الكاتب : عزة خليل
سنحاول فتح نقاشٍ يتجاوز الحدود الجغرافية، حول سينما ثلاث بلدان من الشرق الأوسط، من خلال مناقشة ثلاثة أفلام تمثل الواقعية الجديدة الكلاسيكية، أخرجها ثلاثة سينمائيين من تلك البلدان ما بين 1958 و1970. وعادة تتم مناقشة كل منها من منطلق تراث السينما الوطنية، مع إحالات إلى السينما الغربية وسينما العالم الثالث، ولم تناقش تقريبًا على أساس أنها سينما إقليمية متعددة اللغات، تحتوي على مشتركات في الموضوعات والمحتوى، وقد لاحظنا أن الأفلام الثلاثة يجمعها تمثيل لحظة وطنية، وظهور تقاطعات الحداثة والتفكك الاجتماعي، وأن قصتها حول شخصٍ يفقد سلامة عقله، وتشكل ثلاثية تنطمس فيها الحدود بين الواقعية والميلودرامية.
سننظر في ثلاثة أفلام كلاسيكية من ثلاثة مراكز لغوية وثقافية مختلفة، والعجيب أنها متحاورة - ولو دون قصد - إذ تقدم إفادة حول الإنتاج الثقافي والرؤية الفنية على المستوى الإقليمي في حقبةٍ تاريخيةٍ محددةٍ، والبلدان الثلاثة التي اخترنا الأفلام منها: "مصر وتركيا وإيران " دول نامية حوصرت بين الاستعمار والحرب الباردة، وانخرطت في مشروعاتٍ حداثيةٍ كبرى، وما زالت محاولة تحديد هويتها الوطنية والإقليمية مستمرة، وفي بعض الأوقات يترتب على لعب صناع الأفلام دورًا في مناصرة التقدم، وتقديمهم نقدًا اجتماعيًا لاذعًا، وسعيهم إلى رواية قصص محلية في وسائل الإعلام العالمية أن يتم إقصاؤهم عن صناعة السينما الوطنية في بلدانهم، ويتم استهدافهم أيضًا من رقابة الدولة أو الاتجاه العام للنقاد، أو كليهما معًا.
وقد حصلت الأفلام الثلاث على حظ من الشهرة، فلكل منها مخرجٌ عُرِفَ دوليًا مع بداية سيرته المهنية، أو بعدها بفترة قصيرة، ويعد فيلمان منهما: باب الحديد (يوسف شاهين، 1958)، و "Gav" أو البقرة (إخراج داريويش مهرجوي (Darius Mehrjui) 1969)، من بين أفضل الافلام المنتجة على المستوى الوطني، حتى وإن كانا لا يمثلان أفضل أفلام المخرجين، ويشار إلى الثالث "Umut" أو ’الأمل‘ (إخراج يلماز جوني (YilmizGüney)1970) باعتباره باكورة أعمال تالية أكثر شهرة للمخرج وخاصة دوليًا.
وينفصل كل فيلم منها عن أنظمة الاستوديو التي سادت (ومازالت سائدة بالنسبة لمصر) في إنتاج البلدان الثلاثة، ولم يكن مخرجوها مستقلين دائمًا، إذ بدأ كل منهم بصناعة أفلام تجارية، اكتسبت طابعه الخاص بشكل متزايد، ومازال نظام الاستوديو مستمرا في مصر، رغم افتقاره إلى تألق عصره الذهبي من أربعينيات إلى سبعينيات القرن العشرين، وأطلقوا على النظير التركي لهذا النظام Yeşilçam""، وهو اسم شارع في أسطنبول، يسكنه كثير من المنتمين إلى السينما، وتوجد فيه معظم الاستوديوهات، وكانت فترة مجده من الخمسينات إلى السبعينات، ويطلق النقاد على نظام الاستوديو الإيراني ’الفيلم الفارسي‘ على سبيل السخرية، ويتضح في أفلامه أيضًا التركيز على الموسيقى والرومانسية والكوميديا والحركة، وانتهى مع ثورة 1979.
قرأ النقاد كل من هذه الأفلام موضوعيًا وجماليًا - عن حق - باعتبارها من الواقعية الجديدة الكلاسيكية، وتم نقاشها في سياق السينما الأوربية - الإيطالية في المقام الأول، وكامتدادٍ لها، يركز كل فيلم على شخصيات هامشية طغى عليها عالم التحديث السريع، ويصور الفيلمان - المصري والتركي - قرويين مهاجرين إلى المدينة، وتدور أحداث الفيلم الإيراني في قرية يبدو الزمن فيها متجمدًا، وتلوح المدينة من بعيد، وصورت الأفلام بالأبيض والأسود، الأسلوب المعروف حينها في هذه البلدان، وفي مواقع تصوير خارجية وليس داخل استوديو.
