دراما يوسف شاهين وحوار الأفكار

د.وليد سيف 01 يونيو 2018 يوسف شاهين "عدد تذكاري"

الكاتب : د.وليد سيف
فى فيلم (هى فوضى) آخر أعمال يوسف شاهين والذى أخرجه بمشاركة تلميذه خالد يوسف، كتب السيناريو ناصر عبد الرحمن منفردًا وهى حالةٌ نادرةٌ فى أعمال شاهين الذى شارك فى كتابة معظم أعماله وتشارك فى تأليفها كثيرًا أكثر من كاتبٍ، ولا شك أن هذا الفيلم الذى عرض فى عام 2007 وقبل ثورة 25 يناير بسنواتٍ قليلةٍ كان أقرب للتبشير بها حيث كان يعبر عن رؤية شديدة النضج لواقع مصر فى سنوات حكم مبارك كاشفًا بعمقٍ عن جذور الفساد والخلل المجتمعى الذى وصل إلى ذروةٍ غير مسبوقةٍ.


وربما يرى البعض أن يوسف شاهين بتاريخه الفنى الحافل حقق أفلامًا أهم من حيث قيمتها الفنية ومكانتها التاريخية فى السينما المصرية، ولكن هذا لا يقلل من مكانة فيلمه الأخير ومدى عمق رؤيته والتى تعبر عن قدرة يوسف شاهين على التواصل مع الواقع المصرى بمختلف مراحله، ومع هموم أجيال جديدةٍ تفصله عنها مسافةٌ عمريةٌ كبيرةٌ، ولكن قدرة شاهين على التحاور والتواصل من أجل الوصول إلى رؤيةٍ واقعيةٍ تحليليةٍ كاشفةٍ وناقدةٍ هى من أهم مميزاته كمخرجٍ، وقد تطورت هذه القدرة عبر مراحل عديدةٍ،
تعاون يوسف شاهين عبر مسيرته الفنية مع عددٍ كبيرٍ من الكتاب من مختلف الأجيال والأساليب والاتجاهات، من كتاب أدبٍ كبارٍ أمثال نجيب محفوظ ويوسف السباعى وعبد الرحمن الشرقاوى وإحسان عبد القدوس ويوسف إدريس إلى كتابٍ صحفيين أمثال حسن فؤاد وصلاح جاهين ولطفى الخولى إلى كتابٍ سينمائيين متخصصين منهم على الزرقانى وحسين حلمى المهندس وعبد الحى أديب و السيد بدير ووجيه نجيب ومحسن زايد ورفيق الصبان، إلى تلاميذه ومساعديه كيسرى نصر الله ومحسن محى الدين وخالد يوسف وغيرهم، ولا شك أن شاهين بذكائه النادر وموهبته العالية قد استفاد كثيرًا من حواره مع كل هؤلاء وأن هذا الحوار لم يثمر فقط عن أعمالٍ مهمةٍ مشتركةٍ قدمها معهم، ولكنه بالتأكيد أسهم أيضا فى تشكيل ثقافة شاهين نفسه وتفتح وعيه وتطور نظرته للحياة وللواقع وللفن.
من هذه اللقاءات أو الحوارات الفنية الفكرية سوف نتوقف عند بعض المحطات المهمة سواء لما نتج عنها من أفلام ذات قيمةٍ فنيةٍ خاصةٍ أو لما نراه من تأثيرٍ على مسيرة شاهين الفنية أو لما تمثله من أجيالٍ أو تباين اتجاهات كتابٍ تعاونوا معه .

الحوار الأول:

يبدو التوقف أمام تجربة فيلم (بابا أمين ) من انتاج 1950 توقفًا حتميًا، فالفيلم هو العمل الروائى الأول ليوسف شاهين وهو شابٌ لم يتجاوز الخامسة والعشرين من العمر محدود الخبرة الفنية والحياتية، ويعد فيلم ( بابا أمين ) 1950من التجارب النادرة الجريئة التى تنتقل فيها السينما إلى العالم الآخر أو عالم ما بعد الموت وتدور معظم أحداث الفيلم عن الأب المتوفى الذى يراقب أحوال أسرته بعد وفاته، وهو عاجزٌ عن إنقاذهم أو تعديل مسارهم أو توجيههم بعد تدهور أحوالهم الإقتصادية نتيجة لخطإٍ ارتكبه قبل وفاته، وعلى الرغم من أن الأحداث تنتهى بأن كل ما شاهدناه كان حلما، وحتى رغم أن الفيلم يقدم فى نهايته درسًا أخلاقيًا تقليديًا مباشرًا فى السياق المألوف للسينما المصرية إلا أن جرأة التصدى للعالم الآخر والبحث عن زاوية جديدة لرؤية الحياة وتلمس مواطن الخيال و اختيار الطريق الأصعب كمخرجٍ يلجأ للحيل البصرية فى أول أفلامه ويحاول أن يحققها بطريقةٍ فنيةٍ وتقنيةٍ مناسبةٍ لزمن إنتاجها كانت كفيلةً بأن تلفت الأنظار لصاحب الموهبة الجديدة.

