ماذا قال الجمهور .. صاحب دور البطولة .. في سينما كمال الشيخ؟

أماني صالح 05 يناير 2019 كمال الشيخ الهارب من ظلة

الكاتب : أماني صالح
في الاحتفال بمئوية كمال الشيخ، من الصعب تجاهل الجمهور الذي لعب دور البطولة في أفلامه .. نعم دور البطولة ولا أقل من ذلك، لأن الشيخ كان من المخرجين المهمومين دوما برأي الجمهور .. يسعى لإمتاعهم في سينما الفرجة و يثير تساؤلاتهم في سينما التشويق .. يصنع نهايات على ذوقهم .. يتأكد من علاقة الجمهور بأبطاله الممثلين قبل تسكينهم في الأدوار وفي الوقت نفسه لا يثير ملل الجمهور بأدوار مكررة ولو بين الكومبارس.


هذا هو كمال الشيخ الذي أراد تقديم نفسه للجمهور خارج غرفة المونتاج وفي مقعد المخرج بفيلم مختلف عن السائد وقتها فكان المنزل رقم ١٣ عام ١٩٥٢ رغم أن الفرصة كانت مواتية مبكرا عن هذا التاريخ لكنه ببساطة رفضها وتمهل في اللقاء .. وعلى مدار رحلته الإخراجية من أول فيلم حتى الفيلم الأخير كان حريصا على تحقيق معادلة صعبة أن يفتح الطريق لأنواع جديدة على السينما المصرية وفي نفس الوقت يقدمها بشكل لا ينفر جمهوره .. يتعامل مع توقعاتهم لا يرضيها تماما ولا يخسرها أبدا .. لذلك زاد جمهور كمال الشيخ بمرور الوقت لأن أعماله خاطبت جمهور عصره وغير عصره ..
الشيخ مخرج بلا دراويش - إن جاز التعبير - لا يتواجد اسمه ولا صورته في الإعلام هذه الأيام .. لا نحفظ تاريخ ميلاده ٥ فبراير ١٩١٩ ولا تحيي البرامج ذكرى وفاته ٢ يناير ٢٠٠٤ رغم أنه - بطبيعة الحال وبجدارة - حظي أثناء حياته على اهتمام نقدي ونجاح جماهيري لأفلامه، يتجدد مع تكرار إذاعتها في الفضائيات، نعم، يحدث كثيرا ألا يحفظ الجمهور الاسم وراء الفيلم لكن بمجرد البحث على جوجل ستكتشف ببساطة رصيدًا كبيرًا للشيخ في قائمة المفضلات لجمهور المشاهدين.

في استبيان جمهور كمال الشيخ حرصنا أن نسأل جمهوره عنه نسجل آراءهم ونحلل انطباعاتهم وفي نفس الوقت نقدمه لجمهور لا يعرفه من خلال حواراته وكتابات النقاد عنه وتعالوا -كطريقة مخرجنا الكبير - ندخل فورا في "جو" الاستبيان:

جمهور جديد

٦٦ فردًا أجابوا على الاستبيان المكون من ١٥ سؤالًا من الجمهور متعدد الأعمار أصغرهم (١٨ سنة) وأكبرهم (٥٩ سنة) كانت نسبة المشاهدين تحت الأربعين هي الأكبر ٦٥٪ بينما نسبة الأربعين وفوقها الأقل ٣٥٪ وهو ما نرجعه في العادة إلى طبيعة الاستبيان "أون لاين" ولا نعتبر النتائج عن بيانات جمهور العينة فيما يخص العمر أو النوع (٥٩،٤ ٪ من الذكور و ٤٠،٦٪ من الإناث) نهائية أو حتى استرشادية .. كل ما يعنينا أن هناك جمهورًا جديدًا وعريضًا لكمال الشيخ (كان الأغلبية في العينة) ارتبط بالسينما بعد توقف الشيخ عن صنع الأفلام بعد ٤٨ سنة سينما (منذ التحاقه كمساعد في قسم المونتاج باستديو مصر في مارس سنة ١٩٣٩) و٣٥ سنة إخراج، وهو التوقف الذي طال من آخر أفلامه (قاهر الزمن (١٩٨٧) وحتى رحيله في ٢٠٠٤ ورغم ذلك، شاهد هذا الجمهور الجديد أفلامه في التليفزيون وأحبها وارتبط بأبطالها وانشغل بقصصها واستمتع بصورتها .. هذه الحقيقة - على بساطتها - تمنح الشيخ وجودا رغم الغياب وحياة رغم الموت..

المهنة مخرج

السؤال الأول الذي نستطلع فيه كالعادة معلومات الجمهور عن الشخصية "تعرف إيه عن كمال الشيخ" كانت الإجابة المتكررة أنه مخرج .. لا تفاصيل حياتية أو أسرية كآخرين .. فالمهنة مخرج تختصر كمال الشيخ .. يزيد عنها البعض بأنه مخرج ومونتير أو أن لقبه الأشهر "هيتشكوك العرب" وهي النقاط التي ستناقشها أسئلة قادمة ..
المهم أن جمهور الاستبيان تذكر الشيخ كمخرج، البعض وصفه بالعظيم أو الرائد أو صاحب البصمة أو من المؤسسين أو المطورين للسينما واللافت أن البعض عرفه بأفلامه خصوصا "اللص والكلاب" أو "حياة أو موت" أو تجاربه مع رأفت الميهي وبالذات غروب وشروق .. وهناك من وصفه بالنوع الذي برع فيه أفلام الغموض والتشويق والإثارة والجريمة الاجتماعية والجاسوسية وهناك من ربطه بالممثلين الذين عمل معهم كثيرا وبالتحديد فاتن حمامة وعماد حمدي.
القليل ذكر معلومات شخصية عنه والتي نلخصها في أنه الخامس بين ٧ أبناء لأسرة تعمل في التجارة وتسكن بحلوان .. هناك حديث عن ٣ أفلام كان لها التأثير الكبير في شغفه بالسينما: "ملك الملوك" (١٩٢٧) سيسيل دي ميل و"الطوفان" (لعله سفينة نوح ١٩٢٨) "فينوس الشقراء" بطولة مارلين ديتريش (١٩٣٢) بداية الشغف كانت بالتمثيل (عندما كان طفلا كان يريد أن يصبح مثل ابن مارلين ديتريش في الفيلم) قبل أن يتحول العشق للإخراج في المرحلة الثانوية باعتبار أن المخرج هو صاحب الفيلم.
التحق بكلية الحقوق لكنه لم يكمل دراسته لأنه وجد في السينما طريقه الحقيقي٬ كانت وساطة حيدر باشا وزير الحربية - جار الأسرة - جواز مروره للالتحاق باستديو مصر وهو ابن العشرين ووصفها أحد العاشقين للشيخ أنها (من المرات القلائل التي يكون للوساطة تأثير جيد على المجتمع) وفوجئ بمدير الاستديو أحمد سالم يوجهه للمونتاج ليكون مساعدا لنيازي مصطفى .. وابتدا المشوار.

