أحمد كامل مرسي .. ناقد من جيل الرواد

أروي تاج الدين 26 مارس 2023 جمعية نقاد السنيما المصريين

الكاتب : أروي تاج الدين
يمكننا وصف أحمد كامل مرسي بالناقد أكثر من المخرج؛ فولاؤه للكتابة النقدية والكتابة عن السينما كفن وثقافة واهتمامه بنشرها والتأريخ لها ووضعها على مسارها الصحيح، من وجهة نظره، أحيانًا كان أكبر من احتماله لمشاكل الصناعة والإخراج السينمائي تحت ضغط المنتجين الذين كانوا يقحمون على رؤيته السينمائية مشاهدًا وأشخاصًا تفسدها، حسب ما رواه في حواره مع سمير فريد عام 1981، فاعتزله بعد أن مارسه لما يقرب من خمسة عشر عامًا صنع خلالها نحو سبعة عشر فيلمًا، لم يرض سوى عن القليل منهم.


يمكننا وصف أحمد كامل مرسي بالناقد أكثر من المخرج؛ فولاؤه للكتابة النقدية والكتابة عن السينما كفن وثقافة واهتمامه بنشرها
والتأريخ لها ووضعها على مسارها الصحيح، من وجهة نظره، أحيانًا كان أكبر من احتماله لمشاكل الصناعة والإخراج السينمائي
تحت ضغط المنتجين الذين كانوا يقحمون على رؤيته السينمائية مشاهدًا وأشخاصًا تفسدها، حسب ما رواه في حواره مع سمير
فريد عام 1981، فاعتزله بعد أن مارسه لما يقرب من خمسة عشر عامًا صنع خلالها نحو سبعة عشر فيلمًا، لم يرض سوى
عن القليل منهم.
بدأ شغف أحمد كامل مرسي بالفن أثناء دراسته في مدرسة التوفيقية الثانوية عندما التحق بفرقة التمثيل الخاصة بها والتي كان
يشرف عليها الفنان عبد الوارث عسر، والتي أدى نجاحه بها، وثناء وزير المعارف حينها على دوره في مسرحية العاصفة
لشكسبير إلى اتخاذه قرار الالتحاق بمعهد التمثيل الحكومي الذي افتتح عام 1930، وكان عميده ذكي طليمات، ولكنه لم يستمر
سوى عام واحد وأُغلق بسبب اعتراضات على اختلاط الجنسين أثناء الدراسة، فقام ذكي طليمات بتكليف طلابه بتدريب فرق
التمثيل المدرسية التي كانت ذات شأن هام في ذاك الزمن، حينها بدأ كامل مرسي بالعمل في الصحافة الفنية بشكل غير منتظم إلى
أن عرضت عليه صحيفة روز اليوسف عام 1933 أن يكون ناقدًا فنيًا محترفًا لديها.
ينتمي كامل مرسي إلى مجموعة النقاد السينمائيين الرواد الذين وضعوا حجر الأساس للنقد السينمائي المصري في الثلاثينات
والذين رأوا في السينما ليس مجرد وسيلة للترفيه لكنه فن له قيمته يجب الارتقاء به وتعريف الجمهور بأهميته. كان على رأس
هذه المجموعة الناقد السيد حسن جمعة ومن بينهم أحمد بدرخان، ونيازي مصطفى، ومحمد كريم. كانت لهم جميعًا مقالات نقدية
جادة تحلل الأفلام بصدق بعيدًا عن النبرة الدعائية التي كانت منتشرة في الصحافة الفنية حينها، بالإضافة إلى كتابات تنظيرية
تحاول تعريف الناس بماهية السينما كفن وعناصرها وأهمية كل عنصر فيها. مع هذه المجموعة اشترك أحمد كامل مرسي في
تأسيس أول كيان في مصر يجمع نقاد السينما معًا تحت مسمى "جماعة النقاد السينمائيين" في عام 1933، واستهدفت النهوض
بالسينما المصرية وتمصير صناعتها، وإصدار نشرة فنية، وتأسيس نادي لمحبي السينما.
كان منطقيًا، بعد هذا التاريخ بنحو أربعين عامًا، أن يكون أحمد كامل مرسي على رأس المجموعة المؤسسة لجمعية نقاد السينما
المصريين في يونيو 1972، والتي حملت في جعبتها جزء من أهداف الجماعة القديمة مع تطلعات أكبر لدعم الصناعة بالأراء
والمواقف الجادة ومساندة صُناع السينما المصريين والعرب في مواجهة ظروف الإنتاج والرقابة المُحبطة، وربط هذا الكيان
المحلي بالمؤسسات المماثلة له عربيًا وعالميًا.
انتخب كامل مرسي رئيسًا للمجلس المؤقت الذي تكون منه ويوسف شريف رزق الله، وسمير فريد، وسامي السلموني، وفتحي
فرج، ورأفت بهجت، ثم أعيد انتخاب هذا المجلس بذات الهيئة بعد إشهار الجمعية في ديسمبر 1972.
لا يمكننا أن ننسب موقفًا بعينه لأحمد كامل مرسي بصفته أول رئيسًا للجمعية العريقة التي يمتد تاريخها لخمسين عامًا حافلة،
ولكن كانت فترة رئاسته لمجلسها، التي استمرت حتى 1978، هي أهم سنوات الجمعية وأكثرها نشاطًا وزخمًا؛ بفضل وجود
مجموعة من النقاد النشيطين والمتحمسين لقضية السينما وأهميتها، اتخذت فيها الجمعية مواقف قوية فنيًا وثقافيًا وسياسيًا ربما لم
تتكرر ثانية في تاريخها، كانت فيها داعمًا حقيقًا للسينما الفنية والمختلفة ولحرية التعبير جعلتها في مرمى نيران السُلطة في ذاك
الوقت.
كانت أول ندوة أقامتها الجمعية بعد تأسيسها هي الاحتجاج على قرار الرقابة بمنع عرض عدد من الأفلام الأجنبية في مصر، من
بينهم فيلم "زد" لـ كوستا جافراس، وشاركت في يناير 1974 في الجنازة الرمزية التي أقامتها جماعة السينما الجديدة للمخرج:
ممدوح شكري الذي رحل بعد منع عرض فيلمه زائر "الفجر"، ووفقًا لسمير فريد بدأ هذا الحدث الاستثنائي من نقابة المهن
السينمائية إلى ميدان الأوبرا وشاركت فيه كل الجمعيات السينمائية، كما تضامن مع النقابات الفنية ضد القانون الذي أقره مجلس
الشعب والتي تتعارض مع مصالحهم.
وعلى الصعيد الدولي، أصدر هذا المجلس، عام 1975، بيان احتجاج لاتحاد النقاد الدولي "فبريسي" لإقامته ندوة عن السينما
الإسرائيلية في القدس المحتلة، كما وجه بيان لاتحادات النقاد لمقاطعة المهرجان اليهودي للسينما والتلفزيون الذي تقرر إقامته في
القدس أيضًا عام 1976.
كان أحمد كامل مرسي مؤمنًا بأن الفن رسالة ومهمومًا بدور السينما في ترقية المجتمع عن طريق مناقشة قضاياه والاهتمام
بقضايا الطبقة العاملة والناس العاديون الذين يمثلون السواد الأعظم من الشعب، ويظهر ذلك جليًا في كتابته خاصة التي نشرت
بعد الثورة والتي نادى فيها بأهمية دور الدولة في الإنتاج، وتوفيرها لوسائل العرض السينمائي في القرى والنجوع، ولا يمكننا