ولكن قبل أن ينطلق شاهين إلى موقع التصوير ليديره بقوةٍ واقتدارٍ رغم صغر سنه وضآلة حجمه كان عليه بالتأكيد أن يخوض جدلًا وحوارًا فكريًا على الورق، كتب يوسف شاهين قصة الفيلم بينما كتب السيناريو حسين حلمى المهندس والحوار على الزرقانى وكان كل منهما فى بداياته، وعلى الرغم من أن شاهين قبطى ينتمى إلى طائفة الكاثوليك الروم إلا أن معظم أحداث فيلمه الأول تدور فى أجواء رمضان فى مدينة القاهرة ومن خلال أسرةٍ مسلمةٍ.
وتتجلى أهمية اشتراك كاتبين مع يوسف شاهين فى هذا العمل فى هذه القدرة على إدراك التفاصيل والعادات والتقاليد الإسلامية لسكان الطبقة المتوسطة بمدينة القاهرة، يتجلى أيضا عند شاهين منذ بداياته هذا الحس الحضارى والمؤمن بضرورة فهم مواطنه الآخر ومعايشته والتعرف عليه عن قربٍ بل والتعبير عنه أيضًا وهذه النزعة سوف تتبلور بصورةٍ أقوى فى أعمالٍ لاحقةٍ، إن يوسف شاهين يقدم فنًا لجمهورٍغالبيته من المسلمين لذا فعليه أن يعرف بداية الكثير عن عاداتهم وتقاليدهم وأن يقدم فنًا قريبًا منهم، وهو بالتأكيد ليس بإمكانه أن يحقق هذا فى نصٍ من تأليفه وحده.

ويبدو أن شاهين المغامر والمتمرد كان من الصعب عليه أن يتعامل مع كاتبٍ من جيلٍ أكبر يسيطر على أفكاره وتوجهاته، وهو أيضا بالتأكيد قد وجد ارتياحًا فى التعامل مع المهندس فهو كاتبٌ ينتمى لنفس جيله تقريبًا تبدو لغة الحوار والتواصل بينهما أسهل كما أن السيناريست هنا يبدو أقرب لنقيضه الذى لا يتناقض معه بقدر ما يضيف إليه بعقليته المنظمة التى لا شك من أنها تأثرت بدراسته للهندسة، فتيار الخيال الهادر والصور السينمائية والأخيلة التى تتلاطم فى ذهن صاحب القصة المخرج فى حاجة إلى من ينظمها ويسيطر عليها ويحققها فى بناءٍ متماسكٍ، والنتيجة التى تتحقق من هذا التعاون تؤكد تحقق هذا التكامل، فرغمًا عن طرافة معالجة فيلم بابا أمين إلا أنك لابد سوف تلاحظ تقليدية السيناريو فى بنائه وفى وضوح أفكاره ومعانيه وتكامل نسيج تفاصيله اعتمادا على حبكةٍ بسيطةٍ، وباللجوء إلى حوار على الزرقانى المميز كعنصرٍ مكملٍ للصورة وليس كمحركٍ لها كما هو الحال فى غالبية الأفلام المصرية.
وبالانتقال إلى فيلم باب الحديد من إنتاج 1958 كواحدٍ من أهم المحطات فى مسيرة يوسف شاهين الفنية سنجده نقطة الانطلاق لسينما يوسف شاهين الخالصة بعد أن اكتملت معالمها وتحددت ملامحها، يأتى الفيلم فى الترتيب العاشر بين أعماله زمنيًا ويسبقه تسعة أفلامٍ ،قد نرى ملامح أو جوانب من شخصية شاهين الفنية فى مواضع معينة منها مثل مشاهد الفيضان فى ( ابن النيل ) 1951 أو مشاهد المواجهات والتكوينات السينمائية المميزة فى (صراع في الوادي )1954و( صراع فى الميناء ) 1956 ولكن تلك الشخصية تكاد تتلاشى إلى أقصى الحدود فى أفلام مثل (سيدة القطار) 1952و(إنت حبيبى ) 1957 فيصعب أن تجد ما يميزهما عما كانت تقدمه السينما المصرية فى ذلك الوقت من ميلودرامات تقليدية أو أفلام عاطفية خفيفة مشابهة لتراث السينما المصرية عموما فى كلا المجالين، ويصعب إلى حد كبير أن تلاحظ تميز المخرج فيهما إلا فى بعض اللقطات و الزوايا المعبرة غير المألوفة.

