يوم أن كان شاهين أستاذا..

حسن شعراوى 01 يونيو 2018 يوسف شاهين "عدد تذكاري"

الكاتب : حسن شعراوى
أجرى الحوار: حسن شعراوي وأمنية عادل محسن التوني: تم تصوير فيلم "القاهرة منورة بأهلها بقاعة 16 بمعهد السينما كسر شاهين الحاجز بين الطالب والأستاذ وسط رحلة مجلة الفيلم للبحث بالجوانب الفنية المتعددة للمخرج يوسف شاهين، رصدت المجلة ملمحًا خاصًا وهامًا، خاصةً للأكاديميين الذين التقوه في محاضرات مادة "السينمار" والتي كان يشهدها المعهد يوم الاثنين، بصورةٍ متقطعةٍ، من شهرٍ لآخر بقاعة 35 المعروفة لطلاب المعهد العالي للسينما، تحاورت مجلة الفيلم مع عميد المعهد دكتور محسن التوني للوقوف عند أبرز محطات التقاء شاهين بالمعهد، حيث استهل التوني حديثه قائلًا:"كان شاهين حريصًا على صلته القوية بالمعهد، فرغم انشغاله بأفلامه، إلا أنه كان يستغل كل فرصةٍ تسنح له للقاء الطلاب، فعلاقته بالمعهد بدأت مع نشأته عام 1959 واستمرت حتى عام 1993 لمدرسٍ ومحاضرٍ.


ما هي المادة التي كان يدرسها بالمعهد، وهل كان لديه منهجٌ خاصٌ أو أسلوبٌ تدريسيٌ يميزه عن غيره؟
كان كثير المشاغل ولكنه كان يحضر دائمًا للمعهد في يوم الاثنين، حسب وقته، لم يستطع أن يدرس مادةً نظاميةً، لهذا كان يكتفي بمادة تدعى "سمينار" وهي عبارة عن وصفٍ وشرحٍ وتحليلٍ للميزانسين (تكوين المشهد) وحركة الممثل، ولم يعتمد كتابًا بل كان التدريس عمليًا ووصفًا لمشاهدٍ وتمثيلها لتوضيح التأثير الدرامي للحركة وتكوين المشهد ككل، لتعليم الطلاب كيفية تكوين المشهد السينمائي لإعطاء التأثير الدرامي المطلوب منه.

كيف كانت علاقته بالمعهد وهل كانت له طقوسٌ في التعامل معكم كطلابٍ؟
حضرت محاضرات "سمينار" (مادة حرة) لشاهين في عام 1980، وهو عامي الأول بالمعهد وما لاحظته أنه كسر قاعدة الطالب والأستاذ والمسافة التي طالما وجدت بين الطلاب والأساتذة التقليديين، فكان صديقًا للطلاب يقدم العون للجميع ويدعم مواهبهم، وهناك من عمل معه في أفلامه كمساعدين أمثال دكتور نجوى صابر وغيرها.
كانت له عادةٌ جميلةٌ للغاية، كان يحضر إلى المعهد في الثامنة والنصف صباحًا، رغم أن المعهد كان يفتح أبوابه من التاسعة صباحًا، لكنه كان يحضر قبل أي فردٍ ويجلس يتحدث مع "عم حمدي" وعمال المعهد ويتسامرون حتى يحضر الطلاب، لم يكن أحدٌ يفوت محاضراته، حيث كانت موسميةً في أغلب الأحيان، لهذا كان يحضرها الطلاب من كافة الأقسام والدفعات من داخل المعهد وأحيانًا طلابٌ من معهد فنونٍ مسرحيةٍ.


أشرت في حديثك إلى اهتمامه بالمعهد، فكيف ظهر هذا الاهتمام في أفلامه؟
تشهد قاعة 16 على تصوير فيلم "القاهرة منورة بأهلها" عام 1991، حيث تم تصويره بالمعهد وزواياه واستعان بطلابٍ من المعهد وقدم هذا الفيلم التسجيلي.