ومثل الأدوار الأساسية ممثلون محترفون، مدعومين بممثلين غير محترفين – وجوه "حقيقية" مألوفة لأصالتها وليس لسحر طلتها، وتم التصوير في زوايا معتمة من مواقع هامشية في معظم الأحيان، ومن زوايا منحرفة غير مغرية، وحتى مع تركيز ضبابي، ويطرح كل فيلم أسئلة مقلقة حول التحديث والتقدم في فترة ما بعد الاستعمار، وألمح إلى الوعي الطبقي بصفته حلًا للاستغلال، وقبل أي شيء يحكي كل فيلم عن شخصيات بسيطة تحطمت أحلامها، عطوفة تجسد درجة من النبل والبحث عن قليل من الكرامة الإنسانية، حتى بعد اضطراب عقلها، وتهاويها نحو الجنون، وهكذا تستطيع الأفلام مخاطبة حس صانعي الأفلام الأوروبيين، والاهتمامات العالمية الواسعة، ولكن هل استطاع كل منها مخاطبة الآخر باعتباره جزءًا من إقليمٍ جغرافيٍ ثقافيٍ مهما كان مدى مسامية الحدود؟
اجتياز الحدود:
نركز هنا على مناقشة الانتاج السينمائي في الشرق الأوسط، القادر على اجتياز الحدود التي تبدو محصنة ومنيعة، فلدينا حصادًا متناميًا من الأعمال في السينما العربية والتركية والإيرانية، الجميل فيها: أن بعض مؤلفي الأفلام يتبعون اتجاهًا قاده الهنود عندما لفتوا الأنظار إلى ’بولويود‘، ويبدو أن هذا لم يقتصر على المؤلفين فقط، ولكنه قائم أيضًا في السينما التجارية بوصفها وسيط أصيل وقوي للتعبير عن الاهتمامات الاجتماعية والتوترات المجتمعية والهوية الوطنية، ولم تعد سينما الاستوديو التركية أو ’الفيلم الفارسي‘ أو ’هوليود على النيل‘ مجرد تعبيراتٍ هزيلةٍ تلجأ إلى التقليد، أو متواضعة الجودة، أو اتجاهًا هروبيًا، فهي قبل أي شيء وسيلة ترفيه جماهيرية.
وبصرف النظر عن أوجه التشابه الثقافية والاجتماعية والتاريخية، لا تشير الأعمال الأكاديمية حول السينما العربية أو التركية أو الإيرانية إلى الآخر الإقليمي، وقد ظهر في الفترة الأخيرة التفاتًا إلى سينما الشرق الأوسط، ولكن المتخصصين بقوا ضمن الحدود اللغوية، ربما يوضع المخرجون الرواد – وهم غالبًا المؤلفين- جنبا إلى جنب في مراجع عن سينما العالم الثالث أو الإقليمية، ولكنهم ليسوا مدرجين بشكل متبادل في قوائم بعضهم البعض، إلى أي مدى يعرفون - عرفوا- عن أعمال بعضهم البعض؟ لا نريد فعليًا اللجوء إلى مزاعم لخلق حوارٍ غير قائمٍ بين صناع الأفلام، ولكن نود تتبع الارتباط بين المخرجين الثلاث، وربما بعض معاصريهم، ونود هنا خلق حوارٍ بين الأفلام الثلاث المصنوعة في غضون اثنى عشر عامًا، وصنع اثنين منها في عامين متتالين، وتؤلف الأفلام ثلاثيةً نطلق عليها "حكايات الهوس.
باب الحديد:
الفيلم الحادي عشر ليوسف شاهين، والوحيد الذي لعب فيه دور البطولة، كتبت حوله مقالات نقدية مختلفة في بلده، ولكن الضوء سلط عليه مؤخرًا مع حصول مخرجه على جائزة الإنجاز على مدى الحياة في ’كان‘ عام 1998، قصة قناوي بائع الصحف المتجول الأعرج، الذي يعيش في كشكٍ مجاورٍ لمحطة القطارات الرئيسية في القاهرة، التي اختيرت مواقع تصوير الفيلم داخلها وحولها، يبدأ الفيلم في الصباح الباكر، عندما يحتشد المسافرون لركوب أول القطارات المغادرة، وينتهي في المساء عندما تغادر آخر القطارات المحطة، صور الفيلم بالكامل في مواقع خارجية، بواسطة كاميرات محمولة باليد غالبًا، وظهرت أنشطة السكة الحديدية في الخلفية، في لقطات حقيقية.
قناوي يتيم اكتشفه مدبولي ذات يومٍ نائمًا وسط المخلفات، ومدبولي مالك كشك لبيع الصحف والمرطبات داخل المحطة، وظفه العجوز لديه، كوالد بديل له، ووفر له دفاعًا معنويًا ضد من يزعجه بسبب عاهته الجسدية والذهنية كما يبدو، ويشير الاسم قناوي إلى هجرته من قنا، ويحلم بالعودة إلى قطعة أرض صغيرة في بلده، حيث يمكنه إنجاب أطفالٍ من هنومة، وهنومة قيادية بارزة بين الفتيات المشردات، اللاتي يبعن المشروبات الغازية متجولات داخل عربات القطارات، ويمثل مالكي الأكشاك أو العربات المتنقلة- فيما عدا مدبولي- همهن الأكبر.
