان للفيلم القصير في المنطقة، تنبع هذه الأهمية ليس فقط من الاهتمام الصحفي والنقدي ولكن من اهتمام صناع الأفلام بالمشاركة بأفلامهم في المهرجان، من بينهم مخرجين حازت أفلامهم على جوائز في مهرجانات هامة، على سبيل المثال المخرجة نهى عادل التي شارك فيلمها القصير الأول مارشيدير في مهرجان دبي وحصد العديد من الجوائز في مهرجانات أخرى داخل وخارج مصر، كانت حريصة على مشاركة فيملها الثاني (حدث ذات مرة على القهوة) في مهرجان الإسكندرية، هذا فضلاً عن كم المشاركة العربية، حيث تأتينا أفلام من كل الدول العربية تقريباً.
2- هل تطمحون لتحويله إلى مهرجان دولي، خاصة وأنتم تستقبلون أفلاماً من دول عربية أخرى؟ في حال إذا كانت الإجابة نعم ما هي خطتكم لذلك؟
بالطبع، منذ الدورة الأولى ونحن نخطط لذلك، ولكننا قررنا أن نأخذ الأمور بالتدريج، في البداية مشاركات مصرية، ثم بدأنا في استقبال أفلام من المنطقة العربية، ونستعد حالياً لأن يكتسب المهرجان الصفة الدولية من الدورة القادمة في 2022، من أجل ذلك نعمل على تطوير شكل المهرجان وتطوير مسابقاته، فقد بدأنا المهرجان بمسابقتين أساسيتين (روائي قصير وتسجيلي قصير)، ثم أضفنا مسابقة الطلبة منذ الدورة الرابعة، واستحدثنا مسابقة الرسوم المتحركة في الدورة السابعة. كما نعمل على الارتقاء بجودة الأفلام المشاركة وجودة العرض أيضاً.
3- ما هي آلية اختيار الأفلام المشاركة؟ هل عن طريق لجنة مشاهدة أم مبرمجين؟ وهل تنوون إدخال تغييرات عليها في المستقبل؟
حتى الآن نعتمد أسلوب لجان المشاهدة، حيث تمر عملية اختيار الأفلام بثلاث مراحل، المرحلة الأولى هي لجنة الفلترة التي تقوم باختيار الأفلام بناء على جودة الصوت والصورة، واستيفاء الفيلم لشروط المشاركة في المهرجان، ووجود الترجمة عليه، بعدها تقوم لجنة أخرى بمشاهدة الأفلام المختارة وتقييم عناصرها الفنية. ثم يأتي في النهاية دوري كمدير فني لتصفية هذه الأفلام واختيار ما سيشارك منها في المسابقات الأربعة. ننوي في المستقبل أن يكون لدينا مبرمجين لكننا لم نحدد متى سيتم ذلك.
4- وهل هناك اعتبارات نوعية معينة مثل التمثيل الجيندري؟
نحن نتحرر من أي قيود نوعية على اختيار الأفلام، فمعيارنا الأساسي هو الجودة الفنية والتنوع، والفيلم الجيد هو ما يفرض نفسه علينا.
5- هل تقبلون أفلام لمخرجين كبار/ مشهورين أم الأولوية للشباب فقط أو أصحاب الأعمال الأولى؟
حتى الآن لم نصادف مثل هذا الموقف في اختيار أفلام المسابقات، أن يشارك مخرج كبير له اسمه في الصناعة، ومع ذلك نحن نقبل جميع الأفلام من جميع المخرجين سواء كانوا مخرجين كبار أو صناع أفلام لازالوا يخطون خطواتهم الأولى في الصناعة، طالما أن أفلامهم على مستوى فني متقارب، ولا نرى في ذلك ظلماً للمخرجين الشباب أو اختلال في عدالة المنافسة، بل على العكس يكون ذلك سبباً في رفع معنويات المخرج الشاب الذي سينافس فيلمه مع فيلم مخرج كبير ومشهور مثلاً. كما يمكننا أيضاً الاستفادة من هذا المخرج الكبير أيضاً في مناقشته والتعلم من تجربته.
6- هناك مهرجانات تحدد مدة الفيلم القصير بأقل من 40 دقيقة، وأخرى أقل من 60 دقيقة، فما هي مدة الفيلم القصير التي يعتمدها المهرجان؟ ولماذا؟
الفيلم القصير بالنسبة لنا هو ما لا يتعدى 30 دقيقة، أولاً لأن ليس هناك كثير من الأفلام القصيرة التي تتعدى هذا الزمن، وثانياً لأن أغلب الأفلام القصيرة التي تتعدى ذلك ليست أفلاماً جيدة. ومعظم الأفلام التي تشارك في مهرجان الإسكندرية للفيلم القصيرة تتراوح بين 15 و20 دقيقة.
7- في حوار سابق لكم على أحد المواقع المصرية نُشر في 2015 صرحتم بأنكم (في البداية والنهاية شرقيين) ... (أول معيار لنا في الاختيار، هو احترام المشاهد) فماذا كنتم تقصدون بذلك؟
أجرينا هذا الحوار، أنا ومحمد محمود ومحمد سعدون، عند إطلاق أول دورة من المهرجان، في البداية كنا نريد أن نتيح مساحة للمخرجين أمثالنا لعرض أفلامهم على الجمهور العادي، وبالتالي كنا نراعي في اختيار الأفلام المشاركة ذوق الجمهور التقليدي المحافظ، لكن تغير ذلك من الدورة الثانية وقمنا بتغيير هذا الوضع والسماح بأفلام ذات أفكار ومشاهد جريئة، ولم يحدث أن أثار ذلك حفيظة الجمهور السكندري العادي.