المونتاج بوابة الإخراج

في السؤال الثاني سألنا عن مرحلة المونتاج وهل يعرف الجمهور أن الشيخ مثل صلاح أبو سيف ونيازي مصطفى وغيرهما دخل الإخراج من بوابة المونتاج وأكد الأغلبية ٧٢،٧٪ معرفتهم بالمعلومة التي لم يعرفها ٢٧،٣٪
وفي السؤال التالي مباشرة تساءلنا عن تعريف المونتاج أو دور المونتير في أذهان المتفرجين لنتبين تأثير خبرة كمال الشيخ كمونتير على أسلوبه كمخرج ..
في تعريف المونتاج وتحديد دور المونتير اتفق المشاركون على أهمية المونتاج في الحفاظ على حيوية ومنطقية أحداث الفيلم وأشادوا بالدور الهام للمونتير في وجود وإشراف المخرج لدرجة وصفه بالمخرج الثاني للعمل.
وإذا كان المونتاج أو التوليف في تعريف جوزيف م.بوجز صاحب "فن الفرجة على الأفلام" هو "تجميع لأجزاء الفيلم بحساسية فنية وإدراك متبصر وحكم جمالي إلى جانب اندماج صادق في الموضوع وفهم واضح لمقاصد المخرج" (١) فالصديق محمد يوسف القاضي (٣١ سنة) في الاستبيان يحدد مهمة المونتير:
"تقطيع ولصق المشاهد في الشريط السينمائي لتصبح قصة مسلسلة وإضافة الموسيقى التصويرية المناسبة لكل مشهد"
وفي الاتجاه نفسه تحدث كمال الشيخ عن فهمه للمونتاج كسبب لإصرار الكثير من المخرجين مثل كمال سليم وأحمد سالم وأحمد بدرخان وأنور وجدي على الاستعانة به كمونتير "يرجع لاهتمامي بدقائق التفاصيل: علاقة كل مشهد بالمشهد السابق واللاحق .. اللقطة التي ينتهي عندها المشهد واللقطة التي يفتتح بها المشهد التالي .. ترتيب المشاهد بهدف العمل على تماسك الفيلم دراميا والأهم الحفاظ على إيقاع العمل" (٢)
أما عن تأثير عمله كمونتير على أسلوبه كمخرج لخصها الجمهور في عدة نقاط:
١- أتاح له العمل مع مخرجين مختلفين في نوعيات مختلفة من الأفلام مما أكسبه خبرة كثيرة ساعدت على تميزه منذ عمله الأول (المنزل رقم ١٣)
٢- تعلم تلافي الأخطاء التي كان يكتشفها في غرفة المونتاج
٣- جعله ملمًا بالعملية السينمائية ككل باعتبار أنه يرى الناتج النهائى ويساعد في خروجه بصورة متماسكة
٤- وظفها في أجواء الإثارة والتشويق في أفلامه .. خالقا جوا من التوتر يشعر به المشاهد ومحافظا على إيقاع الفيلم في لقطات سريعة تقوم عليها أفلام الجريمة أو شاعرية الصورة في الأفلام النفسية أو الإيجاز والإحكام في الأفلام المقتبسة عن روايات
٥- الدقة في اختيار اللقطات وتناغم الكادرات والصورة ذات البناء المتماسك والتي تخطف الأنفاس
٦- سلاسة الانتقال بين المشاهد، تجديد في استخدام الفلاش باك وتميز شريط الصوت
وحرص بعضهم على ضرب أمثلة مثل مشهد في فيلم منزل رقم 13 الأم (فردوس محمد) تحكي نهارًا عن مشهد عودة الابن (عماد حمدي) وهو في حالة التنويم المغناطيسي قام بتغيير الحالة الزمنية عن طريق الإضاءة دون استخدام أدوات المونتاج، ومشاهد المطاردات في اللص والكلاب وإيقاع (حياة أو موت) اللاهث والانتقالات المبتكرة للمكان في الطاووس وانسيابية التتابع في (وثالثهم الشيطان) وترتيب الأحداث في الليلة الأخيرة.
وكان رأي أحمد بدر كرام (٢٧ سنة): "المونتير المخرج خير من المخرج فقط فالأول محيط بشكل كامل ومتمكن بأداة المونتاج التي من خلالها يستطيع تنفيذ رؤيته حتى من مرحلة التحضير فهو يرسم الديكوباج بتخيل مونتاجي."
أما كمال الشيخ فقد لخص دروس المونتير التي طبقها المخرج: "من خلال تتبعي للأفلام المصرية على طاولة المافيولا أدركت عيوب أفلامنا وتحاشيت الوقوع فيها عندما أصبحت مخرجا مثل وجود الأغاني والرقصات بلا ضرورة وعلى نحو يثقل كاهل الفيلم ويمنع تدفقه والترهل في الحوار الأقرب للثرثرة والمواضيع المكررة التي لا جديد فيها " (٣) وأكد تواجده في غرفة المونتاج في أفلامه مع المونتير "المونتاج هو المرحلة الأهم لأن الإيقاع هو العنصر الأهم أيضًا بين كل العناصر .. الفيلم هو عمل في الزمن "(٤) ويضرب أمثلة بارتجاله أثناء المونتاج بإعادة ترتيب بعض مشاهد (الرجل الذي فقد ظله) بخلاف السيناريو المكتوب وفي "شيء في صدري" استخدم حيلة إضافة صور فوتوغرافية لوالد الفتاة في مشهد الاغتصاب ليوحي أن المقصود هو الأب وليست الابنة وتتابعت بسرعة لدرجة لم يلحظ المشاهد أنها فوتوغرافية (٥)
أفلام في القلب
توجهنا للمشاركين بسؤالين معتادين عن أفضل وأسوأ أعمال المخرج بحثا عن الأفلام التي تسكن القلب وتلك التي تحتل الذاكرة ولو من باب عدم الإعجاب.
نبدأ بقائمة التفضيلات: يتقاسم المركز الأول (اللص والكلاب) و(الليلة الأخيرة) (٢٤ صوتا) وهي نتيجة ترضي حتى كمال الشيخ الذي أبدى في أكثر من مناسبة محبته للفيلمين ووضعهما ضمن مفضلاته في مرحلة الستينيات "أعتقد أنني وفقت في التعبير عن رواية "اللص والكلاب" لنجيب محفوظ دون أن أتنازل عن الأسلوب الذي أحبه وهو أسلوب يؤكد على عنصر التشويق كما تعلم٬ كما أن الرواية تعتبر من الأعمال التي كشفت بعمق عن الفساد الاجتماعي، والسياسي في حياتنا" (٦)
وعن (الليلة الأخيرة) قال" هذا الفيلم أعتبره٬ وأنا أتكلم بقدر من الحب فهو يترجمني ويترجم أسلوبي بشكل كبير، ولو أخذنا هذا الفيلم بالتحديد وسرديته بالترتيب الطبيعي لأحداثه لأصبح فيلما عاديا يكاد يقترب من الميلودراما من حيث وجود المأساة، فالبراعة الموجودة فيه: كيف رويت هذه القصة عن طريق كيفية رواية الأحداث والإيحاء الذي وضعته في الصورة وفي كل التفاصيل والشخصية والأماكن والإيقاع وردود الأفعال" (٧)
وفي المركز الثاني اختار الجمهور فيلم (غروب وشروق) (٢٠ صوتا) ويصفه الشيخ "من أفلامي التي حدث فيها إجماع عليه من مختلف الثقافات والجماهير .. أي أنني كما يقولون أرضيت كل الأذواق" ( ٨)
وبالفعل تواجد الفيلم في المركز ال٥٩ ضمن قائمة أفضل الأفلام المصرية التي أعدها مهرجان القاهرة الدولي بمناسبة ١٠٠ سنة سينما
وفي المركز الثالث (حياة أو موت) برصيد ١٨ صوتا، وهذا الفيلم الذي يعرفه الجمهور بعبارة (لا تشرب هذا الدواء .. الدواء فيه سم قاتل) كتب قصته الشيخ في ٦ صفحات ولم يتصور أحد أنه سيخرج بهذا الشكل الذي جعله رقم ٣٨ من أهم ١٠٠ فيلم في تاريخ السينما
وفي المركز الرابع ميرامار (١٥ صوتا) ورغم الجدل الذي أثاره الفيلم بسبب الانتقادات العنيفة للاتحاد الاشتراكي في أعقاب النكسة إلا أن الفيلم جاء نموذجا للفيلم المقتبس عن الأدب ويحمل الرؤية السياسية التي أعجبت الجمهور وكان أيضا (رقم ٢٩) ضمن قائمة أفضل ١٠٠ فيلم في ١٠٠ سنة سينما
واشترك فيلما (المنزل رقم ١٣) و(بئر الحرمان) في المركز الخامس ضمن تفضيلات المشاهدين (11صوتا) الأول هو بطاقة تعارف الشيخ مع الجمهور، وبداية قوية للتعبير عن سينما التشويق التي انتهجها، أما الثاني فهو من أفلام التحليل النفسي التي قوبلت بمزيج من الترحيب لجرأة موضوعه، والهجوم على مدى دقة معالجته.
وفي المركز السادس ظهر فيلم (سيدة القصر) الذي صرح كمال الشيخ أنه غير راض عنه بسبب قصته المكررة، لكن الجمهور أحب رومانسيته ومنحه ١٠ أصوات ليشارك فيلم (على من نطلق الرصاص) واحد من أنضج الأفلام السياسية التي تناولت انحرافات عصر الانفتاح وصاحب المركز ٤٦ في أحسن ١٠٠ فيلم وفي نفس المرتبة الجماهيرية جاء ملاك وشيطان (أسطى أونكل عزت) و(الصعود إلى الهاوية) الذي قدمه الشيخ كأول أفلام الجاسوسية وحقق نجاحا ساحقا واعتبره النقاد "يؤكد ثقة الشعب بنفسه في مواجهة أعدائه ليس فقط على الصعيد العسكري وإنما على الصعيد الإنساني الشامل" (٩)
بعد ذلك جاء فيلم (الخائنة) في المركز السابع ب ٨ أصوات يليه في المركز الثامن (الرجل الذي فقد ظله) ب ٧ أصوات ويصفه الشيخ بالفيلم إنتاج القطاع العام، عبر فيه بحرية - بعيدًا عن ضغوط المنتجين - عن صحفي انتهازي.
وفي المركز التاسع (حبي الوحيد) (٥ أصوات) ويجمع فيه بين الرومانسية والجريمة في مزيج متوازن ..
وفي المركز العاشر (لن أعترف) (٤ أصوات) الذي تعرض لأزمة بسبب عرضه في نفس التوقيت مع فيلم أمريكي مأخوذ عن نفس الأصل الروائي فاتّهم بالتقليد ولكن النقاد قبل الجمهور انتصروا للشيخ عندما اعتبروا أن المقارنة في صالحه "تسفر المقارنة بلا أدني مبالغة عن أن قدرة كمال الشيخ لا تقل على أى مستوى عن منافسه بل تؤكد على أنه مخرج متمكن تكتيكيا إلى أقصى حد في هذا النوع الذي تخصص فيه من السينما" (١٠)
وفي المركز ال١١ اختار الجمهور (الطاووس) (٣ أصوات) وهو واحد من أواخر أفلام الشيخ (١٩٨٢) واختلف النقاد حوله ما بين جدوى تقديم فيلم بوليسي مع الاعتراف بتمكن الشيخ! ولعل اختيار الجمهور بعد هذه السنوات يقدم الإجابة.
وفي المركز ال١٢ تقاسم الإعجاب فيلما (شيء في صدري) و (من أجل امرأة) (صوتان)
الأول على قيمته الفنية لم يجذب الجمهور وقت عرضه (١٩٧١) لدرجة اعتقاد الشيخ أن هناك قطيعة بين الجمهور والأفلام التي تصور عهد ما قبل الثورة "هل الناس تعتبر نفسيا أن الأفلام التي تصور الماضي أفلاما قديمة ولذلك فهم يفضلون أن يروا حاضرهم؟" (١١) ويبدو أن طريقتنا الموسمية في العرض التليفزيوني لأفلام بعينها في مناسبات تاريخية أعطت هذا الفيلم وغيره ظروف مشاهدة أفضل وجماهيرية لم يجدها وقت العرض السينمائي أما الفيلم الثاني اعتبره النقاد كالعادة براعة حرفية وموضوعًا أجنبيًا، واتفق الجمهور معهم في الشق الأول فقط عندما أحبوا الفيلم.
وفي المركز الأخير بصوت واحد جاءت أفلام (تجار الموت) (١٩٥٧) و(أرض السلام) (١٩٥٧) و(الشيطان الصغير) (١٩٦٣) و(قاهر الزمن) (١٩٨٧)
الأول نعتبره من الأفلام المظلومة في تاريخ كمال الشيخ ربما بسبب قلة عرضه تليفزيونيًا مقارنة بأفلام أخرى لكن المخرج يعتز به وبقصته المأخوذة عن محاضر قضية في الخمسينات حولها البارع علي الزرقاني إلى سيناريو ولم يحقق نجاحًا جماهيريًا معقولًا لظهور فريد شوقي في شخصية أضعف مما اعتاده الجمهور من وحش الشاشة والفيلم الثاني (أرض السلام) من أوائل الأفلام التي تناولت القضية الفلسطينية لذلك يعتز به الشيخ رغم انتقادات البعض بسطحية التناول أو عدم وضوح الصراع لكن الفيلم ابن وقته وظروفه.
و(الشيطان الصغير) - أحببته أو لم تحبه - بذل فيه الشيخ مجهودًا جبارًا في اختيار الأماكن في قصة تدور في ٢٤ ساعة، والبطل طفل صغير لذا وصفه النقاد بالعمل المدروس والفرجة المثيرة للانتباه.
أما (قاهر الزمن) فهو مغامرة الشيخ لاقتحام نوع الخيال العلمي بقصة مصرية خالصة تعود للتحنيط الذي برعت فيه مصر الفرعونية ويطرح العلاقة بين العلم والدين في تحذير مبكر من التطرف.