أحلام قناوي متعذرة، يعيش في كشك جدرانه مغطاه بصور معلقة مأخوذة من المجلات والصحف التي يبيعها، كانت أول صورة نشاهدها له مموهة من خلال لوح زجاجي، يحملق من خلاله، ولكن كانت باقي اللقطات، وخاصة اللقطات القريبة على عينية، حادة التركيز مثل مشاهداته، يرى الأشياء التي ليس لدى الأخرين الوقت لملاحظتها، يشاهد على وجه الخصوص نظرات الرجال الشهوانية إلى النساء- وخاصة شابة جاءت لتوديع عشيقها السري، من مسافة آمنة، كما يصوب أيضًا نظراتٍ غيورةٍ إلى هنومة، التي خطبها إلى أبي سريع الحمال قوي الشخصية والناشط العمالي الطموح، وبعد المشهد الشهير الذي يتدحرج فيه الخطيبان على القش في مستودع التخزين- بينما يتسمع قناوي أصواتهما خارج الباب المغلق- يفقد البائع الأعرج عقله، ويتخيل قاتل روزيتا سيئة السمعة الذي شغلت اخباره عناوين صحف الفضائح، ويقرر قتل هنومة، وفي مشهد الذروة، يمسك بها كرهينة رافعًا السكين في قبضته فوق قضيب القطار- الصورة المشهورة عن الفيلم.
وفي النهاية... يبقي قناوي يده مرفوعة، ويتجمع الناس، وبينهم عاملون في مصحة الأمراض العقلية تم استدعاؤهم، ويحايل مدبولي قناوي ليرتدي قميص المجانين، مناديًا عليه بكلمة يا "عريس"، وعندما يعود إلى الواقع يصرخ بشدة، بينما يقتادونه بالقوة، ويتركنا شاهين مع مشهد هنومة تبكي بينما يحملها أبو سريع، ثم المشهد الختامي للفتاة الصغيرة التي شاهدت حبيبها يرحل منذ ساعات، ولكنها الآن مازالت ملتصقة بالموقع، مستندة إلى عمود إنارة، بريئة توحي بوضع العاهرة الأيقوني.
ورغم أن المناقشات حول الفيلم دارت معظم الأحيان من زاوية علاقته بالواقعية الجديدة الأوروبية، إلا أن شاهين أظهر ولاءه لهوليود أيضًا، وأشبع طموحة المبكر في لعب دورٍ دراميٍ، دورٍ لن يجرؤ على الاقتراب منه أي بطل في مصر، وخلال مسيرته المهنية أربك شاهين النقاد والمشاهدين بالنبضات المميزة لأسلوبه الإخراجي - محمومٌ في جموحٍ، وغيرُ خطيٍ، ومتعددُ المستويات، ومرهقٌ، خصوصًا في جمعه لأنواعٍ أسلوبيةٍ مختلفةٍ في فيلمٍ واحدٍ، ويتميز بلقطاته ذات الظلال المعتمة، وهالة الفيلم القاتمة الموحية بجو الجريمة، قد استعار موسيقى مميزة من فيلم ’عطلة نهاية الأسبوع الضائعة‘"The Lost Weekend" (1945) للمخرج بيلي وايلدر (Billy Wilder. ويزين الجدار الخارجي للمخزن، الذي تداعب فيه أبو سريع وهنومة، ملصق فيلم ’نياجرا‘ (1953) لهنري هاثاواي، الذي قرر فيه الزوج الغيور (جوزيف كوتوون Joseph Cotton) قتل زوجته، التي مثلت دورها مارلين مونرو، وقد أشتهرت هند رستم (هنومة) وقتها بوصف ’مارلين مصر‘ للتشابه بين الممثلتين.
وتلمح ملصقات هوليود إلى علاقة ’الحب – الكره‘ بين شاهين وأمريكا (التي ظهرت بأقصى وضوح في فيلم إسكندرية – نيويورك عام 2004)، ولكنها تؤكد هنا على الامتداد العالمي للرأسمالية الأمريكية، وهو نفس ما يؤكده الحضور المتكرر للمشروبين الغازيين الأكثر شهرةً، بيبسي وكوكا كولا، قد حلا حينها محل المشروبات المحلية المنافسة، ونرى إيحاءً جنسيًا متصاعدًا عندما تقدم هنومة زجاجة إلى قناوي، حرفيًا لتبريد نظرته الشهوانية عبر نافذة القطار، وأيضًا عندما ترج هنومة وأبو سريع زجاجات المياه الغازية، ويرش كل منهما الرغوة الفائرة على الآخر، قبل سقوطهما معًا على القش في مستودع التخزين، كما يدور صراعٌ رمزيٌ معادلٌ حول احتكار أصحاب الأكشاك لحق بيع المياه الغازية للعطشى في المحطة، وهناك أيضًا حبكةٌ فرعيةٌ متعلقةٌ بالجهود الناجحة لحمالي المحطة لتسجيل أنفسهم في نقابةٍ رسميةٍ، والإطاحة بالتحكم الأبوي شبه الإقطاعي لرئيسهم، وينحاز شاهين للمضطهدين مثل بائعات المياه الغازية.