8- حالياً تقومون بعرض أفلام المسابقات والفعاليات في مركز الإبداع بوسط الإسكندرية، فهل تنوون التوسع في العرض ليشمل مناطق متفرقة من المدينة؟
معظم المراكز الثقافية الصالحة للعرض في الإسكندرية تتركز في وسط المدينة، وبالتالي أي توسع في عدد شاشات العرض لن يخرج عن حدود هذه المنطقة ليكون في متناول كل سكان المدينة من شرقها إلى غربها. ما يهمنا الآن هو إيجاد دار سينما ذات صالة عرض كبيرة تشمل جمهور المهرجان المتزايد وفي نفس الوقت توفر ظروف عرض أفضل من ناحية الصوت والصورة، وتَنَاسب شاشة العرض مع عدد مقاعد الجمهور.
9- وهل هناك خطة للتعاون مع مراكز ثقافية خارج الإسكندرية لعرض أفلام المهرجان في محافظات مصر الأخرى؟
كانت هناك خطة كبيرة لعرض أفلام المهرجان خاصة في المدن والأقاليم التي لا تقام بها مهرجانات سينما، لكن للأسف تعطلت هذه الخطط بسبب فيروس كورونا والإجراءات الاحترازية.
10- منذ نشأة المهرجان وهو تحت إدارة المؤسسين (محمود رئيس وموني مدير فني وسعدون مديراً) فهل سيظل المهرجان تحت إدارتكم أم هناك خطة لإتاحة الفرصة لأشخاص آخرين غير ثلاثتكم؟
حينما أسسنا المهرجان لم تكن لأي منا أي خبرات في إدارة وتنظيم مهرجانات السينما، وفي الدورة الأولى كنا ثلاثتنا نقوم بكل شيء يخص المهرجان دون تحديد مهام. بدأنا بتوزيع المهام من الدورة الثانية فكنت رئيساً للمهرجان ومحمد محمود مدير فنياً، وسعدون مديراً للمهرجان، ومن الدورة الثالثة وحتى السابعة أصبحت مديراً فنياً ومحمد محمود رئيساً، لأنني لم أستطع التعامل مع الأمور الإدارية وأحببت التعامل مع الأمور الفنية أكثر. بدأنا جميعاً بتطوير أنفسنا كل في مكانه، وقمنا بإدخال عناصر أخرى على إدارة المهرجان الفنية من نقاد ومتخصصين في إدارة المشروعات الثقافية، لإعطاء بعداً أعمق وأكثر احترافياً للمهرجان. وبالطبع وارد أن يحدث ويتولى شخص آخر من خارجنا نحن الثلاثة رئاسة المهرجان أو الإدارة الفنية، في حال إذا كان أحد منا مشغول بتصوير فيلم مثلاً ولن يستطيع القيام بمهامه في المهرجان على الوجه الأكمل.
11- ذكرتم في حوار لكم عند بداية تأسيس المهرجان "سنعمل طوال العام عن طريق ورش سينمائية، لتعليم الانتاج والإخراج، والسيناريو، حتى لا يلجأ محبي السينما والراغبين في دراستها للسفر للقاهرة، فيتعلموها في الإسكندرية" فهل تحقق أي من هذه الخطط؟ وهل هناك نتاج ملموس لهذه الورش؟
أقمنا في الدورات الأربعة الأولى ورش نقد سينمائي، دورتين قدمهما الدكتور مالك خوري ودورتين قدمهما الناقد رامي عبد الرازق، وقد حققوا نجاحاً كبيراً، وكان نتاجهم انضمام بعض من حاضريها إلى الإدارة الفنية للمهرجان، من بينهم مثلاً الزميل محمد أحمد مساعد المدير الفني حالياً، ومحمد كاسبر الذي أصبح عضواً في لجنة المشاهدة. وفي الدورة الرابعة قدمت المخرجة عايدة الكاشف ورشة صناعة فيلم تسجيلي قصير، وكان نتاجها خمسة أفلام شاركت في مهرجانات أخرى. وهناك ورش أقمناها في غير وقت المهرجان من بينها، مثلاً، ورشة قُمت بتقديمها عن تصوير الفيلم القصير في حدود الإمكانيات المتاحة.
12- في بداية إطلاق المهرجان عملتم على تمويله بالجهود الذاتية، فهل استطعتم الآن الحصول على دعم من أي جهة حكومية أو غير حكومية؟ وكيف حصلتم عليه؟
عملنا أول دورتين بالجهود الذاتية، وكان مركز الإبداع بالإسكندرية داعماً لنا من البداية، ثم بدأنا نتلقى دعماً من وزارة الثقافة من الدورة الثالثة، ومحافظة الإسكندرية من الدورة السادسة، وأحياناً نتلقى دعماً من وزارة الشباب. أما عن الجهات غير الحكومية فقد دعمتنا نقابة المهن السينمائية، وهناك شركات كثيرة قامت بدعمنا على رأسهم ريد ستار، وساعدتنا مجموعة الشباب الفرانكفوني GFA منذ أول دورة في تنظيم المهرجان. وفي الواقع لم نطلب أي دعم من أي نوع، سواء من جهات حكومية أو غير حكومية أو من صناع أو نقاد أو غيرهم، مادي كان أو معنوي إلا ورحب الشخص أو الجهة وسارع فوراً بتقديمه.