أفلام في الذاكرة

عندما سألنا الجمهور عن الأفلام التي لم يحبوها من إخراج كمال الشيخ تحدث البعض عن أفلام لا تستهويه موضوعاتها وأفلام لا يراها جيدة أو لا تشبهه وهناك من قال "لا يوجد" معتبرا أن كل أفلامه مميزة من حيث القصة والإخراج ولا نستغرب تكرار تواجد بعض الأفلام في قائمتي "الأفضل والأسوأ" فالمسألة أذواق واختيارات ..
الفيلم الأسوأ في رأى الجمهور (قاهر الزمن) (٧ أصوات) ووصفه أحد المشاركين عادل موسى ٤١ سنة "رغم أنه ممتع وقتها لكنى مشفتهوش بقيمة كمال الشيخ" ..
وفي المركز الثاني جاء (أرض السلام) (٦أصوات) وحسب رأي الناقدة أمنية عادل (٢٧ سنة):
"أرض السلام أجده فيلما لا يشبهه، ولكن بشكل عام، المبدع عليه أن يجرب ويخفق أحيانا وينجح أحيانا، لكنه ليس بالفيلم السيء أو المعيب."
وفي المركز الثالث ظهر (بئر الحرمان) (٥ أصوات) ووصفته ميرهان فؤاد (٣١ سنة): "دعاية غاية في السوء للمرض النفسي وقدم معلومات مغلوطة تماما عن المرض"
(ميرامار) احتل المركز الرابع وسبق أن أشرنا لجدلية رؤيته السياسية أما (الطاووس) و(ثالثهم الشيطان) تقاسما المركز الخامس ب ٣ أصوات واعتبرهم النقاد أقل من مستوى كمال الشيخ ويبدو أن بعض الجمهور يتفق معهم، وفي المركز السادس سنجد أفلاما مهمة مثل (على من نطلق الرصاص؟) و(حياة أو موت) و(الصعود إلى الهاوية) بالإضافة إلى (سنة أولى حب) (شيء في صدري) - ومعهم ( لن أعترف) و( سيدة القصر) و(من أجل حبي) .. والأخيران أفلام لا يحبها الشيخ، أخرجها بدافع العلاقات الإنسانية، أما الباقي فلعل أسباب الرفض تعود لاعتبارات شخصية أو موضوعية داخل الفيلم لم يحبها جمهور الاستبيان.
وأخيرا جاءت أفلام (المنزل رقم ١٣- الليلة الأخيرة – الهارب - الملاك الصغير - الشيطان الصغير- من أجل امرأة - سارق عمته - الغريب - حب ودموع - ملاك وشيطان) في المركز الأخير بصوت واحد
أحد المشاركين وهو فهد أحمد (٢٧ سنة) فسر ذلك بأن" الليلة الأخيرة .. حسيته تقليد ساذج لهيتشكوك"
ويبدو أن لقب هيتشكوك تحول إلى لعنة سنتناولها في سؤال منفصل قادم.