ويروي "باب الحديد" قصة مصر لحظة تخلصها من الاستعمار مباشرة، بعد عامين على حرب السويس، وفيه يدور الصراع بين الرأسمالية والاشتراكية، والدين والعلمانية، والأبوية والنسوية، في المدينة المصرية التي لم تعد ساحةً للاستعمار بعد، لقد رحلت الأقليات ’الأجنبية‘ واقعيًا، وإذا كان هناك ’آخرون‘ فهم الشباب الذين أغروا هنومة بالرقص معهم، وهي توزع زجاجاتها، بدأت بحركات الرقص الشرقي التي تحولت ببطء إلى روك أند رول، وينظر قناوي خلال النافذة من الخارج، ويقبل البيبسي من هنومة ويفرغها في جوفة دفعة واحدة (بشكل يستحضر إعلانات الدعاية الآن)، ثم يديرها فوق رأسه مقلدًا الرقص التقليدي، في تعارضٍ بين عوالم مختلفة.
الأمــــــــل:
يبدأ الفيلم في الصباح الباكر خارج محطة قطارات مدينة أضنة، وهي مركزٌ حضريٌ كبيرٌ جنوب وسط تركيا، يجتذب الهجرات الريفية من الشرق الكردي، وترش شاحنةٌ ذات صهريجٍ المياه على الطرق العريضة المفتوحة، وتتجول عربةُ شرطةٍ. ويصل راكب دراجةٍ يحمل صحف الصباح، ويوقد طاهي الكباب ناره، ويقطع لحمه، وتركز الكاميرا على عربة حنطور، يستيقظ سائقها ’جبار‘، في هيئةٍ رثةٍ، بعد ليلةٍ قضاها في العراء، يتثائب ويحك جسده، ثم يسير ببطءٍ إلى مكانٍ مفتوحٍ محاطٍ بلوحاتٍ إعلانيةٍ عن بنوك تركية، ويتبول.
يلعب يلماز جوني، مخرج فيلم ’الأمل‘، دور البطولة فيه، ولكنه عكس شاهين، لم يكن وجهًا جديدًا بالنسبة لرواد السينما، ولد في قريةٍ على حدود أضنة، وبدأ العمل السينمائي بكتابة السيناريو وتمثيل أدوارٍ ثانويةٍ في آواخر الخمسينيات، ومع بداية الستينيات، لقبوه باسم ’الملك القبيح‘ في السينما التركية أو ÇirkinKral"" بالتركية، وفي 1969، كان قد مثل ما يزيد على سبعين فيلمًا، وأخرج سبعة، واتسمت أعمال يلماز بانخفاض ميزانياتها، فكانت كل أفلامه تدبلج لتوفير تكاليف معدات الصوت، وتصور بسرعة، وتحتوي معظمها على عددٍ كبيرٍ من ’الأخطاء‘ الفنية، ويدور عديدٌ من أفلامه حول خيطٍ بسيطٍ جدًا للرواية، يحكي عن الصدام الأبدي بين الخير والشر، محافظًا على الحقيقة في شكلٍ ميلودرامي، وكان جوني نقيضًا للمخرج ايان اسيك (AyhanIşik)، ’الملك‘ الذي صور أفلامه في مواقع تصوير برجوازية فخمة، فعلى العكس، طاف جوني بالشوارع المظلمة البائسة المليئة بالجرائم والحركة، صعلوكٌ هامشيٌ بالنسبة للطرف الآخر، "شجيع شرقي"، ويعادل في هذا الصدد فريد شوقي "وحش الشاشة" و"ملك الترسو"، أو’أبو سريع‘ في باب الحديد.
ويظل جوني في فيلم ’الأمل‘ مثل كل الرجال المضطهدين، ولكنه هنا يترك الانتقام الاجتماعي، إلى نفق الحلم بكنزٍ مدفونٍ، يتجول جبار في مقهى يجتمع فيها السائقون، ويطلب من أحد السائقين البحث في أرقام اليانصيب الفائزة، وعندما لم يجد بينها رقم ورقته، يذهب بعناد لشراء نسخة من الجريدة، وعندما يفشل في اجتذاب أحد المسافرين من قطار الصباح، يعود إلى عائلته زوجته والجدة وخمسة أطفال، يعيشون في بيتٍ متهدمٍ في فناءٍ، ويركن عربته ويأخذ حصانيه إلى الحظيرة، حيث يحنو عليهما، بينما تشتكي زوجته من تهديد البقال بوقف البيع على الحساب.