كان يوسف شاهين طوال السنوات الثمانية وعبر أعماله العشرة الأولى يبحث عن ضالته التى يقدم من خلالها نفسه فى عمل سينمائى يسيطر على بنائه ونسيجه من بدايته إلى نهايته ويفرض عليه أسلوبه بعيدًا عن نظام النجوم وتحكماتهم وسيطرة المنتجين بما يفرضونه من سينما تقليديةٍ مضمونةٍ يألفها المشاهد ويعتادها بعيدًا عن أية مغامرات أو محاولات للخروج به من الآفاق الضيقة المعتادة للسينما المصرية.
كان شاهين يبحث عن عملٍ يعبر من خلاله عن لغته السينمائية وأسلوبه الخاص فى التكوين والقطع وإدارة الممثل والتحكم فى شريط الصوت .. فيلمٌ يفرض من خلال موضوعه الخروج من غرف النوم وصالات القصور والحانات والملاهى الليلية ..دراما تقدم شخصياتٍ جديدةً ومختلفةً وأزماتٍ لم تطرح من قبل بعيدًا عن الخيانة الزوجية والمشكلات العاطفية والتحدى بين رجلين على امرأة أو العكس.
كان شاهين قد حقق أجزاءً من هذه الأحلام فى أفلامٍ سابقةٍ، ولكن الحلم بأكمله لم يتحقق إلا من خلال باب الحديد، كانت هذه الدراما الجريئة والروح المتطلعة إلى سينما جديدةٍ ومختلفةٍ يصعب أن تتحقق إلا من خلال كاتبٍ جديدٍ دارسٍ وموهوبٍ ولديه إيمانٌ عميقٌ بما يكتب وإدراكٌ واعٍ بواقعٍ جديدٍ يتجدد كل يوم ويفرض شخوصًا جديدةً وصراعاتٍ مختلفةٍ وأسلوبًا خاصًا فى ظل متغيراتٍ اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ وسياسيةٍ جذريةٍ فى منعطفٍ تاريخىٍ مهمٍ على المستوى المحلى والعالمى.

شاهين وأديب:
تمثل هذا الحلم فى سيناريو يحمله شابٌ اسمه عبد الحى أديب درس الدراما بمعهد الفنون المسرحية، وتمرس على العمل السينمائى كمساعد للمخرج الإيطالى فيرنيتشو، وبدأ يظهر فى الأوساط السينمائية من خلال عدة سيناريوهات أو أفكارٍ لأفلامٍ يتحمس لها ويثنى عليها اثنان من كبار أساتذة الإخراج فى مصر هما عز الدين ذو الفقار ونيازى مصطفى، واستطاع يوسف أن يفرض مساعده محمد أبو يوسف ككاتبٍ لحوار الفيلم فى زمنٍ كانت السينما تؤمن فيه بالتخصصية وكان كاتب السيناريو يدرك أن كتابة الحوار تستلزم موهبةً خاصةً وخبراتٍ محددةً، وعلى الرغم من أن تيترات فيلم باب الحديد تحمل توقيع عبد الحى أديب كاتبًا للقصة والسيناريو إلا أنه نادرًا ما تجد فى حديث ليوسف شاهين أية إشارةٍ لعبد الحى أديب أو حواره معه فى هذا الفيلم أو كيف تم تعديل أو تطوير السيناريو ليتلاءم مع رؤية مخرجه؟

وربما يرجع هذا إلى ما ذكره عبد الحى أديب من تمسكه ببعض الجوانب فى عمله مما يبدو صادمًا لمخرجٍ يسعى لأن يكون صاحب الرأى والرؤيا و القرار فى كل تفصيلةٍ فى عملٍ يراه فاصلًا فى مسيرته الفنية "حوارٌ مع الناقد مصطفى عبد الوهاب، نشرة جمعية الفيلم23-3-1996". وعلى أية حالٍ فإن باب الحديد بتكامله الفنى ووحدته الموضوعية و الشكلية والزمنية وبحماسة الكاتب الشاب الجديد والمخرج الذى وصل إلى مرحلة من النضج والتمكن قد حقق فيلمًا رائعًا شكل علامةً بارزةً فى تاريخ السينما المصرية، تبلورت من خلاله شخصية شاهين بإيقاعه السريع وانتقالاته الحادة ومشاهده المفعمة بالحركة وتوظيفه الفنى للخلفيات والتكوينات وتمكنه من سرد الحدوته بشكلٍ قوىٍ ومؤثرٍ.

بعد أن قدم يوسف شاهين فيلم جميلة الجزائرية 1959 توجهت إليه الأنظار كمخرجٍ صاحب توجهٍ سياسىٍ يقدم أفلامًا ذات قيمةٍ وطنيةٍ وبعدٍ نضالى، ولكن يوسف شاهين نفسه يتحدث عن تلك التجربة " ولا كنت فاهم ولا عارف الجزائر أين تقع ؟ ولا عارف إن هناك حرب فى الجزائر ولست على علمٍ بشىءٍ، وقلت لهم ما تخربطونيش وسألتهم مين الطيبين قالوا لى العرب ومين الوحشين قالوا الفرنساويين، أوكى عملت الفيلم– من كتاب سعاد شوقى سينما يوسف شاهين تطور الرؤية والأسلوب – آفاق السينما – القاهرة – إبريل 2004 ص 73".. " ولكن لا شك أن حوار يوسف شاهين على الورق مع كتاب هذا الفيلم - يوسف السباعى كاتبًا للقصة ونجيب محفوظ وعبد الرحمن الشرقاوى كاتبين للسيناريو والحوار – قد ساعد شاهين كثيرًا كما أن نجاح الفيلم قد أكد له أن التحاور مع عقولٍ بهذا المستوى ينتج أعمالًا عظيمةً ويضيف إلى فكر وثقافة المخرج السياسية.