سينماه في فيلم

في السؤال السابع كان البحث عن ملامح سينما كمال الشيخ من خلال الفيلم الذي يعتبره الجمهور النموذج والمثال .. تنوعت الاختيارات وسنحصرها في الأفلام التي اتفق حولها الجمهور وأصدر حيثيات الحكم:
١- (حياة أو موت): اختيار واع من الجمهور للتعبير عن سينما كمال الشيخ بسبب خلق التوتر والتشويق في إطار واقعي وإنساني، تقول عنه هالة يحيى (٢٩ سنة): "الفيلم بتدور النسبة الأكبر من مشاهده فى شوارع القاهرة .. ويعتبر حالة من التشويق والإثارة بتستمر طول وقت عرض الفيلم وقدر كمال الشيخ من خلال دقة تتابع الأحداث يوصل الحالة دي بعبقرية شديدة وبتتكرر حتى مع تكرار المشاهدة"
٢- (الليلة الأخيرة) يصفه محمد (٣١ سنة):
"سيناريو مشحون بالغموض شخصيات مركبة أجواء نفسية تمهد الصدام القوي بين الشخصيات"
٣- (اللص والكلاب) وهو الدليل الواضح على كيفية مواءمة الشيخ في الاقتباس بين أسلوبه وقضايا الرواية ليخرج درسًا في أفلام الحركة مع العمق الدرامي أو على حد قول عمر ٢٨ سنة: "فيلم أكشن مصري خالص أورجينال وظف فيه تمكنه من النوع ده فى إنه يخلق فيلم أكشن شبهنا مش شبههم"
٤- (غروب وشروق): الفيلم السياسي النموذج تدور أحداثه في عصر ما قبل الثورة لكن الجمهور يفهم أن هذا ليس الزمن المقصود، وكما يراه سليمان (٢٤ سنة): "إحنا مبنلجأش للتعقيد أو تأويل الشيء ما ليس فيه، الراجل حاول بكل بساطة يسقط على الواقع السياسي المصري رؤيته وانتقاده وعبثية المشهد ووصوله للاختناق"
٥ - (ميرامار) إضافة أخرى للفيلم السياسي عن أصل أدبي، تتحدث عنه بحماس مي فرج الله ٣٦ سنة: "قصة رائعة .. شخصيات واقعية .. لمحات إنسانية .. تفاصيل النفس البشرية من خلال التعامل بين الناس في الفندق .. أصوات الشارع والتروماي .. كل حركة وكل نظرة وكل موقف له معنى."
٦- (الخائنة) ويحلله عمرو شاهين (٣١ سنة) كمثال على سينما كمال الشيخ:
"الاعتماد على إظهار حيرة البطل وصراعاته الداخلية أكثر من الأحداث الخارجية اللي بتتحول إلى دوافع أو ردود أفعال، اختلاف مفهوم البطل في سينما كمال الشيخ وإعادة تعريف الخير والشر، استخدام تقنيات المونتاج لخلق إيقاع سينمائي منضبط، استخدام الإضاءة المختلف والمغاير."
٧- (بئر الحرمان) .. فيلم الدراما النفسية الذي يعتبره مازن فوزي ٢٣ سنة: "أكتر فيلم بيبان فيه لغته السينمائية ـ فغير المونتاج والإيقاع النفسى الموتر، الفيلم كمان له لغة بصرية مميزة وفيه إدارة ممثلين"
٨- (المنزل رقم ١٣ ) .. الفيلم الأول والبصمة الأولى ويقول عنه عماد عبد الفتاح (٥٠ سنة):
"دل على أنه مخرج متمكن من أدواته السينمائية وقادر على التشويق من أول الفيلم للنهاية"
٩- (على من نطلق الرصاص): اختيار آخر للسينما السياسية التي برع فيها المخرج ويرسم ملامحها وليد الزهيري (٤٨ سنة): ظهور سارينة في مشهد البداية والنهاية، الشخصيات الخيرة تدخل الكادر من اليمين، والسيئة تدخل الكادر من اليسار، الجانب التشويقي والإثارة من خلال عنصر الجريمة، حبكة السيناريو، المحافظة على إيقاع الأحداث."
هيتشكوك .. مدح أم لعنة؟
اشتهر كمال الشيخ بلقب هيتشكوك العرب أو الشرق .. اختصارا لحرفيته في أفلام التشويق وهناك من استخدمه مدحًا لسينما كمال الشيخ أو وصفًا شكليًا على الأقل، فاعتبر سمير فريد أن " تأثر الشيخ بهيتشكوك كان ناضجا ولا يعني المحاكاة "(١٢) بينما فّرق علي أبو شادى بين الأسلوبين: "السينما عند هتشكوك تعبير عن عالم فكري وفني مختلف عما يتردد في سينما الشيخ من أصداء وأفكار وإن تأثر به الشيخ كما تأثر بأعمال الألماني فريتز لانج ويتبدى ذلك في قدرته على ضبط إيقاع أفلامه والعلاقة الجدلية بين شريطي الصوت والصورة، واستخدامه المقتصد لعنصر الحوار والموسيقى المعبرة بل واستفاد من الصمت لزيادة جرعات التوتر والإثارة وهي في مجملها سمات الشكل البوليسي الذي اختاره الشيخ كإطار يصوغ من خلاله موضوعات أفلامه" (١٣) على الوجه الآخر تحول اللقب إلى لعنة تقلل من تفرده وتضعه دوما في موضع المقارنة، وأحيانا الاتهام في شكل سؤال متكرر يطارد الشيخ في حواراته، وكانت ردوده بين الإجابة الدبلوماسية أنه مخرج كبير والانتساب لمدرسته شرف والإجابة الصريحة بالنفي بل وبالغضب من هذا اللقب "هيتشكوك" الشرق أو على منوال هيتشكوك جملة تؤذيني جدا .. هيتشكوك مخرج متميز، والأفلام التي تعتمد على التشويق والإثارة أصبحت تنسب إليه لكن تشبيهي به مسألة ساذجة" (١٤)
ويزيد بأنه كان سيقدم أفلامه بالشكل نفسه حتى لو لم يشاهد أفلام هيتشكوك!
هذا عن المخرج، ماذا عن الجمهور؟ هل تأثر بوصف الإعلام لأعمال كمال الشيخ وصدق على اللقب وإن رفضه صاحبه؟ الإجابة نعم .. صحيح أن الفارق بين الموافقين على اللقب (٣١ شخصا) والرافضين له (٢٤ شخصا) ليس كبيرا لكن من الواضح أن اللقب جاء على هوى من يرى أن سينما الشيخ تعتمد على الغموض وخلق دراما نفسية معقدة وأنه أقرب المخرجين العرب لأسلوب هيتشكوك يجعل المشاهد يجلس على حافة مقعده - على حد تعبير أحد المشاركين - والبعض اعتبره دليلًا على تفوق الشيخ في الأفلام البوليسية، أي على سبيل المدح!
أما الرافضون للقب فكانت حججهم أقوى بدءا من رفض الشيخ نفسه للقب وأنه قيمة في حد ذاته واعتبروا أن تشويق مخرجنا بعيد عن أجواء هيتشكوك في العنف والرعب كما أن الشيخ أكثر تركيزا على الدوافع النفسية للجريمة وله أفلام خارج نوع هيتشكوك وهي أفضل أفلامه في رأيهم، وأكدوا أن التشويق في حالة الشيخ يتعمق في النفس والمجتمع، بينما هيتشكوك يركز على الحالات الفردية منطلقا من حدث فرعي صغير داخل المشهد على عكس الشيخ الذي يوظف الإضاءة وزوايا التصوير لخلق أجواء التشويق ويشتد الاعتراض لما يلمسونه في اللقب من تقليل من تفرد الفنان وتكريس للتبعية.
في مدرسة الواقعية يكون أو لا يكون!