جبار مدين للجميع، وتحتاج عربته إصلاحات ضرورية، لا طاقة له بتكلفتها، ويعيش حصاناه على طعامٍ قليلٍ، مثل أسرته، وتسري شائعات بين السائقين بأن النمط القديم من العربات سيمنع تمامًا أو سيقصر على الشوارع الجانبية، ويحاول جبار تجاهل إغراءات صديقه حسن، الذي يحلم بالبحث عن كنزٍ مدفونٍ... ثروةٍ يحتمل أن يكون الأمريكيون قد دفنوها عند فرارهم إلى شرق الأناضول أثناء الحرب العالمية الأولى، يعرف حسن (تونسل كورتز(TuncelKurtiz) في ثاني أدواره) أحد ’الهوخا‘، أو الرجال المبروكين، يستطيع التكهن بالمكان الذي يجب الحفر فيه، ولكنه في حاجة إلى مالٍ لتجهيز رحلة البحث، يواصل جبار إضاعة ماله على اليانصيب، ولكنه لم يصل حد اليأس الذي يجعله يخاطر بكل شيءٍ من أجل أملٍ واهٍ.
وتوفر هذا عندما قتلَ سائقُ سيارةٍ مستهترٍ حصانه، وأقنع الشرطة بأن الخطأ ليس عليه، ويحاول جبار الاقتراض من شخصٍ عمل لديه سابقًا أو من أقاربه، ولكن لم يستطع أيهم أو يهتم بمساعدته، وخاصة صاحب العمل الثري الذي يجلس على حمام السباحة في فيلته يشرب مياه غازية أمريكية، إذ نصح جبار بالعودة إلى الفيلا، ولكن عجلات تاريخ الهجرة لا تعود إلى الوراء، وينظم زملاؤه السائقون مظاهرة، سار بينهم بلا تركيز، مفكرا في اختيار مسارٍ منعزلٍ.
وأخيرا يستدعي’الهوخا‘، ويجعل أطفال جبار ينظرون إلى إناءٍ به ماء، ولكن لا يظهر لهم مكان الكنز، وتنظر إحدى الفتيات حولها بشيطنة، وتصف مكانًا محددًا في الفناء، يكشف جبار خبثها، ولكنه يحفر ليلًا، بينما الآخرون نيام، في المكان المحدد الذي ركزت عليها نظرها... وأخيرًا يخرج الثلاثة للعثور سعيًا إلى بقعة على نهر جيهان، بين جسرين، أمام شجرة ميتة، وبدؤوا الحفر في مواقع مختلفة، وكانوا يضعون دائمًا دائرة من الأحجار، حسب إملاءات العراف، وبدأ الوهن يدب في عقل جبار ببطء، يحفر بإصرار، ويرى ثعبانا فيتوهم أنه الكنز يحاول تضليلهم والفرار منهم، وربما نظر إليهم ’الهوخا‘- الذي قبض أتعابه- كبلهاء، وبينما يعتقد حسن في الكنز، إلا أنه مازال مستمسكًا بشيءٍ من الواقع، ولكن جبار يفقد كل شيء، بعد أن أصبح، تحت وطأة الشعور بالذنب، مهووسًا بمطاردة الكنز كملاذٍ أخيرٍ، وحينما يركع الهوخا في صلاته باتجاه مكة، يقف جبار جامدًا، مواجهًا للاتجاه العكسي، وفي النهاية يدور مثل الدراويش، ويتجول على الشاطئ لا يرى شيئًا، بينما يتابعه رفاقه في عجز
البقــــــــــــــرة:
يعتمد فيلم البقرة على مجموعة قصص قصيرة ’المعزون من بيال (Azadaran-e Bayal) 1964، تأليف غلام حسين سعيدي (GholamhoseynSaedi)، واشترك مهرجوي في كتابتها للسينما، ويحكي قصة الفلاح الفقير حسن، الفخور بامتلاكه البقرة الوحيدة في قرية بائسة، تبدو ضائعة تمامًا بموقعٍ ناءٍ، يتقمص حسن شخصية بقرته الحامل بعد موتها في ظروفٍ غامضةٍ.