يوسف شاهين كان ممارسًا للإخراج السينمائي، فكيف تقيم تجربته في التدريس الأكاديمي؟
شاهين لم يعتمد نهج التدريس النمطي، ولكنه كان قادرًا على التبسيط والتسهيل للطلاب ولم يك يستعرض قدراته وخبراته، بل أراد أن يستفيد طلاب المعهد من هذه الخبرات لتكوين كوادر، وكان يحضر مع مساعديه، في البداية كان علاء كريم وبعد ذلك خالد يوسف لنقل تجاربهم، وكان يرحب بالجميع إن رغب في الانضمام إلى فريقه.


هل كانت هناك فرصةٌ للعمل معه في حقل الإخراج السينمائي بأفلامه؟
مع الأسف لم تكن هناك فرصةٌ للعمل معه، حيث إنني غيرت مساري العملي، رغم طلبه لي في فيلم على ما يبدو في فيلم "المهاجر".


كيف يستفيد المعهد من أفلام يوسف شاهين كمادةٍ عمليةٍ؟
أفلام شاهين تعد جزءًا لا يتجزأ من المواد الفيلمية التي يشاهدها الطلاب، بكافة الأقسام، فمثلًا على سبيل الذكر في قسم هندسة الصوت، هناك اهتمامٌ بأفلام شاهين وشريط الصوت الخاص بها، لاسيما أني رأيت بنفسي كيف يهتم بالصوت وتوظيفه الدرامي، وهو ما يضفي معنى حقيقيًا لشريط الصوت والمؤثرات الصوتية المستخدمة.

أطلعنا على مواقفك معه سواءً في المعهد أو خارجه؟
سنحت لي الفرصة لحضور ميكساج (دمج الصوت) الفصل الأول من فيلم "حدوتة مصرية" وكنت في أولى معهد، مع والدي مهندس الصوت "حسن التوني" رئيس مجلس إدارة شركة مصر للاستوديوهات، آنذاك، وطلب منه شاهين أن ينفذ ميكساج فيلم "حدوتة مصرية" وإلا سيرسله للميكساج في فرنسا، فقام والدي بعمل ميكساج الفيلم، وتم تنفيذه بمركز الصوت بمدينة السينما.

وحدثت واقعةٌ طريفةٌ لكنها أظهرت لي مدى اهتمام ووعى شاهين بتفاصيل بناء الفيلم، إذ اجتمع هو ووالدي مهندس الصوت "حسن التوني" وعددٌ من فريق العمل وكنت حاضرًا، لحسن حظي، ورأيت كيف يعمل شاهين، حيث كان جالسًا بجوار الميكسر ولم يجاور مهندس الصوت كعادة المخرجين الآخرين.
في هذا اليوم تم العمل على الفصل الأول من فيلم "حدوتة مصرية" عام 1982، ومع نهاية العمل على شريط الصوت، لم يكن والدي راضيًا على النتيجة بنسبة 100%، لهذا عمل على تعديله وحده دون شاهين، وحينما حضر شاهين في اليوم التالي، كان معتادًا على مشاهدة ما تم تنفيذه في اليوم السابق حتى يندمج مع دراما العمل، واستشعر اختلافًا طفيفًا في شريط الصوت، لكنه أثنى عليه وأشار إلى أفضليته عما تم تنفيذه سابقًا، وتم اعتماد هذا الشريط للفصل الأول من الفيلم.
كما حضرت ميكساج فيلم "الأرض" عام 1969مع والدي أيضًا، وأنا في سن الثامنة من عمري، وأتذكر بعض ملامح شريط الصوت لهذا الفيلم المميز، وأبرزها الضربة التي تلقاها "محمد أبو سويلم" في نهاية الفيلم على يد الضابط، تم تنفيذها بطريقة درامية، باستخدام كراسي العرض لاستوديو النحاس وكانت جلدًا، فضربوا أحد الكراسي لإحداث هذا الصوت بالتأثير الدرامي.
لهذا كان يلجأ إلى فرنسا، في أفلامه الأخيرة، لتنفيذ شريط الصوت بالتكنولوجيا التي كانت تفتقر لها أغلب استوديوهات مصر، حتى تخرج الأفلام برؤيةٍ فنيةٍ ودراميةٍ.

التعليقات :

قد تعجبك هذه المواضيع أيضاً

أحدث المقالات