ظهر كمال الشيخ في وقت كانت السينما التقليدية التي يرفضها سائدة، رغم بدايات المدرسة الواقعية، فإذا كان كمال سليم هو أبو الواقعية المصرية في فيلم العزيمة فالثابت أن كمال الشيخ كان معجبًا بأسلوب كمال سليم وسعى للعمل معه وبالفعل شارك في مونتاج كل أفلامه بدءًا من البؤساء وحتى وفاة المخرج المفاجئة وظل الشيخ يحمل التقدير للمخرج الشاب وفي الوقت نفسه جاءت خطواته الأولى كمخرج متزامنة مع صلاح أبو سيف رائد الواقعية الذي بدأ مثله كمونتير وسبقه قليلا كمخرج، وكثير من أفلام كمال الشيخ تحمل سمات الواقعية بل أن فيلمه (حياة أو موت) جاء كربيورتاج سينمائي - على حد تعبيره - عن مدينة القاهرة بشوارعها وناسها والعلاقات بين أفرادها وعلى مدار رصيده السينمائي يمكن الإشارة إلى عدد من الأفلام تنتمي للواقعية بجدارة وإن اتخذت شكل التشويق سواء (اللص والكلاب) أو (المخربون) أو (على من نطلق الرصاص) .. لذا وصف بعض النقاد كمال الشيخ أنه يبتعد عن الواقعية في بعض أفلامه بقصد لأنه بعكس غيره لا ينقصه أدوات التعبير عن الواقع (١٥) ولذا عندما سألنا الجمهور عن مدى انتماء كمال الشيخ للواقعية حسب مشاهدتهم لأفلامه، أكدت النسبة الأكبر من المشاركين (٣٠ من أصل ٥٦) واقعية كمال الشيخ مع تنوعه عن صلاح أبو سيف وأشارت إلى محاولاته في التجريب والريادة في أنواع مختلفة بينما رفضت نسبة أقل (٢٣ من أصل ٥٦) وصفه بالواقعية مفضلين التشويق وأشياء أخرى، وكانت هناك نسبة من المحايدين رفضوا التوصيفات عموما أو حصر الشيخ في نوع واحد.
أصحاب اتجاه الواقعية في سينما كمال الشيخ كانت مبرراتهم:
في تناوله المشاعر الإنسانية كان يجنح للواقعية وأفلامه قريبة من مشاكل المجتمع، صبغ الواقعية بالأكشن وقدم موضوعات من الواقع مع تحكم في إيقاع الفيلم، ثم إنه عرض قضايا عصره وكان تكنيكه أقرب للواقعية وإن كان الشكل تشويقًا.
أما رافضو اتجاه الواقعية فأكدوا اختلاف الشيخ واعتماده على القصص المثيرة في سينما التشويق والغموض وبعض أفلامه مالت إلى التأملية.
كانت المقارنة حاضرة بشدة مع صلاح أبوسيف بين من ينتصر لكمال الشيخ مؤكدًا أنه في أفلام مثل (ميرامار) و(اللص والكلاب) تفوق حتى على واقعية صلاح أبو سيف في مقابل من يراه يفتقد الرؤية السياسية والاجتماعية التي ميزت أبوسيف أو أن أفلامه أقرب للأجواء الأجنبية من مصرية الأخير.
مثلًا رفضت شيماء (٣٨ سنة) الجمع بينهما في مدرسة الواقعية: "صلاح أبوسيف واقعي "بيور" من غير إضافة أي نوع من "السسبنس" أو ألغاز للفيلم، بعكس أسماء إبراهيم (٤٠ سنة) التي رأت التشابه "لأن أفلامه حتى البوليسية بها حس اجتماعي ويقدم فيها تشريحا للمجتمع"
ويبدو أن المقارنة كانت مطروحة، نستشفها من حوارات الشيخ الذي أكد العلاقة الجيدة والصداقة الأسرية، وأرجع عدم تعامله كمونتير مع صلاح المخرج بسبب عمله مع الفرنسيين وكمال سليم واعترف الشيخ بريادة أبوسيف للواقعية رافضا إطلاق وصف الواقعية الجديدة على جيل الثمانينيات لأن المنبع واحد "الأفلام المأخوذة من واقعنا وحين تتوافر المصداقية وتنقل من الواقع الصراع الذي تعرضه الدراما بلا زيف تكون هذه هي الواقعية (١٦) وفي الحوار نفسه لم يجد الشيخ حرجا من توصيفه بمدرسة الفيلم البوليسي والنفسي دون عُقد أو مقارنات.

تجارب الاقتباس
كان من المهم أن نخصص جزءا في الاستبيان للتعرف على رأي الجمهور في تجربة الشيخ في الاقتباس عن الأدب، من الأدب العالمي قدم (الغريب عن مرتفعات وذرنج) و (الليلة الأخيرة عن السيدة المجهولة لمارجريت لين) و(لن أعترف عن القطار الأخير إلى بابل) ومن الأدب المصري (اللص والكلاب)، (ميرامار) لنجيب محفوظ والخائنة لإبراهيم الورداني، (الرجل الذي فقد ظله) لفتحي غانم، (سنة أولى حب) لمصطفى أمين (بئر الحرمان) و(شيء في صدري) لإحسان عبد القدوس ..
تركز السؤال عما إذا كانت أفلامه المقتبسة (لا سيما عن الأدب المصري) قريبة من روح الرواية أو قدمها برؤية مختلفة وكشفت الإجابة عن اعتقاد ٥٣،٢٪ أن الشيخ كان يقترب من جوهر العمل الأدبي بينما يرى ٤٦،٨٪ أنه يقدم رؤية قد تختلف عما يطرحه النص المقروء.
وبالعودة لتصريحات كمال الشيخ نفسها، كان يتحدث عن أن التعامل مع سيناريو مكتوب خصيصا للسينما يختلف عن التعامل مع نص أدبي سواء من حيث طول أحداث الرواية تحديدا وضرورة تكثيفها إلى زمن عرض الفيلم أو التحدي بتحويل المونولوجات الداخلية لحوارات درامية وكذلك حذف بعض الشخصيات وأحيانا اختلاف النهاية لما يؤمن به المخرج، وكان الشيخ يشعر بالتزام أخلاقي بالرجوع إلى الكاتب في كل مرحلة من مراحل الإعداد، ويقصد هنا فيلم اللص والكلاب تحديدا(١٧).