وعن تجربته فى فيلمه التالى الناصر صلاح الدين يقول يوسف شاهين عن فكرته التى وضعها نصب عينيه وهو يضع السيناريو مع عبد الرحمن الشرقاوى: "كان واجبنا من أول لحظةٍ أن نرد على تصوير الاستعماريين لنا نحن العرب فى صورة الهمجيين والمتخلفين ,وقد تمثل ذلك فى شخصية صلاح الدين فهى صورة النبيل العربى و المتسامح وكريم الاخلاق، ولا يجب أن يفوتنى فى الحديث عن علاقة الحب بين لويزا وعيسى العوام فإن هذه العلاقة الدرامية البريئة قد أدخلها السباعى والشرقاوى فى أحداث الفيلم، وفى أحداث التاريخ والشخصيات الجادة وإنى أرى أن هذه العلاقة أو الخط الرومانسى كان ضروريًا فى دراما الفيلم وكان لابد أن يقتصر الفيلم على هذا الخط الرومانسى الذى يعبر عن أبعاد إنسانية لهذه الشخصيات الجادة فهذه العلاقات ليست مفروضةً على الواقع بل إنها تدرجت مع قصة الحرب والسياسة منذ البداية حتى كانت جزءًا من النهاية".

ويعود شاهين للتعامل مع عبد الرحمن الشرقاوى من خلال روايته الأرض، وكتب لها السيناريو والحوار حسن فؤاد وهو الكاتب صاحب التاريخ المعروف فى عالم الصحافة ، ويعد فيلم الأرض من أهم ما أنتجته السينما المصرية عبر تاريخها كله، ويحقق شاهين أيضًا فى هذا الفيلم مصالحة مع جمهور السينما فهو من أفلامه التى تتميز بحبكةٍ واضحةٍ وقصةٍ مفهومةٍ وشخصياتٍ محددة المعالم ولا يحتاج المشاهد لبذل جهدٍ كبيرٍ للفهم أو الاستيعاب، وعلى الرغم من أن أحداث الفيلم تقع فى زمنٍ قديمٍ إلا أن الصدق فى التعبير يجعلك تعايش القصة كما لو كانت تحدث اليوم، فالواقع العربى بشروطه وأوضاعه التى لا تتغير كثيرًا تجعل الرسالة التى يطرحها الفيلم سهلة الوصول وتصبح فكرة التمسك بالأرض من أنبل ما عبر عنه يوسف شاهين، والأهم من كل هذا أن فيلم (الأرض ) تتحقق فيه القاعدة الذهبية لكل عملٍ عظيمٍ وهو أن فكرته الأساسية لا تغيب عنه مهما تنوعت المشاهد واختلفت الشخصيات فالأرض هى محور اهتمامه وموضوعه وحواره ومكانه.
ومسألة وضوح الفكرة وسيطرتها على الأحداث و الشخصيات و المواقف لا تتحقق غالبًا إلا فى ظل وجود سيناريو قوىٍ ومحكمٍ يلتزم المخرج به إلى أقصى الحدود الممكنة فى أثناء عمليتى التصوير والمونتاج ولا يخرج عنه إلا فى أضيق الحدود وفى ظل حضور أفكارٍ ملهمةٍ تتناسب مع إطاره العام وتضيف إليه دون أن تستتبع تغييرات أساسية فى بناء أو نسيج االسيناريو، ومن الملاحظ أن فيلم الأرض هو من الأعمال النادرة فى أفلام يوسف شاهين التى ينفرد بكتابة السيناريو والحوار لها كاتبٌ واحدٌ.
فى معترك السياسة:
يحمل فيلم العصفور توقيع لطفى الخولى على الرؤيا السينمائية بالاشتراك مع يوسف شاهين ، وهى التجربة السينمائية الوحيدة للكاتب السياسى لطفى الخولى، ويأتى هذا اللقاء حتميًا بين كاتب سياسىٍ كبيرٍومخرجٍ بلغ أعلى المستويات بفيلمه الأرض، ويسعى المخرج هذه المرة للتعبير بجرأةٍ عن أزمةٍ معاصرةٍ، فما جدوى الالتفات للماضى وقد وقع المحظور وحلت الكارثة وآفاق الجميع على هزيمة يونيه 1967.
فى فيلم العصفور يقرر يوسف شاهين أن يحلق بخياله السينمائى بصحبة كاتبٍ على درايةٍ كبيرةٍ بالواقع السياسى، ولكن لابد أن نتوقف أمام وصف الرؤيا السينمائية على تيترات الفيلم فى تجنب صريح لتحديد اسم كاتب السيناريو والحوار، ربما تكشف لنا كلمات يوسف شاهين التالية عن طبيعة العلاقة العملية التى ربطته بلطفى الخولى " قبل العصفور بستة أشهر فقط أتذكر عندما قابلته فى أحد النوادى وسألته إذا أراد أن يشترك معى فى كتابة فيلمٍ ورد على بالإيجاب وعملنا شوية مع بعض ولكنه بالتأكيد لم يكتب فيلم العصفور، تخاصمنا بعد نهاية الفيلم، كان يقنع نفسه بأنه كتبه، صحيح أنه كتب أشياء كثيرة ولكن ليست هى التى يذكرها، فقد أقنع نفسه بأن بهية هو الذى اخترعها فأجبته بأنها موجودة فى فيلمين قبل ذلك بهية مناضلة إلى حدٍ ما فى الاختيار وفاتن حمامة فى صراعٍ فى الميناء جدعة وتتخانق وتقف وقفة المرأة، ولكن لطفى الخولى كان أستاذى فى السياسة-حوار مع يوسف شاهين – إبراهيم العريس – مجلة سينما – إبريل /مايو2004".