يعد فيلم البقرة قطعةً فنيةً مميزةً من عهد بهلاوي، انتج حينما كانت أفلام "لوتي" (Luti) غالبة على صناعة السينما الإيرانية، وهو معادل ’الشجيع‘ في أفلام فريد شوقي أو يلماظ جوني، درس مهرجوي السينما والفلسفة في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس (UCLA)منتصف ستينينات القرن 21، وكان أول أفلامه ’الماسة 33‘ (Diamond 33) محاكاةً ساخرةً لجيمس بوند، ويذكر أن سعيدي اقترح الفيلم على مهرجوي، وهو صديقٌ عرفه ضمن فرقةٍ مسرحيةٍ مثلت إحدى مسرحياته، وزود مهرجوي قرويه بمجموعةٍ من الإضافات المحلية، مما أعطى الفيلم مظهرًا واقعيًا جديدًا واضحًا، وإن لم يكن أول فيلمٍ فنيٍ إيرانيٍ، ولكنه الفيلم الذي حطم الصورة الذاتية المحلية، وهكذا وصف: ’حقق مهرجوي للسينما الإيرانية، ما لم يستطع أي شخصٍ قبله تحقيقه، أعطاها شخصيةً واتجاهًا، وأظهر إمكانياتها بوضوحٍ، ولفت إليها أنظار العالم‘، وحصل الفيلم على جائزة النقاد في فينسيا، وفاز عزت الله انتظامي (EzatollahEntezammi)، الذي لعب دور حسن، على أفضل ممثلٍ في مهرجان شيكاجو السينمائي.
في مقدمة الفيلم، يندمج خيالان يشبهان حيوانان ضبابيان، ثم يفترقا عن بعضهما ثم يندمجا، ويبدأ الفيلم بسلسة من اللقطات القريبة اللافتة لوجوه فلاحين تحملق في الكاميرا، وبالتدريج يسمح للكاميرا بالحركة، مع تركيزٍ بطيءٍ على وجه رجلٍ يمشي باتجاهها، ثم لقطات جانبية لأشخاصٍ يسيرون، تتوقف الكاميرا على رجلٍ مربوطٍ في وتدٍ، يتم تلطيخ وجهه بصبغةٍ داكنةٍ، يضعون على رأسه ’طرطورًا‘، ثم يفكونه ليصبح محاطًا بمجموعة من الصبية يلهون بمطاردته إلى حوض ماءٍ يقع في منتصف القرية، يراقب رجالٌ ونساءٌ وأطفالٌ ما يحدث ويضحكون، يثير المنظر الحاج فيروز العراف التقليدي ذو الوجه الأسود لعيد النيروز، ولكن سمة القهر الغالبة على الاحتفال تناقض أية بهجةٍ، يحاول أحد الشيوخ توبيخ جمهرة الأطفال ولكنهم يتجاهلونه.
وينتقل المشهد إلى مساحةٍ خضراء خلف القرية، حيث يسير حسن ببقرته تجاه بركة مياه، ويغسل البقرة، ويتحمم، بينما يتحدث معها بصوتٍ رقيقٍ، المشهد ناعمٌ بصورةٍ مذهلةٍ، إن لم يكن غزلي، يتجه قليلًا إلى تجاوز حدود المألوف، وتفسد اللحظة عندما ينظر حسن لأعلى، ويرى ثلاثة أشخاصٍ على حافة تلةٍ - أشخاص "بولوريس"(Bolouris) الغامضون، ’الآخر‘ البربري العدائي، الذي يخشاه أهل القرية، والذي يحملونه وزر كل مصائبهم، يعود حسن إلى القرية كئيبًا، وبصرف النظر عن مكانته العالية لأن لديه هذه الملكية القيمة (التي تعوض واقع إنه وزوجته لم ينجبا)، فهو يتصرف كعاشقٍ غيورٍ حيال أقرب صديقة له، يعود إلى بيته، ويُحيي زوجته بجفافٍ، ويخبرها إنه سينام في الحظيرة، وفي تلك الليلة، يستيقظ على حفيف حركة البقرة، يحثها على تناول غذائها، متناولًا بنفسه قضمات من النبات الأخضر، مربتًا على بطنها التي تحمل جنينًا، مخاطبها ’يا حبيبتي‘، ’يا جميلتي‘.
وفي اليوم الثاني، بينما كان حسن في المدينة، يكسر صراخ زوجته الصمت الريفي، ماتت البقرة بطريقة غامضة، ويتفق شيوخ القرية، خوفًا من مواجهة حسن بالحقيقة، على حيلة إلقاء الحيوان في بئر فارغ دون مراسم، تتجمد الصورة على رأس البقرة، حيث يظهر الخوف على عينيها المفتوحتين، ويتناقض هذا دراميًا مع مشهد الوداع في ’الأمل‘ عندما سار جبار خلف العربة التي حملت حصانه الميت إلى مكانٍ بعيدٍ، وترك الحيوان هناك.