نوع أتقنه ونحبه

تميز الشيخ بتقديمه لكثير من أنواع الأفلام .. وفي كل نوع كان يؤسس لسمات الفيلم ويخرج لنوع جديد وجميعها في شكل التشويق .. هذه هي مدرسة كمال الشيخ التي أحبها الجمهور لذلك سألناه عن النوع المحدد الذي ترك فيه الشيخ بصمته من الأنواع الكثيرة وكيف يصفون هذه البصمة ..
منح الجمهور صوتهم ومحبتهم لكمال الشيخ في شكل التشويق الذي تعامل معه الجمهور كنوع بأسماء مختلفة (الفيلم التشويقي٬ الفيلم البوليسي) واعتبروه عن حق بصمة كمال الشيخ الأهم في السينما المصرية وكان كمال الشيخ نفسه يعتبره أما الشكل أو القالب الذي يقدم فيه الأنواع المختلفة أو النوع الذي ميزه كمخرج وصنع اسمه في السينما المصرية. واستحق تعبير نهى مصطفى ٣٣ سنة: "كان سابق عصره ورائد النوع التشويقي، في مصر" .. ونوه الجمهور بسماته من الحفاظ على قوة وجمال الكادر السينمائي وضبط الإيقاع، رغم توتر الأحداث وكان المثال المطروح (حياة أو موت)
وعلى نفس المكانة جاء الفيلم النفسي الذي يعتبر الشيخ من أول من قدمه في السينما المصرية ويفسر ذلك الشيخ أنه "تواق لدراسة الإنسان من الداخل .. داخل الانسان عندي هو الأهم" (١٨) ويعتبر البعض أن (المنزل رقم ١٣) أول تجاربه إرهاصة لهذا النوع وصولا للشكل الأوضح حيث زاد ما هو نفسي عما هو "تشويقي" في (بئر الحرمان) ويصف هاشم النحاس (بئر الحرمان): "أكثر أفلام كمال الشيخ التصاقا بعلم النفس المرضي، فالحالة المرضية هنا ليست مجرد وسيلة لبناء أحداث درامية (خارجة عنها) وإنما هي الوسيلة والغاية معا، حيث يعتبر الفيلم دراسة درامية لحالة من حالات ازدواج الشخصية. (١٩)
وتلمس هبة (٣٧ سنة) اتجاها نفسيا في معظم أفلام الشيخ "بصمته الأساسية في تشريح النفس البشرية باضطرابها وصراعاتها وإظهار ذلك من خلال الكاميرا بشكل سلس وحفاظه على إيقاع السرد والأداء التمثيلي بدون مبالغة"
وجاء الفيلم السياسي في المركز الثالث كبصمة مميزة لمخرجنا وفي حين يشير النقاد لفيلم (اللص والكلاب)
(١٩٦٢) كأول محطات الفيلم السياسي، يعود آخرون إلى (حياة أو موت١٩٥٤) الذي مزج ما هو سياسي بالإنساني لتأتي رسالته باهتمام مصر ما بعد الثورة بالإنسان وسلامته أو (أرض السلام ١٩٥٧) باعتباره يتناول قضية فلسطين، ويؤكد كمال الشيخ أن الفيلم السياسي يثير ٣ تحديات من ناحية مدى النضج الاجتماعي والسياسي لطرح قضية ما، والمشاكل الرقابية التي ترتبط حتًما بهذا النوع وأخيرًا عدم تحمس المنتجين (٢٠)
ومع ذلك استطاع الشيخ تحقيق المعادلة الصعبة ورغم تصريحه أن كل فيلم أو رواية تحمل بين جوانبها السياسة مادامت تعبر عن المجتمع، إلا أنه بالفعل قدم هذا النوع بالذات في تعاونه مع رأفت الميهي الذي اعتبره جمهور الاستبيان بصمة في تاريخ الشيخ وذكروا بالذات (على من نطلق الرصاص)
بعد الفيلم السياسي كان لابد أن يظهر فيلم الجاسوسية فالثابت أن الشيخ كما قال عمرو رضا (٤٨ سنة) أن "الصعود إلى الهاوية أفضل عمل مقتبس عن ملفات الجاسوسية في تاريخ السينما المصرية" وهو مؤسس للنوع بعيدا عن السذاجة أو الشعارات الرنانة .. هنا دراما يظهر فيها العدو ويشعر الجمهور بالنفور من البطلة ويمنح شعورا بالانتصار في عز تمزق المجتمع في أعقاب كامب ديفيد.
وبصمة الشيخ الخامسة باختيار الجمهور في الفيلم المقتبس ببساطة كما يرى حسام علي الإمام ٥٥ سنة "أنه يجيد اختيار الممثلين، وجودة اختيار الرواية " ولكن الأمر أعمق من ذلك فنجاحه في اختيار الروايات التي تلائم أجواء التشويق أو تحقيق هذا التوازن بين العمق والتشويق .. التحليل وسرعة الإيقاع .. مهمة لا يقدر عليها إلا صانع سينما متمكن مثل كمال الشيخ.
ورد الجمهور الاعتبار للشيخ فيما يخص السينما الواقعية معتبرين أنها بصمة خاصة سواء في القصص التي نقلها عن الصحف أو محاضر الشرطة أو الأدب مثل (اللص والكلاب) و(ميرامار) هناك لمحة واقعية في أعماله لا يخفيها قالب التشويق.
ورغم أن الشيخ لا يتحمس لقصص الحب لكن الجمهور أحب بصمته في الرومانسية في (سيدة القصر) .. بصمة تجمع بين رقي المشاعر والبعد عن الميلودراما.
وطبعا جاءت بصمته في الخيال العلمي ويكفي أنه فتح بابا غير مطروق في (قاهر الزمن) وعموما يعتقد علاء طه ( ٤٧ سنة): "ترك بصمة مميزة في كل نوعية وخلاصة تجربته هي الإثارة ووضوح الصورة وعدم التطويل وإبراز الشخصيات من لحم ودم"
هو والممثلون:

إذا تكلمنا عن الشيخ فلا يفوتنا الحديث عن مخرج يعشق التمثيل ويحب ممثله ولا يقيده بالكثير من الملاحظات، يوجهه بأرق العبارات ويحرص على اختيار ممثليه بعد الانتهاء من السيناريو بناء على ملاءمتهم للأدوار، لا بسبب مشاعره نحوهم لكنه في الوقت نفسه يراعي شعور الجمهور نحو الممثل دون أن يقع في فخ التكرار ويعترف بنظام النجم دون أن يتنازل بسببه ..
وقبل التصوير الفعلي يلجأ إلى بروفة "كروكي" لا يشترط فيها الاندماج، ويفضل طريقة الأداء المنخفض حيث التركيز على المشاعر الداخلية أكثر من الأداء المسرحي ..
وبسبب أريحية الشيخ يظن البعض أنه ليس من مخرجي "الممثل" ولكن أفلامه تقول شيئا آخر إذ يظهر ممثلوه في أفضل حالاتهم ويخرج بالنجوم من الأدوار النمطية ويقدم فرص البطولة لأسماء جديدة ..
عندما سألنا الجمهور عن التمثيل في أفلام كمال الشيخ اختاروا عدة أسماء تميزت في الأداء تحت قيادته فكانت هذه القائمة بين آراء الجمهور ورؤية المخرج:
١- سعاد حسني نالت ١٨ صوتا و حظيت بالإشادة من جمهور الاستبيان خصوصا في دورها المركب في بئر الحرمان كما أشاروا لأدوار أخرى مميزة في (غروب وشروق) و(على من نطلق الرصاص) ويتحدث عنها الشيخ "فنانة موهوبة إلى درجة كبيرة٬ تزداد نضجًا مع الوقت وتتمتع بطاقة التحدي .. تحدي الواقع والظروف" (٢١)
٢- في المركز الثاني شادية في (اللص والكلاب /ميرامار /الهارب) فاتن حمامة في ( الليلة الأخيرة/سيدة القصر/ لن اعترف) (١٦ صوتا) عن شادية يقول " حساسية مرتفعة وحس مرهف جدا واندماج سريع في الشخصية " واختارها في اللص والكلاب لتكسر الروتين في دور لم تلعبه من قبل (فتاة ليل)
أما فاتن حمامة فأشاد الجمهور بملامح التيه على وجهها في (الليلة الأخيرة) ويقول عنها كمال الشيخ "ليست بحاجة إلى تقييم، نجمة لا تتكرر، احترام كبير للعمل، ثقافة عريضة تمكنها من فهم الشخصية، وحين تندمج تنسى كل شيء، وتتوحد مع الشخصية في كيان واحد" (22) وكانت بطلة أول أفلامه وأخرج من إنتاجها (حب ودموع)
٣- رشدي أباظة صاحب المركز الثالث بـ(٩ أصوات) عندما قدمه في شخصية ساحر النساء التي اشتهر بها في (غروب وشروق) مرت الشخصية بتحولات غيرتها تماما وخرج من جلده في دوره الإنساني كرجل العصابة (ملاك وشيطان) وفي شيء في صدري كان على قدر التحدي
٤- شكري سرحان (٧ أصوات) دوره كسعيد مهران في (اللص والكلاب) كان نموذجيا ويقول عنه الشيخ "ترجم الشخصية ترجمة ممتازة وكان سببا في نجاح الفيلم وتعلق الجمهور به" (٢٣)
٥- كمال الشناوي (٦ أصوات) تشير رضوى عبد الله (٢٣ سنة ) أن "كمال الشناوي ظهر معاه بشكل مختلف وأدوار جديدة عليه زى فيلم (حبي الوحيد) وكان دوره مغلفًا بالشر على عكس أدواره الرومانسية المعتادة"، غير شخصية الصحفي الانتهازي في (اللص والكلاب) ثم (الرجل الذي فقد ظله)، كانت هناك علامة تناغم بين الكمالين عبر عنها الشيخ "فنان موهوب، حاضر البديهة، يدهشني أحيانا في أدائه" (٢٤)
٦- محمود مرسي (الليلة الأخيرة/ الخائنة) - مديحة كامل (الصعود إلى الهاوية) - نادية لطفي (٥ أصوات) كان الشيخ فخورًا بمنح محمود مرسي أول بطولاته على شاشة السينما لأنه "سوبر ستار" بمعنى الكلمة .. موهبته .. شخصيته - قدرته على تقمص الشخصية .. طريقة أدائه وبساطتها وهو ممثل عملاق، أو غول وشخصية لا تتكرر كثيرا" (٢٥) أما مديحة كامل فقدمت دور عمرها ويشير الشيخ أنه قد شاهدها في أدوار تليفزيونية قبل أن يختارها للفيلم وكانت تطابق الشكل مع الموضوع لذا كان الاختيار موفقا "ودليل على التواؤم بين الممثل والدور حليف النجاح" (٢٦)
أما نادية لطفي فالإشادة جاءت في (الخائنة)، تعبيرات وجهها ترجمت مشاعر الشخصية وأزمتها، وأشاد الشيخ في حديثه عنها ببساطتها في الماكياج بعكس نجمات أخريات.
٧- عماد حمدي (٣ أصوات) وأعجب الجمهور بأدواره في (المنزل رقم ١٣ / حياة أو موت / ميرامار) ويصفه الشيخ أنه "يمثل الإنسان المصري بشكل محسوس وله درجة قبول عالية جعلت منه نجما لسنوات طويلة" (٢٧)
٨- محمود المليجي / صلاح ذو الفقار / نور الشريف(صوتان) في (غروب وشروق) حيث يظهر المليجي الوجه المهزوم من الشخصية المتسلطة أما صلاح فهو هنا بطل مساند يتدخل عند اللزوم بحضوره المحبب
أما نور الشريف في (الطاووس) و(قاهر الزمن) موهبة احترمها الشيخ واستطاع استخراج الجديد منها.
٩- صوت واحد لـ: صلاح منصور (الشيطان الصغير: حضور يسند بطولة الطفل ودور مساعد مؤثر في لن أعترف) ومعه في نفس الفيلم أحمد رمزي شقيا يجلب الشقاء لأخته.
عمر الشريف (من أجل امرأة / حبي الوحيد / سيدة القصر) الخروج من عباءة يوسف شاهين وتقديم الرومانسية مع أشياء أخرى.
يوسف وهبي (ميرامار) توظيف الحضور الطاغي في شخصية إقطاعي ينتقد الثورة
عبد المنعم إبراهيم (ميرامار) الخروج من عباءة الكوميديا لآفاق أرحب
جميل راتب (على من نطلق الرصاص / الصعود إلى الهاوية) الشر بلمحة إتقان لا تملك سوى الإعجاب بالممثل مع كراهية الدور - يوسف شعبان (ميرامار) بطولة تقدم نجمًا جديًدا
ليلي طاهر (الطاووس / الخائنة / وثالثهم الشيطان) اكتشاف جديد مع كل دور
نيللي (الرجل الذي فقد ظله) وأداء مقنع.