القول: إن أراءه هذه كانت متأثرة بالمرحلة التاريخية فقط ولكن يمكن أن نجد جذور أفكاره هذه في الأفلام التي قام بإخراجها
والتي سبقت ثورة 1952 بسنوات طويلة، ففي 1943 أخرج فيلم "العامل" الذي ناقش فيها استغلال أصحاب المصانع
للعمال وإهدار حقوقهم، وقامت وزارة الشئون الاجتماعية بعد عرضه بإصدار قانون التأمين على إصابة العمل، وفيلم "النائب
العام – 1946" الذي ناقش فيه أهمية الاهتمام بروح القانون لا بظاهر النص، بالإضافة إلى رباعية أفلام البيت التي اهتم فيها
بمشاكل الأسرة المصرية متأثرًا بطفولته التي عاشها في أسرة مفككة.
المصادر للاطلاع:
• حوار سمير فريد مع أحمد كامل مرسي نشرة الجمعية 1981، وأعيد نشره في العدد
التذكاري من مجلة النقد السينمائي بمناسبة الاحتفال باليوبيل الفضي للجمعية.
• كتاب فصول من تاريخ السينما – سمير فريد.
• النقد السينمائي في الصحافة المصرية – نشأته وتطوره.
• مقال السينما في ظل الرأسمالية والاشتراكية – أحمد كامل مرسي – مجلة المجلة – أكتوبر
1961.
• مقال السينما المصرية في عشر سنوات – أحمد كامل مرسي – مجلة المجلة – أغسطس
1961.

التعليقات :

قد تعجبك هذه المواضيع أيضاً

أحدث المقالات