وعلى الرغم من أن هذه الكلمات قد تبدو متناقضة فشاهين يزعم أن الخولى لم يكتب العصفور ثم يعود ليقول أنه كتب أشياء كثيرة ولكن ليست التى يذكرها، كما أنها تبدو مقتضبة ومليئة بالقفزات إضافة إلى تركيزها على شخصية بهية كما لوكانت بهية هى فيلم العصفور، ولكن هذه الكلمات تكشف أيضا عن تلك العلاقة المعقدة بين الخولى وشاهين، فشاهين يعترف أن الخولى أستاذه فى السياسة ولكن يبدو أن الخولى لم يتعامل مع شاهين باعتباره أستاذًا فى فنه أيضًا، ومن هنا يبدو الصدام حتميًا خاصةً والفيلم يكشف عن سعى كاتبه السياسى لتحديد الدلالات السياسية للفيلم بشكلٍ صارمٍ.
وهكذا فعلى الرغم من صعوبة الحوار بين شاهين والخولى إلا أن شاهين استطاع أن يقتنص منه ما يصنع فيلمًا مختلفًا وجريئًا ومفاجئًا للجمهور والسلطة فى زمن كان الحديث فيه عن فساد السلطة من المحرمات، كما أنه استطاع أن يحقق تأثيرًا كبيرًا بفضل درامية الصورة وقوة أداء الممثلين والأهم من هذا هو حالة الاستعداد عند المتلقى و الظرف التاريخى الذى عرض فيه الفيلم فعلى الرغم مما يطرحه الفيلم من كشفٍ لفساد النظام والذى أوصلنا للهزيمة العسكرية القاسية إلا أنه ينتهى بأغنية(رايات النصر ) والتى كانت من أول الأغانى التى أذيعت مع حرب أكتوبر1973، وكما لوكان الفيلم قد حمل نبؤة النصر الذى يمكن أن يتحقق عندما تتكاتف الجماهير وتقف فى وجه الفساد.
ثم يأتى اللقاء الحتمى بين يوسف شاهين وصلاح جاهين فى فيلم عودة الابن الضال، فالشاعر الكبير كان متعدد المواهب وعلاقته بالسينما كانت شديدة الحميمية، فى هذا الفيلم تتسع الرؤية من دراسة لأسباب هزيمة شعبٍ إلى مأساة أمةٍ بأكملها تمزقها الخلافات و المصالح المحلية وتتجسد هذه الأمة بشكل واضحٍ وصريحٍ فى عائلة المدبولى وتبدو عودة الابن علي من المدينة مهزومًا بحلمه المنكسر هى تعبيرٌ عن شعور شاهين وجاهين بالقلق على مصير الأمة والوطن واستكمالًا لصرخة محسنة توفيق/ بهية من فيلم العصفور" لأ ياجمال ..حنحارب " ولكن الصرخة هنا تتحول إلى أملٍ فى جيلٍ جديدٍ يسعى نحو العلم، ولكن شاهين يقول "أنا خائف من عودة بعض الأشياء التى كانت قد اختفت من مصر مرةً أخرى إنهم يفهمون الانفتاح كما يفهمون الاشتراكية ..انفتاح لهم وحدهم واشتراكية لهم وحدهم !!هذه الطبقة الجديدة وهؤلاء السماسرة فى كل مكان يعملون لمصالحهم الخاصة فقط. حوار مع سمير فريد بعنوان أريد أن أتحدث عن حقيقتى وحقيقة زمنى – جريدة الجمهورية 14/10 /1976" ورغما عما تكشف عنه هذه الكلمات من شفافية رؤية المثقف يوسف شاهين إلا أنها فى واقع الأمر لم يتم التعبير عنها فى الفيلم بشكل واضح، وفى الحقيقة إن عودة الابن الضال يعتمد على الرمزية سواء فى رسم الشخصيات أو المواقف أو الأغنيات التى كتبها جاهين طبعًا إضافة إلى مشاركته فى السيناريو.
شاهين وجاهين:
وبالتأكيد يجتمع مع شاهين جاهين الإشتراكى الأصيل الذى كتب أهم أغانى الثورة، أما شاهين فكان انحيازه للثورة والاشتراكية يتزايد والذى تجلى فى تعاونه فى ثلاثة أعمال متتالية مع مجموعة من أهم الكتاب الاشتراكيين ( لطفى الخولى – حسن فؤاد – صلاح جاهين ).. تبدو حتمية تعاون شاهين وجاهين أيضًا فى تلك الأغانى الرائعة التى كانت جزءًا أساسيًا من الدراما و التى كان يصعب أن يكتبها شاعرٌ غير مشاركٍ فى السيناريو.