أفق التوقعات:
حاول الاستبيان استطلاع توقعات الجمهور حول أفلام كمال الشيخ خصوصا وأنه اختار سينما التشويق بكل ما يرتبط بها من مشاعر التوتر والفضول والتركيز وطرح علامات الاستفهام ومفاجأة الجمهور بطرق مختلفة للسرد٬ كان الشيخ لا يحب أن يكرر نفسه وإن أدى الأمر لابتعاده عن الشاشة لسنوات ويبدو أن علاقة خاصة ربطته بالجمهور، فكان حريصا على حضور عروض أفلامه والاستماع إلى ملاحظاتهم الهامسة والاستفادة منها في الفيلم الجديد (٢٨) ومع نهاية السبعينات ظهر جمهور مختلف بعيد عن جمهور الشيخ الذي يعرفه، أغلبه من ذوي الثقافة المحدودة والذوق المنحدر كما يسميهم (٢٩) لذا تَرَوَّى الشيخ في عودته في الثمانينيات (الطاووس ١٩٨٢) ثم غاب بعد (قاهر الزمن١٩٨٧) محددا جمهوره بالقادرين على التفرقة بين الفكر والإسفاف ويرد على سؤال عن الجمهور الذي يحب مخاطبته في أفلامه "يمكن تصنيف الجمهور إلى ثلاث أو أربع فئات بين مثقفين وأنصاف مثقفين ومجرد متعلمين وجهلة وأعتقد أن جمهوري بين الفئات الأولى لأن نوع الموضوعات التي أقدمها لا يتذوقها إلا تلك الفئات وأرى دائما أن جمهوري هو جمهور العرض الأول وأنني منذ بدأت حتى الآن لم ألجأ إلى الوسائل (إياها) لجذب الجمهور وإن لم يكن الموضوع الذي أقدمه فيه كل مقومات النجاح لا أقدمه" (٣٠)
إذًا .. فسدت العلاقة الحميمة مع الجمهور في سنواته الأخيرة لعله شعر بغربة أو استياء بسبب تغير الذوق وتراجع الذائقة الفنية، فاكتفى بالمشاهدة بدلا من المشاركة ولكن الجمهور الذي سألناه يعيد الإنصاف لسينما كمال الشيخ ويؤكد جماهيريتها بمعنى الانتشار مع الجودة وبتسجيل توقعاتهم عند رؤية اسم كمال الشيخ على الفيلم جاءت إيجابية تتركز على ٤ عناصر: أولها جودة الفيلم (محترم يستحق المشاهدة) حتبسط، يحمل قيمة، ممتع بصريا، متكامل (تميز العناصر الفنية).
ثانيها أجواء التشويق: حيرتني من التركيز، حفضل مشدود، مش ححس بالوقت، حتفرج لآخره، فيه أسئلة وحتحصل مفاجآت، سريع الإيقاع
ثالثها الشكل: حبكة مختلفة، أنيق (ربما دلالة على ندرة المشاهد الساخنة في أفلامه)، بوليسي، اجتماعي وسياسي، غير مباشر، واقعي، شيء من الحزن (إشارة إلى النهايات المفتوحة)
رابعها: اختبار الزمن: أسلوب شيق مهما كان تاريخ إنتاجه - من علامات السينما ..
ولعل التعليق الذي لم يكن ١٠٠٪ إيجابيا أشار صاحبه إلى ضعف الشيخ في إدارة الممثلين رغم جودة الإخراج كجزء من توقعاته في المشاهدة وربما جاء شعوره من الحرية التي يعطيها كمال الشيخ لممثليه وأسلوب الأداء منخفض النبرة الذي يفضله.
ومثلت إجابة عماد عطية (٤١ سنة) تلك العلاقة الوجدانية التي تربط الشيخ بجمهوره عندما لخص توقعاته بـ"عمق مختلف من الناحية الإنسانية و الفيلم لازم يتحس أكتر ما ينتقد"