ويعود حسن إلى قريةٍ مكللةٍ بالذنب، يتجنبه كل فردٍ فيها... وأخيرًا يعترف أحدهم أن بقرته توفيت، ولكن حسن يتشكك فيما سمع، وفي الليل... يسمع جيرانه صوتًا صادرًا عن الحظيرة، يشبه خوار البقرة، وفي الصباح يكتشفون حسن بالداخل، يقلد صوت البقرة، ويلتهم الطعام بفمه، وحاولت عجوزٌ في المساء التعزيم لطرد الأرواح الشريرة، ولكن حسن جرى منها بعيونٍ ثائرةٍ، قرر الشيوخ أخذ حسن إلى مستشفى للعلاج بالمدينة، وعندما أصر على الرفض قيدوه- مثل قناوي- ولكن بحبالٍ مثل حيوانٍ، ويمضي حسن بهدوء، ولكنه يتجمد واقفًا، تحت مطر غزيرٍ منهمرٍ، على قمة التلة المطلة على البركة حيث كان يحمم بقرته، ويبدأ إسلام الذي لعب دورًا أساسيًا في ابتداع مشهد اختفاء البقرة الخيالي، في ضرب حسن بفرع شجرةٍ، في اهتياجٍ متزايدٍ، ويتغلب عليه رفاقه الفزعون ليتوقف قائلين: ’هذا حسن!‘ وحينما توقفوا لالتقاط أنفاسهم، ينفلت حسن جاريًا إلى أسفل التل، ويتعثر ثم يسقط ميتًا، تلتقط الكاميرا وجهه منكسًا في الوحل، ومازال المطر منهمرًا، ويذكر جسده الرخو بالبقرة الميتة في البئر، ومن مسافة بعيدة، يظهر "البولوريس" الثلاث.
وفي المشهد الختامي للفيلم، يسرج إسلام عربةً لالتقاط جثة حسن، بينما هناك حفل زفافٍ يقام – إشارة دالة على الخصوبة والاستمرار – لكن المشهد ليس مبهجًا، ووفقًا لنص الفيلم، كان صوت الدف يزداد ارتفاعًا، بينما يسير إسلام بالعربة، كما لو كانت قبضة غاضبة تدق على طبلة ضخمة مرارًا وتكرارًا، والآن... تنظر أرملة حسن التي لا تجهل مصيره عبر الأرض الممتدة
الحداثة والجنون:
يجمع الأفلام الثلاثة قدرٌ مشتركٌ من الصور والموضوعات المألوفة في سينما تلك الفترة: القطارات والدراجات وملصقات الأفلام واستغلال العمال والتفاوت في الثروة والسلع الأجنبية والقديم مع الجديد، ويثيرون الحنين إلى حياةٍ ريفيةٍ بشكلٍ متشابهٍ، ولكن مع تشككٍ صحيٍ في الممارسات الشعبية، هناك موضوعاتٌ تقليديةٌ لسينما ما بعد الاستعمار، ونظن أنها تدل على صانعي الأفلام في أنحاء الشرق الأوسط، وعن مدى اشتراكهم مع بعضهم البعض، أو عدم اشتراكهم في حوارٍ بصريٍ وتصوراتٍ حول المآزق المشتركة، يكسر كل فيلم منها المألوف، وينتهي بتنبيهٍ محزنٍ، درويشٍ أعمى يطوف بضفة نهرٍ، امرأتين واقفتين؛ أرملةٍ حديثةٍ وحبيبةٍ سريةٍ محاطةٍ بالوحدة والوحشة، وبالنسبة للجمهور، تمضي الحياة بينما تغادر القطارات المحطة.
ولم يعد الجنون بالنسبة لتلك الأفلام مصابًا طبيعيًا، ولكنه مرض مرتبط بهوسٍ نفسيٍ جنسيٍ، كان قناوي يعامل من البداية مثل أبله القرية مهانًا بل منبوذًا، ولكنه يستعاد دائمًا إلى الحظيرة الاجتماعية، وفي نهاية كل فيلمٍ، ينكسر النظام الاجتماعي من خلال انتهاكٍ صارخٍ للمنطق، تتحول شهوة قناوي إلى عنفٍ ، ولم يتمكن الهوخا من علاج جبار، حتى ولو كان هوسه نما على خيالات الرجل المبروك نفسه، فقد حذره أن الكنز ربما يفر متنكرًا في شكل أفعى، ويتحدد مصير حسن في لحظة اتخاذ شيوخ القرية قرار أخذه للعلاج في المدينة، بعدما يئسوا من العلاجات الشعبية.
أين ثورة الشاه الحديثة البيضاء؟ يمثل "البولوريس" البنى الأسطورية القديمة حول الثأر والغريب المتوعد، وفي الواقع نرى الشباب من قرية حسن يتسللون عبر الحدود للانتقام من الجيران، فهل "البولوريس"واقفون لحماية أرضهم فقط؟ تصور الحكايتان الحضريتان موقعًا أقسى يستبعد فيه كثيرون من العقد الاجتماعي، وقد تحطمت شبكات القرابة، ولابد من استبدال الإقطاع والتراتبات المهنية، ويطرح شاهين وجوني التضامن الطبقي في هذا المقام، ولكن ماذا سيحمل المستقبل لمن يعانون من الإقصاء الاجتماعي،والضعاف حيال الإساءة الجنسية للاستهلاكية العامة، أو إغراء اليانصيب، أو تجار الخرافات؟
في الأفلام الثلاثة، يوجه اللوم إلى الدين، سواء الأصولي أو غيره، وينظر إليه باعتباره غير ضروريٍ أو حتى مضرٍ، في ’باب الحديد‘ يدور حوار بالعربية الفصحى بين رجلي دين يتأسفان على الروح الحرة للمراهقين الذين يغوون غيرهم بالرقص على إيقاعاتهم، وفي ’الأمل‘ يضيع جبار بدفعٍ من الرجل المبارك، المتأرجح على حافة الأصولية، وفي ’البقرة‘ تمارس كل طقوس الدين الشعبي في المساء - زيارة ضريح محلي، والعزاء الجماعي للبقرة والتعزيم.