فعودة الابن الضال هو أحد أحلام شاهين الكبرى فى الدراما الغنائية، ومن الواضح أن شاهين عبر مسيرته الفنية قد أبدى اهتمامًا خاصًا بالرقص والحركة بشكلٍ جزئىٍ فى بعض أفلامه كما أنه أيضًا كان من أكثر المهتمين بتقديم سينما غنائية بالمعنى الصحيح، أى بأن تكون الأغنية جزءًا لا يتجزأ من الدراما ووسيلة تعبيرٍ أساسيةٍ بالفيلم وليست مجرد فواصل تتوقف فيها الدراما ليلقى البطل أنشودته، ولكن التحدى فى عودة الابن الضال هو تقديم الأغنية فى إطار درامى تراجيدى وبأساليب مختلفة ومتنوعة وبعيدة عن كل الأطر التقليدية للأغنية فى الفيلم المصرى وكوسيلةٍ تعبيريةٍ مهمةٍ وأساسيةٍ فى صميم الدراما، وهو فى طريقه لهذا كان لابد أن يحقق تلك الأغنيات اعتمادًا على شريكٍ كاملٍ فى عملية الكتابة وهو ما تحقق بفضل اعتماده على كاتب سيناريو هو فى الأصل شاعرٌ كبيرٌ.
تبدو هذه أغانى الفيلم الأربعة كدعائم أساسية فى معمار السيناريو، بالطبع يصعب أن يجزم أحد متى أو فى أى مرحلة تم الاستقرار على هذه الأغنيات أو مواضعها؟ ولكن ما نراه على الشاشة أمامنا يجعلنا لا نستطيع أن نتخيل هذا الفيلم بدونها وبهذا الشكل وبتلك التفاصيل الصوتية والبصرية التى ظهرت بها على الشاشة، ولا يمكن أن تتصور فيلمًا كهذا ينفصل فيه مؤلف الأغنية الدرامية البليغة عن كتابة السيناريو قريبًا جدًا من الروح المتوثبة لمخرج يحلق فى الخيال تؤرقه همومه وتدفعه كوابيسه وأحلامه إلى صناعة أفلامه .
السيرة بقلم زايد:
كان فيلم "إسكندرية ليه؟" هو أول فيلم على الإطلاق - في مصر أو خارج مصر - يتحدث فيه المخرج عن نفسه وعن حياته بصورة مباشرة، وبصدق وصراحة كاملين، ربما كان فيلم فريدريكو فيلليني (8 ونصف) مستوحى من حياته، غير أنه مزج الخيال بالحقيقة، كما أن البطل فيه لا يحمل اسمه، أما "اسكندرية ليه؟" وما تبعه من أفلام سيرة يوسف شاهين "، فهى أقرب لاعترافات يوسف شاهين عن جوانب من حياته وأسرارها مع ما تفرضه الرؤيا الدرامية من تغييرات ملزمة، أضف إلى ذلك أنه من الأفلام المصرية النادرة للغاية التي تصور عائلة مسيحية مصرية بعاداتها وأسلوب عيشها ومفاهيمها، "وفي رأيي ان الفنون المصرية عموماً تفتقر بشدة إلى صور لهذا القطاع من المجتمع المصري، وهو تقصير أنسب المسؤلية عنه إلى الفنانين المسيحيين المصريين،على كل حال، إن كل فيلمٍ من أفلامي هو قطعة من نفسي، وثمرة فترة معينة من حياتي، أو على حد قول التعبير الشائع "كلهم أبنائي!".- حوار مع سمير فريد- الجمهورية- 14-10-1976 " ..لكن لأن يوسف شاهين يقدم فى هذا الفيلم بعض مشاهد ستبقى طويلًا فى عمق ذاكرة المتلقى بفضل ما تحقق لها من مستوى فنى وجمالى رفيع ( حرق الأيقونة – موت الأخ الكبير كما يعكسه باللون و الصمت والهمس من ذاكرة طفل صغير ..فشل الاستعراض والتمثيل أمام مقاعد خالية ) ولأن الحوار بلغ أعلى درجات التأثير فى بعض المشاهد بعباراتٍ قليلةٍ ومشحونةٍ – نشرة نادى سينما القاهرة – مقال لمحمود عبد الوهاب بعنوان عن يوسف شاهين وإسكندريه ليه- 17 – 9 – 1979 " ربما لهذا ولتشعب خريطة الشخصيات ولخشية يوسف شاهين من أن توجه له التهمة الدائمة بالتعالى على الجمهور والإغراق فى الغموض والإبهام قرر أن يستعين بالموهبة الصاعدة الواعدة فى ذلك الوقت أو الكاتب الذى تأكدت موهبته عبر تجربتين سابقتين مع المخرج الكبير صلاح أبو سيف هما (حمام الملاطيلى) و(السقا مات)، إنه محسن زايد أحد المواهب الأكثر تميزًا عبر تاريخ الدراما المصرية، ويذكر محسن زايد بطريقةٍ مباشرةٍ أنه تعلم من يوسف شاهين شيئين عبر تجربتهما الوحيدة معا"صلاح أبوسيف حطنى على القاعدة الأكاديمية الصحيحة لكتابة السيناريو ويوسف شاهين علمنى أتحرر من القاعدة وأستوعبها والثانى هو كيف يتعامل مع الرقابة فأثناء عملى معه فى فيلم (إسكنرية ليه) اقترح تقديم مشهد معين فرفضته وقلت له آسف فقال لى يا ساذج ..اكتب ذلك من أجل أن تحتار فيه الرقابة وتحذف منه وتترك لنا الباقى وفعلنا ذلك ونجحت خطته –أيمن الحكيم – زمن محسن زايد – آفاق السينما – القاهرة - يوليه 2003 – ص 46"