مظلوم أم محظوظ
فاز كمال الشيخ بجائزة الإخراج عدة مرات عن أفلامه: (حياة أو موت / الليلة الأخيرة / الرجل الذي فقد ظله) ومنحته لجنة التحكيم بالمهرجان القومي للأفلام الروائية عام ١٩٧١ جائزة لجنة التحكيم الخاصة عن مجموع أفلامه وخاصة (غروب وشروق) فاز بجائزة السيناريو الثانية عام ١٩٦٥ عن الاشتراك في سيناريو (الشيطان الصغير) كما شاركت أفلامه في العديد من المهرجانات الدولية: (حياة أو موت) في مهرجان كان ١٩٥٤ (الليلة الأخيرة) كان وبرلين ١٩٦٤ - (المخربون) مهرجان برلين ١٩٦٧ ورشح اللص والكلاب لجائزة أوسكار أحسن فيلم أجنبي ١٩٦٢ وحصل على جائزة الدولة التقديرية عام ١٩٩٢وأقيمت لأفلامه العديد من الأسابيع داخل وخارج مصر (٣١)
وحملت مبررات ترشيحه لجائزة الدولة التقديرية (لا شك أن الاحتفاء برواد الفن السينمائي في معنى الاعتراف بالدور الخطير الذين يقومون به في خدمة الثقافة والمجتمع والأستاذ كمال الشيخ هو أحد هؤلاء الرواد وهناك إجماع إنه مخرج من الطراز الأول .. تمتاز أفلامه بالأصالة وبالعمل الدائب على تقديم أشكال جديدة من المعالجة الدرامية) (٣٢)
كل هذه التكريمات والتقدير النقدي والنجاح الجماهيري لم تحول دون الشعور أن الشيخ من المخرجين المظلومين .. صحيح أن قائمة المظاليم أطول من المحظوظين في تاريخ السينما وأن الشيخ لن يكون أول المظاليم مقارنة بآخرين عاشوا وماتوا دون الالتفات لإبداعهم كما أن بعض من نصفهم بالمحظوظين بالاهتمام الإعلامي والنقدي هم أيضا من المبدعين والمجتهدين، لكن التساؤل قائم والسؤال المطروح "أنا شايف إن كمال الشيخ من المخرجين المظلومين في السينما المصرية.. متفق ولا مختلف مع الرأي ده؟"
المدهش أن الإجابة جاءت بالتعادل! فريق المؤيدين أن الشيخ لم ينل ما يستحق يساوي تماما فريق المعارضين أنه أخذ حقه وزيادة! وبينهما المحايدين الذين رأوا أن أغلب فناني وراء الكاميرا لا ينالون شهرة توازي عملهم لأن الثقافة السينمائية في أزمة ..
كانت حجة فريق المؤيدين أن شخصية الشيخ لم تتسم بالصوت العالي أو طلب الشهرة وأن اسمه ليس معروفًا لرجل الشارع بعكس يوسف شاهين وصلاح أبو سيف، وحتي عاطف الطيب
وأن نوع التشويق الذي برع فيه لم يحظ بالتقدير مقارنة بأنواع أخرى، لذلك أغفله النقاد الكبار لصالح أسماء أخرى، وكذلك عدم اهتمامه بكتابة اسمه على السيناريو حرمه من الامتياز الخاص لسينما المؤلف، وعانى في نهاية حياته من اعتزال إجباري كما أن مرور مئويته دون احتفاء الإعلام ظلم بَيِّن فضلا عن عدم معرفة الجيل الجديد لأعماله.
وأشار بعض المشاركين لمظاليم آخرين خصوصًا توفيق صالح ورضوان الكاشف.
أما فريق المعارضين فكان رأيهم أن أفلامه من علامات السينما المصرية حظيت بكتابات نقدية كثيرة ونجاحات جماهيرية مستمرة وظل يعمل في السينما لنحو ٥٠ سنة عمل فيها مع كبار الأسماء وفي النهاية هو اختار أن يعمل ما يحب وأصبح ماركة مسجلة بأفلامه.
وعمومًا يرى أيمن بدراوي (٤١ سنة) أن المظلوم الحقيقي هو الجيل الجديد" لأنه محروم من تذوق رائع لفساد الذوق وتسطيح الأعمال حاليا"

ما يطلبه القراء
اختتمنا الاستبيان بسؤال جمهور القراء عن الموضوعات التي يرغبون في قراءتها في عدد مجلة الفيلم الخاص عن كمال الشيخ وهذه قائمة باختياراتهم حاولنا أن نحقق بعضها في هذا الموضوع ونتمنى أن يجدوا البقية بين صفحات العدد:
بدايته ونشأته والمخرجون الذين تأثر بهم
صور نادرة عنه وذكريات الذين عملوا معه، حياته الشخصية والأسرية ومقاطع من حواراته،
تحليلات لمجموعة من أفلامه مثل اللص والكلاب - وحياة أو موت - الليلة الأخيرة والحديث عن البطل الضد في أفلامه والنهايات المفتوحة ودلالاتها
أسلوب إدارة الممثل في أفلامه، وكيفية اختياره مواقع التصوير والأزياء والديكور والموسيقى في أفلامه كيف يختار قصص أفلامه، بصمته في السيناريو، ولغة الصورة في أفلامه
مزيد من التعريف بأنواع الفيلم السياسي والتشويقي والبوليسي والنفسي
كمال الشيخ مونتيرا
شريط الصوت في أفلامه
كمال الشيخ والواقعية: ما قدمه وكيف أثر على جيل المخرجين اللاحقين
تجربته مع الأفلام المقتبسة وخصوصا أدب نجيب محفوظ
مغامرة الخيال العلمي
أسباب نجاح مدرسة كمال الشيخ ومراحل تطور أسلوبه الإخراجي
بورتريه عن الراحل يؤرخ لحياته ومشواره السينمائي.




المراجع والهوامش


١-جوزيف م.بوجز - فن الفرجة على الأفلام - ترجمة وداد عبد الله - الهيئة العامة للكتاب -١٩٩٥
٢- كمال رمزي٠ كمال الشيخ نصف قرن من الإبداع - كتاب تكريمي صادر ضمن المهرجان القومي الثامن للسينما المصرية ٢٠٠٢ - صندوق التنمية الثقافية
٣-أحمد رأفت بهجت - حوار مع كمال الشيخ حول رحلة ٤٠ سنة سينما - مجلة الفنون العدد الأول ١٠-١٠-١٩٧٩
٤، ٥، ٦- سمير فريد - حوار مع كمال الشيخ - نموذج من جيل العصاميين - نشرة أخبار تصدر عن مركز التنسيق العربي للسينما والتلفزيون بيروت لبنان - العدد ١٠٦/١٠٧-١٠ نوفمبر ١٩٧١
٧- محمد سعيد - حوار مع مخرج نحترمه- الكواكب ١٤-١٢-١٩٨٢
٨- محمد عبد الله - حوار نشرة نادي السينما السنة الثامنة ٣٠-٧-١٩٧٥
٩-سمير فريد - جريدة الجمهورية ١٥-١٢-١٩٧٨
١٠- سامي السلاموني - مجلة فن ٢٥-٣-١٩٨٦
١١- محمد عبد الله - مرجع سابق
١٢- سمير فريد - صفحة متفردة في تاريخ السينما المصرية مجلة مسار كانون الثاني ٢٠٠٤
١٣- علي أبو شادي - سينما كمال الشيخ بين هموم المواطن المصري والانقلاب في الخطاب السياسي
١٤- غنيم عبده - ذكريات أمير المخرجين الكواكب ٢٥-١٢-١٩٩٠
١٥- سمير فريد - سينما ٦٥
١٦- عزت شاهين - حوار مع المخرج السينما الكاجوال لا تناسبني -٢باح الخير ٩-١١-٩٥
١٧- أميرة الجوهري - حوار مع المخرج - نشرة تكريمية عن المركز القومي للسينما
١٨- سمير فريد - حوار مع كمال الشيخ - نموذج من جيل العصاميين - نشرة أخبار تصدر عن مركز التنسيق العربي للسينما والتليفزيون بيروت لبنان - العدد ١٠٦/١٠٧-١٠ نوفمبر ١٩٧١
١٩- هاشم النحاس .. كمال الشيخ مخرج التشويق - موقع مجلة الكتب العربية بتاريخ ١-٩-١٩٩٦
٢٠-أحمد رأفت بهجت - حوار مع كمال الشيخ -٤٠ سنة سينما -
٢١ إلى ٢٧ -غنيم عبده - ذكريات أمير المخرجين - هؤلاء النجوم كما عرفتهم - مجلة الكواكب
٢٨- بدرالدين جمجوم - كمال الشيخ يفتح قلبه للكواكب بتاريخ ٨-٢-١٩٨٢
٢٩-عزت شاهين - سينما الكاجوال لا تناسبني - حوار مع كمال الشيخ - صباح الخير بتاريخ ٩-٢-١٩٩٥
٣٠-فوزي سليمان - حديث مع كمال الشيخ - المساء -٢٩ ديسمبر ١٩٧٥
٣١-كمال رمزي - مرجع سابق
٣٢-أرشيف المخرج كمال الشيخ بمركز الثقافة السينمائية




التعليقات :

قد تعجبك هذه المواضيع أيضاً

أحدث المقالات