أثار كل فيلم ردود فعلٍ عدائيةٍ، وعنيفةٍ أحيانًا، صور فيلم البقرة ريف إيران بدون " مجاملة"، ولذلك طالبت رقابة الدولة تغييرات كبيرة، تضمنت التنصل، بذكر أن تلك الأحداث وقعت منذ أربعة عقود سابقة على مشروع بهلوي للتحديث، ومنع عرضه في نهاية الأمر، ثم سمح آية الله خميني بعرضه فيما بعد، حيث فهمه باعتباره نقدًا لنظام بهلوي الاجتماعي (وربما أيضًا للبدع الدينية)، ومنع عرض فيلم البقرة أيضًا، بعد فوزه بأفضل فيلم في مهرجان "أضنة"، لأنه يروج لفكرة التباينات الطبقية والاضطرابات العمالية، ويسيء للدين، وكان لابد من تهريبه إلى ’كان‘، وقدم باب الحديد باعتباره المرشح من مصر لجائزة أكاديمية، ولكن عاب النقاد عليه تقديم مصر بشكلٍ سلبيٍ، وقد وجه نقادٌ إيطاليون اتهاماتٍ مشابهةً إلى فيتوريو دي سيكا (Vittorio De Sica)، المتبني للواقعية الجديدة الرمزية.
تحذر تلك الأفلام من مخاطر تنجم عن التقدم، وتحث أيضًا على مجتمعاتٍ أكثر عدالةٍ، ويجب أن نتذكر أن هؤلاء الفنانين- وهم في مقتبل سيرتهم المهنية الطويلة المتألقة - كانوا يخوضون عمليةَ تعرفٍ على مجتمعاتهم الأوسع، حيث تعلم اثنان منهم في أمريكا، وتمت الإشادة بالمخرجين الثلاثة بسبب واقعية تصويرهم السينمائي، لأنهم كانوا محليين بصدق، فيما عرضته أفلامهم بدءا من الموضوع إلى الشخصيات والبيئة المحيطة والعلاقات بين الأشخاص، هذا رغم أن ناقدًا تركيًا كتب أنه: بصرف النظر عن محاولات جوني الواعية في الانطلاق بعيدًا عن ثراث الاستوديو، إلا إنه مازال ابنًا لهذا النظام، بينما يعمل في فرنسا مع ميزانية تقدر باثنين مليون فرانكًا، وقد أربك شاهين النقاد و المشاهدين طوال مسيرته من خلال تطعيم أكثر الأعمال جديةً بكم من الموسيقى والعناصر الميلودرامية الأخرى، وتتوفر في هذه الأفلام بالتأكيد خصوصية الثقافة الدارجة، رغم هذا شاهدها وأطرى عليها المشاهدون في العالم، قرؤوا الترجمة على الشاشة في المهرجانات السينمائية ودور الفنون ومباني الجامعة.
التواصل في المجال السينمائي لا يمكن تجاهله، كان فيلم ’المهووس‘ إخراج لوتشينو فيسكونتي (Obsession, Luchino Visconti 1943)، الذي احتلفوا به باعتباره أول فيلمٍ للواقعية الجديدة، فيلمًا إيطاليًا عن رواية أمريكية، وتم إعداد فيلم ’ساعي البريد يدق الباب مرتين‘(The Postman Always Rings Twice, 1934) في فرنسا عام 1939، وسرعان ما أصبح فيلمًا من سينما هوليود السوداء الكلاسيكية في 1946، وربما يقرأ ’باب الحديد‘ ليوسف شاهين باعتباره من الواقعية الجديدة أو السينما السوداء، ويستدعي تصوير يلماز جوني لشخصية جبار في ’الأمل‘ نفس هوس البطريرك في الرواية الأمريكية الجنوبية ’أرض الله الصغيرة‘ (1933)، التي استوحت في فيلمٍ عام (1958)، ويقول مخرج الواقعية الكبير صلاح أبو سيف أن فيلم سارق الدراجة (1948) للمخرج فيتوري دي سيكا، العمل الذي قد يكون المؤسس للواقعية الجديدة، مستوحى من حكايةٍ مصريةٍ عن رجلٍ فقيرٍ فقد بقرته، واستوحى داريوش مهرجوي فيلمه عن فيلم دي سيكا الكبير.
* Joel Gordon
باحثٌ في قسم التاريخ، جامعة أركانساس.
عنوان الدراسة Three Tales of Obsession: Crosscutting Boundaries in Middle Eastern Film"".