الأستاذ يشارك التلميذ:
يأتى فيلم المهاجر فى مرحلة كان قد بدأ فيها شاهين الاستعانة بمساعديه فى الإخراج من الشباب لمشاركته فى كتابة السيناريو، وقد سبق له أن فعل هذا فى عدة أعمال منها إسكندرية كمان وكمان ووداعًا بونابرت، من الواضح أن المخرج الكبير كان يعتبر كتابة السيناريو المرحلة الأولى لإخراج الفيلم وأنه كان يدعو لمشاركته الأمر من البداية مساعديه المقربين الذين يتوسم فيهم القدرة على الكتابة ويرى فى وعيهم مساحات من التفتح ويحقق من خلال حواره معهم نتائج مثمرة ..فى فيلم المهاجر يشترك فى كتابة السيناريو اثنان من مساعديه هما أحمد قاسم والوافد الجديد الذى سيتواصل التلاقى بينهما كثيرا هو خالد يوسف، ولكن إضافة لهما أو بالأصح من قبلهما الكاتب الكبير د.رفيق الصبان الذى يأتى لقاءه السينمائى مع يوسف شاهين متأخرا جدا فقد برزت موهبة رفيق الصبان منذ بداياته مع رائعته التى لا تنسى زائر الفجر، وبالتأكيد كان المهاجر لقاء يتلمسه كل منهما منذ زمنٍ بعيدٍ، ولا شك أن مشروع فيلم المهاجر سواء كان عن قصة سيدنا يوسف أو ما يشبهها كما يذكر فى المقدمة، فإنه يتشبه بأحسن القصص بوصف القرآن مما يتطلب جهدا جماعيًا، وهو كعمل تاريخى له بعده السياسى والدينى والتاريخى والفلسفى والسياسى كان يتطلب حرصًا ودقةً شديدةً ومهارةً دراميةً خاصةً وأسلوبًا مميزًا فى الحوار وهى أمورٌ لابد أن وجود رفيق الصبان سوف يحقق لها وجودًا خاصًا ومميزًا، ومن الواضح أن يوسف شاهين اكتشف من خلال هذه التجربة موهبة خالد يوسف ودقته وجهده البحثى الدؤب واهتمامه بالتاريخ الذى سيتجلى فى تجربتهما التالية المشتركة فى كتابة فيلم المصير.

وربما لن تجد وصفا لصورة تنظيم العمل بين يوسف شاهين وشريكه بالكتابه من تلاميذه كما سيتضح من شهادة خالد يوسف :" بعد أن انتهى من تعليمى السيناريو قال لى يلا تعالى اكتب معايا المهاجر ،ودهشت جدًا كيف أكتب معه ,وبدأت عملية البحث ,حيث كان يريد فى البداية عمل قصة سيدنا يوسف وعندما رفضت الرقابة قام بتحويلها إلى قصة إنسان عادى ،وفى البداية بدأت بجمع مادة عن قصة سيدنا يوسف بداية من كيفية تناولها فى كل الأديان السماوية وحتى الأساطير وهذا ما بدأت به مجهود بحثى وضعته أمامه وشاركته فى النقاش ،ثم خرجت معه فى التصوير وتعلمت الإخراج على أرض الواقع، أما عن كتابة السيناريو فعندما نتشارك معا فى ذلك نبدأ بالمعالجة الدرامية فيما نريد تقديمه وكيف سيكون البناء الدرامى ؟وبعد أن نحدد النقاط التى سنتناولها نقوم بوضعها فى إطارٍ زمنىٍ محددٍ ثم كيف سيبدأ الفيلم؟ وكيف سيكون الصراع؟ وكيف ستكون النهاية؟ وبتحديد هذه النقاط يكون باقى السرد أيسر، ثم نقوم بعملٍ نتابع من خلاله تحديد كل مشهدٍ ماذا سيحدث وما يقال به وما هو المشهد الذى سيليه؟ ومن خلال مناقشاتنا نكون مدركين أى منا سيكون أفضل فى كتابة كل مشهد فأقوم بقراءة ما يكتبه كذلك هو يقرأ ما أكتبه ،فتمر المشاهد بمرحلتين الكتابة والتصليح ، لكن لا تحدث خلافاتٌ فى هذه الأثناء ,لأننا ما دمنا اتفقنا على المعالجة فكأننا ركبنا القطار وتركناه يسير, كذلك لأن مواقفنا الحياتية متشابهة ولنا نفس الانحيازات فبالتالى لا تحدث خلافات جوهرية , إنما إذا حدثت بعض الخلافات تكون حول بعض التفاصيل المرتبطة بأسلوب تربية وثقافة كلٍ منا وبخبرة يوسف شاهين التى أفتقدها وبهموم جيلى المختلفة عن جيله، لكن لم يحدث أبدًا أى صدامٍ وإن حدث تتغلب رؤية يوسف شاهين لأن الفيلم فى النهاية يحمل اسمه.مجلة سينما – عدد خاص عن يوسف شاهين – نيسان /أيار 2004 – شهادة خالد يوسف "
صبغة شاهين:
تحمل البعض من أفلام شاهين توقيعات كتاب سيناريو ومؤلفين منفردين أو مشتركين كما يحمل البعض الآخر اسمه لجوارهم شريكًا فى عملية الكتابة كما تتضمن قائمة أفلامه عددًا من الأعمال التى كتبها منفردًا أو بمشاركة مساعديه أو تلاميذه، ولكن فى كل الأحوال تبدو صبغة شاهين بارزةً بدرجةٍ أو بأخرى، وبالتأكيد كان إضفاء هذه الصبغة يواجهه بعض العقبات فى البداية حيث يستكثر البعض على أى فنانٍ شابٍ أن تكون له إضافاته المؤثرة على نص السيناريو، وفى مرحلةٍ أخرى كان الفنان أكثر رسوخًا وشهرةً ولكنه بدأ يتعاون مع هاماتٍ أدبيةٍ وفكريةٍ كبيرةٍ لها أيديولوجياتها الخاصة ورؤاها التنظيرية فى الفن و السينما، فتواصل صراع شاهين أو حواره الفكرى مع هؤلاء الكتاب ..وفى المرحلة الثالثة التى فضل فيها شاهين فى الغالب التعاون مع الأجيال الجديدة كان حوار الأفكار بالتأكيد يأخذ منحى مختلفًا بين مخرجٍ وأستاذٍ له تاريخه الكبير وخبرته العظيمة وشركاء فى الكتابة ينتمون إلى جيل الأبناء أو الأحفاد بالنسبة له، ولكنهم بالتاكيد أقرب لفهم ثقافة وإدراك ووعى أبناء جيلهم من الشباب ومعرفة كيفية التأثر فيهم والتواصل معهم وهم الجمهور الحقيقى للسينما فى كل زمانٍ ومكانٍ، وهكذا جاءت معظم أفلام أو سيناريوهات شاهين تعبيرًا عن صراع أفكار أو حوار عقولٍ من أجل تقديم أفلامٍ سينمائيةٍ ذات رؤيةٍ شاهينيةٍ خاصةٍ ،ولكنها متطورةٌ ومعاصرةٌ ومعبرةٌ عن أفكارٍ وأجيالٍ وتاريخٍ وواقع وطن يمر بمنعطفات تاريخية مهمة عبر خمسة عقودٍ تحقق له خلالها الاستقلال، وواجه ثلاثة حروب وانتقل من الملكية إلى الجمهورية ومن الاشتراكية إلى الرأسمالية.

كانت الرؤية واضحةٌ والهدف محددٌ فى بعض الأزمنة لشاهين ومن شاركوه عناء الكتابة واختلطت المفاهيم، وتاهت الأهداف فى فتراتٍ أخرى، إنها رحلةٌ من الحوار الطويل خاضها شاهين مع مجموعة من صفوة كتابنا وشبابهم من زمن بابا أمين فى مطلع الخمسينيات وحتى آخر أعماله الذى يطلق فيه سؤاله أو تقريره عن واقع مصر قبل 25يناير ( هى فوضى ؟) الذى يكتبه الشاب وقتها ناصر عبد الرحمن منفردًا، ولكن الإخراج فى هذه الحالة هو الذى يكون مشتركًا مع مساعده وشريكه فى كتابة عددٍ من أفلامه خالد يوسف.




التعليقات :

قد تعجبك هذه المواضيع أيضاً

أحدث المقالات